قال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية في الحكومة المستقيلة المهندس موسى المعايطة، إن مشروع اللامركزية يحتاج إلى سنوات وخطة طويلة الأمد لتحقيق الأهداف المرجوة منه، فيما نفى ما يتردد في أوساط أعضاء مجالس محافظات من “محاولات تعطيل” للمشروع من وزارات أخرى في الحكومة المستقيلة.

وعرض المعايطة قبل تقديم الحكومة استقالتها بيوم واحد، لأبرز التحديات والاولويات التي تواجه اللامركزية بعد مرور نحو 10 أشهر من انتخاب مجالس المحافظات، مؤكدا على أن من أبرزها إعادة النظر في تفويض الصلاحيات لمجالس المحافظات، لتصبح أكثر انسجاما مع المجالس البلدية وحتى النيابية.

ولفت إلى أن ذلك يتطلب إعادة النظر في بعض القوانين والأنظمة، خاصة الانظمة الفنية والمالية بما في ذلك قانون اللامركزية.

وبين المعايطة أن هناك قرارا للجنة الوزارية للامركزية، لإعداد ما قال إنه “مصفوفة” تحدد الصلاحيات المطلوب إقرارها لتوزيع السلطة المركزية على المحافظات تماشيا مع مبدأ اللامركزية وآلية عملها، والصلاحيات التي يتطلب نقلها أو التي لا تفوض لمجالس المحافظات.

وقال المعايطة إن عملية تفويض الصلاحيات ونقلها هي “المهمة الأصعب” في هذه المرحلة، وعلق قائلا “هذه هي المهمة الأصعب ستكون، لأن لا أحد يحب التنازل عن صلاحياته”.

وأوجز المعايطة أيضا التحديات التي تواجه اللامركزية، بالتأخر في طرح عطاءات المشاريع التي أقرت في 2017 من مجالس المحافظات، مع حلول منتصف 2018، والتأخر بنقل الصلاحيات وتأخر العمل على زيادة الصلاحيات الممنوحة للجان العطاءات، وعدم وجود كشف مشاريع المحافظات من الوزارات المعنية يبين المشاريع والاجراءات التي تمت بشأنها ومدى التقدم فيها.

ونوه إلى أن اللجنة الوزارية التي يقتصر دورها على دعم اللامركزية وقد ينتهي عملها حال سير المشروع وفقا لما هو مخطط له، قد أقرت جملة من القرارات مؤخرا، من بينها استكمال توفير البيئة اللوجستية والفنية لعمل المجالس، والعمل على زيادة صلاحيات لجان العطاءات في المحافظات، لتتمكن من طرح العطاءات الخاصة بالمشاريع.

ونشرت “الغد” نهاية أيار المنصرم، تقرير اللجنة الوزارية حول اللامركزية الذي رفع إلى مجلس الوزراء، وتضمن أبرز التحديات والمعيقات وخلص إلى وجود بطء في إجراءات تفعيل عمل مجالس المحافظات.

وعن تعديلات قانون اللامركزية النافذ، قال المعايطة إن أي تشريع أو قانون قابل للتعديل والتطوير، مبينا أن التعديلات المطلوبة ستحدد سواء للقانون أو الانظمة على ضوء التجربة العملية خلال عامين أو ثلاثة، إضافة للتعليمات الصادرة بموجب أحكام القوانين ذات الصلة، والتي من بينها تلك التي تحكم العلاقة مع البلديات والمجالس التنفيذية وكيفية متابعة وتقييم المشاريع التي تقرها مجالس المحافظات وكذلك النظام الداخلي لمجالس المحافظات الذي تجري مراجعته.

وفيما إذا كان إعادة النظر في تفويض الصلاحيات يتطلب إجراء تعديلات على قانون اللامركزية، فإن ذلك سينعكس أيضا على قانون الانتخاب وفقا للمعايطة، مستقبلا.

وتشير مصادر في مجالس محافظات إلى مواجهة أعضاء فيها صعوبات في إعداد الموازنات للمجالس للعام 2019، وهو ما يجب بدء العمل عليه خلال الأشهر القليلة المقبلة، لاعتبارات تتعلق بقلة الخبرة وضعف التأهيل والتدريب.

