مرايا – كشفت خطة تطوير وتوسيع برامج المعونات النقدية لصندوق المعونة الوطنية، أن رفع ميزانية الصندوق الى 210 ملايين دينار، “سيسهم في خفض نسبة الفقر بنحو 35 % في حال ترافق رفع الموازنة بآلية استهداف مطورة”.
وبحسب الخطة، فإنه في حال “تم الاستمرار باستخدام آليات الاستهداف الحالية، فإن خفض نسبة الفقر سيكون بنسبة 14 %”.
وقالت الخطة، التي أعدها صندوق المعونة الوطنية بالتعاون مع خبراء في الحماية الاجتماعية بالبنك الدولي “رغم كفاءة برامج الصندوق، إلا أن محدودية المخصصات المالية المرصودة له حاليا تقلص من قدرته على إحداث فرق على مستويات الفقر أو احتمالية الوقوع فيه”.
وبحسب الخطة، فإنه “رغم التطوير والتحسين على آليات الاستهداف في السنوات الخمس الماضية للصندوق في تحديد المستحقين من المعونة والتحقق من انطباق شروط الانتفاع، فإنه يمكن إجراء المزيد من التطوير في آليات الاستهداف من حيث إدخال فئات جديدة مستحقة للدعم النقدي”.
وبينت الخطة “أن التطوير وحده غير كاف لإحداث فرق على مستويات الفقر، ما لم يرافقه توفير مخصصات مالية إضافية للصندوق”.
وبحسب معلومات فإن خطة تطوير وتوسيع برامج المعونات النقدية للصندوق تعد جزءا من استراتيجية الحد من الفقر والحماية الاجتماعية، التي هي قيد الإعداد حاليا من قبل وزارتي التنمية الاجتماعية والتخطيط.
وقال مصدر أن الإعلان عن الاستراتيجية يتوقع أن يكون نهاية العام الحالي؛ حيث يرتبط الإعلان عنها بخروج المؤشرات الإحصائية لمسح دخل ونفقات الأسر، الذي تجريه حاليا دائرة الإحصاءات العامة.
وتشتمل الخطة على بنود تتعلق بالفقر متعدد الأبعاد وكيفية التعامل معه، كما تعد الرعاية الاجتماعية بما يشمل من دعم صندوق المعونة الوطنية وتوسيع نطاق تغطيته أحد محاور الاستراتيجية، التي تتضمن محاور أخرى تتعلق بالتشغيل، التعليم والرعاية الصحية والنقل والإسكان.
وكان مجلس الوزراء قرر في جلسته الثلاثاء الماضي مضاعفة شرائح المنتفعين من برنامج صندوق المعونة، لتشمل 85 ألف أسرة جديدة، خلال الفترة ما بين 2019 و2021 وبكلفة مالية تقدر بزهاء 100 مليون دينار، ليبلغ بذلك إجمالي الأسر المنتفعة 177 ألف أسرة، وبدعم سنوي يفوق 200 مليون دينار.
مقابل ذلك، تضمنت الخطة تفصيلا حول كيفية زيادة الشرائح المستهدفة؛ حيث نصت على زيادة موازنة الصندوق في العام 2019 بواقع 50 مليون دينار إضافية، لشمول 42 ألف أسرة جديدة، ورفع الموازنة العام 2020 بنحو 50 مليون دينار إضافية لتغطية 43 ألف أسرة جديدة.
ووفقا للخطة، يفترض أن يباشر صندوق المعونة قبل نهاية العام الحالي بخطة التوسع للوصول للمستفيدين الجدد، كما يتوجب على الصندوق بالتشاور مع وزارة التخطيط تطوير منهجية استهداف جديدة، بناء على مسح دخل ونفقات الأسر ليتم الموافقة عليها لاحقا من قبل مجلس إدارة الصندوق.
وتستند عملية توسعة شرائح المستفيدين، حسب الخطة، على معايير محددة تعتمد مزيجا من المؤشرات التي يستخدمها الصندوق حاليا، بالإضافة الى معايير مقترحة تعتمد قياس حالة الفقر، بحيث يضمن الوصول الى أفقر الأسر.
كما تنص الخطة على تطوير نظام للحوافز ودعم المستفيدين من الصندوق للخروج من دائرة الفقر، وذلك وفق آلية تحد من الاتكالية على المعونات المقدمة، والتشجيع على قبول فرص العمل، الى جانب التعاون مع وزارتي العمل والتخطيط والجهات المعنية الأخرى لإعداد ورقة حول الخيارات المقترحة والممكنة لتخريج المستفيدين والبدء بتنفيذها العام 2019.
وتتضمن أيضا محاور عدة، أهمها تطوير آليات الاستهداف والوصول إلى الأسر الفقيرة والشرائح المستحقة، وتطوير آليات استقبال الاقتراحات والتظلمات والرد عليها، إلى جانب تطوير نظام المعلومات من خلال مشروع السجل الوطني الموحد والتوسع فيه، وتطوير أنظمة المراقبة والتقييم للتمكن من قياس أثر برنامج التوسع.
