مرايا – نكأت فاجعة البحر الميت، أسئلة عن واقع سياحة المغامرة التي يعدها خبراء ومتخصصون، أكثر السياحات العالمية نموا، وهو ما انعكس على توصيات تقرير لجنة التحقق النيابية التي حثت على ايجاد تشريع ينظم هذه السياحة.
الخبراء والمتخصصون يرون، ان لفاجعة البحر الميت، تداعيات تؤثر على الصورة الذهنية للسياحة في الاردن بشكل عام والبحر الميت بشكل خاص، كما كشف النقاب عن جملة من الاسباب، كان يمكن تلافيها بتنظيم تشريعي وجاهزية للبنية التحتية للمواقع السياحية، وتوفر دليل سياحي مرخص ومتمكن بسياحة المغامرة، اضافة الى خرائط رقمية للمسارات السياحية للوديان، وتقنيات حديثة مرتبطة مع الشرطة السياحية والدفاع المدني.
وبينوا ضرورة التأكد من ترخيص الادلاء السياحيين، إذ ان الدليل السياحي يتمتع بمهارات عالية، ويأخذ بالاسباب كحالة الطقس ويرفض رفضا قطعيا اصطحاب ابناء اعمارهم تقل عن 18 عاما في وديان وعرة.
رئيس لجنة السياحة والآثار النيابية المحامي اندريه حواري، اعتبر ان سياحة المغامرة مستحدث جديد، وكان هناك توجه لتسويقه وتقديم مقترحات بشأنها من قِبل وزارة السياحة والاثار، في الوقت الذي لم تكن التحضيرات مكتملة لهذا النوع من السياحة.
وأشار الى ان في سياحة المغامرة خطرا على اولئك الذين لا يملكون لياقة رياضية وصحة مناسبة تتحمل الصعاب والمغامرات، وممن تقل اعمارهم عن 18 عاما.
ودعا الى ايجاد تشريعات ناظمة تحفظ حياة السائح في هذا النوع من السياحة ، وتطبيق شروط السلامة العامة . وطالب بتمكين الادلاء السياحيين بهذا النوع من السياحة، واعطاء دورات كافية ومتخصصة، والتشديد على وجود بوابات في تلك المناطق التي تمارس فيها سياحة المغامرة، وتكثيف رقابة الشرطة السياحية ووزارة السياحة والاثار فيها، بحيث لا يسمح دخول من لا تتوافر فيه الاهلية والشروط التي ينبغي توافرها سواء للدليل السياحي او السائح او الممارس لهذا النوع من السياحة، مع إيجاد فرق انقاذ في تلك المناطق. استاذ كلية السياحة والفندقة في الجامعة الأردنية الدكتور ابراهيم بظاظو، قال ان سياحة المغامرة موجودة في كل دول العالم، إلا انه لا توجد خطة استراتيجية لمثل هذه السياحة الحديثة في الاردن، على الرغم من وجود وديان وشعاب تتميز بجماليتها وطبوغرافيتها على امتداد الساحل الشرقي للبحر الميت، وتعد من اجمل الوديان على مستوى العالم.
ودعا الى إيجاد خرائط رقمية للمسارات السياحية للوديان، بحيث يتم الاستدلال على الوديان ومساراتها من قبل الدفاع المدني والشرطة السياحية، مبينا ان اودية البحر الميت مقومات سياحية تنتظر التنظيم.
كما دعا الى تزويد الشرطة السياحية والدفاع المدني ولأدلاء السياحة للتعرف بشكل شمولي على بيئة المنطقة وتتبع افراد المجموعة، بحيث تكون الاجهزة مرتبطة فيما بينها الكترونيا مع تلك الجهات، تلافيا لوقوع حوادث ساعة الخطر او الازمة. وطالب باتخاذ التدابير اللازمة لمنع وصول السياح والرحلات بشكل عام والمدرسية منها بشكل خاص لتلك المواقع الخطرة ، حفاظا على الصحة والسلامة العامة.
وبين ان اودية الاردن من اجمل الوديان الموجودة في العالم والتي تحكي نشوء سطح الارض ، فهي جزء من حفرة الانهدام والتي تتمثل في العديد من المظاهر والينابيع المعدنية، واشكال سطح الارض بتنوعها والتي لا يوجد لها مثيل في العالم.
