مرايا – بخلاف التصور المجتمعي السائد، تظهر نتائج تقرير متخصص حالة من الرضا لدى أغلبية عينة دراسة تتكون من 1700 شخص عن الإجراءات التي مروا بها خلال لجوئهم للقضاء، سواء الشرعي أو النظامي، مؤكدين سهولة إجراءات التقاضي على عكس ما هو معروف مجتمعيا عن صعوبة ذلك جراء تعقيد الإجراءات وطول أمد التقاضي.
التقرير، الذي كان محل نقاش أمس، في ورشة نظمتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية ويحمل عنوان “درجة الرضا والتصور العام بخصوص قطاع العدل في الأردن”، والمبنية نتائجه على استطلاع كمي تم سؤال العينة أسئلة تهدف إلى بيان الفروقات بين أولئك الذين يملكون خبرة في العملية العدلية ومن لا يملكون.
ويقول التقرير: “كانت النظرة الإيجابية لدى النساء اللواتي أخذن القضايا القانونية إلى المحكمة أدنى منها بالنسبة للنساء اللواتي لم يأخذن قضاياهن القانونية إلى المحكمة فيما يخص سهولة التعامل داخل المحكمة (29.5 % مقارنة بـ 38.2 %). علاوة على ذلك، فيما كانت نظرة الرجال ممن اخذوا الامور للمحكمة إيجابية أكثر (50 % مقارنة بـ 49.5 %)”.
وتبين انه بغض النظر عما إذا كانوا أخذوا القضية القانونية إلى المحكمة، كان للرجال نظرة إيجابية أكثر من النساء بالنسبة لقابلية الاستدلال على الاتجاهات في المحكمة.
وتؤكد نتائج التقرير الذي عرضتها المنظمة أمس على مجموعة من النشطاء والمهتمين والصحفيين انه كانت لدى النساء اللواتي أخذن القضايا القانونية للمحكمة نظرة أكثر إيجابية ككل، من تلك التي لدى النساء اللواتي لم يفعلن بخصوص سهولة التعامل داخل المحاكم
(66.2 % مقارنة بـ 61.8 %). وكان الحال كذلك بالنسبة للرجال (71.2 % مقارنة بـ 57.8 %)، وفي المجمل، كان عدد أقل من النساء اللواتي أخذن القضايا القانونية إلى المحكمة لديهن تصورات إيجابية من عدد الرجال الذين قاموا أيضا بأخذ القضايا القانونية للمحكمة.
وفيما يخص القدرة على تحمل التكاليف المالية يبين التقرير ان النظرة إلى قابلية تحمل تكاليف المحاكم النظامية أفضل منها للمحاكم الشرعية. وعلى نحو مثير للاهتمام، كان لدى النساء – بصرف النظر عن نوع المحكمة – رضا إيجابي بخصوص قابلية تحمل التكاليف. لكن من ناحية التصورات، رأى الرجال تكاليف المحاكم مقدورا عليها أكثر من النساء.
ومن المثير للاهتمام أن النساء اللواتي أخذن القضايا القانونية إلى المحكمة كانت لديهن نظرة إيجابية ككل أكثر من اللواتي لم يفعلن ذلك بخصوص قابلية تحمل تكاليف المحاكم (67.9 % مقارنة بـ 26.7 %). وكان الحال كذلك أيضا لدى الرجال (65.9 % مقارنة بـ 34.3 %).
وبناء على مخرجات التقرير، طورت منظمة النهضة مجموعة من الرسائل التي تنوي العمل عليها ضمن مشروع يحمل “مشروع تعزيز الدعم العام لتطوير قطاع العدل في الأردن” لمحاولة تغيير الأفكار التي قد لا تكون واقعية كثيرا فيما يخص إجراءات وسهولة الوصول للعدالة، وفي الجانب المختص بالمرأة تقول هذه الرسائل:” تحقيق العدالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمرأة أمر ضروري، محو الأمية القانونية وتوفير الوعي القانوني النوعي أمر ضروري جدا، في حين تشير إحدى الرسائل إلى انه في الوقت الذي احرز الأردن تقدما في تعزيز وصول المرأة إلى العدالة، فان الافتقار إلى بيئة تمكينية ومحدودية الامداد بالموارد القانونية والمؤسسية، وارتفاع الطلب على آليات تنفيذ الأحكام القضائية كلها مجتمعة ما تزال تمثل تحديات كبيرة في وصول المرأة للعدالة.
وتوصي المنظمة صناع القرار بادخال مفاهيم النوع الاجتماعي بعملية التقاضي من خلال تدريب القضاة حول هذا المفهوم، ومعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية جنبا إلى جنب مع التطوير المؤسسي لتحقيق المساواة والانصاف في الوصول إلى العدالة، دعم حق المرأة في نقل جنسيتها إلى أولادها، وإعطاء حقوق متساوية للنساء في الزواج والطلاق، زيادة عدد النساء العاملات في القضاء، فضلا عن زيادة المساعدة القانونية والدعم للنساء، وزيادة التنسيق بين الجهات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني لتيسير وصول المرأة للعدالة مما يعزز قيام مجتمع أكثر مساواة وانصافا.
وقالت رسائل المنظمة بهذا الخصوص “يجب التأكيد على ضرورة ان يتم العمل على ثلاثة مسارات تأهيلية لغايات التطبيق الأفضل للقانون والذي سينعكس ايجابيا على قطاع المرأة بالتأكيد وهي “التأهيل التشريعي، التأهيل المؤسساتي بمعنى البنى التحتية وكافة المرافق المطلوبة وخاصة ما يتعلق بخدمة النساء وبحساسية عالية لاحتياجات النوع الاجتماعي، إضافة لتأهيل الكوادر البشرية لجعلهم أكثر حساسية لاحتياجات النوع الاجتماعي”.
وأكدت النتائج ضرورة أن يتم تمثيل المرأة نوعيا وعدديا على مختلف المستويات في الجهاز القضائي، حيث تخلو بعض المواقع من النساء تماما او يمثلن بشكل متواضع للغاية على مستوى المحاكم والنيابة العامة.
ولفتت إلى أهمية الأخذ بعين الاعتبار خصوصية قضايا العنف ضد المرأة وخاصة ما يتعلق بالقضايا ذات الطابع الجنسي، “حيث تشكل هذه القضايا حساسية خاصة وايضا لخصوصية المرأة سواء جانية أو مجني عليها حيث أن الاستجابة لطلب سرية المحاكمة تعود لتقدير القضاء وليست وجوبية في هذه الأحوال وفقا للقانون”.
ومن المهم التفريق بين الرضا والتصورات لأنهما عاملان مهمان بشكل متساو فيما إذا كان الأفراد يحاولون التعامل مع قضاياهم القانونية من خلال الوسائل الرسمية، فيما تؤثر تصورات قطاع العدل بشكل خاص على ماهية الأمور القانونية التي يعتبر الأفراد أنها تستحق أن تؤخذ إلى المحكمة.