مرايا – لأن الركن النيابي هو جزء أساسي في نظام الحكم في الأردن، ويتقدم على سائر الأركان، فإننا في هذه الحلقة نعاين المشهد النيابي البرلماني، وعلاقته بالأوراق النقاشية الملكية، وأفكار التطوير والتحديث من أجل ديمقراطية ناجزة، كيف استجاب مجلس النواب إلى أفكار الملك ؟ ، وكيف تعامل مع رؤيته الثاقبة من أجل إصلاح مؤسسة البرلمان لكي توافق أو تتوافق مع التحديات الراهنة والزمن الحاضر والمستقبل القادم .. هذا الحوار ضمن برنامج اوراق ملك سيكون مع رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة .
نبدأ الحوار حول الورقة النقاشية الثالثة لجلالة الملك عبدالله الثاني، ولا بد من العودة إلى النص، والتي يقول فيها جلالة الملك (يتمثل دور مجلس النواب الأساسي في تشريع قوانين ذات أولوية، يصب تنفيذها في خدمة مصالح وطنية عليا، وممارسة دوره في الرقابة على الحكومة ومساءلتها على ما تتخذه من قرارات، وبدوره، يخضع مجلس النواب لمساءلة المواطنين الذين انتخبوا أعضاءه، وهذا هو جوهر المسؤوليات التي على كل نائب النهوض بها).
سؤال :إذا ما ذهبنا إلى مسألة المساءلة والتقييم، البعض يقول أن نظرة الناس للنواب ولمجلس النواب اجتماعية صرفة، بالتالي يغيب التقييم على أساس معايير ديمقراطية والتي هي الرقابة والمساءلة الحكومية، ما رأيكم؟
-الطراونة : بالتأكيد مجلس النواب من صلب عمله الدستوري هو التشريع والرقابة، ويقوم بهذا الدور، فأنا تشرفت برئاسة هذا المجلس والمجلس الذي سبقه، ووجدت أن مجلس النواب إذا ما أخذنا بالمعايير العالمية ما هي جلسات الرقابة وجلسات التشريع التي فرضها مجلس النواب، نجد بأنها تتميز بجرأة وبطرح مصالح وطنية عالية جداً، بغض النظر أن هناك مصالح فردية للمجتمعات، لأننا في المحصلة مخرجات قوانين انتخابات عناصر التصويت مبنية على كم عدد الناخبين الذين يعرفونك شخصياً وتعاملت معهم ولهم خدمات فردية ولهم مصالح فردية، فهذا لا يلغ دور المؤسسة التشريعية، أو أن النائب عندما يصل إلى قبة البرلمان أن يكون رقابيا وتشريعيا وأن يضاف له العبء الآخر وهو خدمة المجتمع المحلي الذي أوصله إلى قبة البرلمان.
سؤال : الرقابة في مجتمع مثل الأردن تعتبر صعبة من قبل النواب ليمارسوها، أو ليقنعوا المواطنين بأن هدف النواب هو مراقبة الحكومات، لأن النواب متعلقين بالخدمات بشكل أساسي، في ظل وجود مجالس محافظات، أو حكومات محلية أو حكم محلي هل يمكن أن يقلل في المستقبل من الضغط على النواب وبالتالي تصبح المطالب هناك وليس هنا؟
الطراونة: اليوم مضى حوالي عام على مجالس المحافظات، ولم تحظ ببرامج حقيقية بتفعيلها حتى تكون بديلة أو تحمل جزءا من الهم المحلي في كل دائرة انتخابية، أي بما معناه عندما ينتخب مجلس محافظة وهو مجرد من الصلاحيات حتى أماكن للاجتماع مع المواطنين أو الالتقاء بهم للاستماع إلى همومهم غير متوفرة، هذا الكلام يثبط عزيمة المواطنين ومن ثم يلغ الدور الأساسي للمجلس لأنه عندما تبدأ بأي مشروع يجب أن تبدأ بزخم عالي جداً وليس متباطئاً أو متذمراً من قلة النفقات، وحتى الكرسي الذي تجلس عليه غير متوفر، أتصور بأننا أخفقنا في هذا، ويجب أن يكون هناك اعتراف ضمني، فيجب أن تبدأ بزخم عالي جداً وما هو الدور الحقيقي لها، أن لا تكون حلقة إضافية، أن يكون مناطاً بها ترتيب أولويات الدائرة الانتخابية أو المحافظة التي بها هذا المجلس، وأن لا يكون جزءاً تابعاً إلى الحاكم الإداري في المحصلة، لا تعد « لا مركزية» ، فتكون مركزية مائة بالمائة لكن بمسمى لا مركزية، أنا مع أن تأخذ جزءا من الاستقلالية، وأن يكون فيها جزء من موظفي الدولة، ويخضعوا لإدارة الجهة المنتخبة، حتى نعطي زخما وجدية لهذا الموضوع .