واضاف ان هذه المقومات السياحية الخام تحتاج الى ادارة متميزة ، تستطيع وضعها على الخرائط السياحة العالمية استنادا على توفير عدد من المتطلبات الاساسية ، ومن اهمها توفير اجهزة مثبتة على طول امتداد هذه الوديان ،والتي تلتقط تحركات الصخور وتقلبات الجو، وترسل بإشاراتها الى مركز الاستعلامات السياحي للتعرف على كافة ما يحيط بالمنطقة والوديان من اية تأثيرات طبيعية او بشرية تؤثر على الموقع .
وبين ان الدليل السياحي تقع عليه المسؤولية كاملة في ادارة الرحلة السياحية والمحافظة على حياة السيّاح ، ولابد من توافر تقنيات لديهم كاجهزة تقنيات الانذار المبكر والاستشعار عن بعد ونظام (جي بي اس) وهو نظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية يقوم بتوفير معلومات عن الموقع والوقت في جميع الأحوال الجوية في أي مكان على أو بالقرب من الأرض، أما غير المرخصين منهم والذي يسمى الواحد منهم ب(الكابتن) ، فهو غير مؤهل لقيادة المجموعات السياحية ولا يمتلك تلك التقنيات.
ودعا الى توفير أدلاء سياحيين مرخصين وفق الاسس والمعايير العالمية وليس المحلية، الذي تشترط القدرة البدنية والعقلية ، إضافة الى القدرة على التعامل مع التقنيات التكنولوجية المتمثلة بأجهزة الاستشعار عن بعد ، إضافة الى المعدات التكنولوجية التي تعمل بكافة الظروف الطبيعية والتحت سطحية سواء أكانت بالمناطق الصحراوية المكشوفة او مناطق الوديان او بالبتراء.
وقال انه يجب العمل على توفير استراتيجية واضحة المعالم ، تشير بوضوح الى اهمية تطوير انظمة العمل بشكل متكامل يجمع ما بين الشرطة السياحية وكوادر الادلاء السياحيين للعمل بشكل متكامل لكافة الاطراف ، بتنسيق وادارة الرحلات السياحية في وديان الاردن التي تعد من اجمل الوديان والشعاب في العالم.
واوضح ان هذا النوع من سياحة المغامرة يتطلب مجهودا بدنيا وقدرة على تحمل الصعاب ، لذا فان المكاتب السياحية في الدول المتقدمة، وعند القيام بهذا النوع من الرحلات يشترط عددا من الشروط أهمها ان لايقل عمر المتقدم لهذه الرحلات السياحية عن 18 عاما، وإحضار وثائق وإثباتات صحية تدل على ان الشخص لائق صحيا وقادر على تحمل الصعاب وان لا يتجاوز عمر الدليل السياحي عن 35 عاما.
واعتبر ان هناك تضاربا واضحا بين القوانين الخاصة بالشرطة السياحية مع القوانين الموجودة لدى وزارة السياحة، ومع قوانين جمعية السياحة والسفر والجمعية الملكية لحماية الطبيعة في تنظيم هذا النوع من الرحلات، فهذا التضارب والتشتت أدى الى حوادث غرق السياح الاجانب والاردنيين فمنذ سنوات بسيطة كان هناك حوادث متفرقة أصابت السياح في تلك المناطق وفي العديد من المواقع الاثرية الموجودة في البترا ورم وأم الرصاص وقصير عمرة .
تقارير لمنظمة اليونسكو تظهر ان هذه المناطق الاثرية والتراثية معرضة للتدمير بفعل الفيضانات ، إضافة للاودية المنتشرة على السواحل الشرقية للبحر الميت والتي فيها عدد من المواقع الاثررية الرومانية والتراثية تم جرفها بفعل الفيضانات الومضية.
وأوضح ان الرومان ومنذ أقدم العصور أقاموا عددا من الوسائل لضبط حركة المياه على طول هذه الاودية واليانبيع المعدنية ، وقد دلت التقنيات الاثرية على ذلك بوضوح، ومن هنا ندق ناقوس الخطر بسبب التغيرات المناخية التي يتعرض لها العالم ،وما يؤثر بذلك على مواقعنا وكنوزنا الاثرية المعرضة للتدمير، ما لم يكن هناك خطة واستراتيجية واضحة، للحفاظ عليها بشكل مستدامللاجيال القادمة.
