مرايا -تسّجل بيانات القمّم العربية المنعقدّة، مؤخراً، إسناداً قوّياً للقدس المحتلة، بكونها عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق حدود عام 1967، بينما يعدّ “الدعم الماليّ المقدّم لها ضعيفاً ومتقطعاً، ولا يسّد الاحتياجات الأساسية للمدينة، التي تقدر بنحو 30 مليون دولار شهرياً في حدّها الأدنى”، طبقاً لمسؤولين فلسطينيين “.
وأعطت قمّة الظهران، التي التأمت في 15 نيسان (إبريل) الماضي بالسعودية، اهتماماً خاصاً بالقدس، التي وسّمت عنوانها الأبرز، إلا أنه “لم يصل حتى الآن أي مبلغ من قيمة ما تم التعهد به خلالها”، وفق المسؤولين، حيث أعلنت الرياض عن تخصيص مبلغ 150 مليون دولار لدعم الأوقاف الإسلامية في القدس.
ولا يختلف الحال كثيراً عن نظيراتها من القمّم السابقة؛ إذ “لم يتجاوز الدعم العربيّ الإسلامي الذي وصل للقدس، خلال السنوات الأخيرة، عن حوالي 20% من إجمالي احتياجاتها الأساسية”، بالرغم من أن خطة احتياجاتها الأساسية جاهزة، منذ سنوات، ويتنقل بها الجانب الفلسطيني عبر المنابر العربية الإسلامية والمحافل الدولية لتلقي التمويل المناسب، مقابل استجابة خجولة.
فيما لا تزال القرارات العربيّة بشأن الدعم المالي للقدس قيدّ النظرّ؛ إذ “لم يصل شيئاً من مبلغ المليار دولار الذي تم إعلانه في قمة الدوحة، آذار (مارس) 2013، لتأسيس صندوق عربي خاص بالقدس، بينما وصل نحو 40 مليون دولار فقط، من أصل 500 مليون دولار كانت قمة سرت، التي عقدت في ليبيا العام 2010، قد أقرتها للحفاظ على القدس المحتلة وحماية المسجد الأقصى المبارك”.
من جانبه، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، أهمية “قمّة الظهران في السعودية، التي أطلق عليها اسم “قمة القدس”، حيث أعطت اهتماماً خاصاً للقضية الفلسطينية فأكدت على الهوية العربية للقدس المحتلة عاصمة دولة فلسطين، وبطلان وعدم شرعية القرار الأمريكي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي”.
وقال أبو يوسف،  من فلسطين المحتلة، أنه “لم يصل، حتى الآن، أي مبلغ من قيمة الدعم المالي الذي تم الإعلان عنه في قمة الظهران، من جانب السعودية، لدعم الأوقاف”، أسوّة “بضعف الإيفاء بالتعهدات السابقة التي تم إطلاقها في القمّم العربية، المنعقدة مؤخراً، لتعزيز صمود أهالي القدس المحتلة”.
ونوه إلى ضرورة “تقديم الدعم العربي الإسلامي الحيويّ لتعزيز صمود القدس المحتلة في مواجهة عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر ضدّ الشعب الفلسطيني، وسياسة التهويد الأمريكية – الإسرائيلية بحق المدينة المحتلة”.
واعتبر أن “الإدارة الأمريكية لم تعدّ منحازة فقط للاحتلال، بل تتبنّى المواقف المضادّة للحقوق الوطنية الفلسطينية، بما يستدعي تأمين الإمكانيات اللازمة لدعم وتثبيت أهالي القدس في وطنهم، وتوفير شبكة آمان للجانب الفلسطيني”.
ويُشار هنا إلى تقدير فلسطيني لحساب الاحتياجات الملحة والحيويّة لدعم القدس المحتلة، من خلال تنفيذ وتمويل مشاريع في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسكانية والصحية، والتي تحتاج لأكثر من مليار دولار خلال خمس سنوات على الأقل.
بدوره؛ قال السفير الفلسطيني في مصر، دياب اللوّح، إن “القدس المحتلة تتعرض لخطر تهويد إسرائيلي فادّح، بما يضّع الأردن وفلسطين أمام تحدٍ وازّن، مردّف بضرورة توفير الدعم العربي الإسلامي، المالي والسياسي، المناسب لتعزيز صمود أهالي المدينة المحتلة وتثبيت وجودهم في أرضهم”.