سؤال : الملك تحدث في الورقة عن الدور الأفضل للنائب وهو الرقابة والمساءلة، ويتحدث عن المصلحة الوطنية العليا، بعض الناس يرون ان هناك مصالح شخصية في العلاقة مع الحكومات، ألا يشكل هؤلاء عبئا على العملية الديمقراطية وعلى شكل المجلس أمام الناس؟
الطراونة: أنا أتصور بأن مجالس النواب تدفع ثمنا باهظا جداً نتيجة للخلل في التعامل ما بين مؤسسات الدولة، عندما نتحدث بأن الشعب هو مصدر السلطات، ونظام الحكم في الدولة بموجب الدستور الأردني هو نيابي ملكي وراثي، ما هو المطبق من هذه المحطات، على أرض الواقع؟ اليوم بشق الأنفس تستطيع أن تحمي مؤسستك من التغول من الجهة التنفيذية، أو من الحكومات بالذات .
سؤال : ما تحدثت به يقع ضمن تطوير أداء مجلس النواب، وهذا الشاهد لوحظ أنه كان في آخر مجلسين ربما، حيث أصبح القانون أو مشروع القانون يأتي ويذهب إلى اللجنة المختصة ثم يدرس ويجري الحوار عليه مع الفئات التي يستوجب الحوار معها، كيف تقرأ، وقد أشارت الورقة النقاشية الثالثة إلى تطوير آليات والنظام الداخلي لمجلس النواب، وامتدحت ما حصل، كيف تقرأ ما أنجزت، وكيف تقيمه كرئيس مجلس النواب وماذا تطمح في المستقبل؟
الطراونة: بالتأكيد أننا استفدنا من توجيهات الورقة النقاشية الثالثة لنا والتي تخصصت في العمل وفي الشأن النيابي، وعملنا على تغيير نظامنا الداخلي في مجلس النواب بخطوات كثيرة جداً إيجابية، ومثلما تفضلتم اليوم أصبح قاعدة من قواعد العمل البرلماني بأنه يجب أن يحول حتى لو كان تعديلا بسيط جداً أو طفيفا على مادة من المواد أن يذهب إلى اللجنة المختصة حتى يأخذ حقه من القراءة ومن ثم يساهم فيه الزملاء الآخرين بروية وبعيداً عن الاستعراض أو الذهاب فوراً إلى الإقرار، وقد يكون هنالك نوع من الأخطاء، عندما تكون بلجنة تأخذ الحق في الوقت وأهل الخبرة يقدموا مقترحاتهم ونحن كزملاء لهم عندما نشعر بأننا أرسلنا هذا التشريع إلى اللجنة المختصة نشعر بنوع من الطمأنينة بأن زملاءها تناولوه وما يطلبوا من تسهيلات أثناء وجودي كرئيس مجلس النواب كنت لا أبخل في تقديم بعض المستشارين والدعم لهم.
سؤال : هل تقصد هنا أنك تذهب كمؤسسة تشريعية إلى الجامعات وإلى المؤسسات وإلى النقابات والهيئات المختصة؟
الطراونة، نعم، وكنا نرسل بعض نسخ من جداول أعمالنا إلى نادي القضاة وهم بيت خبرة كبير جداً، وإلى بعض عمداء الكليات في الجامعات الأردنية حتى نستشيرهم ومن ثم نغذي المعلومات القادمة، أيضاً هنالك مركز دراسات في مجلس النواب.
سؤال : وتحدثت الورقة النقاشية عن مركز الدراسات البرلمانية..