وفي هذا الصدد، قال المعايطة إن اللجنة انتهت من إعداد دليل تدريبي لهذا الغرض، وأن تدريبات عقدت لهذه الغاية إضافة إلى عقد ورشات لاحقة، مماثلة وورشات بناء قدرات لافتا إلى أن هناك مشروعات بدأت إحالة عطاءاتها في بعض المحافظات.

وبين أن هناك دليلا أيضا تم إعداده، لمتابعة المشروعات وتقييمها لأعضاء المجالس، مشيرا إلى أن هذه التفاصيل ليس “منصوصا عليها” في قانون اللامركزية بوضوح.

وقال إنه لا يوجد للآن تقاليد راسخة في عمل اللامركزية، وان المجالس الحالية هي التي ستؤسس لهذه الأرضية.

وقال بحسب أعضاء مجالس محافظات من وجود “محاولات تعطيل” من وزارات في الحكومة المستقيلة لتنفيذ قرارات صرف وقرارات عمل لمجالس المحافظات، من بينها وزارتا المالية والبلديات، نفى المعايطة ذلك.

وقال “هذا ليس صحيحا، وزير المالية يسير قرارات حسب الموازنة ولا يعطل مشاريع، ووزير البلديات من المتحمسين للامركزية، لكن أحيانا بعض أعضاء مجالس المحافظات يشكلون انطباعات على موقف واحد ربما، الفكرة لا تزال جديدة وعملية تفويض الصلاحيات ليست سهلة”.

ورأى المعايطة أن الانتخابات الأولى للامركزية هي حجر الأساس لها على المدى الطويل، فيما لم يعتبر أن قرار إجراء الانتخابات اللامركزية جاء “متسرعا”.

وأضاف “على العكس منذ أكثر من 10 سنوات ونحن نتحدث عن اللامركزية، ودائما كنا نقول إن الوقت لا يزال مبكرا، كان لا بد لنا أن نبدأ حتى نتعلم، ورغم كل النقاشات التي أثيرت حول اللامركزية، كان لا بد من البدء باختبار التجربة العملية، وأعتقد أننا تأخرنا في إجرائها، لو أجريناها قبل 5 سنوات لكنا الآن على الطريق الصحيح”.

وعن صرف موازنات مجالس المحافظات التي تبلغ إجماليتها 210 مليون لكل المحافظات وزعت وفقا لاعتبارات تنموية وسكانية، قال المعايطة إن هناك بعض المجالس بدأت بصرف جزء من موازناتها، فيما لفت إلى أن هناك خلطا بين مهام المجالس البلدية ومجالس المحافظات لدى المواطنين حتى الآن.

ويطالب أعضاء مجالس محافظات بمنحهم مزيدا من الاستقلالية في المقرات التي خصصت لهم في مباني “المحافظة” في كل محافظة، وهو ما علق عليه المعايطة بالقول، إن “جميع مجالس المحافظات لديها مقرات لكن البعض يطالب بمنحه مبنى مستقل عن مبنى المحافظة، والعمل جار لتخصيص بعض المباني الحكومية لمجالس المحافظات بشكل مستقل”.

وقال “هناك عمل متواصل بشان توفير مباني مستقلة ولم تتنه بعد، المقرات بعض المجالس طلبوا مزيدا من الاستقلالية وهم مرتبطين بالمجلس التنفيذي، ثمة حساسية في البدء، لكننا نعمل على توفير مقرات أيضا من مباني حكومية “.

وأشار إلى أن هناك خيارات أخرى مقترحة “طويلة الأمد”، كتحديد 12 موقعا لأراضي لإقامة مجالس محافظات.

وقال المعايطة إن هناك حالة من التنافس “بين النواب ومجالس المحافظات”، إلا أنها تحتاج إلى وقت للتنظيم خاصة أن الأدوار ليست متقاطعة بموجب أحكام القانون، وأضاف “العلاقة ليست ثابتة بعد وهذا يتطلب بعض الوقت من خلال التجربة العملية.”

وشدد المعايطة في حديثه قائلا “إن مشروع اللامركزية “لارجعة عنه”، معتقدا أن مشروع اللامركزية يحتاج ربما إلى 10-15 عاما ليصبح مشروعا راسخا على غرار المجالس البلدية.