مرايا – كشف الكاتب الإسرائيلي يهودا كونفورتيس مشاريع تقنية ضخمة تنفذها شركات إسرائيلية في رام الله، في إطار تعاون “عميق” بين الشركات الإسرائيلية والفلسطينية.
وقال الكاتب في مقاله على موقع “نيوز ون” إن “الأراضي الفلسطينية تشهد ثورة في عالم التقنية والاتصالات، وآخرها مشروع جديد لإقامة مركز حواسيب كبير في رام الله بتكلفة خمسين مليون دولار من خلال شركة الاتصالات الفلسطينية بال تل، ويتم تنفيذه على يد الفرع الإسرائيلي لشركة HPE العالمية”.
وأضاف أن هذا “المشروع يجسد حالة العلاقات الإسرائيلية-الفلسطينية القائمة، فهي من جهة تشهد توترا سياسيا، ومن جهة أخرى هناك ازدهار اقتصادي عبر التعاون العميق مع الشركات الإسرائيلية،ما يعني أن حلم شمعون بيريس عن السلام الاقتصادي شق طريقه نحو التحقق”.
وأوضح المتخصص في شئون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أن “هذا المشروع العالمي لإقامة مركز معلومات في رام الله في مجالي الاستشارات والتخطيط، يسلط الضوء على زاويتين هامتين حول علاقة إسرائيل مع السلطة الفلسطينية، وعن مكان إقامة المشروع، فالزاوية الأولى تؤكد تقرير البنك الدولي الصادر مؤخرا حول انتعاش سوق الهايتك في الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة، والمعطيات الرقمية تتحدث أن هذا السوق انتعش منذ عام 2009 بنسبة 39%”.
وأضاف أن “هذا الانتعاش لم يأت من فراغ، فهو يشير إلى أن السلطة الفلسطينية والقطاع الخاص يعتقدان أن المستقبل هو لعالم الديجيتال والتقنيات وثورة الاتصالات، وأن هذه الصناعات هي المجال الذي يمكن ضخ الاستثمارات فيه، وتأتي نتائجه بكل نجاح دون خشية من خسائر مثل باقي القطاعات الاقتصادية والتجارية، وتأمين العاملين فيه”.
وأشار المحاضر الجامعي في قطاع الاتصالات، إلى أن “شركة بال تل الفلسطينية تطور من أدائها، وتنافس كبرى شركات الاتصالات على مستوى العالم، التي تعمل بعضها في الأراضي الفلسطينية، مما يعني أننا أمام تطور إضافي لسوق المال والأعمال في الضفة الغربية، لمواجهة تحديات عالم الديجيتال الذي سيكون بحاجة لتقديم خدمات ذات مستوى عالي، بما يشمل سوق الاتصالات”.
وأكد أن “الزاوية الثانية تتعلق بأن المشروع يشير لعمق التعاون الفلسطيني الإسرائيلي في مجال الهايتك خصوصا، لأنه في الوقت الذي نشهد فيه جمودا سياسيا بين الجانبين، فإن التعاون بين شركات التكنولوجيا والأعمال بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تتواصل، وهو ما يمكن تسميته السلام الاقتصادي”.
وتطرق الكاتب إلى “شركة سيسكو التي قررت في 2008 استثمار عشرة ملايين دولار في تطوير البنى التحتية والقوى البشرية في مجال قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات داخل أراضي السلطة الفلسطينية، وكلا الجانبين السلطة والشركة تعلمان تماما أن ثمار هذا التعاون بدأت تتحقق، وأحدها أن عدد العاملين في هذا المجال آخذ بالارتفاع عبر البحث عن قطاعات تكنولوجية حديثة بإشراف وزارة التعاون الإقليمي الإسرائيلية”.
ونقل عن نير حتصروني مدير الفرع الإسرائيلي لشركة سيسكو أن “الفلسطينيين لديهم رغبة جامحة لتحقيق نجاحات في هذه القطاعات التكنولوجية، ويعملون على مدار الساعة، كما الإسرائيليين، ولدينا ثقافة متشابهة، ولا ننسى أن خريجي الجامعات الفلسطينية يتقنون اللغة الانجليزية، ولديهم تصاريح بدخول إسرائيل، مع أن الإسرائيليين لا يحصلون من الجيش على تصاريح بدخول المدن الفلسطينية لدواعي أمنية، لذلك التواصل بين الجانبين يبدو سهلا”.
وأوضح أن “السلام الاقتصادي يعود الفضل فيه إلى شمعون بيريس الذي حلم دائما بإقامة شرق أوسط جديد من خلال مركز بيريس للسلام الذي يعمل لتحقيق رسالته خلال العقدين الأخيرين في مجال التعاون الإقليمي، عبر المشاريع والمبادرات المشتركة الفلسطينية الإسرائيلية في مجالات الهايتك والتكنولوجيا الفائقة والتكنولوجيا الزراعية”.
وختم بالقول أن “مثل هذه المشاريع المشتركة تهدف إلى تحويل إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى مكان نموذجي لباقي بلدان الشرق الأوسط، وربما تفسح المجال لشركات عالمية عابرة للقارات للانخراط في هذه المشاريع، صحيح أن كل الحلم لم يتحقق، لكننا قطعنا شوطا طويلا فيه”.