مرايا – حذر خبراء اقتصاديون من تآكل دخول المواطنين جراء رفع أسعار فوائد القروض عليهم من جهة وارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات من جهة أخرى، متسائلين عن دور الرقابة التي يقوم به المركزي الأردني على البنوك في ظل رفع بعضها أسعار الفائدة قبل قرار المركزي المتوقع.
واستبقت بعض البنوك العاملة في المملكة القرار المرتقب من قبل البنك المركزي الأردني بتعديل اسعار الفائدة على أدوات الدينار الأردني، وابلغت المقترضين بقرارها رفع أسعار الفائدة حوالي 25ر0 نقطة مئوية على قروضهم السكنية.
وارسلت بعض البنوك رسائل لمجموعة من المقترضين تفيد بتعديل أسعار الفائدة على القروض دون تحديد موعد لبدء سريانها، ما يمكن تفسيره انه من تاريخ تبلغ العميل بتلك الزيادة.
ويتوقع المراقبون أن يعمل البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة على ادوات الدينار الأردني، وذلك في اعقاب رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة على الدولار 25 نقطة أساس لتصبح 25ر2 % من 2 % سابقا.
وغالبا ما يتبع البنك المركزي الأردني قرارات المجلس الاحتياطي الفدرالي برفع أسعار الفائدة على أدوات الدينار الأردني، لارتباط الدينار بسلة عملات للدولار فيها الوزن الأكبر، ولكون البنك المركزي ثبت سعر صرف الدينار أمام الدولار منذ العام 1995.
وكانت البنوك رفعت أسعار الفائدة بين نصف نقطة إلى نقطة ونصف مئوية، قبل نحو خمسة أشهر، في أعقاب 5 مرات رفع فيها البنك المركزي أسعار الفائدة.
ويتوقع أن لا تستجيب البنوك كافة لخطوة البنك المركزي المرتقبة بالرفع، وذلك من باب المنافسة من جانب وتخفيف الضغوط على المقترضين من جانب آخر.
وحذر الخبراء، من ارتفاع نسبة دين الأفراد إلى دخلهم، والتي قدرها البنك المركزي في تقرير الاستقرار المالي للعام 2017 نحو 67 %، والتي من المتوقع أن ترتفع إذا استمرت البنوك في زيادة سعر الفائدة على القروض.
ودعا الخبراء البنك المركزي بعدم اللحاق بالفيدرالي الأميركي ورفع سعر الفائدة نتيجة ارتباط الدينار بالدولار، لما لها من آثار سلبية على الاقتصاد أهمها انكماش النمو الاقتصادي وتراجع وتيرة الاستثمار.
يشار إلى أنه منذ بداية العام الحالي، رفع البنك المركزي الأردني سعر الفائدة على الدينار ربع نقطة مئوية مرتين كانت الأولى في شهر آذار (مارس) الماضي وآخرها في 14 حزيران (يونيو) الماضي.
وبحسب تقرير الاستقرار المالي الصادر عن البنك المركزي، بلغت نسبة دين الأفراد إلى دخلهم 67.3 % في العام الماضي مقارنة مع 70 % في 2016، بحيث تمثل تلك النسبة إجمالي رصيد دين الأفراد نسبة إلى دخلهم السنوي المتاح.
ورغم ذلك قام عدد من البنوك العاملة في المملكة برفع سعر الفائدة على القروض دون بيان السبب أو النسبة، كونها بحسب العقود الموقعة مع المقترضين تضع شرطا يحق فيه للبنك رفع سعر الفائدة دون العودة للعميل.
وقال خبير الاقتصاد السياسي، زيان زوانة، إنه لايجوز أن تستبق البنوك قرار البنك المركزي وترفع أسعار الفائدة، متسائلا عن دور الرقابة الذي يقوم به المركزي الأردني على البنوك في تلك الحالة.
وأضاف زوانة “أتمنى من البنك المركزي أن لا يلحق بالفيدرالي الأميركي ويرفع سعر الفائدة لأن نسبة مديونية الأفراد للبنوك مرتفعة جدا”.
ورأى زوانة أن ظرف الأردن الاقتصادي مختلف تماما عن الظرف في أميركا، مشيرا إلى تراجع النمو الاقتصادي في البلاد والبطالة العالية والركود.
وبين أنه سينتج عن رفع أسعار الفائدة ضغوطات مالية هائلة على مستوى الأفراد والشركات من جهة، وبالتالي على الاقتصاد كك من جهة أخرى.
وقال زوانة إن دخل المواطن أصبح يخضع لضغوطات التقاء السياسة المالية والنقدية، فهو مستهلك من ارتفاع الأسعار والتضخم من جهة ومن الزيادة في أقساط البنوك من جهة أخرى.
من جانبه، قال الخبير المالي، مفلح عقل، إن نسبة دين الفرد إلى دخله يجب أن لا تتجاوز 40 %، محذرا من استمرار ارتفاعها، ما يؤدي إلى تآكل الرواتب.
وبين عقل أن مكونات سعر الفائدة التي تضعها البنوك هي سعر فائدة سندات الخزينة، مقدار التضخم، المخاطر الائتمانية، مخاطر المدة الزمنية، إلى جانب السيولة.
وأوضح أنه في حال تغير أي مكون من تلك المكونات تلجأ البنوك إلى تغيير سعر الفائدة.
ورأى عقل أنه عادة ما يقوم البنك المركزي باللحاق بقرار الفيدرالي الأميركي برفع الفائدة، ولا تستبق البنوك المركزي وترفع سعر الفائدة، وربما تكون تلك قرارات فريدة لأسباب تتعلق بالمخاطر أو التكلفة.
وأوضح أن الفائدة على القروض من نوع جاري أو مدين تظهر أثرها بعد شهر لأن الفائدة شهرية، مشيرا إلى أنواع أخرى من الفائدة وهي الثابتة والعائمة التي تتغير في نهاية فترة الفائدة حسب الاتفاق منذ البداية.
ووفقا لآخر تحديث حول أسعار الفوائد من المركزي الأردني، يبلغ سعر نافذة الإيداع لليلة الواحدة 3.5 %، وسعر فائدة اتفاقيات إعادة الشراء لليلة الواحدة 5 %، وسعر إعادة الخصم 5.25 %، وسعر الفائدة الرئيسي يبلغ 4.25 %.
بدوره، قال خبير الاستثمار وإدارة المخاطر، د.سامر الرجوب، إن قرارت السياسة النقدية المتضمنة رفع سعر الفائدة لا يتناغم مع السياسة المالية للحكومة، وبالتالي كليهما يتعارض مع الآخر ويشكلان تحديات كبيرة على المواطن بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام.
وبين الرجوب أن الرفعات المتتالية لسعر الفائدة من قبل المركزي الأردني تضطر البنوك إلى رفع الفائدة على الإقراض للحفاظ على الهامش بينها وبين أسعار الفائدة على الودائع.
ورأى أن سياسة المركزي برفع الفائدة من أجل الاستقرار النقدي سياسة مالية ترفع الأسعار وستؤثر سلبا على الاقتصاد الذي يعاني من تراجع في النمو والاستثمار.الغد