واوضح انه من الاهمية تنظيم المناطق السياحية الى اقاليم ، وهي اقليم وادي الاردن واقليم المرتفعات واقليم البادية وكل واحد من هذه الاقاليم يحتوي على خصائص طبيعية وتحتاج الى ادارة مختلفة عن الاخرى للتعامل مع الظروف المصاحبة لكل اقليم كل على حدا.
رئيس جمعية الأدلاء السياحيين حسن عبابنة، اعتبر أن أنواع السياحة المختلفة بشكل عام والمغامرة منها بشكل خاص، تتطلب أساسيات وشروطا لممارسيه سواء لمقدم الخدمة او متلقيها.
وأشار الى ان مثل هذا النوع من سياحة المغامرة ، تعتبر من السياحة المستدامة الحديثة في قطاع السياحة الاردني، لتمتع الاردن بمناطق جذابة وجاذبة، مبينا ان الاصل في ممارسة هذا النوع هو توفر البنية التحتية السليمة والمنظمة لهذا النوع من السياحة، وبالرغم ان بعض المناطق فيها جاهزية لسياحة المغامرة ، إلا ان أغلب المناطق الاخرى غير جاهزة لمثل هذا النوع من السياحة.
وأوضح انه بسبب كثرة وجود الاودية الجاذبة لمثل هذا النوع من السياحة واتساع رقعتها الجغرافية ، وضعف الرقابة على مثل هذا النوع من السياحة ، دفع البعض الى سهولة الاعتداء على مهنة الادلاء السياحيين المختصين والمرخصين وكذلك المكاتب السياحية المرخصة.
وبين أن الدليل السياحي المرخص لديه القدرة على قراءة المجموعة السياحية بغض النظر عن أي نوع من السياحة الذي ينفذها، فبالرغم من وجود 300 مجموعة سياحية تتجول سياحيا على مستوى المملكة، وبخاصة في المغطس والبحر الميت ، إلا انه تم قطع الرحلة وإرجاعهم الى الفنادق، كذلك قام في حينها مدير محمية الموجب بإغلاق المحمية لخطورتها على حياة الناس بوجود المنخفض الجوي، ولم تكن حينها في تلك المجموعات السياحية اية حادثة طارئة.
وقال الاستاذ في قسم الاثار والسياحة في جامعة مؤتة الدكتور طالب عبد الله الصمادي أن هناك معضلة فيما يتعلق بالادلاء السياحيين وبخاصة غير المرخصين وغير المؤهلين تاريخيا وثقافيا ومهنيا ، مما يدفع بعض المجموعات السياحية أن تعين من داخلها دليل سياحي.
واضح انه لابد من تأهيل الدليل السياحي ثقافيا وتعليميا ومعرفة جيدة باللغة الانجليزية، لتصبح سياحتنا الداخلية اكثر جودة ،ومعرفة بالامور الجغرافية والطبوغرافية لمنطقة البحر الميت التي تعتبر ذات صفائح تكتونية زلزالية غير مستقرة.
وأشار الى ان سياحة المغامرة أُدخلت حديثا على السياحة، وفجأة تم اقتحام هذا النوع من السياحة بدون وجود مؤهلين وكذلك بدون تجهيزات سياحية مناسبة وبدون شروط سلامة عامة، ولابد من توفير دورة تأهيلية لسياحة المغامرة وتدريب الاشخاص فيها لوجود خطورة عالية.
وقال ” لابد من ترميم المواقع السياحية وتجهيز البنية التحتية، وأن ما حصل من أول ( شتوة ) ،وعدم وجود جاهزية جيدة للبنى التحتية وما تسبب بذلك بحدوث حادثة الخميس، ينذر بضرورة الالتفات لهذا الامر بجديّة”.
وبين انه من الضروري إيجاد خرائط للمسارات السياحية، وهي تقع على عاتق الجهات المعنية كوزارة السياحة والاثار، والعمل على اعادة النظر للمواقع السياحية والاثرية،ولابد من الاستعانة بالكوادر العلمية والخبرات المؤهلة في إدارة السياحة والاثار، إذ لابد من نزول المعنيين على الميدان في كافة محافظة المملكة والتأكد من مدى جاهزية المواقع والمناطق السياحية والاثرية.
يشار الى ان معدل إنفاق سائح المغامرة 3000 دولار عالميا إذ أن متوسط مدة رحلة المغامرة في العالم تصل الى 8 أيام ومتوسط عمر سائح المغامرة 48 سنة حيث يشكل الذكور ممن يشاركون في سياحة المغمرات حول العالم 47 %.