مرايا – تبحث اللجنة الاستشارية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، يومي 18 و19 من الشهر الجاري في البحر الميت، الأزمة المالية غير المسبوقة التي تمر بها الوكالة، في ظل عجز مالي وصل إلى 236 مليون دولار، في ميزانيتي الطوارئ والعادية، وهو الأكبر حجماً منذ تأسيسها، في العام 1949.
كما تعقد دائرة الشؤون الفلسطينية، يوم الأحد المقبل، اجتماعاً تنسيقياً للدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين، بمشاركة وفود من الأردن وسورية ولبنان وفلسطين ومصر، بالإضافة إلى وفد من الجامعة العربية، وذلك قبل يوم واحد من اجتماع “استشارية الأونروا”، لبحث اتخاذ موقف موحّد تجاه ضرورة دعم المجتمع الدولي للوكالة لتستمر في عملها.
وأكد القائم بأعمال مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية، المهندس نضال حداد، أهمية “تنسيق المواقف لجهة ضرورة اضطلاع الأونروا بمهامها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس”، وهي سورية ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة للأردن.
وأضاف أن “اجتماع اللجنة الاستشارية للأونروا سيتم التأكيد فيه على دعوة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لاتخاذ موقف بالانضمام للأونروا في رسالتها بأن حقوق اللاجئين الفلسطينيين ومستقبلهم يحظى بقدر كبير من الأهمية، عدا دعوة الدول المضيفة والمانحين لخلق مبادرات وتحالفات جديدة لضمان استمرار تقديم الخدمات”.
وأشار إلى أن “استشارية الأونروا ستضع رؤية شاملة للأزمة المالية التي تمر بها، والتي وصلت إلى 236 مليون دولار من ميزانيتي الطوارئ والعادية، وآثارها على حياة اللاجئين الفلسطينيين واستقرارهم، كما سيتم عقد لقاءات مع عدد من الدول المانحة على هامش الاجتماع لتكثيف الجهود من أجل دعم الأونروا”.
وحذر من “خطورة الوضع الراهن، وما سيكون له من تأثير سيئ للأزمة المالية التي تمر بها الوكالة، والتي ستهدد البرامج التي تقدمها الوكالة”، مؤكداً أن “مهام الأونروا تجاه الفلسطينيين قانونية وسياسية وانسانية استناداً لقرار الأمم المتحدة رقم 302 لعام 1949”.
وأكد “موقف الأردن الثابت وجهود جلالة الملك عبدالله الثاني من أجل دعم الأونروا بما يكفل استمراريتها في تقديم خدماتها لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين”، لافتاً إلى “الجهود الحثيثة التي يقوم بها الأردن كعادته لأجل دعم الوكالة والوقوف معها من أجل تجاوز الأزمة المالية الحالية”.
ودعا “الدول المانحة إلى تحمل مسؤولياتها تجاه الوكالة لتبقى المزود الوحيد للخدمات، حسب تفويضها، لكل اللاجئين الفلسطينيين، والحفاظ على عملها واستمراريتها والوقوف ضد أي طروحات داعية للمساس بمهام الوكالة وبرامجها”.
واعتبر أن “دعم الوكالة يعد رسالة سياسية بالمقام الأول، فضلاً عن الخدمات الإنسانية، تفيد بأن المجتمع الدولي لم يتخل عن اللاجئين، وأنه لن يسمح بحرمانه من الخدمات الأساسية، التي تعتبر حقاً لكل لاجئ فلسطيني، حسب قرار إنشاء الوكالة”.
ومن المنتظر “المأمول”، وفق مصادر مطلعة في الوكالة، ، أن “تتقدم الجهات المانحة، خلال لقاء البحر الميت، بتعهدات مالية، لتغطية الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها، جراء توقف أميركا عن تقديم الدعم المطلوب لميزانيتها، ولضمان استمرارية منسوب خدماتها بدون اللجوء إلى تخفيض جديد”.
وأضافت المصادر نفسها أن “ضعف استجابة المانحين لدعم “الأونروا”، أو انخفاض سقف التوقعات المرتقبة، من الاجتماع الحيوي القادم، سينعكس سلباً على وضع الوكالة، بما قد ينذر بعواقب وخيمة تطال اللاجئين الفلسطينيين، والدول المضيفة، بدون أن يكون المجتمع الدولي بعيداً عن دائرة التحديات”.
وحذرت من أن “البديل عن عدم دعم المانحين للوكالة سيكون الأسوأ ضرراً”، وسط تحذير إدارة الوكالة من عجزها عن تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين في كافة الأقاليم، مطلع شهر أيلول (سبتمبر) القادم، ما لم يتم تدارك الأزمة المالية غير المسبوقة التي تعاني منها.
وتهدد الأزمة المالية غير المسبوقة التي تشهدها “الأونروا” مصير الخدمات، التعليمية والصحية والإغاثة الاجتماعية، المقدمة لأكثر من مليوني لاجئ فلسطيني مسجلين لديها في المملكة، بنسبة 42% تقريباً، من إجمالي زهاء ستة ملايين لاجئ في مناطق عملياتها الخمس.
ويعد اللاجئون الفلسطينيون الأكثر هشاشة وتأثراً من مأزق الوكالة، فيما يشكل القطاع التعليمي الحلقة الأضعف ضمن دائرة خدمات الوكالة، في حال عدم تجاوب المانحين مع نداءات “الأونروا” المتكررة بالدعم.
ويقتطع قطاع التعليم “الحصة الأكبر حجماً من ميزانية “الأونروا”، بنسبة 45-50 %، كما يستحوذ على النصيب الأوفر عددياً من الموظفين العاملين بالوكالة بنحو 5 آلاف، ما بين معلم ومدير، من إجمالي 7 آلاف موظف بالأردن”، وفق المصادر نفسها.
وينعكس استمرار الأزمة المالية غير المسبوقة للوكالة على وضع نحو 121 ألف طالب وطالبة، من أبناء اللاجئين الفلسطينيين في المملكة، لجهة التهديد بمغادرة مقاعد الدراسة عقب إغلاق 171 مدرسة تابعة للوكالة، مما يشكل عبئاً ثقيلاً على الأردن، مرشحاً للتفاقم، لدى المساس بـ 25 مركزاً صحياً، يستقبل 1.5 مليون زيارة مرضية سنوياً، وحرمان 59 ألف لاجئ مستفيد من برنامج الأمان الاجتماعي.
يُشار إلى أن “الميزانية العادية للوكالة تبلغ، عام 2018، حوالي 747 مليون دولار، منهم 145 مليون دولار مخصصة للأردن، بينما تقدر ميزانية نداء الطوارئ بـ800 مليون دولار، منهم 4 ملايين دولار للأردن لدعم اللاجئين الفلسطينيين من سورية، والبالغ عددهم حوالي 17 ألف لاجئ فلسطيني”، وفق معطيات دائرة الشؤون الفلسطينية.