مرايا – أكد خبراء اقتصاديون أن الدين العام للحكومة المركزية والوحدات الحكومية الأخرى، هو الذي يعتد به، ويتم قياسه إلى الناتج المحلي الإجمالي عند الحكم على اقتصاد أي دولة بعيدا عن مكونات الدين القومي، كما أنه لا يتم دراسة آثاره على مؤشرات الاقتصاد الكلي والجزئي.
وأشاروا إلى أن التسهيلات الممنوحة للقطاع الخاص، وإن كانت تدخل في حساب الدين القومي، لكنها تصب في النهاية بخدمة الاقتصاد الوطني وتمكن القطاع الخاص من توسيع قاعدة الأعمال والاستثمار، وتوفر بالتالي المزيد من فرص العمل وتسهم في تحقيق النمو الاقتصادي وزيادة الإيرادات.
وكانت وزارة المالية افصحت عن آلية حساب الدين القومي، وآلية حساب إجمالي الدين العام للحكومة المركزية، الداخلي والخارجي، والدين المكفول من قبل الحكومة والذي بلغ حوالي 3ر28 مليار دينار منه حوالي 25 مليار دينار دين الحكومة المركزية (موازنة) ومبلغ 3ر3 مليار دينار دين مكفول من الحكومة.
واوضحت الوزارة أن اجمالي الديْن القومي، حسب المكونات المعتمدة لحساب هذا الديْن، وهي: الديْن الخارجي للحكومة والقطاع الخاص 2ر22 مليار دينار، وصافي الائتمان المصرفي الممنوح للحكومة والقطاع الخاص 2ر35 مليار دينار، والديْن الداخلي من مصادر غير مصرفية 4ر6 مليارات دينار، ليصل اجمالي الدين القومي إلى 8ر63 مليار دينار تعادل نحو 8ر89 مليار دولار في نهاية 2018.
وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور سامر الرجوب من الجامعة الهاشمية: إن للديْن العام مسميات في الادبيات الاقتصادية، فبعضها يسمى بالديْن الحكومي وبعضها بالديْن القومي وبعضها بالديْن السيادي.
وأضاف، وبغض النظر عن المسميات، فإن الديْن القومي هو فعليا الديْن العام، لكن تقوم بعض المواقع الاقتصادية المتخصصة مثل موقع (https://countrymeters.info)، باستخدام تعريفات مختلفة لديون بعض الدول، ومنها ما اطلق عليها الموقع مسمى الديْن القومي والذي يختلف تماما عن تعريف الديْن العام أو الديْن القومي المستخدم في دول العالم مثل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وغيرها.
وأكد الرجوب أن الارقام المنشورة في بعض المواقع تختلف عن تلك المعلنة والمصرح بها من قبل اقتصادات الدول نفسها، أو في البيانات المتوفرة في صندوق النقد الدولي؛ فعلى سبيل المثال الارقام التي ينشرها موقع (كونتري ميترز)، التي تشير إلى الديْن القومي في الهند تختلف اختلافا جوهريا عن ارقام الديْن العام الحقيقية فيها، وكذلك حجم الديْن القومي لإيطاليا والصين وغيرها الكثير من دول العالم.
وقال: إن ما سمي بالديْن القومي في ذلك الموقع هو في الاغلب عبارة عن مجموع الدين العام، بالإضافة الى مجموع التسهيلات والودائع الحكومية لدى المؤسسات، وعليه فإنه مقياس غير دقيق لحجم المديونية الاجمالية للدولة، ولا يمكن الأخذ به كرقم حقيقي للمديونية الرسمية للدول.
وأضاف، انه اذا ما طرحنا الديْن العام من ذلك الرقم الذي نشره الموقع، والذي يشير الى الديْن القومي، فإن أي زيادة في قيمة المتبقي هي مؤشر على حجم النشاط الاقتصادي الذي تعكسه ارقام التسهيلات البنكية المقدمة، وبذلك فإنه مؤشر ايجابي لا سلبي كما ظن البعض.
وفي حالة الاردن، بين الدكتور الرجوب أن المديونية، المتمثلة بالتسهيلات او القروض الممنوحة للقطاع الخاص وقطاع التجزئة وبعض بنود الودائع، هي أكبر من حجم الدين العام الاجمالي، وهو مؤشر ايجابي للحركة الاقتصادية القائمة في ظل الظروف السائدة، مؤكدا أن ما يسمى بالديْن القومي لا يتم استخدامه ضمن التعريف المشار اليه في بعض المواقع كمؤشر على نسبة الديْن إلى إجمالي الناتج المحلي الاجمالي في دول العالم، وعليه لا يعد مؤشرا فعليا على مديونية الدولة ولا تدرس آثاره على مؤشرات الاقتصاد الكلي والجزئي.
بدوره، قلل رئيس جمعية المحاسبين القانونين عمران التلاوي، من أهمية الديْن القومي، كونه لا يعكس الاقتصاد الحقيقي، مشددا على الاهتمام بالديْن العام للحكومة.
وقال: إن خطورة ارتفاع الديْن العام تكمن في ارتفاع أعباء خدمة الديْن، اقساط وفوائد، مؤكدا أهمية وجود خطة اقتصادية تنعكس آثارها على حجم الدين ونسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي.
ودعا في هذا الصدد إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتخفيف الاعباء عن القطاعات الاقتصادية، وابرز هذه الأدوات إعادة النظر في العبء الضريبي بين المبيعات والدخل، للتخفيف من الأولى وزيادة قاعدة الشمول في الثانية، مشيرا الى أنه “لا يجوز ان تتغول ضريبة المبيعات على ضريبة الدخل”.
واستغرب التلاوي من الإشارات إلى اعتبار أن ارتفاع ديون القطاع الخاص المحلي سلبية، مؤكدا أنها إيجابية، داعيا إلى توسيع قدرة القطاع الخاص على الاقتراض لتسهم أكثر في تحقيق النمو الاقتصادي.
وأكد أن هناك محددات قانونية لا تمكن الشركات من الاقتراض بأكثر من 3 أمثال حقوق الملكية أو رأس المال المدفوع أيهما أكثر، ما يحد من قدرة الشركات على الاقتراض وبالتالي التوسع في الاستثمار.