مرايا – يشارك الأردن المجتمع الدولي غدا الاثنين احتفالاته بالذكرى السبعين للاعلان العالمي لحقوق الانسان، والذي يحل في العاشر من كانون الأول سنويا، وأضحى في العصر الحالي وثيقة تاريخية مهمة «مع وقف التنفيذ» كون الاعلان فقد مصداقيته جراء العقبات غير المسبوقة التي تعيق ترجمة بنوده على ارض الواقع، وعدم قدرة الأمم المتحدة وهيئاتها الممثلة في مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان على تطبيق مواده.
ورغم المناخ القاتم الذي يحيط الاحتفالات بهذه الذكرى، غير ان هذه المناسبة تعد بمثابة فرصة يتطلع فيها العالم الى رؤية جديدة لحقوق الإنسان تتجه الى شيء من الإلزام ، وبالتالي التذكير بأهمية تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان في المجتمعات وترسيخها، بحيث تصبح مظلة للمنظومات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
واعتمدت الجمعية العامة للامم المتحدة الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 بهدف حماية حقوق الإنسان دون النظر الى اي انتماء ديني او عقائدي، واعتبر حينها وثيقة تاريخية مهمة، وإنجازا كبيرا على صعيد حقوق بني البشر، لكن للاسف هذه المفاهيم اضحت في عصرنا الحالي حبرا على ورق جراء الزيادة المتنامية في انتهاكات حقوق الانسان الواقعة على الرجال والنساء والأطفال في بقاع مختلفة من العالم.
وعلى مدى الـ (70) عاما المنصرمة دأب كل البشر على إحياء هذا اليوم والاحتفال به مجسدين بذلك تشبثهم وإيمانهم الراسخ بكرامة الإنسان وحريته وحقه في الحياة الكريمة بكل جوانبها المادية والفكرية والروحية.
وبدأ الاحتفال بهذا اليوم رسميا اعتبارا من العام 1950 بعد ان اعتمدت الجمعية العامة القرار 423 الذي دعت فيه جميع الدول والمنظمات المهتمة بالامر الى اعتماد يوم العاشر من كانون الأول من كل عام بوصفه يوم حقوق الانسان.
وقد تضافرت على اعداده (الإعلان ) دول العالم كافة انطلاقا من سعيها الحثيث للنهوض بمستوى الإنسان وضمان حمايته من كافة الانتهاكات التي مورست ضده سابقا وما زالت، وللحيلولة دون وقوع المزيد من الانتهاكات مستقبلا.
وفي الوقت الذي تستعد فيه الأمم المتحدة ومؤسسات دولية أخرى لإحياء الذكرى السبعين ، فان مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما تلاها من اتفاقيات ومواثيق ذات العلاقة ُتداس وتُنتهك على مدار اللحظة، وأمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي صاغ وأقر تلك النصوص، دون أن يحرك ساكناً، ولا زالت تلك النصوص بمجملها حبراً على ورق بالنسبة للشعب الفلسطيني عامة وأسراه خاصة ، حيث لا زالت حقوق الإنسان الفلسطيني الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تنتهك على مدار اللحظة وبشكل لم يسبق له مثيل من قبل اسرائيل.
فالعام 1948الذي انطلق فيه الإعلان هو ذاته الذي اغتصبت فيه فلسطين ومنذ ذلك العام لا يزال الشعب الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال معانيا أبشع أنواع الاضطهاد واغتصاب الحقوق، ما يجعل ذكرى صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تعود والحروب تنهش صدر العالم وتنتهك حقوق الإنسان في جميع أنحائه أمام صمت المجتمع الدولي عن جرائم ترتكب في وضح النهار وعلى مرأى عدسات الإعلام وبشهادات الحقوقيين والمنظمات الإنسانية.
وفيما نصت مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن الناس جميعا يولدون أحرارا وهم متساوون في الكرامة والحقوق ولكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات دونما تمييز، إلا ان معايير حقوق الانسان التي تضمنها الاعلان العالمي لا تزال تصطدم بكثير من العقبات .
ولعل اهم تلك العقبات والعوائق، والتي افضت الى زيادة معاناة الإنسان، ولاتزال قائمة، هي ان بعض الدول الكبرى تتعامل مع حقوق الإنسان كشعارات نظرية دون ان تحرك ساكنا لتفعيلها، وهذا يتمثل في وجود اكثر من 700 مليون فقير في العالم، وانتشار ظواهر: الانهيار الاقتصادي ، التلوث البيئي في العديد من الدول الفقيرة، والانحباس الحراري، والانهيار الصحي في بعض البلدان، واستغاثة مئات الآلاف من المهجرين والمهاجرين والنازحين الذين تحدوا الموت في المحيطات جراء موجات النزوح غير المسبوقة نتيجة الحروب المتواصلة، والقتل بنهج عنصري وطائفي وتسلطي في بعض الدول كل ذلك امام مرأى وسمع هذه الدول.
ومن هنا تناشد المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان والناشطين الحقوقيين حول العالم سنويا المجتمع الدولي، ، أن يتحملوا مسؤولياتهم الأخلاقية والإنسانية، وأن يعملوا على حماية القانون الدولي وأن يصونوا اتفاقياتهم التي تُضرب بعرض الحائط من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وأن يضمنوا تطبيقها وتنفيذها على شعوب العالم كافة.