مرايا – توقع خبراء أمنيون انخفاض قضايا المخدرات في المملكة خلال الفترة القادمة، نسبة للحجم الكبير لقضايا تهريب المخدرات التي تعاملت معها محكمة أمن الدولة وإدارة مكافحة المخدرات خلال السنوات السبع الماضية، رابطين هذه التوقعات بعودة الجيش السوري للسيطرة على حدوده الجنوبية مع الأردن ومناطق الجنوب السوري.
هذه التوقعات تتعلق – كما يشير قادة أمنيون سابقون- بأن عودة الجيش السوري للحدود وضبطها وضبط المناطق التي كانت أو تقع حاليا بأيدي التنظيمات المسلحة بالجنوب السوري، ستنهي الفوضى والانفلات الامني الذي عاشته تلك المناطق خلال السنوات السبع الماضية، ما هيأ الفرصة لانتعاش تجارة المخدرات وتهريبها، بل وصناعتها.
وتذهب الترجيحات الى انخفاض نسبة قضايا التهريب للمخدرات الى نحو 70 % نسبة لحجم القضايا التي تعاملت معها الأجهزة الأمنية الأردنية في الفترة الماضية.
ويوضح الخبراء ان وجود جيش منظم (الجيش السوري) في الطرف المحاذي للحدود الشمالية والشمالية الشرقية للمملكة، يساعد في ضبط الحدود من الجانب السوري، والحد من تهريب المخدرات للاردن، ناهيك عن الحد من قضايا تمس الامن الوطني الاردني كالارهاب والتسلل وتهريب الاسلحة واللاجئين، ما “سينعكس ذلك ايجابا على أمن المواطن الاردني، وتخفيض الفاتورة الامنية والعسكرية”.
وكشف مسؤول أمني رفيع في إدارة مكافحة المخدرات ، أن عدد قضايا المخدرات التي تعاملت معها الإدارة خلال عام 2010 أي قبل اندلاع الأزمة السورية، وصلت الى (3400) قضية، تنوعت ما بين “التعاطي والحيازة والترويج والاتجار والاستيراد”، لتتضاعف اثناء الازمة السورية، حيث ارتفعت أعداد قضايا المخدرات اربع مرات، بعد ان وصلت خلال عام 2017 الى (13900) قضية.
ويرى المسؤول الامني، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الانفلات الأمني الذي شهدته مدن سورية كثيرة، وتحديدا في الجنوب السوري “شجع تجار المخدرات على انتهاز الأزمة الأمنية، وعدم وجود مؤسسات أمنية وعسكرية لممارسة قضايا المخدرات ابتداء من إنشاء مصانع لهم، ومن ثم إعداد المخدرات ومحاولة تهريبها للاراضي الاردنية، ومن ثم الى دول الاستهلاك”.
ولفت الى ان القوات المسلحة الاردنية “كانت تتولى حماية حدودها وحماية حدود دول مجاورة لمنع وصول المخدرات الى أراضيها الأمر الذي رفع من الكلفة الامنية والعسكرية في حماية الامن الوطني، فضلا عما تطلبته العملية الأمنية من زيادة في عدد المرتبات وتدريبها وزيادة عدد الآليات”.
يشار إلى أن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة كانت، أعلنت عن إحباط عشرات العمليات المسلحة مع ارهابيين وتجار مخدرات اثناء محاولة التسل من الاراضي السورية الى الاراضي الاردنية وبحوزتهم كميات كبيرة من المواد المخدرة والاسلحة.
العين واللواء المتقاعد محمود ابو جمعة يرى ان هناك انخفاضا “ستلمسه الاجهزة الامنية والعسكرية في الاردن بقضايا المخدرات، بعد تسلم الجيش العربي السوري لحدود بلاده”، لكن توقع ان يكون هذا الانخفاض “تدريجيا وليس هبوطا سريعا بمعدل قضايا المخدرات”.
واضاف ، ان تجار المخدرات “لهم خطوطهم على الحدود، ومن المؤكد ان لديهم علاقات بالتنظيمات الارهابية والفصائل المسلحة المتواجدة في الجنوب السوري، تساعدهم بحماية قوافلهم لحين التسلل الى الاردن”، مشيرا الى ان الاردن يعد من “دول المرور” في قضايا المخدرت، وبالتالي سيكون هناك انخفاض ملحوظ في تهريب المخدرات من الاراضي السورية الى الاراضي الاردنية.
واشار ابو جمعة الى ان “وجود جيش منظم يرتبط باتفاقيات حدودية مع الجيش الاردني، سيساعد على ضبط العملية الامنية وسيخفف العبء على الاردن”، موضحا ان العصابات المسلحة والتنظيمات الارهابية التي كانت تسيطر على الجنوب السوري “ربما كانت السبب كما هو واضح في تهريب كميات كبيرة من المخدرات سنويا خلال الازمة السورية”.
ويؤيده في ذلك العميد المتقاعد هاشم المجالي، والذي قال ان “من المؤكد تحقيق انخفاض في قضايا المخدرات بعد ضبط الحدود من قبل الجيش العربي السوري، خاصة وان موضوع الحدود يرتبط بالتنسيق والتعاون، ويتم ذلك من خلال اتفاقيات بين الدولتين، وهذا سينعكس ايجابا بانخفاض معدل تهريب المخدرات وكل ما يمنعه القانون”.
وزاد “وجود المؤسسة العسكرية والامنية في اي مكان من الطبيعي ان يؤدي الى انخفاض معدلات الجريمة، كونها عاملا رئيسا في ضبط العملية الأمنية”.
وشدد العميد المجالي ، ان القضايا الامنية التي عانى منها الاردن طوال فترة الازمة السورية “مرجح ان تنخفض حتما بوجود ضبط وسيطرة عسكرية من الجانب السوري، كون الاردن تعتبر في العرف الدولي دولة ممر للمخدرات”. وقال “كلما زاد التنسيق والتعاون بين الجانبين العسكريين على الحدود سيؤدي ذلك الى انخفاض ملموس وواضح في قضايا التهريب بشكل عام ومنها المخدرات بشكل خاص”.
اما العميد المتقاعد نايف الجالودي فيرجح هو الآخر انخفاضا مؤكدا في محاولات وعمليات التهريب للمخدرات من سورية الى الأردن خاصة في بداية عودة السيطرة السورية على الحدود ومناطق الجنوب، لكنه لا يستبعد أن “لا يستمر هذا الوضع طويلا، كون تجار المخدرات سيسعون لمحاولة تطوير أدواتهم وعلاقاتهم لاستمرار تجارتهم الحرام وتواصل عمليات التهريب”.
واضاف الجالودي ان تجار المخدرات “يستخدمون كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة بغية نجاح تجارتهم بهذه الآفة، فهم يتعاونون من التنظيمات الإرهابية والعصابات المسلحة، وكذلك هم على استعداد على محاولة اختراق العاملين في المؤسسات الرسمية مقابل تهريب مخدراتهم”.
وأنهى العميد الجالودي حديثه لـه بالقول انه في الوقت الراهن “لا بد أن مهربي المخدرات في سورية بحالة تريث وترقب للمشهد الأمني والعسكري في الجنوب السوري، سيما بعد سيطرة الجيش السوري، وكونهم يحفظون الطرق والخطوط الحدودية المؤدية الى الاراضي الاردنية من الجانب السوري، ولهذا فهم لن يتورعوا عن العودة لمحاولات التهريب، ما يتطلب استمرار اليقظة الأمنية”.