مرايا – طالب ائتلاف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (عدالة) الذي يضم سبعين مؤسسة أهلية واتحادات نقابية بإقالة رئيس الوزراء وزير الداخلية د. رامي الحمد الله على خلفية الجرائم التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية بحق المشاركات والمشاركين في المسيرة السلمية التي دعا إليها حراك “ارفعوا العقوبات عن غزة” يوم الخميس الماضي13/6/2018 الساعة التاسعة والنصف مساءً على دوار المنارة وسط مدينة رام الله المحتلة؛ وقمعتها الأجهزة الأمنية بالقوة العسكرية والأمنية.
وأكد ائتلاف عدالة في بيان له اليوم الجمعة أنه قرر تشكيل “خلية أزمة” من أعضاء الائتلاف لمواجهة التدهور الخطير في حالة الحقوق والحريات؛ وبخاصة في المرحلة التي أعقبت انضمام دولة فلسطين للعديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وشدد على أن المرحلة القادمة ستشهد تعزيزاً للعمل الأهلي الجماعي المنظم للتصدي للانتهاكات التي تمارسها الأجهزة الأمنية ومرجعياتها بموجب القانون، دفاعاً عن الحق والعدل والحرية والكرامة الإنسانية، وأن خلية الأزمة ستستخدم مختلف أدوات المناصرة محلياً ودولياً (آليات الأمم المتحدة) للتأثير بالسياسات والتشريعات الفلسطينية والممارسة على الأرض، وصولاً لاحترام دولة فلسطين الكامل لالتزاماتها بموجب الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها بدون تحفظات، ولا سيما مع قرب مناقشة تقارير الاتفاقيات في جنيف.
ووفقاً للمعلومات التي وثقتها مؤسسات ائتلاف عدالة، ومتابعاتها الميدانية للجرائم التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ومدنيون يعتمرون “قبعات بيضاء” بشعار موحد، وملثمون، وأشخاص بلباس مدني، فإن مسار عملية قمع مسيرة “إرفعوا الحصار عن غزة” حسب التسلسل الزمني كان على النحو التالي:
1. في تمام الساعة 18:50 من مساء يوم الأربعاء الموافق 13/6/2018 شوهدت جيبات وسيارات عسكرية تسير في موكب عسكري، وأخرى أمنية تسير بين الحين والآخر، من الشارع الرئيس لمدينة بيتونيا باتجاه دوار الساعة ومن هناك تتحرك باتجاه دوار المنارة وسط مدينة رام الله، تم ذلك قبل موعد انطلاق المسيرة السلمية التي دعا لها حراك “إرفعوا العقوبات عن غزة” الذي كان مقرراً في تمام الساعة 21:30 مساءً، الأمر الذي أثار قلق مؤسسات ائتلاف عدالة منذ البداية من إمكانية وجود نية مبيتة لقمع المسيرة السلمية بالقوة.
2. قرابة الساعة 20:30 مساءً تجمع ما يزيد على مائة عنصر من الأجهزة العسكرية والأمنية المختلفة على دوار المنارة وسط مدينة رام الله، يحملون بنادق آلية وهراوات ومتاريس بلاستيكية، عدد منهم ملثمون، وآخر يضعون الخوذ على الرؤوس، وقام عناصر الشرطة المتواجدين بعمل حلقة دائرية حول دوار المنارة وأعاقوا حركة الوصول إلى الدوار. وقد جرى رصد الأجهزة الأمنية التي تواجدت خلال المسيرة السلمية على وفي محيط دوار المنارة، بواسطة السيارات أو مشياً على الأقدام، والأجهزة هي: جهاز الأمن الوطني، جهاز الشرطة الفلسطينية، جهاز المخابرات العامة، جهاز الأمن الوقائي، إضافة إلى أصحاب “القبعات البيضاء” الذين تحركوا بين المتظاهرين بطريقة أشبه بالفرقة العسكرية المنظمة عالية التدريب ولم يعترضهم أحد من الأجهزة الأمنية.
3. قرابة الساعة 21:30 مساءً تجمهر عدد من المواطنين يُقدر في البداية بنحو 30 مشارك/ة عند دوار المنارة من جهة شارع ركب، وحال عناصر الشرطة دون وصولهم إلى دوار المنارة، وخاطب أحد عناصر الشرطة المتجمهرين بواسطة مكبر الصوت؛ طالباً منهم عدم التجمع في منطقة دوار المنارة، وبعدها ببضع دقائق قام عناصر الشرطة الذين يحملون الهراوات والمتاريس البلاستيكية بدفع المتجمهرين بواسطة المتاريس باتجاه بداية شارع الحسبة.