الطراونة: نعم ، وكان له دور كبير جداً بأنه يمحص ويضع أكثر من خيار أمام أصحاب الشأن من هم السادة النواب أعضاء اللجنة الرسمية، فيكون أمامه خيارات كثيرة جداً، مدروسة ومبنية على أرقام وعلى حقائق وبينات، فمثلاً هناك تشريعات كانت لأول مرة تمر في تاريخ الدولة الأردنية مثل المساءلة الطبية، لا يوجد في الأردن هذا النوع، ثم أرسلنا اللجنة المعنية إلى دولتين، إلى الإمارات وإلى بريطانيا الذين سبقونا في هذا التشريع، واستفدنا من خبراتهم، وأيضاً تحاشينا الأخطاء التي وردت في تشريعاتهم، فكان لنا دور كبير جداً في أن نخرج بتشريع نحن اليوم فخورين به، بأنه أصبح نافذاً.
سؤال : عندما نتذكر المجلس النيابي الثامن عشر، وحتى السابع عشر، أنت كنت رئيس لهذا المجلس، لكن دائماً ربما غير محظوظ في ظل وجود أزمنة شعبية ضاغطة على الحكومات، وعادة ما يكون في هذه الأزمنة قوانين غير شعبية، كيف يتعامل عاطف الطراونة النائب وعاطف الطراونة رئيس المجلس مع قانون مثلاً يكون غير شعبيا تريده الحكومة والوطن يريده ولكن الناس يرون أنه يضر في مصالحهم، فأين يقف حس عاطف الطراونة الإنساني والنائب وابن الوطن وبين ضرورة التشريع والمصلحة الوطنية؟
الطراونة: حتى لا نذهب بعيداً آخر قانون تم تشريعه هو قانون الضريبة، وبالتأكيد أنه قانون غير شعبوي وقانون جدلي وقانون أطاح بحكومات سابقة، وقانون رفض قبل أشهر من جميع أبناء الشعب الأردني، عندما حوله مجلس النواب إلى اللجنة المختصة بدأ يتعامل مع المختصين بهذا الشأن، فأفرد أكثر من 39 جلسة في اللجنة المختصة والتقى بالصناعيين والتجار ومن ثم بالبنوك ورجال الأعمال، وأيضاً ذهب إلى النقابات فاجتمع بجميع أطياف المجتمع الأردني المعني بتقديم رأي فني حول هذا القانون، وتم معالجة الكثير من مواد هذا القانون وتوضيحها أيضاً من خلال منصات مجلس النواب ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال فيديوهات بحيث نبرز كيف كان القانون وما هي النقلة النوعية التي تمت عليه في ظل هذه الحكومة، وحدث تغيير، لكن لا يرقى هذا التغيير إلى مستوى طموح الشعب الأردني، لكن هنا يبدأ المشرع بأنه لا يكون شعبوياً، فيجب أن يكون له عينان، عين على الوطن وعين على المواطن، فعندما تكون له مصلحة وطنية عليا، عندما نجد أن الدولة لا تستطيع أن تتقدم لا باقتراض ولا بمنح ولا بأي شيء معين، حتى تتقدم بقانون يضمن سير هذه المنح أو طريقة السداد، فكان هنالك واجب وطني، ونعرف جيداً بأن القانون قد يكون مجحفا للوضع الاقتصادي الذي نمر فيه، فنحن مررنا بمعركة حصار بعد الربيع العربي، فعشنا معركة اقتصادية أكثر من المعركة العسكرية والميدانية بالقتال مع الإرهاب والإرهابيين، فكان هناك عبء جداً على المشرع الأردني أن يتحمل مسؤولياته وأن يكون جزءاً من منظومة الدولة، لا أن يتفرد وأن يعبث فقط بمشاعر أبناء الشعب.
