مرايا – في الوقت الذي ما تزال فيه مشكلة نقص العمالة الزراعية تشكل عقبة كبيرة أمام تقدم القطاع، وأحد أهم الأسباب التي أدت الى تراجع المساحات المزروعة، وجه اتحاد مزارعي وادي الأردن الدعوة للمزارعين للاعتصام أمام وزارة العمل بعد غد احتجاجا على تعنت الوزارة بعدم السماح باستقدام العمالة الوافدة.
ومزق استمرار المشكلة أشرعة المزارعين الذين بدؤوا لتوهم التحضير الموسم الجديد؛ إذ إن نقص العمالة الزراعية أدى الى عجز عدد كبير من المزارعين عن البدء بعمليات تجهيز الأرض للزراعة.
ويرى المزارع طعان نافع، أن المزارعين يعانون منذ سنوات أوضاعا صعبة، نتيجة الخسائر المتلاحقة التي حدت من قدرتهم على زراعة أراضيهم لتأتي قرارات الحكومة لتزيد “الطين بلة”، مؤكدا أن الخاسر الأول والأخير من هذه القرارات هو المزارع والقطاع الزراعي ككل.
ويوضح نافع أن أجور العمالة الوافدة تستنزف ما يقارب ثلث إنتاج الموسم الزراعي لأي مزارع، وفي ظل الإجراءات الأخيرة، فإن هذه النسبة ارتفعت لتصل الى ما يعادل 50 %، مشيرا الى أن الأوضاع الصعبة، التي يعيشها المزارع؛ خاصة نقص السيولة، وارتفاع أجور العمال، جعلت من قدرته على مواصلة العمل أمرا صعبا للغاية.
ويبين عبدالحكيم الرماضنة، أن المزارع الآن يدفع ثمن سياسات حكومية غير مدروسة فاقمت من مشاكل المزارعين الذين يحاولون البقاء رغم الظروف القاهرة، موضحا أن المزارع لا يستطيع تحمل كلف العمالة الزراعية طوال العام لأن الزراعة في الأغوار موسمية ودفعه أجور العمال خارج الموسم يعد ضربا من الجنون.
وبحسب الرماضنة، فإن أجرة العامل كانت 1.5 دينار للساعة، وبعد القرارات الأخيرة لوزارة العمل ارتفعت لتصل الى 2.5 دينار وأحيانا تصل لثلاثة دنانير، لافتا الى أن مطاردة العمالة الوافدة الزراعية وتسفيرها، عمقا من جراح المزارعين وزادا من نسبة العازفين عن الزراعة لمستويات غير مسبوقة.
ويؤكد مزارعون أن غالبية أرباب العمل يعجزون حاليا عن استكمال الأعمال الأولية لتجهيز الأرض، والتي تحتاج لجهد كبير، وهي أعمال لا يستطيع غير العامل الوافد القيام بها، موضحين أن تبعات الموسم الماضي أثرت بشكل كبير على قدرة المزارع على توفير السيولة اللازمة لدفع أجور العمال، التي ارتفعت مع نقص أعدادها وزيادة الطلب عليها.
ويؤكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن، عدنان الخدام، أن إجراءات الحكومة لتنظيم سوق العمل التي كان من ضمنها وقف استقدام العمالة الوافدة ضاعفت من معاناة المزارعين؛ إذ إن القرارات التي اتخذتها الوزارة قللت من أعداد العمالة الزراعية الوافدة بنسبة كبيرة، ما أدى الى رفع أجورها أضعافا مضاعفة ومكنها من السيطرة على سوق العمل.
ويحمل الخدام وزارة العمل مسؤولية فشل الموسم الزراعي الماضي والخسائر الكبيرة التي تكبدها المزارعون، مشيرا الى أن غالبية القرارات التي اتخذتها الوزارة كانت ضد القطاع الزراعي على وجه الخصوص، الأمر الذي زاد من معاناة المزارعين وقلل من فرص نجاح موسمهم الزراعي.
ويبين الخدام أن الوزارة استهدفت العمالة الوافدة التي تعد الركيزة الأساسية للعمل الزراعي، في حين أن توجهات الوزارة لإحلال العمالة الأردنية مكانها ضرب من الخيال؛ إذ إن العمالة الأردنية ترفض العمل في القطاع الزراعي، خاصة الأعمال اليدوية المجهدة، إضافة الى أنها غير كفؤة وغير قادرة على تلبية متطلبات المزارعين.
وأوضح أن هذه الإجراءات المقصودة حدت من قدرة المزارعين على إتمام الكثير من العمليات الزراعية، في حين زادت الأعباء المادية على البقية؛ إذ إن أجرة العامل ارتفعت لتصل الى ثلاثة دنانير للساعة الواحدة.
ويقول الخدام “إننا لسنا ضد أي إجراءات لتنظيم سوق العمل ومنع تسرب العمالة الزراعية، بل نحن مع هذه الإجراءات التي من شأنها خدمة القطاع الزراعي”، مستدركا أن ما يجري على أرض الواقع عكس ذلك تماما؛ إذ إن الحملات التفتيشية والملاحقات بحق العمال الزراعيين لن تخدم القطاع بأي شكل، لأن هذه العمالة هي جزء رئيس من العملية الزراعية وأي تضييق عليها سينعكس بشكل سلبي على القطاع بشكل عام.
وتشير أرقام وزارة العمل إلى أن أغلب تصاريح العمل تمنح للعاملين في قطاع الزراعة، وتقدر بنحو 40 % من إجمالي التصاريح، نتيجة اعتماد هذا القطاع بشكل مباشر وكلي على العمالة الوافدة، في حين تشير الأرقام الى أنه جرى تسفير 4987 عاملا خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي.