مرايا – يعول قانونيون على مشروع قانون حقوق الطفل لتوفير حماية افضل للأطفال من العنف، حيث نص المشروع على “تجريم” جميع اشكال العنف ضد الأطفال، معتبرين أن “النص يعالج الاشكالية بالمادة 62 من قانون العقوبات والتي تبيح الضرب التأديبي ضد الأطفال”.
وقال هؤلاء، خلال جلسة نقاشية بمعهد الاعلام ضمن نشاطات مشروع “مكاني”، والذي يهدف لتعزيز جودة التغطية الصحفية لمسائل حماية الطفل من العنف، إنه “رغم أن المادة لم يتم تطبيقها في أي من القرارات القضائية، لكنها تبقى كنص قانوني مخالفة للمنظور الحقوقي وتحديدا حق الأطفال في السلامة الجسدية”.
وتنص الفقرة (أ) من المادة “62 – عقوبات” على انه “يجيز القانون أنواع التأديب التي يوقعها الوالدان بأولادهم على نحو لا يسبب إيذاءً أو ضرراً لهم ووفق ما يبيحه العرف العام”.
وقال القاضي أيوب السواعير خلال الجلسة التي حملت عنوان “الضرب التأديبي بحق الابناء والاحكام القانونية والقضائية المتعلقة بالمادة 62 من قانون العقوبات” إنه “بالعودة لقرارات المحاكم نجد ان حالات العنف الشديدة ضد الاطفال، بما فيها الاصابات القاتلة لها علاقة بشيوع الضرب التأديبي، بينما اشارت الدراسات الاجتماعية الى ان 85% من حالات العنف هذه والاصابات الشديدة لها علاقة ايضا بشيوع الضرب التأديبي”.
وأشار السواعير الى أن “الضرب والإيذاء بشكل عام مجرمان في قانون العقوبات، لكن القانون وفر من خلال المادة 62 تبريرا يجعل من الضرب مباحا بحالة كان العنف واقعا على الطفل من أحد والديه حصرا”.
وتابع “المادة وإن كانت ظاهريا تبيح الضرب التأديبي فانها بواقع الحال معطلة”، لافتا في هذا السياق الى عبارة “على نحو لا يسبب إيذاءً أو ضرراً لهم”.
وبين أن “الضرر هنا غير محدد بجانب معين ما يعني أنه من الممكن أن يكون ضررا جسديا أو نفسيا”، معتبرا ان “هذه العبارة تجعل من المادة القانونية معطلة حكما”.
وزاد السواعير انه رغم ان المادة تعتبر معطلة، فإن مشروع قانون حقوق الطفل قيد الإعداد حاليا نص على أنه “بالرغم مما ورد في أي قانون أخر فإن أعمال العنف ضد الأطفال مجرمة ولا تأخذ التبرير”، معتبرا أنه “بمجرد دخول القانون حيز التنفيذ فإنه سيكون بمثابه انهاء لهذا النص القانوني”.
من جانبها، اعتبرت المحامية بمركز العدل للمساعدة القانونية الهام أبو لبدة إن “المادة 62 عقوبات تشكل انتهاكا لحق السلامة الجسدية للاطفال، كما تشكل انتهاكا للحق بالحياة والحماية من العنف والايذاء سواء كان مقصودا او غير مقصود”.
وواوضحت ان الاشكالية هنا حقوقية، فوجود هذا النص القانوني يشكل خرقا لحقوق الأطفال، كما يخالف الدستور الذي نص في المادة السادسة منه على حماية الطفولة والأسرة”.
وتنص المادة السادسة من الدستور على ان “يحمي القانون الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والاستغلال”.
كما لفتت اى ان المادة تخالف الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
واعتبرت أبو لبدة أن “المادة فضفاضة بتعريفاتها حيث لم تحدد ما هو “العرف العام”، لافتة في ذات الوقت الى الطريقة التي يتعامل بها مقدمو الخدمات في حالات العنف ضد الطفل.
وشددت على ضرورة الالتزام بتطبيق قانون الحماية من العنف الاسري للعام 2017 والذي يشترط التبليغ الوجوبي عن حالات العنف ضد الأطفال وايداعها للقضاء.
وقالت إن “المطلوب اتخاذ عدة خطوات لمواجهة المشكلة، أولها الجانب التشريعي والمتعلق بالغاء المادة 62 عقوبات واقرار قانون حقوق الطفل، والجانب الخاص بالتوعية المجتمعية المتعلقة باعتماد وسائل التربية الايجابية، الى جانب السير بمجال الاجراءات الوقائية والحمائية للاطفال ضحايا العنف والناجين منه”.
وكان المجلس الوطني لشؤون الأسرة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)، اطلقا خطة عمل وطنية متعددة القطاعات لمدة ثلاث سنوات، تهدف للحد من العنف الجسدي الواقع على الأطفال بالمملكة في آذار (مارس) الماضي.