سؤال : يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية (لا بد للنائب أن يعكس أداءه توازناً بين المصالح على المستوى المحلي وعلى المستوى الوطني، فالنواب يحملون هموم ومصالح مناطقهم وقواعدهم الانتخابية من جهة، لكن عليهم أيضاً أن يعملوا سوية من أجل تحقيق المصالح العليا للوطن ككل، من جهة أخرى).. كيف تقيم اليوم أداء النواب بشكل عام في ظل توزعهم على كتل، وفي ظل مواقفهم التي أخذوها من الحكومات في آخر مجلسين، كان هناك لحظات مفصلية مع الحكومات أحياناً في القضايا الوطنية؟
الطراونة، حتى أكون منصفاً وعادلاً، أقول ان الأداء البرلماني اليوم تغير كثيراً جداً عن البرلمانات التي سبقته، اليوم هناك نوعية من الزملاء النواب مؤهلين وقادرين أن يحملوا الهم الوطني، وقادرين أن يميزوا ما بين الهم الوطني ومصالح الدوائر الانتخابية، حتى نخرج من هذا الإشكال أو التهم المحضرة أمام مجالس النواب يجب أن يكون هنالك قانون انتخاب عصري يعمل على البرامج حتى تحرر النائب من عبء الدائرة الانتخابية والمقربين والحلفاء وهذه دائماً تهمة تلاحق أي نائب أو أي مشروع مرشح ليترشح للانتخابات. أنا برأيي أننا نقترب من هذه المسافة، اليوم أصبح لدينا قناعة مطلقة بأن العمل الجماعي هو العمل الأنجح، وعندما نخوض انتخابات على مستوى مكتب دائم بأننا من خلال الائتلافات والتحالفات بعيداً عن كل ما يعكر صفو هذه الانتخابات من تهم ومن تحضيرات ومن اقتناص بعض الصور السلبية حتى توضع أمام برنامجك الانتخابي، لم تؤثر ولن تؤثر على النتيجة في المحصلة، نحن متهيبون من العمل السياسي، العمل الحزبي، العمل البرامجي، ولا زلنا ننتظر، نحن الآن مضى علينا أكثر من ثلاثين عاماً ونحن في الحياة البرلمانية التي هي ما بعد ال89، لا زلنا نمشي بتباطؤ كبير جداً، فأعتقد أنه يجب أن نتخذ قرارا على مستوى الدولة بأننا نتقدم إلى برامج انتخابية جماعية، وأن ندخل الحياة السياسية من خلال قانون الانتخاب.
سؤال : هل معنى هذا أننا ربما نشهد تطوراً أو مشروعاً لقانون انتخاب جديد للمجلس النيابي التاسع عشر؟
الطراونة: كما تعلمون هو لا يعتمد علي شخصياً، فلو أخذ رأيي فأنا مع هذا الاتجاه، بأنه يجب أن تكون الكتل البرلمانية جاهزة قبل الدخول إلى البرلمان وأيضاً إما أن تعطي نسبة إلى الأحزاب أو أن نعدل إذا كان هنالك ملائم لدستورنا الأردني بحيث نفرض المشاركة في الكتل البرلمانية على أساس حزبي، حتى ندفع بها سنوات إلى الأمام، أما أن ننتظر كل سنة أن يدخل حزب بعضو في مجلس النواب أو عضوين فهذا لا يكفي ولا يؤثر في الحياة السياسية الأردنية.
سؤال : في إطار الحديث عن تطوير مجلس النواب وعمل النواب وما إلى ذلك تحدثت الورقة النقاشية عن المؤسسات التي أنشئت في السنوات الماضية، في الوقت الذي أطلقت به الورقة النقاشية في عام 2014 تحدثت عن محكمة دستورية وعن هيئة مستقلة للانتخاب، النظام الانتخابي تغير، يدار من جهة غير الجهة السابقة التي كان يدار فيها، كيف ترى أنت حصيلة إنجازنا الإصلاحي في موضوع المأسسة التشريعية؟
الطراونة: شرف عظيم جداً لي بأنني واكبت هذه الإصلاحات وهذه التغيرات وكنت في غالب الأوقات إما رئيساً أو نائباً للرئيس، وبالتالي هي نقلة نوعية جداً عندما نتحدث عن إنشاء محكمة دستورية وهيئة مستقلة مشرفة عن الانتخابات بعيداً عن التزوير وبعيداً عن الاتهامات قد تكون ظالمة في بعض الأحيان، نتحدث اليوم أننا نضع برامج مع الحكومة، ما هي أولويات الحكومة وما هي القوانين التي ترغب، عندما نأخذ منظومة القضاء وما هي القوانين التي طورت لغاية إصلاح القضاء الأردني من ناحية تشريعية، أتصور أننا خطونا خطوات كبيرة جداً، لكن هذا لا يكفي، عندما نتحدث عن شعب بمستوى الشعب الأردني المثقف والمتعلم والممارس للديمقراطية بأن يجلس ثلاثين سنة أخرى حتى ينتقل إلى الحياة الحزبية الحقيقية، أتصور بأننا نضيع وقتا كبيرا جداً علينا.يجب أن تكون الكتل البرلمانية جاهزة قبل الدخول إلى البرلمان وأيضاً إما أن تعطي نسبة إلى الأحزاب أو أن نعدل إذا كان هنالك ملائم لدستورنا الأردني بحيث نفرض المشاركة في الكتل البرلمانية على أساس حزبي، حتى ندفع بها سنوات إلى الأمام، أما أن ننتظر كل سنة أن يدخل حزب بعضو في مجلس النواب أو عضوين فهذا لا يكفي ولا يؤثر في الحياة السياسية الأردنية.
