مرايا – يشكك خبراء ماليون واقتصاديون في قدرة الحكومة على تحقيق معدل النمو الذي بنت الحكومة توقعاتها عليه في موازنة العام المقبل والبالغة 2.3 % مقارنة مع 2 % في العام الحالي.
ويرى الخبراء أن سياسة الحكومة المبنية على فرض مزيد من الضرائب سوف تزيد الظروف الاقتصادية تعقيدا فيما يعتقد البعض أن النمو سيكون “مصطنعا” لأنه سينتج عن ارتفاع الايرادات بسبب زيادة التحصيل من بند الضرائب وليس من الإنتاج.
وبين الخبراء أن معدل النمو المتوقع ليس حقيقيا وأن جزءا منه يتعلق بارتفاع معدل النمو السكاني وبالتالي الاستهلاك ومعدل التضخم.
ولفت البعض إلى أن السياسات الحكومية بفرض مزيد من الضرائب والرسوم والغلاء المعيشي قد لا يخدم توقعات الحكومة بتحسن معدل النمو.
وكان وزير المالية د.عز الدين كناكرية قال في خطاب الموازنة أخيرا “لقد عانى اقتصادنا الوطني من حالة التباطؤ في النمو متأثرا بالتطورات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الاخيرة والتي كان لها انعكاسات سلبية على اقتصادنا الوطني إذ تشير البيانات الاولية الى ان النمو الاقتصادي الحقيقي لهذا العام سيبلغ حوالي 2 % يرتفع في عام 2019 الى حوالي 2.3 % إلا ان الخطط الحكومية الهادفـــة الى تحفيز النمو الاقتصادي تسعى الى تحقيق معدلات نمو أعلى”.
وزاد ” ذلك يتطلب منـــا العمل على تســـــريع وتيــــرة تطبيق الإصلاحات الهيكلية، ومراعاة تحديد الأولويات بمنتهى العناية والحرص وتبني الإجراءات والقرارات الهادفة إلى تشجيع الاستثمار وتوفير فرص عمل لأبنائنا ضمن بيئة اقتصادية محفزة وبنفس الوقت تتسم بالاستقرار المالي والنقدي”.
الخبير المالي مفلح عقل قال إن “الظروف الاقتصادية في العام المقبل أصعب من العام الحالي وبالتالي فإن النسبة التي تتوقعها الحكومة غير حقيقية ولا تنم عن تحسن في الظروف”.
وتساءل عقل أن كيف تتوقع الحكومة تحسن في النمو وهي تفرض الضرائب والرسوم في ظل ثبات الأجور وهبوط القوى الشرائية.
وقال إن “أثر ارتفاع النفقات وانخفاض أسعار النفط وتوقعات موسم زراعي جيد للعام المقبل قد يكون له أثر على النمو الاقتصادي ولكن محدود”.
وأضاف عقل أن “لايوجد مؤشر مبشر في الأفق يدعو للتفاؤل بتحسن الأوضاع سواء محليا أو إقليميا”.
وتطرق عقل إلى توقعات صندوق النقد الاخيرة للنمو في العالم بشكل عام أو للدول منفردة بشكل خاص إذ خفض توقعات لعدم وجود مؤشرات للتحسن الملحوظ.
وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 2.3 % للعام الحالي بدلا من توقعاته السابقة التي رجحت أن يبلغ النمو 2.5 %.
كما خفض الصندوق توقعاته حول النمو للعام المقبل إلى 2.5 % بدلا من 2.7 %.
ومن المتوقع أن يتراجع معدل النمو في المنطقة إلى 4 % في العام 2019 ويمثل استمرار النمو القوي في مصر وباكستان في السنة المالية 2018 القوة المحركة وراء ارتفاع النمو الكلي في المنطقة، مما يحجب النمو الأضعف والأكثر هشاشة في البلدان الأخرى، لا سيما البلدان المتأثرة بالصراع أو تداعياته (أفغانستان، الأردن، لبنان، الصومال).
بدوره رأى خبير الاستثمار وإدارة المخاطر د.سامر الرجوب أن معدل النمو المتوقع من قبل الحكومة ليس مرتفعا ولكنه غير حقيقي وجزء منه هو معدل نمو سكاني.
واتفق الرجوب مع عقل حول أن الضرائب سوف تؤثر على الاقتصاد وتشكل مزيدا من الضغط على النمو الاقتصادي.
ولفت إلى أن النمو الاقتصادي قد يكون جزء منه هو ارتفاع معدل التضخم من جهة وارتفاع الاسعار نتيجة الضرائب من جهة أخرى، وليس تحسن الطلب العام.
من جانبه، قال خبير الاقتصاد السياسي زيان زوانة إن “عملية رفع نسبة النمو للعام المقبل سهلة القول ولكن صعبة التحقيق في ظل هذه الظروف الصعبة”.
ولفت زوانة إلى أن الحكومة لا تعيد تقديرها للنمو الاقتصادي كل ربع وتعتمد على المعدل الذي توقعته بشكل عام.
وبين أن رفع الحكومة لتوقعاتها لمعدل النمو يخدمها في موضوع توقعاتها بتراجع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي.
واتفق زوانة مع سابقيه حول أن فرض مزيد من الضرائب والرسوم وعدم القدرة على جذب الاستثمار لا يخدم توقعات الحكومة بتحسن معدل النمو للعام المقبل.
وقال إن “عدم استقرار التشريعات ينفر الاستثمار ويشكل حالة من عدم اليقين إلى جانب أن الحراك الشعبي في الأردن رغم ايجابياته محليا ضد القرارات الحكومية الا أنه يؤثر سلبا على الاستثمار”.
وأضاف زوانة أن “لدينا أزمة داخلية بأن الحكومات المتعاقبة غير قادرة على وضع سياسات تخدم البلد اقتصاديا، إلى جانب أن الوضع الاقليمي يزيد الظروف سوء”.
ولكن بين زوانة أن على الحكومة أن لا تتمسك بحجة الوضع الإقليمي كشماعة تعلق عليها عدم تحسن الظروف المحلية.