وكانت المديرة العامة لصندوق المعونة الوطنية، بسمة اسحاقات، قالت قبل أيام “إن الصندوق “يعكف على مراجعة أسس الاستهداف للمنتفعين من المعونة، بناء على قرار مجلس الوزراء الأخير”، لافتة الى أن “الصندوق يشهد طلبات مستمرة وأعدادا متزايدة لطالبي المعونة”.
وتطرقت اسحاقات إلى إشكالية الفقر النسبي، وهم الأشخاص الذين لديهم دخل لكن دخولهم أعلى بقليل من خط الفقر، مبينة “أن هذه الفئة رغم وجود دخل لديها لكنه لا يغطي احتياجاتهم”، مبينة كذلك “أن هذه الفئة ستكون كذلك قيد الدراسة”.
ويقدم الصندوق خدماته حاليا لنحو 92 ألف أسرة يبلغ تعدادهم نحو 270 ألف شخص، بموازنة قدرها 104 ملايين دينار للعام 2018، في حين أن هؤلاء المنتفعين هم من فئات الفقراء غير القادرين على العمل فقط.
ووفقا للصندوق، فإن الشرائح المستفيدة من المعونات المكررة هم 5 شرائح: أسر الأيتام، المصابون بالعجز الكلي الدائم وأسرهم، المسنون وأسرهم، الأسرة البديلة والمرأة التي لا معيل لها وأسرتها، في حين لا تشمل معونات الصندوق المتعطلين القادرين على العمل ولا الفقراء العاملين.
وبحسب المعلومات، فإن التعديلات على آلية الاستهداف الجديدة يتوقع أن تشمل بعضا من فئات الفقراء العاملين والمتعطلين، تحديدا الفئات الأكثر فقرا وضعفا منهم، الى جانب الفئة الواقعة ضمن دائرة الفقر النسبي، وهم الذين يعيلون أسرا تعداد أفرادها كبير نسبيا، ومعالوها من الأطفال غالبا.
وفقا للمعلومات، فإن “تحديد هذه الأسر سيكون مع نهاية العام، وفقا لنتائج مسح دخل ونفقات الأسر الذي تجريه دائرة الإحصاءات”.
وفي تعليقه على توسيع مظلة المنتفعين من خدمات صندوق المعونة الوطنية، قال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض “إن توسعة أعداد المشمولين قد تكون إيجابية لجهة شمول أعداد أكبر من المواطنين بشبكات الحماية الاجتماعية، لكنها في الوقت ذاته اعتراف من الدولة بالفشل في سياسات مكافحة الفقر”.
وأضاف: “مكافحة الفقر لا تقتصر على توفير المعونات، إنما تتطلب إعادة النظر بطريقة شمولية بالسياسات، التي أدت الى زيادة عدد الفقراء، بمن فيهم العاملون منهم”.
واعتبر عوض أن انتهاج السياسات الضريبية القائمة على الضرائب غير المباشرة كضريبة المبيعات والضرائب الخاصة والجمارك “أضر بشكل كبير بالفئات الأقل دخلا، ما جعل تلك الفئات تفقد القدرة على التكيف مع ارتفاع كلف المعيشة لتسقط في دائرة الفقر”.
ولفت عوض كذلك الى إشكالية الفقراء العاملين، وقال “الحد الأدنى للأجور يبلغ 220 دينارا للفرد، مقابل ذلك فإن متوسط الإعالة هو بحدود خمسة أفراد، في حين يبلغ خط الفقر للأسرة بحسب أرقام 2010 حوالي 366 دينارا”.
ويقول عوض: “في حال أضفنا معدلات التضخم الى خط الفقر، ففي الواقع فإن الأسر التي يبلغ دخل معيلها 450 دينارا هي أيضا أسر تعيش دون خط الفقر”.
ومن جانبها، تشدد مديرة منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية “أرض”، المحامية سمر محارب، على أهمية إيجاد منظومة متكاملة، يتم من خلالها الحد من الفقر، مبينة “أن المعونات النقدية هي جزء من التحدي، لكن هناك جوانب أخرى يتوجب توفيرها لانتشال المواطنين من دائرة الفقر”.
وتلفت محارب الى إشكالية شح الخدمات، وتقول: “يحتاج محدودو الدخل الى توسيع مظلة الخدمات، وتحسين جودتها، تحديدا تلك المتعلقة بالتشغيل والخدمات الصحية وتوفير التأمين الصحي بضمان النسبة الكبرى من محدودي الدخل بالتأمين الصحي وتطوير خدمات النقل والتعليم والرعاية للأطفال وكبار السن”.
وكانت الدراسة الأخيرة حول الفقر، للعام 2010، حددت نسبة الفقراء في الأردن بنحو 14.4 %، فيما تبلغ نسبة المعرضين للفقر 18.6 %، فيما حددت خط الفقر بنحو 68 دينارا.
وكانت موازنة صندوق المعونة وصلت العام 2018 الى 104 ملايين دينار، كما تم رفع الحد الأعلى للمعونة من 180 إلى 200 دينار في العام 2017، فيما كانت موازنة الصندوق في العام 2016 حوالي 90 مليون دينار.