مرايا – في الوقت الذي يستعد فيه المسلمون في أنحاء العالم لعيد الأضحى، بات قطاع كبير من الفلسطينيين بقطاع غزة غير قادرين على شراء الأضحية أو توفير مستلزمات العيد، نظراً للأزمة الاقتصادية التي تضرب مفاصل القطاع الحيوية.
وفي الوقت نفسه، يشكو تجّار المواشي في غزة من إحجام المواطنين الفلسطينيين عن شراء الأضاحي لهذا العام، جراء تردّي الأوضاع الاقتصادية وانعدام القدرة الشرائية لديهم.
وشكّل ارتفاع أسعار السوق العالمي للحوم الحمراء سبباً يضاف إلى إحجام الغزيين عن شراء الأضاحي لهذا العام.
ويصف التجّار حركة سوق المواشي قبيل أيام من عيد الأضحى بـ”الأسوأ” على الإطلاق.
ويعيش أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، ويعانون من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية؛ جرّاء استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض لأكثر من 11 عاما.
ووفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي) لعام 2017، يعاني نحو 53 بالمائة من سكان غزة، الفقر، فيما قالت الأمم المتحدة، العام الماضي، إن 80 بالمائة منهم يتلقون مساعدات إنسانية عاجلة.
وتفرض إسرائيل حصارا بريا وبحريا على قطاع غزة، منذ فوز حركة “حماس” بالانتخابات البرلمانية عام 2006، وشددته عقب سيطرة الحركة على القطاع كليا عام 2007.
وبحزن شديد، قالت المواطنة الفلسطينية سها فايز (28 عاماً) من مدينة غزة، إن زوجها لن يشتري أضحية العيد هذا العام.
وتابعت في حديثها لمراسلة “الأناضول”: “اعتدنا في الأعياد السابقة على شراء الأضاحي حيث كان يتوفر لدينا مردود من الدخل يعيننا على ذلك، لكن اليوم مع الخصومات التي شهدتها راتب زوجي (موظف في السلطة الفلسطينية) لن نكون قادرين على ذلك”.
وأوضحت أن الخصومات التي تعرّضت لها رواتب موظفي “السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، فاقمت من تردي الأوضاع الاقتصادية بالقطاع”.
ولفتت إلى أنها بالكاد بات ذلك الراتب يكفي لتوفير المستلزمات الأساسية للحياة، إلى جانب دفع “أجرة المنزل”، التي تستنزف نصف ما تبقى منه.
وتبيّن أن العيد لهذا العام “سيكون مختلفاً تماماً وشاحباً، بسبب تردي الوضع الاقتصادي”.
ومنذ أبريل/ نيسان 2017، تفرض السلطة الفلسطينية خصومات مالية على رواتب موظفيها في قطاع غزة تصل من 30-50% للفرد الواحد.
** العام الأسوأ
من جانبه، قال طاهر أبو حمد، مدير الانتاج الحيواني بوزارة الزراعة الفلسطينية في قطاع غزة: “هذا العام الأسوأ الذي يمر على سوق المواشي بغزة، حيث تعتبر حركة السوق الأقل والأضعف مقارنة بالأعوام السابقة”.
وفي مثل هذا الوقت من كل عام، يستهلك قطاع غزة ما يزيد عن 14 ألف رأس من الماشية (أبقار)، وأكثر من 30 ألف رأس من الأغنام، بحسب أبو حمد.
لكن اليوم، قال أبو حمد إن حجم الاستهلاك تراجع، حيث وصل إلى 8 آلاف رأس من الماشية، وأقل من 20 ألف رأس من الأغنام.
كما تراجع حجم استيراد المواشي من خارج قطاع غزة، حيث سجّل سوق المواشي استيراد نحو 25 ألف رأس من الماشية في مثل هذا الوقت من العام الماضي.
لكن تلك الكميات تراجعت لتصل إلى (15-16) ألف رأس فقط لهذا العام، كما قال أبو حمد.
