مرايا – قال البنك المركزي الأردني إن البنوك في الأردن تتمتع بمؤشرات مالية صحية وسليمة، من حيث ارتفاع نسبة كفاية رأس المال وانخفاض نسبة الديون المتعثرة، وارتفاع معدلات الربحية وتمتع البنوك بمستوى مريح من السيولة.
وأضاف في تقرير الاستقرار المالي لعام 2017، الذي أصدره اليوم السبت، أن الأردن احتل المرتبة الثالثة من بين 19 دولة أوروبية في مؤشر استقرار القطاع المصرفي؛ حيث تمت المقارنة مع الدول الأوروبية لعدم وجود دول عربية طورت مثل هذا المؤشر باستثناء دولة واحدة.
ويأتي إصدار المركزي تقريره هذا لإلقاء الضوء على التطورات التي يشهدها القطاع المصرفي والمالي في الأردن والجهود المبذولة لمواصلة الارتقاء به، فضلا عن تقييم أدائه والوقوف على المخاطر التي قد تواجهه، ويقصد بالاستقرار المالي تعزيز قدرة البنوك والمؤسسات المالية الأخرى على مواجهة المخاطر والحد من أي اختلالات هيكلية، حيث بموجب القانون المعدل لقانون البنك المركزي لسنة 2016، تم توسيع أهداف البنك وذلك بالنص بشكل صريح على أن من أهدافه المحافظة على الاستقرار المالي إلى جانب الاستقرار النقدي.
وقال التقرير إن نتائج اختبارات الأوضاع الضاغطة، التي تستخدم لقياس قدرة البنوك على تحمل الصدمات، بينت أن القطاع المصرفي الأردني قادر على تحمل الصدمات والمخاطر المرتفعة، بما في ذلك فرضيات تفاقم الظروف السياسية والاقتصادية المحيطة بالمملكة وتأثيرها بشكل أكبر على الظروف الاقتصادية والمالية في الأردن.
وأضاف أن التسهيلات الممنوحة للأفراد ارتفعت عام 2017 بنسبة 2ر8 بالمئة لتصل إلى 5ر9 مليار دينار، تشكل ما نسبته 38 بالمئة من تسهيلات البنوك، علما بأن وتيرة النمو في تسهيلات الأفراد انخفضت في عام 2017 مقارنة مع السنوات السابقة حيث نمت خلال عامي 2015 و2016 بنسبة 2ر11بالمئة و13 بالمئة على التوالي.
وأشار التقرير إلى أن تسهيلات الأفراد تتكون بشكل رئيسي من القروض السكنية بمبلغ 2ر4 مليار دينار والسلف الشخصية بمبلغ 1ر3 مليار دينار، وقروض السيارات بمبلغ 2ر1 مليار دينار وقروض استهلاكية بمبلغ نصف مليار دينار وبطاقات ائتمان بمبلغ 200 مليون دينار، وانخفضت نسبة الاقتراض/الدخل لفئة الأفراد المقترضين من البنوك إلى 4ر67 بالمئة في عام 2017 مقارنة مع 3ر69 بالمئة في عام 2016، وهو مؤشر إيجابي يدل على تراجع مخاطر مديونية الأفراد على الأفراد أنفسهم وعلى القطاع المصرفي.
وبين أن هذه النسبة لا تقيس مستوى عبء الدين على المقترض ولا تعني أن جميع الأردنيين مدينون بما نسبته 4ر67 بالمئة من دخلهم، بل تعني أن كامل رصيد مديونية الأفراد المقترضين يشكل هذه النسبة من الدخل السنوي المتاح لهم.
وأشار التقرير إلى ارتفاع تسهيلات الشركات الكبرى في عام 2017 بنسبة 11 بالمئة إلى حوالي 6ر9 مليار دينار، تشكل ما نسبته 1ر38 بالمئة من تسهيلات البنوك.
كما ارتفعت التسهيلات الممنوحة للشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 5ر5 بالمئة في 2017 لتصل إلى 1ر2 مليار دينار، تشكل 8 بالمئة من تسهيلات البنوك، منوها أن جهود ومبادرات البنك المركزي في توفير التمويل الميسر لهذا القطاع هي التي ساهمت في هذا الارتفاع.
وقال التقرير إن البنك المركزي الأردني اتخذ العديد من الإجراءات لحماية عملاء البنوك والمؤسسات المالية، أهمها إصدار تعليمات التعامل مع العملاء بعدالة وشفافية، وإنشاء دائرة مستقلة لحماية المستهلك المالي ليشمل ذلك حماية عملاء البنوك وجميع المؤسسات المالية الخاضعة لرقابة البنك المركزي، علما بأن البنك أصدر أخيرا تعليمات لحماية عملاء شركات التمويل الأصغر، كما قام بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم وبعض مؤسسات المجتمع المحلي بتنفيذ برامج لنشر الثقافة المالية في المجتمع والتي من أهم أهدافها زيادة الوعي لدى الأفراد حول حجم الاقتراض المناسب نسبة لدخلهم، وبأن اللجوء للاقتراض يكون للأمور الضرورية مع ضرورة التأكد من قدرة الفرد على سداد مديونيته وبحيث لا تشكل مديونيته عبئا عليه على المدى الطويل.
