مرايا – سلط مركز تمكين للدعم والمساندة الضوء على ظروف المرأة العاملة المهاجرة خاصة عاملات المنازل تتضمن قراءة في التحديات التي تواجهها في سوق العمل الأردني، ذلك بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف في الثامن من اذار .
وبحسب تقرير تمكين فان هنالك في العالم 11.5 مليون عامل منزلي مهاجر، تمثّل النساء منهم 73%، بحسب تقرير منظمة العمل الدولية، للعام 2015، وفي الأردن يبلغ عدد النساء العاملات في المنازل نحو 70 ألفًا منهم 54 ألفاً مسجلين، معظمهن من الفلبين وسريلانكا وبنغلاديش.
ويعود تاريخ استقدامهن إلى بداية الثمانيات من القرن الماضي٬ بسبب زيادة عدد النساء العاملات وتحسن مستوى المعيشة والهجرة إلى المدينة، بالتالي ابتعاد الأسرة عن عائلتها التي تساعدها في العناية بالأطفال، إذ تعد العاملات المنزليات الأقل حظاً والأكثر عرضه للإستغلال، حيث يعانين أوضاعًا قانونية هشة، مما يجعل كثيرًا منهن عُرضةً لمخاطر قد يدفعن حياتهن ثمنًا لها،ويتضاعف حجم المشكلة لكونهن نساءً ومهاجرات في آن واحد.
وقال التقرير إن الاشتغال بالعمل المنزلي في إطار الحياة الخاصة يجعل العاملات عرضة للاسـتغلال، حـيث لا تتاح لهن سبـل الإنصاف عندما يتعرضن للإيذاء، حيث تواجه الكثيرات منهن انتهاكات كبيرة وشاملة وممنهجة، يعود ذلك لأسباب عدة أهمها نظام الاستقدام والاستخدام الذي يُرسخ الانتهاكات التي تتعرض لها عاملات المنازل، كذلك أماكن العمل التي تعاني فيها العاملة من عزلة شبة تامة مع وجود عشرات الانتهاكات التي تتعرض لها، في ظل قوانين تُجرم الهروب من أماكن العمل، حيث تشمل التشريعات الأردنية نصوص قد تؤدي إلى تعزيز سوء المعاملة.
ورغم الإصلاحات التشريعية الهامة التي أجريت في الأعوام الأخيرة في الأردن على أنظمة استقدام العاملات، إلا أن فرص عاملات المنازل المهاجرات في الحصول على الحقوق الأساسية الإنسانية والحماية لا تزال ضعيفة، هذا إن كان لها وجود من الأساس.
واوضح ان مركز تمكين عمل على متابعة نحو 735 شكوى خلال العام 2018، فيها 461 امراة مهاجرة تعرضت لانتهاكات، وتنوعت طبيعة الشكاوى ما بين حجز جواز السفر وطول ساعات العمل وحجز الحرية والاعتداء بالضرب، والحرمان من الطعام والتهديد بالقتل والتحرش الجنسي، وفقا للشكاوى التي تقدمت بها العاملات إلى مركز تمكين .
وبين التقرير ان حـجز وثائق إثبـات الشـخصية هو العامل المشـترك بــين جميع عاملات المنازل حــيث أكدت شكاوى العاملات اللاتي حضرن إلى مركز تمكين للدعم والمساندة أنهن لا يحـملن أية وثائق إثبـات شـخصية، سـواء جواز سفر أو إذن إقـامة أو تصريح عمل، وقـد تكون هذه الوثائق بحـوزة أصحـاب العمل أو مكاتب الاستقـدام،حيث بلغت نسبة الشكاوى التي يجري فيها حجز الوثائق 12% من مجموع الشكاوى المقدمة من العاملات المهاجرات.
ويعد حـجز جواز السـفر انتهاكا صريحا للمادة (٤/۱٢) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، كما أنه يعد مخالفة لنص المادة (۱٨) من قـانون جوازات السفر رقـم ٣ لسـنة ٢٠٠٢،كما يعد مخالفة لنص المادة (٢٢٢) من قـانون العقوبـات الأردني، مما يشـكل عائقـا أمام عودة العاملة إلى موطنها، كما يصعب اللجوء إلى القضاء لعدم حملها ما يثبت هويتها الشخصية.
