مرايا – حذر مختصون من الأثر السلبي لعدم استقرار التشريعات الضريبية على الاقتصاد الوطني، مبينين أن “قانون ضريبة الدخل يعد من أكثر التشريعات تغيرا وتعديلا بواقع تغيير كل ثلاث سنوات”.
وقال هؤلاء، خلال مائدة مستديرة نظمتها أمس الشبكة القانونية للنساء العربيات حول “مشروع ضريبة الدخل، إن “القانون بصيغته الحالية سيتسبب بتأكل الطبقة الوسطى كونها الأكثر تضررا فضلا عن تبعات سلبية على قطاعات استثمارية تحديدا القطاعين الصناعي والزراعي”، معتبرين أن “الغاية الوحيدة من القانون هي الجباية”.
وقال المحامي المتخصص في القضايا الضريبية عوني الرفاعي إن المشروع “يعد من أكثر القوانين تغييرا وتعديلا بين التشريعات الأردنية”، و”يتم تعديله بمعدل مرة كل سنتين أو ثلاث”.
وأكد ضورة النظر لتعديل “ضريبة الدخل” بسياق تعديلات الضرائب الاخرى، فضريبة المبيعات الآن تشمل 180 سلعة استهلاكية تمس الحياة اليومية للمواطن الفقير، كما انها شهدت ارتفاعات مستمرة.
واعتبر الرفاعي أن “تعديل التشريع بهذه الصورة إنما يضر بالاقتصاد كما يجعل من السوق الأردني طاردا للاستثمار”.
وتطرق الرفاعي في حديثه الى أبرز الاشكاليات التي ينص عليها مشروع القانون الحالي، مبينا أن “مشروع القانون ينص على ضرورة أن يكون لكل شخص فوق سن 18 عاما رقما ضريبيا، كما يفرض القانون على كل من هم فوق 18 عاما بمن فيهم غير المكلفين ضريبيا تقديم اقرار ضريبي يثبت ذلك، وفي حال تخلفوا عن الاقرار يترتب عليهم غرامة مالية”.
وتابع “أما الاشكالية الاخرى فتتعلق باخضاع القطاع الزراعي للضريبة”، مبينا أنه “سينعكس على المستهلك بشكل مباشر نتيجة لتأثرهم بارتفاع أسعار السلع تحديدا، البيض، الدواجن والحليب ومشتقاته”.
كما رأى أن المشروع يتضمن مخالفة وجود “الازدواج الضريبي”، موضحا “ان القانون الحالي يخصم ضريبة المسقفات من ضريبة الدخل لكن بموجب المشروع الحالي فإن المسقفات لا تخصم من ضريبة الدخل”.
وتابع “الازدواج الضريبي كذلك موجود في البند الذي ينص على فرض ضريبة 10 % على أرباح شركات المساهمة العامة”، مبينا “تخضع شركات المساهمة العامة لضريبة الدخل ويتم توزيع الارباح بعد اقتطاع ضريبة الدخل، بالتالي وضع ضريبة 10 % أخرى على الارباح تشكل ازدواجا ضريبيا كذلك”.
كما نبه الرفاعي إلى اشكالية “اختراق سرية الحسابات المصرفية”، موضحا “لموظف الضريبة وفقا لمشروع القانون المعدل الحق في الاطلاع على الحسابات المصرفية للمكلف، ما يجعل الخصوصية والسرية مهدورة بموجب هذا القانون”.
من جانبه قال المحامي بهاء العرموطي إن مشروع “ضريبة الدخل” صدر في ظل حملة تروجية حكومية غير مسبوقة سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو في المؤتمرات الصحفية”. ورأى أن “الهدف الحقيقي والوحيد من القانون هو تحقيق الجباية وزيادة الإيرادات بمرحلة نشهد بها تنام في المديونية”.
كما اعتبر العرموطي انه “تم صياغة القانون على عجل ولغته غير واضحة، كما يتضمن تضاربا جعل من بعض بنوده غير مفهومه حتى لمن وضعه”، مشيرا في ذلك إلى تضارب التفسيرات المتعلقة بتقديم الاقرار الضريبي لغير المكلفين ضريبيا.
وانتقد ايضا اشكالية “السلطة التقديرية الكبيرة التي ستتمتع بها دائرة الضريبة” وفق المشروع، معتبرا أن “التوسع في السلطة يعد مضرا بالاستثمار”.
وقال “ينص القانون كذلك على تغليظ للعقوبات بحالات التهرب الضريبي”، معتبرا أن “توسيع السلطة التقديرية للدائرة بالإضافة إلى تغليظ العقوبات يشكل ظلما حقيقا”.
وتعرض العرموطي في حديثه كذلك إلى تخفيض سقف الاعفاءات الضريبة، معتبرا ان ذلك “وبهذه الطريقة سيؤدي الى انكماش الطبقة الوسطى”، معتبرا أن “الأسرة التى يتراوح دخلها الشهري 1500 الى 5 آلاف دينار تعد حاليا طبقة متوسطة نظرا لحالة غلاء المعيشة”.
كما لفت إلى أن رفع الضريبة على البنوك إلى 40 % “سيدفع ثمنه المواطن المقترض”. وقال إن “مشروع القانون سيكون كارثيا على القطاع الصناعي الذي فرض عليه ضريبة 20 % إضافة إلى الغاء الاعفاء الجزئي على صافي دخل المنشآت الصناعي”.
من جانبها، اشارت المديرة التنفيذية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني هالة الزواتي إلى أن “التعديلات سيكون لها أثر سلبي على الشركات الكبرى ما سينعكس سلبا على ما تقدمه هذه الشركات من توظيف وتشغيل للمواطنين”. مبينة أن الشركات الكبرى تساهم بنحو 17 % من مجموع تحصيلات ضريبة الدخل، و”الأصل محاربة التهرب الضريبي بشكل أساسي قبل فرض مزيد من الضرائب على الشركات الاستثمارية”.
ولفتت الى ما اسمته “الخلل” في توزيعه الضريبة الحالية حيث يساهم المهنيين والحرفين والشركات الصغيرة والمتوسطى بما نسبته 1,8 % من ضريبة الدخل.
من جانبها قالت الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة سلمى النمس إنه “في ظل تزايد عدد الأسر التي ترأسها المرأة لتصل الى 12.8 % يوجب ذلك أن يكون قانون الضريبة مراعيا لهذه الفئة من النساء”.
وقالت “بشكل عام فان قانون ضريبة الدخل أعمى اتجاه المرأة ولا يشجعها على العمل”، داعية لايجاد اعفاءات ضريبية للسيدات العاملات اللواتي يضطررن لتسجيل ابنائهن في الحضانات كذلك توفير اعفاءات ضريبية للشركات التي تشغل نسبة أكبر من النساء.
اما المحامية نور الامام فرات ان “المشكلة الأبرز أن المواطن يشعر أن القانون هو مجرد قانون جباية فيما لا يتلقى أي خدمة مقابل الضريبة التي يدفعها”.