سؤال : ما هو أبرز تحد في هذا الاتجاه؟
الطراونة: هو الإرادة الحقيقية، أن يكون لدينا إرادة حقيقية وأن لا نتخوف، لأنه وفي نظري دائماً يكون هناك هاجس عند الدولة الأردنية قد يتغول حزب من الأحزاب على الحياة السياسية الأردنية، أتصور أن هذا هاجس يفترض أن يخرج من مخيلتنا، لا يجوز أن نضع عقل الدولة باستراتيجية ضد حزب معين، وأنا في قناعتي كمهندس بأنه عندما تترك الساحة خالية فالسائر يذهب إلى المكان الفارغ، وعندما تملأ الساحة أنت بحياة حزبية فاعلة ليست كما نشاهد الآن فقط هي لغايات الترخيص والحد الأدنى وتلقي دعم محدود من وزارة معينة فأتصور أن هذه ليست هي الحياة الحزبية، الحياة الحزبية يجب أن تنفذ من خلال قانون انتخاب، ويجب أن تكافأ الأحزاب التي تحصل على مقاعد تحت القبة، وبالتالي تأخذ مكافآتها، أو بدل نفقاتها، لأنها أحرزت نتائج نصر على الأرضن هنا تبدأ الحياة الحزبية الحقيقة وتأخذ مسارها الحقيقي ومن ثم ننتقل من عملية التبعية التي هي تملي بشروطها على النائب، نائب المحافظة ونائب المنطقة، ونخرج جميعاً بمستوى نواب وطن.
سؤال : أنت كنت نائب قبل عشر سنوات، وقبل عشر سنوات لم تكن سلطة الجمهور كما هي اليوم، اليوم هناك سلطة جديدة موجودة في الشارع، شبكات التواصل الاجتماعي، وأنتم تتعاملون مع هذا، ويصيبكم ما يصيب كل من هو في السياسة وفي المواقع التنفيذية، ربما من انتقادات واتهامات أنت وزملاءك النواب، وحصل كثيراً حيث سربت بعض الصور وبعض المقولات والأصوات أحياناً، كيف تتعاملون مع هذه المسألة، وهل تؤيد القانون الجديد المتعلق بالجرائم الالكترونية؟
الطراونة: أولاً نتحدث عن السنوات، فأدوات وأسلحة المعركة تغيرت، اليوم الإعلام والميديا هي سيد الموقف وتقود الشارع وتشكل رأيا عاما ، ولكن يجب على المؤسسة العامة أن تتلقى النقد ويجب أن يكون بناءً، فعندما يكون النقد بناء تستطيع أن تعيد إنشاء نفسك ومن ثم تتواءم وتصلح الأخطاء الموجودة ، أما أن يستعمل اليوم سلاحاً خاطئاً لاغتيال الشخصية فأتصور لن يرضي أي شخص، فعندما نعود ونقول اننا دولة مؤسسات ودولة قانون، وأن تجعل السيادة للقانون يفترض أن تكون هناك قوانين ناظمة للعمل اليومي أو عملنا المجتمعي، لأننا في النهاية نشرع هذه القوانين لخدمة المجتمع وليس أكثر، إما سياسياً أو اقتصادياً أو إدارياً أو اجتماعياً، فهذه محاور الحياة لدينا، أنا مع أن تكون حرية الرأي مصانة جداً، وأنا أحترم رئيس الوزراء بأنه يتوجه في هذا الاتجاه، وعندما يكون هنالك خلل في قانون ما يتجرأ فوراً ويسحب هذا القانون لإعادة تصويبه، قانون الجرائم الالكترونية أشبع نقداً مثلما سبقه قانون الضريبة، على غير وجه حق، المادة التي يتحدث عنها الإعلام وهي مادة 11 غير مطروحة للنقاش الآن، قد يطلب لاحقاً من الحكومة بفتحها إذا رغب المجلس أو