مرايا – نسلّم أن الأردن وطن مستهدف، في أمنه وسياسته واقتصاده وبُناه الاجتماعية، ومثل هذا التسليم، لابد وأن يذهب بنا إلى محاولة تقييم الطريقة التي ندير بها اشتباكنا مع هذا الاستهداف.

نؤسس لتقييمٍ يفترض أن ينتهي إلى مقاربة عقلانية تعالج الخلل، نحدد الخصوم والأعداء؛ طبيعتهم، خلفياتهم الفكرية والعملياتية، أدواتهم وأساليبهم، وقبل كل ذلك؛ أن نحددهم، أهم دول أم تنظيمات أم أفراد؟

لأنه وببساطة، ليس من المنطق في شيء أن نشتبك مع عدوٍّ قبل أن نفهمه فهما عميقا، ونقدّر مسبقا، أهدافه وخططه وشكل حركته، وقبل أن نفترض، ودائما، أنه خطر لا يستهان به، حتى لو لم يكن كذلك بالفعل.

وإذا كانت خصومة الدول عبر المواجهة المباشرة، قابلة للتقدير، فإن خصومتها غير المباشرة، وخصومة التنظيمات والأفراد، ليست بالأمر السهل أو الهين، لأنها، بالتأكيد، ستكون أكثر غموضا وتعقيدا.

نُستَهدف مرارا وتكرارا وبأشكال متعددة ومتنوعة، وفي كل مرة من تلك المرات، لا يظهر أن الدروس والعبر المستخلصة من كل مرة، انعكست، عمليا وواقعيا، على المرة التالية بشكل كاف.. وهذه مسألة حساسة، بل وخطيرة، لأن الأصل، والمنطقي، أن تُراكم المعرفة والخبرة في كل مرة يحدث فرقا في شكل ونوع الاستجابة في كل مرة تالية.

إن التقييم الشامل هو المطلوب، والضروري، ومن المهم فيه أن نقيّم سبب عدم استفادتنا من التقييمات السابقة، تقييما يجب أن يطاول كل المستويات؛ الأمني، السياسي، الشعبي، والإعلامي، بما في ذلك ما يجري على وسائل التواصل الاجتماعي.

فالدول التي ترتبك من الداخل، أكان بفعل مؤثر داخلي أو خارجي أو من كليهما، ستعاني، باستمرار، من عدم القدرة على إحداث التماسك الداخلي الذي يفيدها في مواجهة أبسط الأزمات والتحديات، ويجعل استجابتها للأحداث على اختلاف أنواعها، استجابة “هشة”، وجدارها تملؤه الثقوب التي يمر منها الخصوم والأعداء.

الصمود منبعُه التماسك وتحويل التجارب وخلاصاتها إلى قواعد عمل قابلة للتطبيق، لأن “الفزعة” و”العشوائية” وإن أنجزت شيئا في مرة أو مرات، إلا أنَها، إذا بقيت هي الاستراتيجية التي نتكىء عليها الدولة في تسيير شؤونها ومواجهة الأزمات فإن نتائجها وخيمة.