وذكر التقرير أن 95 بالمئة من الشركات قادرة على الاستمرار بخدمة مديونيتها بافتراض حدوث بعض الصدمات المالية المتمثلة بارتفاع أسعار الفائدة أو انخفاض ربحية الشركات، إلا أن قطاع الشركات العقارية هو الأكثر تأثرا بهذه الصدمات.
وبين أن التسهيلات العقارية أو بضمانات عقارية شكلت ما نسبته 4ر32 بالمئة من إجمالي التسهيلات الممنوحة من قبل البنوك في نهاية عام 2017، مقابل ما نسبته 3ر33 بالمئة في نهاية عام 2016 و6ر35 بالمئة لعام 2015، مما يدل على تراجع تعرض البنوك لمخاطر القطاع العقاري.
وحسب التقرير، فقد بلغت التسهيلات الائتمانية الممنوحة للقطاع العقاري لأغراض سكنية وتجارية ما قيمته 29ر5 مليار دينار في نهاية عام 2017 تشكل 6ر21 بالمئة من إجمالي التسهيلات الممنوحة من قبل البنوك مقارنة مع 96ر4 مليار دينار في نهاية 2016 وبنسبة نمو حوالي 5ر6 بالمئة، وهي نسبة نمو أقل من نسبة نمو إجمالي التسهيلات بشكل عام والتي بلغت لعام 2017 حوالي 8 بالمئة.
وقال التقرير إن السوق العقاري بدأ في عام 2017 بالتأثر بتداعيات تباطؤ النشاط الاقتصادي في المملكة والتطورات السياسية والاقتصادية في المنطقة بشكل أوضح من السنوات السابقة، حيث انخفض حجم التداول العقاري في عام 2017 بنسبة 1ر14 بالمئة وانخفض مؤشر أسعار العقارات بنسبة 9ر0 بالمئة، إلا أن الانخفاض في مؤشر الأسعار ما زال بسيطا ولا يدعو للقلق في الوقت الحالي خاصة مع إدراك البنوك لهذه المخاطر الذي انعكس في تراجع تعرض البنوك لمخاطر القروض العقارية والضمانات العقارية.وأشار التقرير إلى إطلاق البنك المركزي للاستراتيجية الوطنية للشمول المالي 2018 – 2020، والتي حددت 5 محاور رئيسة للاستراتيجية وهي: التثقيف المالي، حماية المستهلك المالي، المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خدمات التمويل الأصغر، والمدفوعات الرقمية.
وقال إن الأردن شهد تطورا كبيرا في مجال التكنولوجيا المالية والابتكار أو ما يعرف بـ (Fintech)، نتيجة امتلاك الأردن بيئة استثمارية تدعم الابتكار، وارتفاع الطلب على التكنولوجيا المالية في السوق الأردني؛ حيث أصبحت العديد من الخدمات المالية والمصرفية تعتمد في إنجازها على التكنولوجيا المالية.
وفي سبيل ذلك، أعلن البنك المركزي دعمه للمبادرات والابتكارات التي تستخدم أحدث التكنولوجيا العالمية، خاصةً التي تعزز من إمكانية الوصول إلى الخدمات المالية الرقمية بيسر وكفاءة وأمان، مع الأخذ بالاعتبار ضرورة تعزيز الأمن السيبراني الإلكتروني للخدمات المالية بشكل عام.
يشار إلى أن البنك المركزي أطلق في بداية العام الحالي 2018 الدليل الناظم لمختبر ابتكارات التكنولوجيا المالية التنظيمي FinTech Regulatory Sandbox، وذلك بهدف إيجاد حاضنة لرواد الأعمال لدعم وتشجيع الابتكار والتطوير في مجال التكنولوجيا المالية، بما يعزز من التنافسية في مجال الخدمات المالية الرقمية، والكفاءة والفاعلية والأمان في حركة انتقال الأموال، وتعزيز الوصول للخدمات المالية الرسمية مع الحفاظ على نزاهة واستقرار القطاع المالي وحماية حقوق وبيانات المستهلك المالي.
وبين التقرير أن التكنولوجيا المالية لا تشكل تهديدا على الاستقرار المالي في الوقت الحالي بسبب صغر حجمها وترابطها المحدود مع المؤسسات المالية، وأنه من السابق لأوانه تقديم تقييم نهائي للمخاطر أو الفوائد الشاملة المرتبطة بالتكنولوجيا المالية في هذا الوقت، إلا أنه وبالرغم من أهمية التكنولوجيا المالية في تعزيز الاستقرار المالي والشمول المالي فإنها قد تجلب مخاطر جديدة للنظام المالي خاصة إذا استمرت بالنمو بوتيرة عالية.
وقال التقرير إنه، وفي ضوء ذلك، يتوجب على البنوك المركزية والهيئات الرقابية أن ترصد عن كثب التطورات الحاصلة في صناعة التكنولوجيا المالية، لتتمكن بدورها من تطوير وتحسين الإطار التشريعي والتنظيمي والرقابي للتكنولوجيا المالية للحد من المخاطر المحتملة.
وعمل البنك المركزي على نشر تقرير الاستقرار المالي لعام 2017، على موقعه الإلكتروني على شبكة الأنترنت www.cbj.gov.jo.