إذا رغبت الحكومة أو إذا كان هنالك مؤسسات تجد بأن هذه المادة تؤثر على الرأي العام. أنا مع رفع سقف الحريات لكن يجب أن يكون هنالك مساءلة لمن يخرج عنها، الحريات يجب أن تكون تحت مظلة القانون، وأن يكون الفصيل فيما بيننا كمواطنين، عندما نقول أننا جميعاً تحت مظلة القانون لن يبقى شيء، أما أن تميز نفسك بأنك تحت شعار أنت تتحلى بمنبر عالي جداً سقفه السماء ثم لا تذهب لأي نقد بناء لمؤسستي، فتنقدني أنا وأسرتي وأفراد بيتي ومن ثم أشقائي أتصور بأنه ليس هذا هو المطلوب وليست هذه الحرية، أنا مع أن تكون حرية الرأي مصانة، انسياب المعلومة يجب أن يكون سلسا، وكان القانون في الاتجاه السليم، ونأمل أن تقود إلى شيء إيجابي جداً بهذا الشأن، وأن يشبع نقاشاً، واليوم واجب على مجلس النواب أن يضع على منصاته وأن يتواصل مع الجميع عند مناقشة هذا القانون، يجب أن يحظى بجدية ومن ثم أخذ الرأي الآخر، من جميع الأطراف في المعادلة، حتى يكون قانوناً ناظماً وليس مكمماً للأفواه.
سؤال : هنا نسأل أيضاً بما أننا نسأل عن إنجازات محلية، نتحدث أيضاً عن تمكين الأردن ديمقراطياً بالخارج، هناك ملك يتحرك في الخارج ويقدم بلده بصورة كبيرة ويقدم أيضاً آرائه في الإصلاح السياسي، عبر هذه الأوراق النقاشية، ما دور مجلس النواب خارجياً، أين نحن اليوم في خارطة البرلمانات العربية؟
الطراونة: أولاً كان قدوتنا وقائدنا ورأس سلطاتنا جلالة الملك، ولا نقولها مجاملة ولكن لم نحظ بتعب وبشقاء عندما نصل إلى أي مؤسسة وإلى أي منظومة دولية في العالم، نجد سمعة عطرة، فهناك دبلوماسية يقودها جلالة الملك، وهي الدبلوماسية الخارجية، فما كان علينا هناك إلا أن نستغل هذه الظروف الإيجابية وأن نتوسع، اليوم شرف عظيم جداً للبرلمان الأردني أنه مشارك في العديد من المؤسسات البرلمانية الدولية .
سؤال : يقول جلالة الملك في هذه الورقة (يجب أن تكون علاقة النائب بالحكومة قائمة على أسس موضوعية وليست مصلحية، إن نهوض السلطتين التشريعية والتنفيذية بمسؤولياتهما تجاه الوطن والمواطن يتطلب تطوير علاقة تشاركية خالية من ضغط النواب على الحكومات لتحقيق مكاسب على أسس الواسطة والمحسوبية وبعيدة عن استرضاء الحكومات للنواب).. هنا يقع الأمر والعبء على النواب وعلى مجلس النواب بين قرارات غير شعبية أو مشاريع قوانين غير شعبية وإلى مطالب الجمهور، وكما قلت عين للوطن وعين للناخب، إلى أي مدى ترى اليوم العلاقة أفضل بين الحكومة وبين مجلس النواب؟
