د. محمد أبوحمور يشارك في ندوة “المستقبل العربي في عصر التكنولوجيا” بأبوظبي
د. أبوحمور: ارتفاع معدلات البطالة بسبب زيادة النمو السكاني وضعف التعليم وسوء توزيع الفرص
د. أبوحمور: تطوير التعليم المهني وثقافة الإنتاج والاعتماد على ثلاثية العلم والتكنولوجيا والإبداع
د. أبوحمور: 45% من أنشطة العمل في الدول العربية قابلة للأتمتة والفرص لأصحاب المهارات العالية
50% من الوظائف الموجودة حالياً ستختفي في المستقبل وتحل محلها وظائف ليست معروفة حالياً
مرايا – يشارك د. محمد أبوحمور، الأمين العام لمنتدى الفكر العربي وعضو مجلس أمناء تحالف مراكز البحوث العربية، في ندوة “المستقبل العربي في عصر التكنولوجيا” المنعقدة في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بأبوظبي، وقد قدم اليوم الثلاثاء 9/10/2018 ورقة في الندوة حول “وظائف المستقبل والتحديات الاقتصادية في المنطقة العربية” ،أشار فيها إلى أن قضية مستقبل العمل والوظائف تعد إحدى أبرز التحديات العالمية المعاصرة في ظل التوسع السريع والمتنامي للآلات والتحديث المضطرد للتكنولوجيا في العالم الصناعي، وستبرز على مدى العقد القادم الحاجة إلى ما يقدر بـ (600) مليون وظيفة في اقتصادات الأسواق المتقدمة والأسواق الصاعدة بالعالم، سواء للعاطلين عن العمل حالياً، الذين يقدر عددهم بحوالي (900) مليون متعطل بحسب المؤشرات لدى البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية، وكذلك للأفراد المتوقع أن ينضموا إلى قوة العمل.
وأضاف د. أبوحمور أن نتائج “الربيع العربي” على المستوى الاقتصادي والتنموي كشفت عن خسائر في الناتج المحلي الإجمالي عربياً وصلت إلى 1,5 تريليون ونصف تريليون دولار، وأن بعض الدول العربية فقدت حوالي 50% من الناتج المحلي الإجمالي، كما تصاعدت البطالة عربياً إلى ما نسبته 17,9%، وهي النسبة الأعلى عالمياً كونها تمثّل ثلاثة أضعاف متوسط البطالة العالمي (5,9%)، وتعتبر الدول العربية وفق بيانات البنك الدولي ضمن عشر مناطق جغرافية في العالم سجلت أعلى معدلات البطالة بين الشباب للعام 2016 بما مقداره 2,7 مليون متعطل، مقابل 71 مليون متعطل في باقي مناطق العالم.
وأوضح د. أبوحمور أن لارتفاع معدلات البطالة في الوطن العربي أسباباً تتعلق بزيادة معدلات النمو السكاني والزيادة المتراكمة في أعداد الخريجين، وضعف مخرجات التعليم، وسوء توزيع الفرص والدخل، فضلاً عن الأزمات والنزاعات المسلحة، بحيث أصبحت الحاجة تتطلب توفير 50 مليون فرصة عمل في المنطقة العربية حسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة للتنمية وجامعة الدول العربية، و35 مليون وظيفة لتخفيض معدلات البطالة إلى النصف مع حلول عام 2020، أو ما يعادل حوالي الثلث من عدد العاملين حالياً في جميع الدول العربية، إضافة إلى توفير 82 مليون فرصة عمل جديدة لاستيعاب كل الداخلين الجدد إلى أسواق العمل العربية مع حلول عام 2020، وفق التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2014 ومكتب العمل العربي.
وأشار د. أبوحمور إلى أن ارتفاع معدل البطالة عربياً ليس مقتصراً على الدول الفقيرة أو متوسطة الدخل المصدِّرة للعمالة، وإنما أيضاً يشمل الدول الغنية المنتجة للنفط، وبنسب متفاوتة، ولا سيما بعد الانخفاضات والتذبذبات في أسعار النفط خلال العقدين الماضيين. يضاف إلى ذلك ضعف الإنتاجية، وارتفاع العجز ومعدلات المديونية، واختلال سلم الأجور، وارتفاع الأسعار للسلع إجمالاً، وتراجع مستويات المعيشة في البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل.
كما أشار إلى أن النزاعات المسلحة أثرت بشكل مباشر على فرص النمو في المنطقة العربية، وبحسب تقديرات الإسكوا فإن كلفة النزاعات خلال الفترة (2011 – 2015) تبلغ حوالي 614 مليار دولار ما يعادل 6% من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة، وهناك 1,4مليون شخص بين قتيل وجريح يشكلون قاعدة إنتاجية أصبحت محطمة، فيما قيمة البنية الأساسية المدمرة تبلغ 460 مليار دولار. وهناك 13,5 مليون طفل فقدوا مدارسهم بضياع فرص التعليم لجيل بأكمله، وأصبح 75% من اللاجئين في العالم هم من الدول العربية، بعد أن تسببت النزاعات بوجود 14 مليون لاجىء ومشرَّد، مما ألقى بأعباء وتكاليف باهظة على دول الجوار وأصبحت مشكلة اللاجئين والمهجرين من أوطانهم مشكلة عالمية أيضاً.