وأضاف السفير اللوّح، من القاهرة، إن “الدعم المقدم للقدس غير كافٍ، بدون التقليل من حيويّة ما يصل للتخفيف من معاناة أهالي المدينة المحتلة وإسناد صمودهم المضادّ لعدوان الاحتلال المتواصل بحق الشعب الفلسطيني”.
ونوه إلى “الأنباء الصادرة عن حجم الدعم الكبير الذي تتقدم به مؤسسات وأفراد من الحركة الصهيونية العالمية لطمسّ معالم القدس وإلغاء هويتها وزعزعة وضعها القانوني”، داعياً الدول العربية الإسلامية إلى زيادة الدعم المالي والسياسي لتعزيز صمود أهالي القدس المحتلة.
وتوقف عند أهمية قمة الظهران، قياساً بمبلغ التبرع السعودي لدعم أوقاف القدس، معتبراً أنها “خطوة إيجابية من شأنها أن تعزّز صمود أهالي القدس لمواجهة خطر التهويد، وحماية المقدسات الدينية، لاسيما المسجد ألأقصى المبارك، الذي يتعرض لمساعي السيطرة الإسرائيلية وخطر الإنهيار في ظل حفريات الاحتلال المتواصلة أسفل المسجد وبمحيطه”.
وأوضح بأن “هناك بعض الدول العربية، مشكورة، بالإضافة إلى السعودية، ملتزمة بشكل دائم لتسديد التزاماتها حسب قرارات القمم العربية السابقة، مثل الأشقاء في الجزائر، فيما هناك دول تقدم مساعدات بشكل غير منتظم”.
وأكد السفير اللوّح أن “القدس عنوان أي تحرك فلسطيني، على المستوى الدبلوماسي والسياسي والأممي، بوصفها جوهر وأساس كل القضايا، حيث لا دولة فلسطينية مستقلة بدون القدس”.
وأفاد بأن “الجانب الفلسطيني يتحرك وفق ثلاثة محاور: توفير حماية عاجلة للشعب الفلسطيني، إذ لن يثنيّ “الفيتو الأمريكي” الأخير الأشقاء العرب عن المضي في طرق الأبواب الأممّية مجدداً، عدا إرسال لجنة تحقيق أممية للتحقيق في برامج الاحتلال بالأراضي المحتلة، ومتابعة إحالة ملف الاستيطان للمحكمة الجنائية الدولية، حيث باشرت بالتحقيق في مراحله الأولى وكونت أدلة تفيد بأن هناك جرائم واضحة للعيان، بانتظار آلياتها وإجراءاتها الخاصة في هذا الشأن”.
من جانبه، اعتبر مدير عام دائرة الخرائط والمساحة في بيت الشرق، خليل التفكجيّ، إن “الوضع في القدس المحتلة يعدّ “مأساة” حقيقية، مقابل دعم عربي إسلامي ضعيف ومتقطع، في ظل انشغالات دول المنطقة بقضاياها الداخلية”.
وقال التفكجيّ،، إن “الدعم المقدم للقدس غير كافٍ ولا يسدّ احتياجاتها الأساسية، والمقدرة بنحو 30 مليون دولار شهرياً في حدها الأدنى”.
في المقابل، فقد “خصصت الحكومة الإسرائيلية مبلغ 500 مليون دولار هذا العام لتهويد القدس، عبر التركيز على مجاليّ التعليم والاستيطان”، وفق التفكجيّ، منوهاً إلى “مشروع القدس عام 2050 الذي يتضمن ضم الكتل الاستيطانية للكيان ألإسرائيلي، وتعزيز الاستيطان والإحلال والطرد، والتطهير العرقي للبدو في فلسطين المحتلة”.
وأوضح بأن “الاحتلال يركز حالياً على التعليم لخلق جيل مرتبط به، عبر قولبة المفاهيم وتغييب الهوية والحقوق الوطنية”، داعياً “لصدّ عدوانه وسياسته الرامية إلى تهويد القدس المحتلة وطمس هويتها العربية الإسلامية، عبر دعم عربي إسلامي لنصرتها”.