مرايا – قال الخبير الاقتصادي والنائب السابق، الدكتور هيثم العبادي، إن مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد جدلي وغير واضح للغالبية، ولهذا يرفضه المواطنون، الذين عبروا عن ذلك إبان زيارات الفريق الوزاري للمحافظات بهدف شرحه وتوضيحه.
ودعا العبادي، في حديث لبرنامج هذا المساء الذي بثه التلفزيون الأردني مساء الأحد، إلى أن يكون القائمون على شرح القانون من العارفين بكل تفاصيله، حتى لا يواجهوا مشكلة مثل بعض الوزراء، أثناء زياراتهم للمحافظات.
وأوضح ضرورة شرح القانون وتبيانه عبر مختلف الوسائل الإعلامية والصحفية.
وقال إن أي قانون يتعلق بالضريبة من الطبيعي أن يكون جباية والهدف منه تحصيل ايرادات للخزينة، مشيرا إلى أن ما لا يقل عن 60 إلى 70 بالمئة من إيرادات الدولة، من إيرادات ضريبية مباشرة وغير مباشرة.
وأضاف في رده على سؤال، ان جميع المواطنين يمسهم قانون ضريبة الدخل، وسيتأثرون من ضريبة المبيعات الـ16 بالمئة على اي سلعة. وقال إن الاسعار ارتفعت على جميع السلع، لا سيما المحروقات والخدمات، وتحول كثير من الطبقة الوسطى الى فقراء، ويدل على ذلك ان 50 الف طالب غادروا المدارس الخاصة الى المدارس الحكومية بداية العام الدراسي الحالي.
وقارن بين قيمة الضريبة التي يدفعها المكلف، وفق القانون الحالي ومشروع القانون إذا تم إقراره، وقال إن الشخص الذي راتبه الشهري ثلاثة الاف دينار، بما مجموعه 36 الف دينار في السنة، فإنه يدفع وفق القانون الحالي 500 دينار، بينما سيتضاعف هذا الرقم ويصل الى 2500 دينار وفق مشروع القانون.
وقال العبادي ان إصلاح قانون الضريبة اصبح ضرورة للشروع باليات برنامج الاصلاح الاقتصادي ما يجعل الحاجة الى إجراء تعديلات عليه، ونحن لدينا استحقاقات وقروض. كما أن هناك مشكلة المديونية التي زادت خلال الخمسة اعوام الاخيرة الى نحو 18 مليار وتصل حاليا الى 5ر28 مليار دينار، وكذلك مشكلة العجز السنوي المترتب على المديونية والذي وصل الى مليار دينار تقريبا الى جانب خدمة الدين التي تصل الى مليار وربع المليار.
واوضح ان المطلوب الان هو زيادة الدخل القومي من خلال استثمارت حقيقية في الزراعة والسياحة، لا سيما واننا في قضية الصناعة لا يمكن ان ننافس الصين واليابان خاصة وان هذه السنة ستكون اخر اعفاءات التصدير. وقال لدينا مشكلة في العجز التجاري فهناك تراجع في العملات الصعبة والحل الان هذا القانون.
واشار الى ان هناك مقترحا لاعفاء الرواتب، فلو اوجدنا 25 بالمئة اعفاء للرواتب فسنرى معظم المواطنين في القطاعين العام الخاص لن يتأثروا الا بشكل بسيط جدا.
وقال العبادي ان هناك خطأ دستوريا حيث يفرق القانون بين الشخص الذي دخله فوق 300 الف دينار ومن هو دون هذا الرقم، رغم ان المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات وفقا للدستور. ولفت الى أنه لدينا فرصة 10 ايام لاعادة النظر في المفاصل الاساسية التي تخصنا كمواطينن ومؤسسات، مؤكدا ان الشرائح الضريبية يجب ان تتوسع وتعكس معدلات الدخول.
واضاف ان 90 بالمئة غير متضررين من قانون ضريبة الدخل رقم غير دقيق، مشيرا الى ان دراسة الحكومة اعتمدت ارقاما تشمل مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تشكل 50 بالمئة من القوى العاملة في الاردن و10 بالمئة من الذين سيخضعوا لقانون الضريبة يجب ان يوزع عليهم العبء بعدالة.
وقال فيما يتعلق بالقطاع الزراعي يجب ان تتفاوت الضريبة حسب حجم الارض ونوعية المنشآت المستخدمة في هذا الصدد.
من جهته، قال رئيس مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، أحمد عوض، إن القانون الجديد، جدلي وصراعي، لا سيما وأن مفاصله ومكوناته وأهدافه وتفاصيله، تمس جميع المواطنين، سواء المعفيين من الضريبة أو المكلفين بالدفع.
