كتب النائب السابق المهندس سليم البطاينه
مرايا – الأشياء ليست كما نراها دائماً !! فلا يوجد أبيض ناصع ولا أسود حالك في العمل السياسي ، فهنالك منطقة رمادية ( باتجاه الدولة أو عكس إتجاه الدولة ) ، وليس كل مسؤول هو ضد الشعب والمواطنين أو سيّء !!! وليس كل معارض هو ( روبن هود ) ، فالساحة السياسية الاردنية لا تزال تبحث عن معارضة صادقة وفاعلة ، بعيدة كل البعد عن أية تشوهات !! فقاموس الفكر السياسي الأردني وممارسة الحكم بحاجة إلى مراجعة لتعريف معنى ومسؤوليات وحقوق المعارضة السياسية ضمن النسق السياسي الاردني ،فالتمكين السياسي لقوى الأصلاح لا يعني بالضرورة نقل الثقل السياسي كاملاً من قوة سياسية إلى قوة سياسية أخرى !! فقد أتسعت دائرة النقد السياسي العلني للسياسات الأقتصادية والاجتماعية الليبرالية التي كرست الفوارق ، وأنتجت الفقر والبطالة وغيبت العدالة الأجتماعية ، فالطريقة المتاحة الأن هي خلق توازنات سياسية جديدة !!!فأزمة الدولة الحالية هي أزمة قيادات أستُهلكت وأنتهت صلاحيتها ، وأصبحت غير قادرة على تغير الأوضاع نحو الأفضل ؟ فالحاجة الأن هي خلق فضاءات سياسية جديدة ، ينتُج عنها خطاب سياسي جديد ، فالغضب الأجتماعي الذي نحن به ، هو نتيجة للفشل الأقتصادي والوعود الكاذبة للحكومات !!!!! ففي غياب المعارضة لا توجد عملية سياسية بل توجد عملية قهر وأبتزاز ، فالحرية تموت عندما يموت النقد المتوازن المتدرج .
فالغريب في الأمر أننا أمام ظاهرة أصبحت جديرة بالنقاش والتحليل السياسي الرزين لها على المستوى الداخلي ؟! فالدولة أمام تحد جديد أسمه ( معارضة الخارج ) التي أصبحت تنشُط بشكل مكثف في أكثر من بلد أوروبي وأمريكي من خلال خطاباتها الراديكالية والتحريضية ، ليس فقط ضد النظام ، بل ضد البنية التحتية السياسية والمدنية في البلاد !! فعلى الدولة ألا تستهين بمستوى الثأثير الذي يمكن أن تُمارسه تلك الأصوات في تشكيل رأي عام داخلي مناهض للدولة ، وخصوصاً أن ثمة قضايا سياسية وأجتماعية وأقتصادية لا زالت تُشكل مصدر أزعاج ؟ من قضايا الفساد التي لا تنتهي ، والبطالة التي يعاني منها شبابنا والتي وصلت لحدود مُرعبة ، وغياب العدالة الأجتماعية وربط المسؤلية بالمحاسبة ، وأنهيار ادوات الضبط الأجتماعي ، قبل أن تجد الدولة نفسها محاصرة بين غضب الداخل وإنتهازية الخارج التي لم تعُد تحتاج إلى أدلة إثبات !!! فالمعارضة في الخارج لها إدواتها وأسلوب عملها ! فلا يُخفى على أي عاقل ثأثير الدول المضيفة لهم ، وكيف تستغلهم على أرضها لأغراضها السياسية .
فشرعية إية معارضة لا يمكن لها إن تتكون إلا من خلال القرب من الناس والتواجد بينهم وعلى الأرض !! فمن كان بعيداً لا يُمثل إلا نفسه ؟؟ فالمعارضة ليست خيانة !! وأن تكون بجانب الدولة لا بعني أنك ظالم وسيء !! وهذه صورة منطقية في سياسة البلدان الديموقراطية ، فلا تكتمل صورة المشهد السياسي لأي نظام ، ما لم تكن هنالك معارضة وطنية صادقة !!! فالمعارضة دائماً تدخل في منافسة نزيهة ووطنية مع الحكومة في سبيل نهضة البلد ورفعتها !!!!!! فمن شروط أنتقال المعارضة إلى السرية ، أو مغادرة البلاد ، هو إنتفاء إمكانية التفاهم مع النظام القائم !! نتيجة دمويته وبطشه ! وهذا غير موجود بحالتنا الاردنية ، فعلى مر السنين أثبت النظام الأردني أنه نظام ناعم وغير قمعي وغير قاتل ودموي ، ولا يتعامل مع المعارضين كغيره ، حتى الذين قادوا انقلابات عسكرية ضده !!! ولَم يُسجل على النظام أنه أعدم معارضاً ، أو حتى أخفى سجيناً سياسياً ،،،،،،!!! ففي خمسينات وستينات القرن الماضي كانت هناك معارضة متواجدة ما بين دمشق والقاهرة أثناء المد القومي العربي في تلك الحقبة من الزمن !!! وكل أولئك المعارضين سياسيون وعسكريون تم العفو عنهم ، وعادوا إلى البلاد وتقلدوا مواقع قيادية ووزارية وجميعُنا نعرفهم بالأسم !!!!! فليس كل من هاجر معارض !!! فمفهوم المعارضة في أدبيات السياسة هي علاقة المعارضة بالنظام السياسي ، حيث أرتبط ذلك المفهوم بمستوى تطبيق الديموقراطية وحرية الرأي ،،،،،،،، فالنظام الأردني لم يتصف بالبطش ، ولا توجد أية صعوبة بالتفاهم معه ٠
فعلى الرغم من التباينات في وجهات النظر والتي يمكن وصفها بالسلبية !! فلا بد من بلورة كيان سياسي جديد قادر أن يُمثل وجهة نظر المعارضين ويعمل من تحت قبة البرلمان شعاره سلامة وأمان الاْردن ، وسقفه الدستور !!!!! فالسؤال الذي يطرح نفسه ؟ هل تجاوزنا عنق الزجاجة في حجم الحراك الشعبي ؟ أم أن الكرة بدأت تتدحرج من جديد مرة أخرى في الاتجاه المعاكس تماماً ، والذي سيؤدي إلى دخول البلاد في حالة من الفراغ السياسي والتي نتلمسها أحياناً !! فوضع البلاد حالياً سيؤدي إلى مستقبل بلا أفق تحت وطأة الفقر والبطالة وتراجع دور الدولة الأقتصادي والشعور بالحرمان الأجتماعي ، والفجوة التنموية بين أنحاء المحافظات !؟؟؟ الأمر الذي يُشير إلى سوء في إدارة الأزمات وعدم قُدرة الدولة على التعامل مع التحديات ؟؟؟؟ فالأنفجارات الصغيرة والتي تتدحرج إلى تلك الأودية السحيقة ستُغرقُنا جميعاً معها ؟؟؟ فمصطلح كلمة معارضة يجب إلا يُثير مخاوف لدى البعض !!!!!