وبين التقرير ان 7% من الشكاوى المقدمة من العاملات المهاجرات هو تعرضن للإيذاء الجسدي واللفظي مثل الضرب من قبل بعض أصحاب العمل وبـعض مكاتب الاستقـدام، الذي قد يكون بسبب عدم القـيام بـعملها على الوجه الأكمل من وجهة نظر صاحـب العمل أو لرفضها العمل، كما تتعرض بـعض العاملات لقـــص شــــعورهن مما يعد امتهانا لكرامتهن، والإيذاء اللفظي مثل الشتائم، إضافة إلى الإسـاءات الجنسية التي تشمل التحرش الجنسي وأحيانا الاغتصاب٬،الذي يصعب إثبـاته بسبـب الظروف الخاصة بـعملهن، فعملية احتجاز العاملة بالمنزل وعدم السـماح لها بـالخروج يجعل من الصعب الإبـلاغ عن هذه الانتهاكات وقـت حـدوثها.
وكشف التقرير عن عدم قيام بعض أصحـاب العمل بـالتزامهم باسـتصدار تصريح عمل وإذن إقـامة للعاملة يؤدي إلى وضع عاملة المنزل في مركز غير قـانوني، إضافة إلى تعذر عودتهن إلى الوطن بسبــب تراكم غرامات الإقــامة، ولا تســتطيع العاملة اســتخراج تصريح عمل وإذن إقامة بمفردها، حيث يتوجب أن يصدره صاحب العمل بنفسـه أو من يفوضه.
و تُشـكل هذه الممارسـات مخالفة صريحة لنص المادة (٤/أ) من النظام رقم ۹٠ لسنة ٢٠٠۹ التي ألزمت صاحب العمل بدفع تكاليف استصدار إذن إقامة وتصريح عمل للعامل سـنوياً، إضافة إلى مخالفة نص المادة (۱٢) من قـانون العمل، وبــرغم أن التقــصير يكون من قبــل صاحب العمل إلا أن العقوبة تقع على العاملة حيث تصبح معرضة للتوقيف بسبب مخالفة قانون الإقـامة الذي يرتب عليها غرامات بـمعدل دينارا ونصف يوميا، وتبلغ نسبه الشكاوى المقدمة من العاملات التي لم يقم فيها صاحب العمل باستصدار تصريح عمل وإذن إقامة 4% من مجموع الشكاوى.
وبين التقرير ان 17% من الشكاوى المقدمة كانت العاملة تعمل لمدد تتجاوز ۱٦ ساعة يوميا، تزامناً مع حـرمانهن من يوم الراحـة الأسبـوعي، رغم أن المادة ٦/أ من نظام العاملين في المنازل ﻭطﻬﺎﺗﻬﺎ وبساتينها رقم(۹٠) لسـنة ٢٠٠۹، قـد حـدد سـاعات العمل بثمان سـاعات مرنة كما أن المادة ٧ من نفس النظام قـد منحـت العاملة يوم راحـة أسبـوعي يجري الاتفاق عليه مع صاحــب العمل وفي حــال اضطر صاحب المنزل لتشغيل العامل يوم عطلته الأسبـوعية فعليه أن يعوضه بـيوم آخر يُتفق عليه بـينهما.
وقال التقرير ان بـعض العاملات تعاني من تأخر أصحاب العمل في دفع الأجور أو عدم دفعها من الأساس وحرمان العاملات من بدل العمل الإضافي،حيث شكلت نسبة الشكاوى المتعلقة في هذه القضية 17% من مجموع الشكاوى المقدمة من العاملات، ويشــكل عدم دفع الأجور و/أو تأخيرها.
ويشكل 2% من الشكاوى على انه لم يسمح فيها للعاملة مغادرة المنزل، مما يعد حجزا للحرية وحـرمان من حـرية التنقـل، فتبقـى رغماً عن إرادتها لدى صاحـب العمل الأمر الذي يجعل الإبـلاغ عن الانتهاكات الموجهة ضدها أمرا غاية في الصعوبـة، كما أن الاحـتجاز القسـري يُشـكل عائقـاً أمام العاملة للمطالبة بحقوقها أو إثبات تعرضها للإساءة الجسدية أو الجنسـية خاصة وأنها قـد لا تتمكن من الهروب إلا بـعد عدة أيام من وقوع الإساءة.
