مرايا – قلق وترقب يرتسمان على وجوه اللاجئين السوريين في “مخيم الزعتري” ، يخيّمان على أحاديثهم اليومية، في ظل اجتماعات دولية تبحث عن آليات مناسبة لتنفيذ ذلك.
فقد باتت العودة إلى سوريا مرتبطة بحالة من الخوف تضع نحو 80 ألف لاجئ في مواجهة خيار قسري، فرضته الحرب المستعرة في بلادهم منذ نحو 7 سنوات.
مراسل الأناضول زار “مخيم الزعتري” الواقع بمحافظة المفرق ، وهو يعتبر من أكبر مخيمات اللجوء الخاصة بالسوريين في المملكة الهاشمية.
ورصد مدى استعداد عدد من اللاجئين الذين التقاهم للعودة إلى بلادهم، بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها عقب سيطرة النظام المدعوم من روسيا على جزء كبير من محافظة درعا (جنوباً).
واتفق معظم اللاجئين السوريين في المخيم، ممن التقتهم الأناضول، على رغبتهم “الشديدة” في العودة إلى بلادهم في أسرع وقت ممكن، لكنهم اعتبروا أن كثيرا من الأسباب تمنعهم من ذلك.
وأوضحوا أن أبرز العقبات التي تعترض عودتهم حاليا، هو “دمار بيوتهم التي ستبقيهم متشردين داخل سوريا، واستمرار الحرب هناك، وعدم الثقة بتطمينات النظام للراغبين في العودة”.
“علي الصلخدي” (33 عاماً) من قرية جاسم، يقول للأناضول: “العودة في الوقت الحالي أمر غير وارد بالنسبة لي، فالوضع أخطر من السابق مع وجود الروس (يدعمون النظام) في درعا”.
“الصلخدي” أب لأربعة أولاد، أكبرهم في عمر 11 عاماً، ويرى أن عودته الآن ستكون خطراً على حياتهم التي كانت سببا في خروجه من سوريا.
ويضيف: “أعمل في الأردن بمحطة لغسيل السيارات مقابل أجره يومية لا تتعدى 5 دنانير (7 دولار)، وهو مبلغ زهيد جداً، ومن غير الممكن أن أتمكن من جمع مبلغ يعينني على إعادة بناء بيتي التي دمرته الحرب”.
ورغم الحديث عن عودة، فإن “الصلخدي” لم يتعرض لأي ضغوطات أردنية بخصوص ذلك، كما يقول.
ويوم الخميس الماضي، أكد وزير الخارجية أيمن الصفدي، خلال لقائه وفداً روسياً، بأن بلاده تشجع العودة الطوعية وتدعم جهود توفير الظروف الملائمة لذلك.
أما فاطمة المكّناة “أم محمد”، كما عرّفت نفسها، فتؤكد أنها لا ترغب بالعودة إلى سوريا نهائياً، “فنحن هربانً خوفاً من الحرب، وهي لم تنتهِ بعد.. فلماذا أفكر بالعودة؟”
وعن وضعهم في الأردن تقول: “نحن مبسوطين ومرتاحين هنا، وعندما نعود لسوريا ستجد الحواجز الأمنية في أي مكان. لم يتبقَ لنا بيوت هناك. الزعتري أصبح بيتنا”.
وتضيف: “نحن السوريون نسمع من بعضنا بأنهم يريدون تهجيرنا، فنقلق ونخاف رغم أن رسائل وردتنا من مفوضية شؤون اللاجئين تؤكد بأن العودة طوعية”.
لاجئ آخر يدعى إسماعيل عزوز (42 عاماً) من قرية نوى، يقول: “لو خيرت بين العودة إلى سوريا والبقاء هنا (في الأدرن)، بالتأكيد لن أعود؛ لأن تطمينات النظام والروس غير كافية”.
ويرى أنه “ليس لهم ثقة ولا أمان. أنا لا أخاف على نفسي، وإنما على أبنائي”.
وزكريا البقاعي (32 عاماً) من قرية “الحراك”، رهن هو الآخر عودته إلى سوريا باستقرار الأوضاع فيها، مُشيراً إلى أنه “ليس فينا من يكره العودة إلى بيته، لكن لا أعتقد أن الوقت مناسب لذلك”.
ولم يختلف حسن حرب (40 عاماً) في موقفه، مؤكداً أنه لا يرغب في العودة ولا يفكر في ذلك، كما يقول.
في حديث للأناضول، يقول العميد أحمد الكفاوين، مدير مديرية شؤون اللاجئين السوريين (تتبع لوزارة الداخلية): “نحن مستمرون في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية بالتعاون مع الشركاء وعلى رأسهم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ونعمل تحت مظلة وزارة الداخلية”.
وشدد الكفاوين “لا يوجد أي توجه لإعادة قسرية لإخواننا السوريين إلى بلادهم، ونأمل باستقرار الأمن والأوضاع هناك وعودتهم بشكل طوعي إليها”.
والأمر ذاته، أكده وزير الخارجية شوؤون المغتربين أيمن الصفدي، في لقاءاته المختلفة مع أصحاب العلاقة بهذا الشأن.
من جهته، يؤكد محمد الحواري، متحدث مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لالأردن، أن “خيار العودة قرار اللاجئ، ولن يكون هناك أي أمر قسري”.
ويوضح للأناضول أن عملية بدء العودة الطوعية لم تبدأ بعد، حيث أن الشروط الأساسية من أمن واستقرار غير متوفرة، ومن المبكر الحديث ذلك.
والأربعاء الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية إرسال فرق إلى تركيا والأردن ولبنان، لبحث عودة السوريين إلى بلادهم.
ويُعد مخيم “الزعتري”، أكبر مخيمات اللجوء الخاصة بالسوريين في الأردن، ويضم نحو 80 ألف لاجئ سوري.
ويرتبط الأردن مع جارته الشمالية سوريا بحدود طولها 375 كلم، ما جعل المملكة من بين الدول الأكثر استقبالا للسوريين، بعدد بلغ 1.3 مليونا، نصفهم يحملون صفة “لاجئ”.