مرايا – شارك الأردن في اجتماعات الجمعية العامة السابعة لاتفاقية اليونسكو بشأن صون التراث الثقافي غير المادي التي انعقدت في باريس في الفترة ما بين الرابع والسادس من حزيران الجاري، حيث انتخبت الأردن نائبا للرئيس في الدورة الحالية، وقد ذكر الأستاذ الدكتور هاني الهياجنة، ممثل الأردن في هذه الاجتماعات، أن هذه الدورة اتسمت باتخاذ قرارات حاسمة تتصل بتطبيق الاتفاقية على المستويين الوطني والدولي، وتُعد هذه الاتفاقية التي صادقت عليها 177 دولة في العالم حتى الآن، من الاتفاقيات الهامة لصون التراث الحي للبشرية.

وصرح الهياجنه بأن المقصود بالتراث الثقافي غير المادي هو “الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات – وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية – التي تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد، جزءا من تراثهم الثقافي، وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلا بعد جيل، تُبْدِعُه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو يُنَمِّي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويُعَزِّزُ من ثمَّ احترامَ التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية”.

وأضاف الهياجنة أن اهتمام اليونسكو الحثيث بهذا الموضوع يرجع إلى نظرتها، كمنظمة يتمثل فيها المجتمع الدولي، إلى أهمية التراث غير المادي “بوصفه بوتقة للتنوع الثقافي وعاملا يضمن التنمية المستدامة، ولاعترافه بأن المجتمعات تضطلع بدور هام في إنتاج التراث الثقافي غير المادي والمحافظة عليه وصيانته وإبداعه من جديد، ومن ثم لأنها تسهم في إثراء التنوع الثقافي والإبداع البشري”، واعتمد الميثاق المذكور لضرورته في تعزيز الوعي، وخاصة بين الأجيال الناشئة، بأهمية التراث الثقافي غير المادي وضرورة حمايته، إضافة إلى الدور القَيِّمِ للغاية الذي يؤديه التراث غير المادي في التقارب والتبادل والتفاهم بين البشر.

ومن أهم القرارات التي اتخذتها الجمعية العامة ضرورة رفع سوية الترويج لأهداف الاتفاقية ودعم ورصد تنفيذها، وتقديم المشورة بشأن أفضل الممارسات والتوصيات بشأن تدابير الصون، من خلال الحوكمة السليمة الميسّرة بخدمات إدارة المعرفة المحسنة، و التوعية والتواصل، والتشاور حول كيفية دمج التراث الثقافي غير المادي في برامج التدريب للمعلمين والمدربين، وناقشت كذلك اختيار أفضل ممارسات الصون وتقديم المساعدة الدولية، إذ صممت الجمعية فريقاً عاملاً مخصّصاً لدراسة “المسائل المتعلقة بالتشاور والحوار بين هيئة التقييم والدول المقدمة للطلباات وعملية اتخاذ القرار في اللجنة فيما يتعلق بالترشيحات والاقتراحات والطلبات الخاصة بدراسة آلية تمويل الاتفاقية، بما في ذلك تعبئة الموارد، وتمكين تنفيذ التوصيات ذات الصلة الصادرة عن فريق العمل المفتوح العضوية المعني بالحوكمة وإجراءات وأساليب عمل الهيئتين الرئاسيتين لليونسكو كما تمّ اعتمادها في الدورة التاسعة والثلاثين للمؤتمر العام؛ ومواصلة التفكير في آلية “حوار” مناسبة، بالتشاور مع هيئة التقييم، مع أخذ القرارات ذات الصلة الصادرة عن الجمعية العامة المقبلة في الاعتبار؛ وكذلك التفكير، بالتشاور مع المنظمات غير الحكومية المعتمدة، في سبل زيادة تعزيز مشاركة المنظمات غير الحكومية في إطار اتفاقية عام 2003 وكيفية ابراز ذلك في آليات اعتماد المنظمات غير الحكومية وتجديد اعتمادها.

ولفت الهياجنه الانتباه إلى الانجازات الرئيسة للامانة العامة للاتفاقية، نحو الدعم النظامي، لتعزيز حوكم الاتفاقية، ومعالجة الترشيحات لقائمتي الاتفاقية والمقترحات لسجل ممارسات الصون الجيدة وطلبات المساعدة الدولية والتقارير الدورية المقدّمة من خلال الآليات النظامية، وكذلك وطلبات الاعتماد وتجديد الاعتماد المقدّمة من المنظمات غير الحكومية.

ومن ناحية أخرى أشار الهياجنه إلى برامج اليونسكو حول التراث الثقافي غير المادي في حالات الطوارئ، إذ تستجيب الامانة العامة للاتفاقية بشكل متزايد إلى المساهمة في الاستجابة العالمية لحالات الطوارئ التابعة لليونسكو والتي ساهمت الإستراتيجية، المعتمدة خلال الدورة الثامنة والثلاثين للمؤتمر العام لليونسكو في عام 2015 بهدف تعزيز عمل اليونسكو من أجل حماية الثقافة وتعزيز التعددية الثقافية في حالة النزاع المسلح، في تأطيرها إلى حدّ كبير، وما يتصل بحالات الطوارئ المرتبطة بالكوارث الناجمة عن الأخطار الطبيعية أو الأنشطة البشرية.

وتطرقت النقاشات إلى مسألة استخدام موارد صندوق التراث الثقافي غير المادي، والسبل الممكنة لدعم الدول لتحقيق استخدام أفضل لموارد الصندوق.

وأكّدت اللجنة أنّ هذا التغيير سييسّر على الدول الأطراف في منطقة معيّنة الاستفادة من التعاون على المستوى الإقليمي أو دون الإقليمي وأنّ أنشطة بناء القدرات ستمثّل فرصة لتعزيز الحوار وتبادل الخبرات الوطنية، كما يهدف الإصلاح إلى الإسهام بشكل هام في تفعيل إطار النتائج الشامل، بما أنّ التقارير الوطنية المقدمة ستوفّر مصدراً رئيسياً وموثوقاً للمعلومات قصد إدماجها في ذلك الإطار.

وتم خلال هذه الدورة اعتماد عدد من المنظمات غير الحكومية لأغراض تقديم الخدمات الاستشارية إلى اللجنة، ويذكر أن الجمعية العامة قامت إلى حدّ الساعة باعتماد 202 منظمةً غير حكومية، ستة فقط من العالم العربي.