مرايا – أثار مشروع القانون المعدل لقانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2018 الذي أقره مجلس الوزراء أول من أمس، جدلاً في الوسط القانوني والحقوقي وحتى الصحفي، بين من رأى أنه سيحد بشكل أكثر مما مضى من حرية التعبير والحريات الإعلامية، وآخرون يرون إضافة الى ما سبق ان التعديلات ستكفل حماية الأشخاص من جهة أخرى.
وفيما استندت الحكومة في تبريراتها للتعديلات التي أقرتها في مشروع القانون الى أنه جاء على خلفية انتشار “ظاهرة” الجرائم الإلكترونية الواقعة على الاموال والاشخاص، ونظرا لإساءة استخدام البعض لوسائل الاتصالات بعد اتساع نطاق استخدام الشبكة المعلوماتية سواء في وسائل التواصل الاجتماعي او تطبيقات برامج الاجهزة الذكية، رأى بعض المتحفظين على القانون أنه سيستهدف الحريات العامة ويحد من الحق في حرية الرأي والتعبير.
ووجد المحامي عبد الرحمن الشراري أن هناك مشكلة في التعريفات التي شملها مشروع القانون وكان من المفترض أن تكون أكثر دقة خصوصا فيما يتعلق بالبرامج والتطبيقات في أجهزة التواصل الحديثة.
فوجود أكثر من ركن مادي في النص الواحد، بحسب الشراري، “يشكل إشكالية للأفعال الجرمية، فعادة تكون بفعل واحد وركن واحد”، مشيرا الى أن هناك تكرارا لكلمة “أو” في نصوص التعديلات بحيث أن الركن المادي في النص ذاته يعمل على أكثر من عنصر.
ونوه الشراري إلى أن كل ما ورد في تعديلات مشروع القانون هي أفعال مجرمة في قانون العقوبات أصلاً، لكن الفرق أن تعديلات الجرائم الالكترونية شددت العقوبة وقامت بوصف خاص لها، مستشهدا بالمادة 11 من القانون والتي غلظت العقوبة في جرائم الذم والقدح.
واعتبرت الحقوقية المحامية هالة عاهد أن الحكومة ضربت عرض الحائط بكل الانتقادات والملاحظات التي وجهها مختصون وحقوقيون حول مشروع قانون منع الجرائم؛ مبينة ان تعريف جرائم الكراهية تعريف واسع وفضفاض ومن شأنه ان يوسع نطاق التجريم بحيث يصادر حرية الرأي والتعبير ما يشكل انتهاكا صريحا وخطيرا لأحكام الدستور الأردني والمواثيق الدولية ذات الصِّلة التي صادق عليها الأردن وأصبحت جزءا من منظومتنا التشريعية وتسمو على القوانين.
كما ان قانون العقوبات في المادة 150 منه يتناول الجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية أو تعكر الصفو بين عناصر الأمة ويعاقب نصا “كل كتابة وكل خطاب أو عمل يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة”، وهي العقوبة ذاتها في مشروع قانون الجرائم الالكترونية، مع فارق ان “قانون العقوبات اكتفى بغرامة لا تزيد على 200 دينار وهذا نص خضع للمراجعة والتعديل والاقرار عام 2017؛ فما مبرر إيجاد نص اخر وتغليظ الغرامة في مشروع الجرائم الالكترونية لتصل في اقصاها الى 1000 دينار”.
واعتبرت عاهد ان وجود هذا التعريف في قانون العقوبات- مع تحفظنا عليه من ناحية حقوقية– كاف لوجود نص في قانون الجرائم الالكترونية يعاقب “كل من ارتكب أي جريمة معاقب عليها بموجب أي تشريع نافذ باستخدام الشبكة المعلوماتية أو أي نظام معلومات أو موقع الكتروني أو اشترك أو تدخل أو حرض على ارتكابها، يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في ذلك التشريع”.
وفيما استحسنت تجريم مشروع القانون للابتزاز باستخدام الانترنت وخرق الحياة الخاصة للآخرين، رأت أنه ينبغي اضافة نص يضاعف االعقوبات ويغلظها اذا كان من خرق الخصوصية موظفا رسميا غير مخول له من سلطة قضائية الولوج للشبكة المعلوماتية أو أي نظام معلوماتي لخرق الحياة الخاصة للآخرين أو كان هذا الابتزاز مارسه مسؤول أو شخص ذو سلطة”.
ومن اللافت أن التعديلات التي طرأت على قانون الجرائم الالكترونية لم تتطرق الى المادة 11 من القانون، والتي طالما شكلت حالة من السخط والرفض لها من قبل الوسط الصحفي ولحقتها مطالبات متكررة منذ أعوام لإلغائها او حتى تعديلها بما لا يحد من حرية الإعلام.
وتنص المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2015 على أنه “يعاقب كل من قام قصدا بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات او معلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية او أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس، مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على ألفي دينار”.
وعلق عضو مجلس نقابة الصحفيين الزميل عمر محارمة على ذلك بقوله: “كنا نتمنى أن تطال تعديلات القانون المادة 11 التي تشكل القيد الأكبر على حرية الإعلام، والخطوات السابقة التي شملت وضع تعديلات على القانون كان من الأولى أن تشمل المادة 11”.
وبين محارمة أن التجارب السابقة أثبتت أن المادة 11 من القانون شكلت قيدا على حرية الاعلام، حيث تعرض عدد من الصحفيين للحبس والتوقيف استنادا اليها، وكان من المفترض أن يتم تعديلها خصوصا باستثناء الكلمات المنشورة في المطبوعات.
بدوره اعتبر رئيس لجنة الحريات في نقابة المحامين وليد العدوان أن التعديلات ستحد من الحريات من جهة وستكفل حماية الأشخاص من جهة أخرى، وفيما يتعلق بالشق الذي سيكبل الحريات فهي المواد التي طرأت على مشروع التعديلات التي تتعلق بالمنشورات التي تعبر عن الرأي العام.
أما الشق الذي سيكفل حماية الأشخاص فهي المواد التي تعاقب من يمارس الإساءة للأشخاص، معتبرا في الوقت ذاته أن تعريف الجرائم الإلكترونية لم يكن واضحا ولا مفصلاً بل جاء فضفاضاً.