وأشار إلى أنه من الصعوبة بمكان، النظر إلى القانون الضريبي دون الالتفات إلى مجمل السياسات الضريبية في الأردن وإلى النظام الضريبي بشكل عام.
واضاف أن أحد الأسباب والتحديات التي يواجهها تمرير مشروع القانون منذ أيار الماضي، تكمن في أن المنظومة الضريبية، وباعتراف الحكومة، غير عادلة، وأن ملامح غياب العدالة فيها تتمثل في أن إيرادات خزينة الدولة من الضرائب المباشرة كضريبة الدخل تصل الى 26 بالمئة من مجمل الإيرادات الضريبية، مشيرا إلى أنه ووفقا لخطاب رئيس الوزراء، فإن مشروع القانون يأخذ بعين الاعتبار هذا الاختلال في غياب عدالة المعايير الضريبية.
وقال إن معايير العدالة الضريبية عالميا، تستدعي ان يتوازى مع القانون، اصلاحات واجراءات على ارض الواقع في الضرائب غير المباشرة مثل ضريبة المبيعات والضرائب الخاصة والرسوم بمختلف انواعها، مشيرا الى أن الحكومة ارتأت بأنها لا تستطيع تخفيض الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة وغير المباشرة دون وجود ايرادات بديلة لديها.
وأضاف ان مثل هذا الطرح لمفاصل القانون لم يقنع غالبية الناس، الامر الذي جعل الحكومة تواجه الرفض من فاهمي القانون وغيرهم لأسباب سياسية وتبعات مختلفة.
واشار الى ان هذا القانون منذ طرحه، تضمن بعض الجوانب الايجابية فيما يتعلق بادارة النظام الضريبي، الا انه تضمن في المفاصل الاساسية التي تهم الناس والمتعلقة بالشرائح والنسب الخاضعة لها والاعفاءات.
ولفت الى ان وجود ضريبة تصاعدية يشكل معيارات اساسية من معايير العدالة الضريبية والاجتماعية والتي فرضت وفق القانون، على الطبقة الوسطى الى جانب الغاء الاعفاءات في ظل التراجع في جودة الرعاية الصحية وجودة التعليم في القطاع العام. وفي رده على سؤال قال إن هناك العديد من العناصر التي تعمق وتعزز كفاءة ادارة النظام الضريبي، مشيرا الى ان الصياغة المحكمة لبعض تعريفات القانون وفقراته والتعريفات ذات العلاقة بالدخل الصافي والدخل المكلف القائم والتهرب الضريبي، صيغت بشكل محكم اكثر من السابق. واعتبر ان تبعية مدعي عام دائرة ضريبة الدخل، للنائب العام وليس لدائرة الضريبة، وفق مشروع القانون، أمر جيد، معربا عن امله بأن يجري تعديل قانون المحاكمات بشكل سريع في هذا الجانب. وقال ان من النقاط الايجابية المهمة في القانون هو المحافظة على السيولة المصرفية بقرار قضائي، والفوترة والتعهد باصدار نظام خاص بذلك.
واشاد ببنود القانون المتعلقة بالتدرج بالعقوبات على المتهربين ضريبيا وبشكل اكثر هدوءا من قانون الحكومة السابقة، معتبرا ان هذه المؤشرات تدعو الى الارتياح.
وقال ان العب الضريبي فاق المتعارف عليه عالميا على المحروقات والتي تصل الى 50 بالمئة.
وقال ان المواطن لا يمكن ان يسمح بالمساس بدينار زيادة يدفعه ضريبة كونه لم ير اثر ذلك على تحسن التعليم والصحة. واوضح أن منظومة الضريبة تشهد خللا كبيرا، الامر الذي جعل مستويات المعيشة للناس تتراجع، وأن ما تقوم الحكومة به اليوم هي خطوة اولى يجب ان تتبعها خطوات اخرى لكي تقنع الناس، في ظل ضعف الاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني الذين كانوا يعتبرون وسطاء ما بين الناس والسلطة التنفيذية.
وقال عوض انه لا يوجد خيار لدينا الا باصلاح قانون ضريبة الدخل بالغاء جميع التشوهات الموجودة فيه، مؤكدا انه يجب على الحكومة ان توسع الشرائح الخاضعة للضريبة في القانون.
واعتبر ان ما يسمى ضريبة التكافل في مشروع القانون، جيد، ويجب ان تكون اختيارية وتشمل بعض القطاعات من الشرائح العليا وان تكون ثابتة على قطاع الاعمال والشركات وتصاعدية وفق ارباح المصانع والشركات.