الطراونة: أتصور بأنها أصبحت مرئية للجميع، أولاً هذه العلاقة يربطها الدستور، فمن حق مجلس النواب في جانب الرقابة أن يكون رقيباً على أداء الحكومة، وهذه الرقابة وهذه العلاقة بالذات، سواء الرقابية أو التشريعية هي تعتمد بالدرجة الأولى على الحكومات، فعندما تلتزم الحكومات ببرامجها، فالنواب يتدخلوا في برامج الحكومات عندما يكون هناك على سبيل المثال مشاريع يمر عليها وقت كبير ولا تتحرك ساكناً، فيضطر النائب بأن يتدخل وأن يتوجه إلى الحكومة أو إلى الوزير المعني لينفذ هذا المشروع، فهذه العلاقة يربطها عمل البرامج الحكومية، عندما تكون جادة وملتزمة ليست بحاجة إلى أن تجامل أي نائب، ما هو مرصود في الموازنة يجب أن يأخذ طريق التنفيذ ودون ذلك يجب أن يساءل الوزير، أما إذا أشعر الطرف الآخر أو أشعر الوزير الشعب بأن النائب يضغط نتيجة لمصالح لعمل مستشفى في دائرته الانتخابية، لكن هل هذا عيب؟ فهو مرصود في موازنة الدولة، فلماذا لا يتابع ولا يسعى، لماذا لا تقوم أنت بنفس البرنامج دون أن يسعى النائب، وأتصور أن هذا جزء من واجب النائب أن يحث الحكومة على تنفيذ ما التزمت به من برامج، أما إذا كانت مصالح فردية لتعيين شقيق أو نقل عسكري أو إلى اتجاهات أخرى، أيضاً أنا لن أفوت الفرصة على الحكومة وأقول هو يعتمد على الوزير عندما تكون لديه مسطرة للتعامل مع جميل الزملاء أما استمالة زميل لتحظى بتصويت معين أو بدعم معين لهذا الوزير، فأتصور بأنه دائماً يقع اللوم على الجهة صاحبة النفوذ بالصرف.
سؤال : البعض يرصد حالة استثنائية لمجلس النواب عندما كنت رئيسه، في موضوع المذكرة التي وقعت في آخر حكومة للدكتور هاني الملقي، على سحب مشروع قانون الضريبة، وجاءت حكومة الدكتور عمر الرزاز، يقال بأن هذه لحظة استعاد فيها مجلس النواب موقعه مع الجمهور ومع الشارع، بغض النظر ان كان هذا الحكم دقيقا أو غير دقيق، لكن أنه أنتج اليوم مشروع قانون أفضل مما كان مقدم، من حيث الإعفاءات، إلى أي مدى يشكل حصانة لكم في حراكه الواعي والمنضبط بالقانون.
الطراونة: مصدر السلطات هو الشعب، لكن مصدرنا الحقيقي نحن هو صناديق الاقتراع، فالعلاقة متطورة جداً ما بيننا وبين أبناء الشعب ، لكن فيما يخص قانون الضريبة، ظلم مجلس النواب آنذاك، لأنه أتى من حكومة الدكتور هاني الملقي في الفترة التي كان بها المجلس غير منعقد، والعديد من أبناء الشعب لا يعرفون هذه الحيثية التي يضبطها النظام الداخلي، لا يستطيع رئيس المجلس أن يحول قانوناً بالإنابة عن المجلس لجهة معينة او لأي لجنة لأنه حق للمجلس وليس للرئيس، أن يحول القانون للجنة التي يرى بأنها مختصة لمناقشة هذا القانون، ما دام المجلس غير منعقد، فقط الرئيس هو لتصريف الأعمال اليومية ولا يعبث في التشريع في غياب المجلس، إما بدورة عادية أو بدورة استثنائية، فكانت الأمور متسارعة جداً، وهنالك أزمة حقيقية ما بين تلك الحكومة وأبناء الشعب، فكانت مرفوضة شعبياً، وبالتالي دفع المجلس فاتورة الغضب في الشارع، لكن بقي متمسكاً بأن هذا القانون يجب أن يسحب، وتم التنسيق مع الدكتور عمر الرزاز منذ بدايات التكليف وأقدم على سحبه ومن ثم عمل على تطوير القانون.