المسؤول ذاته، أوضح أن “مستوردي المواشي يتخوفون من استيراد كميات كبيرة من المواشي، في ظل انعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين، ما يتسبب بتكبّدهم خسائر مالية”.
وأرجع أبو حمد ضعف إقبال المواطنين الفلسطينيين على شراء الأضاحي لهذا العام لعدة أسباب أبرزها الأزمة الاقتصادية التي يعيشها قطاع غزة.
وتابع:” الأزمة مستمرة، وهي الأصعب والأشد لهذا العام والتي فاقمتها مشكلة خصم رواتب موظفي السلطة الفلسطينية بغزة”.
وأشار إلى أن ضعف أداء القطاع الخاص بغزة وتراجع دخل الفرد الواحد تسبب أيضاً بقلة الإقبال على شراء المواشي.
واستكمل قائلاً:” إضافة إلى أزمة الكهرباء التي تؤثر بشكل غير مباشر في ذلك الجانب، حيث توثر على وسائل حفظ اللحوم في فترة الأعياد؛ فيتخوف المواطنين من فساد لحوم الأضاحي جرّاء انقطاع التيار لفترات طويلة ما يتسبب بإحجامهم عن شرائها”.
وبيّن أبو حمد، أن أسعار المواشي بغزة ارتفعت لهذا العام تزامناً مع ارتفاع أسعار السوق العالمي للحوم الحمراء.
ولفت إلى ارتفاع سعر الكيلو الواحد من لحوم المواشي من (4-4.5 دولار) العام الماضي، إلى (4.8-5.4 دولار) هذا العام.
فيما ارتفع سعر الكيلو الواحد من الأغنام من (4.5-6.5 دولارات) العام الماضي، إلى (6.5- 7 دولارات) هذا العام.
**ركود في سوق المواشي
بدوره، قال شادي نصر، تاجر مواشي، من شمالي قطاع غزة: “سوق المواشي لهذا العام يشهد تراجعاً ملحوظاً في الإقبال على شراء الأضاحي”.
وذكر نصر للأناضول، أن المواطن الفلسطيني بغزة يحجم عن شراء الأضحية بسبب تردي الوضع الاقتصادي، وانعدام قدرته الشرائية.
وتابع:” من إجمالي المواشي لديّ والبالغ عددها 120 رأساً ، بعت حتّى اللحظة 30 رأساً فقط”.
وبيّن أن المواطنين الذين كانوا يشترون خروفيْن قبيل العيد، باتوا يشترون خروفاً واحداً، ومن كان يشتري عجلاً بات يشتري خروفاً.
وبسبب تردّي الأوضاع الاقتصادية وانعدام القدرة الشرائية، يلجأ بعض المواطنين إلى شراء الأضاحي بالتقسيط، وفق نصر.
ووصف نصر، وضع سوق المواشي والأضاحي لهذا العام بـ”السيء جداً”، مرجعاً ذلك إلى انعدام السيولة النقدية لدى المواطنين.
ولفت إلى أنه منذ 13 عاماً قضاها بالعمل في سوق المواشي لم يشهد الوضع الاقتصادي تدهوراً كالذي يشهده قطاع غزة اليوم.
بدوره، قال سعيد النادي، العامل في شركة النادي للأبقار، إن الشلل والركود يضرب سوق المواشي في قطاع غزة لهذا العام .
وتابع، في حديثه لوكالة “الأناضول”:” في هذا الوقت من كل عام كنت أبيع تقريباً 50 رأساً من العجول، لكن اليوم لديّ 100 عجل في الشركة، ولم أبع غير اثنين فقط”.
ويشكو النادي كغيره من تجّار المواشي من قلة إقبال المواطنين على شراء الأضاحي لهذا العام، مرجعاً ذلك إلى تردّي الأوضاع الاقتصادية.
ويقول إن “عددا كبيرا من المواطنين يقبلون على السوق لشراء الأضاحي بالتقسيط”.
وأشار إلى أنه قبل نحو 3 أعوام كان سوق الماشية خلال فترة عيد الأضحى أفضل من حيث الحركة التجارية.