4. بعد لحظات تجمع ما يزيد على خمسين مشارك/ة على الرصيف قرب دوار المنارة وتحديداً عند عمارة اللؤلؤة، ومن ثم قاموا بالهتاف “بالروح بالدم نفديك يا غزة” ورفعوا لافتات تطالب برفع العقوبات عن قطاع غزة، وعندها قام عناصر الأجهزة الأمنية “بالالتحام المباشر” مع المتظاهرين ودفعهم بالمتاريس وضربهم بالهراوات، وجرى إلقاء قنابل صوتية وقنابل الغاز المسيّل للدموع، سقط بعضها بين المشاركين/ات في التظاهرة السلمية، وبعضها الآخر بين المواطنين الذين كانوا يقومون بالتسوق في شارع ركب، وقد شوهت قنابل الغاز في أماكن تبعد أكثر من عشرين متراً عن مكان تواجد الأجهزة الأمنية، رغم أن المتظاهرين السلميين لم يتواجدوا فيها.
5. أعاد المشاركين/ات في المسيرة السلمية تجميع صفوفهم، عدة مرات، وكانوا يهتفون “بالروح بالدم نفديك يا غزة” ويحملون لافتات تطالب برفع العقوبات عن غزة، وفي كل مرة كانوا يتجمعون فيها كانت الأجهزة الأمنية تتصدى لهم/ن بالضرب بالهراوات، وقنابل الصوت والغاز، وجرى سحل عدد من المشاركات والمشاركين في المسيرة السلمية في الشارع، ونقل عدد من المشاركات والمشاركين إلى طوارئ مجمع فلسطين الطبي، وقد أكدت التقارير الموثقة والمتابعات الميدانية داخل مجمع فلسطين الطبي وجود عشر إصابات تتلقى العلاج داخل المجمع لمشاركين/ات من جراء الضرب بالهراوات، والسحل في الشارع، ورش الفلفل واستنشاق الغاز المسيّل للدموع.
6. وفقاً لإفادة السيدة سميرة عثمان، التي أصيبت بقنبلة صوت مباشِرة في قدمها اليسرى واستنشقت كمية من الغاز المسيل للدموع؛ وهي تعاني من مرض الربو، وجرى نقلها إلى طوارئ مجمع فلسطين الطبي، فإن الشرطة الفلسطينية صادرت بطاقات هويات الشابات والشبان المصابين أثناء وجودهم/ن في قسم الطوارىْ، وأمرتهم بمراجعة نقطة الشرطة التي تبعد نحو عشرة أمتار عن مدخل المجمع الطبي. فيما أكدت السيدة رلى أبو دحو في إفادتها أنها أصيبت من جراء قيام أحد الأشخاص من ذوي “القبعات البيضاء” برش غاز الفلفل في وجها واستنشاقها للغاز المسيّل للدموع، وأنها وصلت إلى طوارئ مجمع فلسطين الطبي بسيارة الإسعاف ولم ترغب في العلاج بعد مشاهدتها العديد من عناصر الشرطة يتحركون داخل المجمع الطبي ويقومون بمصادرة الهويات.
7. وفقاً للإفادات الميدانية، وشهود العيان، فإنه وعند الساعة 22:30مساءً تقريباً قام “ذوو القبعات البيضاء” باحتجاز ما يقارب 15 مشارك/ة في المسيرة السلمية داخل موقف للسيارات يقع مقابل بريد رام الله، واعتدوا عليهم/ن بالضرب بالأيدي، وتلفظوا بألفاظ نابية بحقهم؛ وبخاصة بحق الفتيات اللواتي احتجزن هناك.
8. أكدت الإفادات والمتابعات الميدانية مع عدد من الأشخاص الذين أُفرج عنهم على خلفية اشتراكهم في المسيرة السلمية أن مجموع المعتقلين ممن شارك في المسيرة بلغ (56) معتقلاً آخرهم كان السيد ليث أبو زياد، فيما أكد المعتقل محمود نواجعة بإفادته أنه قد سمع إسم ورقم المعتقل أبو زياد على أجهزة اللاسلكي التابعة للشرطة الفلسطينية، فيما أكد عدد من المعتقلين في إفاداتهم بأن عملية الإعتقال كانت تتم على دفعات، وأول محطة للاعتقال كانت “معسكر الأمن الوطني” الواقع في البالوع بالبيرة بجانب حديقة الاستقلال، ومن ثم يجري التحقيق مع المعتقلين، وبنتيجة التحقيق يتم تحويلهم إلى مركز احتجاز الشرطة في البالوع ومراكز احتجاز تابعة لأجهزة أمنية أخرى، وقد وصلت آخر دفعة من المعتقلين إلى معسكر الأمن الوطني قرابة الساعة الرابعة صباحاً، وجرى إطلاق معظم المعتقلين، لكن لا يوجد تأكيد من لغاية الآن بأن جميع المعتقلين أُطلق سراحهم.
