مرايا – أفاد النائب معتز أبو رمان – رئيس اللجنة المصغرة للتدقيق على تقارير ديوان المحاسبة – ، في الاستعراض الأولي للموازنة العامه للدولة في أول لقاء للجنة المالية مع وزير المالية ومدراء الدوائر التابعة له ومدير عام الموازنه بالوكالة ، بأن هذه الموازنة لا تشكل فارقا” عن الروتين الحكومي المتبع في إعداد الموازنات السابقه. وإن ابرز ما جاءت به هذه الموازنه هو زيادة الاعتمادية على الضرائب كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي مما يجعلها موازنه مالية بامتياز و ليست اقتصادية محفزة للنمو، بالإضافة الى تكرار اخطاء السنوات الثلاثة الأخيرة في المغالاة بشكل كبير في تقدير نمو الإيرادات الضريبية و التي لم تتحقق أصلا”، مستدلا” هنا بالفارق بين إجمالي الإيرادات الفعلي عن المقدر في الموازنات ٢٠١٦-٢٠١٧ -٢٠١٨ ، و أضاف ان ٢٠١٩ قد جاء فيها ارتفاع الضرائب غير معزز بشقيها الدخل و المبيعات بمقدار ” ٧٢٥” مليون بما يعادل ارتفاع ١٥.٥٪ عن الفعلي عن العام الذي سبقه بحيث تصل الى ٥.٢٧ مليار دينار ، مستهجنا الفارق النسبي مقارنة بمعدل النمو الاقتصادي المنخفض أصلاً والذي لن يصل بحده الأقصى الى ٢.٣٪ ! مما يعني ازدياد الاتكاء على الحلول الجبائية المنهكة للوطن و للمواطن ..
اما عن بند الإنفاق الجاري فقال ابو رمان ” لم يتم كبح جماحه و ارتفع بمعدل ٣.٩٪ عن العام الذي سبقه،،و كما تراجع الإنفاق الاستثماري للعام ٢٠١٨ عن المقدر له بمقدار ١٥٠ مليون و لينمو في عام ٢٠١٩ بمقدار ٢٢٠ مليون متجاوز سقف مليار و مائتان و أربعون مليون دينار ..”
في حين قال أبو رمان ان المنح الخارجيه تراجعت بمقدار ٣١٥ مليون لتصبح ٦٠٠ مليون فقط مما يعكس تقصير المجتمع الدولي في دعم الاْردن رغم موقفنا الإنساني و المشرف الذي نتحمل أعباءه بالنيابة عن المجتمع الدولي برمته و الذي ادى الى استنزاف مواردنا المالية والاقتصادية والمعيشية بسبب ما نتج عن أزمات إنسانية لدول الجوار.
أما صندوق التعويضات و التقاعد المدني فقد نما بحوالي ٥٠ مليون دينار ، و لا زال هنالك ١٧٠٠٠ موظف ينتظرون التقاعد بالسنوات القادمة لغاية عام ٢٠٢٥ تقريبا” مما يشكل حملا ثقيلا” على الموازنة يكبر و يتمدد سنويا” و سيتجاوز سقفه المليار و ثلاثمائة و سبعون مليون دينار العام القادم بما يعادل ١٥.٣٪ من الموازنة العامه ..
اما عن فوائد خدمة الدين العام فقال ابو رمان انها تنمو ضمن معدلها نتيجة ارتفاع المديونية و ارتفعت ١٨ مليون لتصل خدمة الدين نهاية ٢٠١٩ بمجمله الى مليار و ثلاثين مليون ،،و نوه الى ان الحكومة لا زالت تزاحم القطاع الخاص بالاقتراض من البنوك المحليه حيث وصلت الاستدانه المحليه الى ٥٤٪ من حجم الدين العام ! مما له انعكاسات سلبيه على ارتفاع نسب الفوائد على صغار المقترضين و المشاريع المتوسطه و إِحجام البنوك عن الإقراض للقطاع الخاص لاستغلال المدخرات لقطاعات اكثر أمانا” لها مثل الحكومه.
اما بند سداد الالتزامات السابقه و البالغ رصيده الحالي مليار دينار تقريبا” و المرحل من موازنات سابقه تجاوز فيها الصرف السقوف الممنوحه في المقدر بالموازنه فقال أبو رمان ان هنالك تراجع سلبي في معدل السداد الى ٢٠٠ مليون فقط في عام ٢٠١٩ علما ان ٢٠١٨ سددت ضعف المبلغ تقريبا” حيث بلغ بند الالتزامات السابقه ٣٩٠ مليون .
هذا و طالب أبو رمان باعتماد مبدأ المتابعة والتقييم للموازنة من خلال تقييم الأداء ومقارنة وتحليل النتائج بشكل دوري وربع سنوي ، و ان يكون ذلك نهج ثابت للجنة الماليه و مستمر طوال العام و ليس فقط الاكتفاء بقبول او رد الموازنه عند عرضها ،،
قال أبو رمان ان البند الأخطر هو العجز و انه لا يزال يتفاقم و سيبلغ مجموع عجز الدولة و وحداتها الحكومية للعام ٢٠١٩ “٧٥٦ “مليون و معرض للارتفاع في حال تراجع الإيرادات المحليه عن المتوقع للعام القادم،، و الذي سيضاف الى الدين العام الذي يقترب من سقف ٣٠ مليار اردني ، ، مما يعني أن خطة التحفيز الاقتصادي لم تؤُتي أكلها بل تراجع الاداء انعكس على مالية الدولة و غلاء الأسعار و تفاقم الدين العام مضيفا”يبدوا اننا لم نخرج من عنق الزجاجة بل أصبحنا في قعرها !”
و ختم بقولة ، ، حان الأوان على الحكومة التفكير خارج الصندوق ، فقد ثبت ان نهج الحلول الضريبيه بأنواعها ليست مجدية و قد اثقلت كاهل الاقتصاد الوطني و المواطن و أدت الى تراجع الاستثمار و غلاء المعيشة ، في حين ان الحلول الاقتصاديه الناجعة هي بتخفيض الضرائب و زيادة قاعدة الوعاء الضريبي من شريحة الدافعين المستحقين و تحفيز مشاريع الشراكة مع القطاع الخاص ، و أضاف ان تقليص الضرائب سيساهم في رفاه الاقتصاد و ازدياد التنافسيه و انخفاض الأسعار و ارتفاع القدرة الشرائيه لدى المواطنين و بالتالي نمو الناتج الإجمالي و انخفاض نسبة الدين العام… : نظرة أولية في موازنة ٢٠١٩ ” من عنق الزجاجة الى قعرها !”