مرايا – على نحو غير معتاد، استخدم الملك عبد الله الثاني مؤخراً تعبير “الدولة الهاشمية”، لدى حديثه عن واجب المملكة تجاه حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس، ما فتح الباب أمام المحللين للإدلاء بدلوهم حول ما اعتبروه رسائل مبطنة حملتها كلمات الملك.
ويقول محللون إن الملك ورغم أنه معروف بصراحته وبساطة أسلوبه في الحديث خلال لقاءاته الشعبية، وبعده عن التكلف بتعابيره، لكنه في الوقت ذاته صاحب حنكة سياسية يستطيع من خلالها إرسال رسائله للعالم عبر مضمون الكلام.
البعض ذهب إلى أن كلام الملك رسالة موجهة لبعض الدول العربية المعترضة على الوصاية الهاشمية على المقدسات وتسعى لإقصاء المملكة عن دورها تجاه القدس.
فيما ربط آخرون كلامه بما يعرف بـ “صفقة القرن”، التي تسعى من خلالها واشنطن لتصفية القضية الفلسطينية، ويقال إنها تسعى لإقامة وطن بديل للفلسطينيين بالأردن، وتأكيد الملك عبد الله مراراً أنه لن يقبل أي تغيير يمس الحكم الهاشمي ودوره تجاه القدس.
إلا أن رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد الرؤوف الروابدة، أكد للأناضول أن مقصد الملك هو التأكيد على الدور التاريخي للهاشميين تجاه القدس.
وأضاف “ما اعتدنا من جلالة الملك إلا أن يكون دائماً مع القدس، وهذا جزء من التاريخ الإسلامي الذي قاده الهاشميون”.
وتابع “وقف الشعب الأردني إلى جانب القضية الفلسطينية ومعها وأدى فيها أدواراً كبيرة لا يمن بها على أحد، لأن الإنسان لا يمن على نفسه بتاتاً؛ لأننا نحن القضية، فلسطين نحن ونحن فلسطين”.
وأوضح أن “تعبير جلالة الملك كان تعبيراً حقيقياً عن واقع نعيشه وهو رد بشكل غير مباشر على كل الأفاكين والمتقولين (لم يسمهم) أن الموقف الأردني (تجاه القدس) ليس موقفاً ثابتاً وحقيقياً، وها هو يضيف إلى ذلك موقفا مستجدا يثبت هذا الالتزام المطلق بالقضية الفلسطينية والقدس”.
وشدد الروابدة على أن “كلام الملك يأتي تأكيداً لموقف أردني هاشمي ما تغير يوماً”.
الكاتب والمحلل المقرب من القصر فايز الفايز، اعتبر في حديثه للأناضول أن “حديث الملك عبد الله واضح كل الوضوح لا يحتاج لتحليل”.
وذهب إلى أن “الملك أراد أن يدحض أي شكوك تخص موقفه تجاه القدس وفلسطين، وأكد أنه ثابت على موقفه رغم محاولات التأثير عليه”.
وكانت شائعات قد ترددت حول وجود ضغوط أمريكية على الأردن للقبول بـ “صفقة القرن”.
وزاد الفايز “عندما قال الملك الدولة الهاشمية، قصد بحديثه النظام الهاشمي الحاكم، ليعيد التأكيد على موقف عائلته الهاشمية التاريخي من القدس، والدور الإسلامي المنوط بها”.
وفي 20 مارس/آذار الجاري قال الملك خلال زيارته لمحافظة الزرقاء (وسط)، “نحن كدولة هاشمية واجبنا أن نحمي المقدسات الإسلامية والمسيحية، علينا ضغط، ولكن الجواب في النهاية سيكون كلا.. القدس خط أحمر”.
عاهل الأردن، أشار خلال لقائه قيادات عسكرية وأمنية، الثلاثاء الماضي، أنه أراد من حديثه عن الدولة الهاشمية قطع الطريق على المشككين (لم يسمهم) في دور بلاده حيال القضية الفلسطينية والقدس.
وقال الملك عبد الله وفق ما أورده الديوان الملكي في بيان تلقت الأناضول نسخة منه، “أنا كهاشمي كيف أتراجع عن القدس؟! مستحيل. خط أحمر. كلا على القدس، كلا على الوطن البديل، كلا على التوطين”.
والاثنين الماضي، ألغى عاهل الأردن زيارة كانت مقررة له إلى رومانيا بعد تصريحات رئيسة وزرائها، بشأن نقل سفارتها إلى القدس.
وأكد الديوان الملكي “أن الملك عبد الله الثاني قرر إلغاء زيارته إلى رومانيا، التي كان من المقرر أن تبدأ اليوم الاثنين، وذلك نصرة للقدس في أعقاب تصريحات رئيسة وزراء رومانيا فيوريكا دانسيلا، الأحد، عن عزمها نقل سفارة بلادها إلى القدس”.
يذكر أن دائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف في الأردن، هي المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس (الشرقية)، بموجب القانون الدولي الذي يعد الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلالها من جانب إسرائيل.
كما احتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية وادي عربة (اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في 1994).
وفي مارس / آذار 2013، وقع العاهل الأردني والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تعطي الأردن حق “الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات” في فلسطين. الاناضول