ودعا د. أبوحمور في هذا الصدد إلى خطط عاجلة محلية وعربية ودولية بالتوازي مع خطط إعادة الإعمار وإنعاش التنمية في الدول المتضررة من العنف المسلَّح بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لإعادة تكوين وتأهيل طاقات بشرية جديدة للمشاركة في التنمية المستدامة، وتعديل الخطط المتعلقة بتأهيل وتدريب القوى العاملة القادرة على دخول مرحلة التصنيع وعصر المعرفة، وبخاصة أن 50% من الوظائف الموجودة حالياً ستختفي في المستقبل القريب وتحل محلها وظائف ليست معروفة حالياً.
كما دعا إلى مواجهة تحدي تطوير الاقتصادات العربية لتصبح اقتصادات منتجة، وبالتالي الحدّ من ارتفاع معدلات البطالة، وانتشال الشباب من هوة الإحباط واليأس والضياع وما ينتج عن ذلك من توترات تهدد استقرار المجتمعات، وذلك بالعمل على وضع سياسات وطنية تشجع المشاريع الإنتاجية، وتعالج الفجوة التكنولوجية وتضبط مخرجات التعليم وربطها بسوق العمل، مع التركيز على التعليم المهني وثقافة الإنتاج لتلبية شروط الاقتصادات المعرفية الحديثة، والاعتماد على ثلاثية العلم والتكنولوجيا والإبداع للتحول الصناعي في الاقتصادات العربية كما دعا إلى ذلك “الميثاق الاقتصادي العربي” الذي أطلقه منتدى الفكر العربي عام 2015.
وحول وظائف المستقبل في المنطقة العربية، أشار د. أبوحمور إلى أن تقرير القمّة العالمية للحكومات عن مستقبل الوظائف في الشرق الأوسط 2018 أوضح أن حوالي 45% من أنشطة العمل في أسواق الدول العربية قابلة للأتمتة حالياً، وإن إمكانات الأتمتة هي أقل بقليل من المتوسط العالمي ومعايير الصناعات المتقدمة. وأن من أهم ما يتحدث عنه هذا التقرير هو الشكوك بشأن الاستدامة المستقبلية لمخططات بعض القطاعات في إيجاد فرص العمل في ضوء الدرجات المتفاوتة للأتمتة. فالقطاعات التي تعتمد على ما يعد مهاماً روتينية مثل التصنيع والنقل والتخزين وقطاع المعلومات، فإن أتمتتها في المنطقة يمكن أن تصل إلى 50%، بينما إمكانات أتمتة قطاعات تعتمد على التفاعل البشري والأنشطة والخدمات الإبداعية غير الروتينية تبدو بمعدل أدنى من المتوسط، أي بين 29 – 37%، ومنها الفنون والتسلية والترفيه والرعاية الصحية والتعليم.
وحسب التقرير نفسه، فإن أنشطة العمل التي يؤديها موظفون يتمتعون بمستويات منخفضة ومتوسطة من التعليم والخبرة ستتأثر بتكنولوجيا الأتمتة، ويبلغ متوسط احتمال أتمتة الوظائف للقوى العاملة الحاصلة على تعليم ثانوي أو تتمتع ببعض الخبرة المهنية 55%، ومتوسط احتمال أتمتة وظائف الحاصلين على مؤهل أدنى من التعليم الثانوي 50%، فيما فرص الحاصلين على التعليم العالي أو الخبرات المهنية المعادلة لهذا المستوى من التعليم، أفضل في الحصول على الوظائف، وينخفض متوسط احتمال أتمتة الوظائف بالنسبة للحاصلين على البكالوريس أو الدراسات العليا إلى 22% تقريباً؛ ذلك أن التوجهات تصب في مصلحة الموظفين ذوي المهارات العالية.
وأكد د. أبوحمور في هذا المجال أهمية وضع سياسات في الدول العربية تركز على تدريب الشباب الخريجين وإرشادهم لدخول سوق العمل، ودعم ريادة الأعمال بين الشباب والمرأة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ مشيراً إلى أن الربط بين تطوير منظومة التعليم وتحسين مخرجاته لسوق العمل، والاهتمام بالتعليم المهني، والتدريب والتأهيل لاستخدام التكنولوجيا بكفاءة مقرونة بدعم البحث العلمي، وبين الريادية ورعاية الإبداع، وتحفيز الاستثمارات الوطنية والبينية العربية، كل ذلك من الأسس والأولويات في المنطقة نحو تحقيق الاقتصاد المعرفي، ومكافحة البطالة، وتهيئة الأسباب لرفع معدلات النمو وتجاوز التحديات القائمة.
يذكر أن ندوة “المستقبل العربي في عصر التكنولوجيا” التي افتتحت يوم أمس الاثنين برعاية الشيخ نهيان مبارك آل نهيان وزير التسامح في دولة الإمارات العربية المتحدة، يشارك فيها مسؤولون من الإمارات وعدد من الدول العربية وأكاديميون وخبراء وباحثون عرب وأجانب، وتبحث في محاور تتناول التكنولوجيا ونمط الحياة للمواطنين في العالم العربي، والتكنولوجيا ومستقبل التعليم والصحة، والمستقبل العربي في عصر الذكاء الاصطناعي، ووظائف المستقبل في ظل التكنولوجيا الجديدة.