سؤال : جلالة الملك تحدث في الأوراق النقاشية عن دور مؤسسات المجتمع المدني في الإصلاح والتمكين الديمقراطي، اليوم لدينا حوالي ستة آلاف مؤسسة مجتمع مدني، ولدينا مؤسسات متخصصة في مراقبة أداء العمل البرلماني أو الدراسات البرلمانية، كيف تقيمون علاقتكم بهذه المؤسسات؟
الطراونة: أولاً ليست كل المنظمات المسجلة تخدم العمل البرلماني، أو فاعلة في العمل البرلماني، لكن بعضها له أثر في الحياة البرلمانية أو في العمل البرلماني مثل راصد والجهات الأخرى التي تقيم عمل البرلمان، ونشاهد بأن النواب يحسبون حساب في التعامل مع هذا المركز، اليوم يجب أن تكون هناك رقابة في المحصلة، كيف تستطيع أن تطور أداء البرلمان، أنا مع أن يتجهوا إلى عملية إنشاء الورش، والبرلماني ليس هو العنصر الوحيد في مجلس النواب، هنالك مئات من الموظفين يجب أن يكتسبوا مهارات حتى يكونوا هم أيضاً مطبخ كل لجنة، لأن اللجنة هي مطبخ المجلس، لكن لكل لجنة مطبخها الخاص، حتى يستطيع أن يضيف لها إضافات نوعية. الكثير من المقررين ومن الذين يصيغون التقارير يجب أن يعلموا كيف يتعاملون مع الاعلام وكيف يوصلوا ما عملت اللجنة في الوقت المناسب حتى يظهر مظهر اللجنة العمل التي قامت به، إما أن تثنى عليه أو تلام عليه، هذا يجب أن يستغل من قبل الجهات الممولة الأخرى التي تستطيع أن تقوم بعمل ورش والمجيء بخبراء من برلمانات دولية، من برلمانات عريقة، نحن سلكنا هذا المسلك من خلال منظمات مثل وست منستر والتي هي شريك لمجلس العموم البريطاني، لديهم خبرات كبيرة، وهناك شراكات تبنى، فبدأنا نستفيد من هذا الأمر، وبدأنا نرسل موظفينا إلى هذه البرلمانات بالأسابيع وهي ممولة منهم، وأصبحوا يكتسبون مهارات جيدة، كيف يصيغون التقارير وكيف يقوموا بطباعة التقارير، وكيف يلتقطوا ماذا يدار في الجلسة وماذا يصوت عليها. لأن هؤلاء بالمصحلة القائمين والباقين في المجلس، فالنواب متحركين أما هؤلاء باقين. فهذا الأمر بدأنا نلمس نتائجه الإيجابية، مركز الدراسات اليوم في مجلس النواب متطور جداً وأصبح ملما في أكثر من اتجاه، تعلمون أن التشريعات ليست في قناة واحدة، بل منها ما هو اقتصادي ويحتاج إلى خبرات اقتصادية، ومنها ما هو قانوني يحتاج إلى خبرات قانونية، ومنها ما هو فني مثل طاقة وطاقة متجددة، وبالتالي بدأ الموظفون يكتسبون المهارات ويعرفون كيف يصنفوا ويميزوا ما هي المعلومة التي يقدموها للمشروع أثناء انعقاد كل جلسة.
سؤال : أنت منفتح على الإعلام ومتعاون في هذا الجانب ، لكن كيف تقيم علاقة المجلس بشكل عام بالسلطة الرابعة ؟
الطراونة: أتصور أن العلاقة هي علاقة مبنية على الاحترام، لكن المشكلة هنا أنها في بعض الأحيان تفتح منابر لا تكون بالتنسيق مع المؤسسة والتنسيق مع الفرد، فأنا أحترم أي عضو مجلس نواب، لكن لا بد أن نكون صريحين مع بعضنا بأنه لا تستطيع أن تفتي بأي موضوع يطرح عليك، عندما تتناول موضوع اقتصادي يفترض أن تشير إلى رئيس المجلس من هم الذين يستطيعون أن يشاركوا في هذا العمل إذا كان اقتصاديا أو فنيا أو تشريعيا أو إداريا، فيجب أن يكون هنالك تنسيق، أنت تتحدث اليوم كمنصة مع أي زميل تراه غير مشغول في هذه اللحظة، وتسقط ما يقول على مجلس النواب وأعضاء مجلس النواب، هكذا رأي مجلس النواب، وهو لا يكون رأي مجلس النواب،، عندما تتحدث فضائية محترمة أو موقع محترم جداً يريد اثنين أو ثلاثة ليقدموا ما قام به مجلس النواب يفترض أن يكون هنالك تنسيق حتى يتم ترتيب هذه الأمور.الدستور