إزاء الجرائم التي ارتكبت بحق المشاركين/ات في حراك “إرفعوا العقوبات عن غزة” وعدم اكتراث دولة رئيس الوزراء وزير الداخلية والجهات المختصة برسالة مؤسسات المجتمع المدني المؤرخة في 13/6/2018 التي طالبت بتوفير الحماية للمشاركين/ات في التجمع السلمي، وكذلك بالبيان الصادر عن المؤسسات بهذا الخصوص، فإن إئتلاف مؤسسات عدالة يطالب ويؤكد على ما يلي:
1. إقالة رئيس الوزراء وزير الداخلية نتيجة تقصيره الذي أدى لارتكاب جرائم بحق المشاركين/ات في المسيرة من ضرب بالهراوات وسحل في الشوارع وإصابات في صفوفهم/ن ونقل عدد منهم إلى المستشفى للمعالجة، كون الحكومة مسؤولة مسؤولية تضامنية عن أفعالها بموجب القانون، كما ويتحمل وزير الداخلية تبعات تقصيره.
2. إقالة مدير عام الشرطة الفلسطينية نتيجة تقصيره في حماية المشاركين/ات في المسيرة السلمية خلافاً لأحكام القانون الأساسي وقانون الاجتماعات العامة لعام 1998 الذي يُنيط مسؤولية حمايتهم/ن بجهاز الشرطة.
3. إقالة مستشار السيد الرئيس لشؤون المحافظات نتيجة إصداره تعميماً غير دستوري وغير قانوني، وينتهك أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي انضمت إليه دولة فلسطين بدون تحفظات، ويشكل جريمة دستورية موصوفة في القانون الأساسي المعدل، وأدى بالنتيجة لارتكاب جرائم بحق المشاركين/ات في المسيرة السلمية. بل وجرى تنفيذ هذا التعميم بشكل ينطوي على تمييز على أساس الرأي محظور في القانون الأساسي، وذلك بالسماح للأشخاص ذوي “القبعات البيضاء” بالتجمع في محيط المنارة والهتاف تأييداً ومبايعة للسيد الرئيس؛ والسماح أيضاً بتجمع سلمي آخر جرى على (دوار الشهداء) في مدينة نابلس لذات الغاية.
4. تشكيل خلية أزمة من بين مؤسسات ائتلاف عدالة لبحث التدهور الخطير في حالة حقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزة في مختلف مستوياتها، ومواجهة العقوبات المفروضة على قطاع غزة منذ نيسان 2017، واستخدام مختلف أدوات المناصرة المحلية والدولية للدفاع عن حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، وفي مقدمتها رفع العقوبات عن قطاع غزة بشكل كامل دون قيد أو شرط، على أن تبقى خلية الأزمة في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات ومستجدات حالة حقوق الإنسان على الأرض.
5. مطالبة النائب العام المدني بتحريك ومباشرة دعوى الحق العام بحق مستشار السيد الرئيس لشؤون المحافظات لإصداره تعميماً يُشكل جريمة دستورية بموجب القانون الأساسي الفلسطيني المعدل، أدى بالنتيجة إلى ارتكاب الأجهزة الأمنية الفلسطينية وغيرها جرائم بحق المشاركات والمشاركين في المسيرة السلمية.
6. مطالبة النائب العام المدني بفتح تحقيق جزائي بحق عناصر الأجهزة الأمنية والملثمين وذوي القبعات البيضاء الذين ارتكبوا جرائم بحق المشاركين/ات في المسيرة السلمية، والكشف عن هوية “ذوي القبعات البيضاء” الذين تحركوا طوال الوقت، واعتدوا على المتظاهرين، أمام الأجهزة الأمنية؛ ولم تُحرك ساكنا لحماية المواطنين/ات.
7. إطلاق سراح كافة المحتجزين تعسفياً على خلفية ممارسة حقهم في التجمع السلمي والتعبير عن رأيهم بحرية، واللجوء إلى “التقاضي الاستراتيجي” بكافة أدواته في التعامل مع أيّ ملف جزائي يُحال للقضاء لأيّ من المشاركات والمشاركين الذين جرى اعتقالهم/ن على خلفية المسيرة السلمية التي طالبت برفع العقوبات عن قطاع غزة.