د. فيصل غرايبة يحاضر حول تجاربه في العمل الاجتماعي والثقافي
د. غرايبة: الهدف الرئيسي للتنمية الاجتماعية يتمثل في تحسين نوعية الحياة الإنسانية
د. الدجاني: فكرة الثنائية الأزلية بين الكاتب وقرائه تتحقق من خلال التفاعل المتبادل
المشايخ: الانتصار للوطن واستشراف المستقبل الأجمل والأفضل سمات المثقف في التزامه بقضايا الأمّة
مرايا – ألقى أ.د. فيصل غرايبة الباحث في قضايا المواطنة وعضو منتدى الفكر العربي محاضرة في المنتدى، مساء الأحد 6/1/2019، بعنوان “تجارب في العمل الاجتماعي والثقافي”، قدم فيها خلاصات حول نتائج خبراته ونظراته الفكرية في ميدان الخدمة الاجتماعية والميدان الأكاديمي، إضافة إلى نشاطه الاجتماعي والثقافي بما في ذلك الكتابة والدراسات والتأليف خلال أكثر من 50 عاماً. وشارك في التعقيب على المحاضرة بقراءات في عدد من مؤلفات د. غرايبة ومنها أحدث كتبه “أكتب عما يكتبون، ويكتبون عما أكتب” كل من: أ.د. بسمة أحمد صدقي الدجاني أستاذة اللغة العربية وآدابها وثقافتها في مركز اللغات بالجامعة الأردنية، والناقد والكاتب الأستاذ محمد المشايخ. وأدار اللقاء وشارك فيه د. محمد أبوحمور الأمين العام لمنتدى الفكر العربي.
وأشار د. محمد أبوحمور في كلمته التقديمية إلى أن العمل الاجتماعي يرتبط بالتنمية الشاملة وبناء الإنسان وتزويده بالمهارات الضرورية. وهذا البناء لا يتم دون الأفكار والرؤى والتفاعل معها لإيجاد الحالة الفكرية، التي تتكامل فيها الأدوار الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتشكل النسيج الذي تعتمد عليه التنمية، من خلال استثمار الطاقات في زيادة الإنتاج على المستويين الفكري والمادي، ومن ثم النهوض الحضاري للمجتمع، الذي يشارك فيه جميع أبنائه. كما أشار إلى أهمية دراسة الجوانب التربوية والتعليمية ودور القيم الأخلاقية والثقافية وأثرها على المجتمع الأردني والمجتمعات العربية مع دخول عصر المعرفة.
وأضاف د. أبوحمور أن التعليم والتدريب وحدهما لا يصنعان الإنسان المنتج دون العناية بالعقل والوجدان وثقافة الإنتاج، كون الإنتاج صورة من صور المشاركة والانتماء والمواطنة الحقة التي تعزز قدرة المجتمع على التطور والبقاء والتعامل مع التحديات بكفاءة، وهو ما تناولته دراسات ومؤلفات أ.د. غرايبة.
ومن جهته أوضح أ.د. فيصل غرايبة أن الهدف الرئيسي للتنمية الاجتماعية يتمثل في تحسين نوعية الحياة الإنسانية، من خلال إحداث تغييرات اجتماعية تساهم في تحقيق التوازن بين الجانبين المادي والبشري، بما يحقق بقاء المجتمع ونموه.
وأكد أن إشباع الحاجات الإنسانية يلازم هذا الهدف من حيث توفير التعليم والصحة والإسكان والثقافة والرعاية الاجتماعية، ومن خلال تزود الأفراد بالمعرفة والمهارات والقدرات التي تساعدهم على رفع مستوى الحياة، على أن يتم ذلك بالمشاركة الفعلية للمواطنين.
وقال: إن ثمة قضايا عديدة وأساسية يمكن أن تطرح في نقطة الالتقاء بين العمل الاجتماعي والعمل السياسي، مثل قضايا عدم المساواة في اتاحة الفرص، وفي توزيع الدخل، وابتعاد الكثيرين عن المشاركة، واحتكار النفوذ والمكتسبات، وظهور طبقة الأغلبية وطبقة المحرومين أوالأقل حظاً. وهنا يبرز دور العمل الاجتماعي في أن يساعد على تنمية المهارات المتصلة بأداء الإنسان لدوره بوصفه مواطناً، وأن يكون قادراً على إيصال صوته وتوضيح مطالبه، فيأخذ العمل الاجتماعي على عاتقه تنمية الاعتماد الذاتي مقابل التخلي عن الانتظار لمد يد العون، ويغذي روح الإنتاجية بدلاً من تنمية الاتجاه للاعتماد على الصناديق الحكومية والخيرية، وبذلك ينقل العمل الاجتماعي قضايا الفقر والبطالة من مضمار المساعدة إلى مضمار التنظيم المؤسسي، فضلاً عن ترسيخ المقومات التي تساعد على التعاون بين مختلف الجماعات للدفاع عن قضاياهم، والحصول على امتيازات وإمكانيات بشكل سليم.