والمادة (٥/أ/٥) من ﻧﻅﺎﻡ اﻟﻌﺎﻣﻠﻳﻥ ﺑﺎﻟﻣﻧﺎزﻝ ﻭطﻬﺎﺗﻬﺎ وبساتينها رقم (۹٠) لسنة ،٢٠٠۹ ألزمت العاملة بـعدم ترك المنزل أو التغيب عنه دون موافقــة صاحــب المنزل وعلمه، وهروب العاملة من المنزل دون أن يكون صاحب العمل هو المتسبــب يلزم العاملة بــجميع الالتزامات المالية بــموجب عقــد العمل بــما ذلك تكلفة العودة إلى بــلدها بحســـب المادة (٥/ج) من النظام، أي أن نصوص النظام تخالف بشكل صريح نص المادة (۱/۱٢) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسـية التي نصت صراحة على أنه “لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقـليم دولة ما حـق حـرية التنقـل فيه وحـرية اختيار مكان إقـامته”، وبحسـب العهد يتوجب على الدولة أن تضمن حـماية الحقـوق المكفولة في المادة (۱٢) من أي تدخل، سـواء كان من جهات عامة أو خاصة.
واوضح التقرير ان 1% من العاملات التي تقدمن بشكاوى جرى حرمانهن أو خصمت مصاريف الرعاية الصحية من الأجر الشهري لهن، و إذا ما تبـين لصاحب العمل أن حـالة العاملة بحـاجة إلى علاج مسـتمر فانه يعيدها إلى مكتب الاستقـدام والاسـتخدام، رغم أن ﻧﻅﺎﻡ العاملين ﺑﺎﻟﻣﻧﺎزﻝ ﻭطﻬﺎﺗﻬﺎ وبساتينها رقم (۹٠) لسنة ٢٠٠۹ نص على أنه من ضمن التزامات صاحب العمل توفير الرعاية الصحية للعاملة بحسـب نص المادة (٤/ح).
و لا يوجد تحـديد واضح لحـق الرعاية الصحـية التي يتوجب أن يتمتع بها العامل، ورغم أن كل عاملة لديها تأمين ضد الحوادث والوفاة، إلا أن هناك بعض الحالات التي قابـلها فريق المركز في المستشـفيات تتعلق بعاملات سقطن من شرفات المنازل التي يعملن بها، وقـام صاحـب العمل بـوضعهن في إحـدى المستشـفيات واختفى وظلت العاملات في المستشفيات رهينات حـتى سـداد قـيمة تكاليف العلاج، كما أن عدم تجديد تصريح العمل يحـرم العاملة من التأمين ضد الحوادث أو الوفاة.
وقال التقرير ان عاملات المنازل تخضع إلى نظام الكفالة، حيث يقوم مكتب الاستقدام، باستقدام العاملة من بلدها عبر مكاتب التوظيف في البلد المرسل، ويكون الكفيل مسؤولا عن كافة نفقات سفر العاملة.
واضاف التقرير انه وفي الغالب لا يكون لعاملات المنازل عقود عمل قانونية ونظامية، ويحدث أن توقّع العاملة عقدا قبل سفرها من بلدها الأصليّ، لكن لا يلبث هذا العقد أن يستبدل بعقد آخر مكتوب باللغة العربية، وتدلّ المقابلات التي يجريها مركز تمكين مع العاملات المهاجرات، على عدم وجود أي نوع من العقود مع العاملات، ويربط نظام الكفالة التقييدي تأشيرات العاملات المهاجرات بأصحاب عملهن، مما يعني أن بإمكان أصحاب العمل حرمان العاملات من القدرة على تغيير الوظيفة أو مغادرة البلاد،حيث تجبر العاملات من قبل الكفلاء على العمل ضد رغباتهن لشهور أو سنوات، أو أن يتركن مكان العمل ويصبحن عاملات غير نظاميات.
واوصى التقرير بضرورة رفع الوعي القانوني والتعليم بين العاملات بحقوقهن والتزاماتهن والقوانين المتلعقة بهن والنص في قانون العقوبات الاردني او القوانين الجزائية الاخرى وبشكل صريح على تجريم العمل القسري الذي حظره الدستور مع فرض العقوبة المناسبة عند ارتكابه .
كما اوصى بانشاء مؤسسات خاصة لتوظيف عاملات المنازل في العمل الجزئي دون الحاجة لبقائهن في منازل اصحاب العمل مع تعزيز التفتيش الفعال عليها من قبل مفتشي العمل .
واوصى على ضرورة تدريب العاملات قبل الوصول الى الاردن واكسابهن المعارف اللازمة حول حقوقهن ووجباتهن كذلك حول العادات والتقاليد والثقافة الاردنية وارشادهن الى اماكن اللجوء في حال واجهن اي انتهاك .