ودعا د. غرايبة إلى مساعدة الشباب على إتقان التعامل مع معطيات التراث وفحواه في بناء المواقف تجاه القضايا المعاصرة، وفي تكوين النظرة نحو مستقبل الشباب أنفسهم ومستقبل مجتمعاتهم ودورهم في الوصول إلى المستقبل المنشود.
وقال: إن الوطن العربي يتميز بأجياله الجديدة المتميزة في مجال المبادرة الفردية، ولا سيما في بيئة الأعمال ووجود فائض من الاختصاصيين والفنيين، وأن جغرافية هذا الوطن الكبير تجعل له خصوصية كمشروع ثقافي ومختبر للعيش المشترك وجسر للتواصل بين الحضارات والثقافات، مما يقتضيه أن يصدر منتجاته بدلاً من تصدير أبنائه، وأن التنمية الشاملة لها دور أمني أساسي في الحد من البطالة والتشرد وتوفر شبكات الأمان الاجتماعي للفئات المهمشة، كما أن تقوم بدور وطني في توفير فرص العمل الكريم للشباب، والحد من الهجرة للخارج، وتساهم في انخراط النخب والقوى الحية في التنمية، مما يحتاج إلى رؤية واضحة ليكون الوطن مشروعاً اقتصادياً وثقافياً وحاجة للحضارة الإنسانية.
وفي تعقيبها على كتاب “أكتب عما يكتبون، ويكتبون عما أكتب” قالت أ.د. بسمة أحمد صدقي الدجاني إن أ.د. غرايبة يعمق في هذا الكتاب فكرة الثنائية الأزلية بين الكاتب وقرائه بالتفاعل المتبادل، فيخصص الباب الأول لكتاباته التحليلية والنقدية لمؤلفات اطلع عليها مبيناً أهمية موضوعاتها بشكل عام، ومواكبة محتواها مع التطور الذي نعيشه بشكل خاص، فيتناول كتب سير ذاتية يشارك مؤلفيها أحداثاً زمنية اجتماعية شهدها وأبناء جيله.
كما ركزت أ.د. الدجاني على تجليات فكر أ.د. غرايبة في ثلاثة من كتبه وهي كتاب سيرته “عتبات المستقبل .. سيرة كفاح وسيرورة وطن” 1914، و”رؤى بعيدة لمستقبل واعد” 2015، و”مفاتيح الارتقاء بالمجتمع العربي المعاصر” 2017.
وقال الأستاذ محمد المشايخ : إن كتاب “أكتب عما يكتبون، ويكتبون عما أكتب” يعتبر عملاً بنهج موسوعي، فهو يضم بين دفتيه ثروة معرفية ضخمة، ومعلومات وآراء ونظريات وأفكاراً يتسم معظمها بالشمولية والأهمية والجـِدّة والتنوّع والتعدد، وهدفها الرئيس النهوض الحضاري، والإصلاح الاجتماعي والإداري والسياسي. كما أنه كتاب ينفتح على كل وجهات النظر، لا ينحاز للماضي، ولا ينتصر لكاتب أو كتاب، بقدر انحيازه للحقيقة وانتصاره للوطن، واستشرافه المستقبل الأجمل والأفضل للإنسانية، وهي سمات المثقف في التزامه بقضايا الأمّة .
وعرض المشايخ لأبواب الكتاب وفصوله؛ مشيراً إلى أن المؤلف يبدأ حديثه عن كل كتاب تناوله بالنقد والتحليل بإبداء وجهة نظره في الموضوعات المطروحة، وتلخيص المضامين، ومناقشة المحاور وتقييمها، وإبراز الجوانب الإيجابية التي قدمها المؤلفون، عدا الإضافات النوعية لأفكار لم ترد فيها.
أعقب ذلك نقاش حول مختلف القضايا التي طرحها المحاضر والمعقبون، وحضر اللقاء أكاديميون وناشطون اجتماعيون وكُتَّاب ومثقفون.