مرايا – قال محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور زياد فريز، ان البنك كان مضطرا لكل الاجراءات التي اتخذها بخصوص اسعار الفائدة وذلك لحماية الاقتصاد الوطني من التحديات الاقتصادية جراء ظروف المنطقة غير المستقرة.
واضاف الدكتور فريز خلال حلقة نقاشية نظمتها مساء امس جمعية رجال الاعمال الاردنيين، ان المركزي يأمل بإيجاد وسائل اخرى لتخفيف الكلف على النشاطات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار النقدي والمالي.
وقال ان البنك المركزي يستند في تعديل اسعار الفائدة إلى جملة واسعة من المعطيات والحقائق والقراءات العلمية والمهنية الدقيقة والمستقلة، لمؤشرات الاقتصاد الوطني، وكذلك مؤشرات الاقتصادات الإقليمية والدولية.
واشار، الى ان البنك المركزي يعلم الانعكاسات المحتملة على مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني لأي إجراء يتخذه بهذه الخصوص، لا سيما كلفة الاقتراض من مؤسسات الجهاز المصرفي.
واكد فريز، ان المحافظة على الاستقرار النقدي، بمختلف مكوناته يمثل أولوية للبنك المركزي التي نجح في تنفيذها وبلورتها إلى حقائق ملموسة على أرض الواقع، مما عزز من مصداقيته وثقة المتعاملين معه.
وقال، انه” لم يغب عن بال البنك المركزي، وهو يمارس ذلك الدور، أهمية توفير السيولة الملائمة لمؤسسات الجهاز المصرفي، للحفاظ على قنوات تمويل مستقرة وذات كلفة مناسبة للنشاط الاقتصادي”.
واضاف، ان البنك المركزي يمضي قدما مُنذ عام 2012، عبر برنامجه لإعادة التمويل، في توفير التمويل المُيسر للبنوك، بأسعار فائدة ثابتة ومتدنية وخاصة للمناطق خارج العاصمة عمان، وبآجال سداد تصل إلى 15 سنة.
وبين ان إجمالي التمويل المتاح حالياً عبر هذا البرنامج يصل لنحو 2ر1 مليار دينار تم منح ما يزيد على 600 مليون دينار للقطاعات التي يستهدفها البرنامج وهي الصناعة والسياحة والطاقة المتجددة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والاستشارات الهندسية والصحة والنقل، والتعليم.
كما تم توفير خطوط ائتمان للمشاريع الصغيرة والمتوسطة يتم إعادة اقراضها من خلال البنوك المرخصة بالتعاون مع المؤسسات الإقليمية والدولية بقيمة 440 مليون دولار تم اقراض 252 مليون دولار منها، بالإضافة إلى مساهمة هذين البرنامجين بخلق ما يزيد على 14 ألف فرصة عمل حتى الآن، وأسهما في إبقاء أسعار فائدة الإقراض في السوق المصرفية ضمن حدود مناسبة، مقارنة بأسعار الفائدة على الودائع، كما يعكس ذلك انخفاض هامش سعر الفائدة بين القروض والودائع خلال عام 2018 بمقدار 88ر0 نقطة أساس بفعل ارتفاع أسعار الفائدة على الودائع بشكل ملموس مقارنة بأسعار الفائدة على التسهيلات.
وقال ان نظام سعر الصرف الثابت الذي يتبناه البنك المركزي بنجاح منذ عام 1995 يمثل الركيزة الاسمية للسياسية النقدية، وأحد أبرز دعائم الاستقرار النقدي والمالي والثقة بالاقتصاد الوطني. واضاف ان البنك المركزي يلتزم بالحفاظ على سعر الصرف الحالي، وعلى جاذبية الموجودات المحررة بالدينار مقابل الموجودات المحررة بالعملات الأخرى.
واكد ان سعر الصرف الحالي يتوافق مع سعره التوازني طويل الأجل كما تعكسه اساسيات الاقتصاد الوطني وهي نتائج تتوافق أيضا مع دراسات قامت بها المؤسسات الدولية وخاصة صندوق النقد الدولي.
وتابع ان ذلك يعززه امتلاك البنك المركزي لرصيد مرتفع من الاحتياطيات الاجنبية يتجاوز حاليا 13 مليار دولار، وهو مستوى يكفي لتغطية 2ر7 شهر من مستوردات المملكة من السلع والخدمات، أي ما يزيد عن ضعف المعدل المتعارف عليه دولياً البالغ 3 أشهر.
وقال ان الجهاز المصرفي الاردني يتمتع بالقدرة والجاهزية العالية لتوفير التمويل اللازم لنشاطات القطاع الخاص، وهو سليم ومتين وقادر على تحمل الصدمات والمخاطر المرتفعة لتمتعه بمستويات مرتفعة من رأس المال التي تعد بمنطقة الشرق الأوسط ومستويات مريحة من السيولة.
وافاد، بان الجهاز المصرفي استطاع الحفاظ على سلامة ومتانة أوضاعه المالية والإدارية رغم الأزمات المالية والاقتصادية العالمية وظروف عدم الاستقرار بالمنطقة وتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي. واوضح، ان البنوك الاردنية تمكنت من الحفاظ على نسبة الديون غير العاملة من إجمالي الديون ضمن مستويات متدنية بلغت 6ر4 بالمائة فيما بلغت نسبة تغطية المخصصات لها 76 بالمائة بالاضافة لنمو التسهيلات الائتمانية العام الماضي بنسبة 8ر5 بالمائة وودائع العملاء 2 بالمائة.
وبين الدكتور فريز ان المركزي قام بتوسيع مظلته الرقابية لتشمل شركات التأمين والشركات المالية غير البنكية بما فيها شركات التمويل الأصغر لتنويع مصادر التمويل وتحسين فرص الحصول على التمويل، خصوصاً للمشاريع متناهية الصغر والصغيرة.
واشار الى ان البنك المركزي قام كخطوة أولى لإخضاع جميع الشركات مقدمة الائتمان الى رقابته واعد دراسة معمقة للوقوف على عدد وحجم وأنشطة هذه الشركات وبما يسهم بالحد من صيرفة الظل وادماجها بالنظام المالي الرسمي لتكون شريكا مكملا لدور البنوك بمنح الائتمان وسد الفجوة التمويلية للعملاء غير المخدومين من القطاع البنكي.
واوضح ان الاقتصاد الاردني تعرض خلال السنوات العشر الماضية إلى تحديات عميقة فرضت نفسها بقوة على صانع القرار، ما الزم أن يواجه اقتصاد صغير محدود الموارد كاقتصاد الأردن، تداعيات أزمة مالية واقتصادية عالمية في قلب بيئة إقليمية ملتهبة سياسياً وأمنياً واجتماعيا أدت إلى إغلاق شبه كامل في حدوده البرية وطرق تجارته الخارجية لتبقي صادراته شبه معزولة عن اسواقه المحيطة وهي التي تشكل أكثر من 36 بالمائة بالمتوسط من حجم تجارة الأردن الخارجية.
واشار الى ان هذه المرحلة دفعت الاقتصاد الوطني الى الدخول في مرحلة جديدة في أدائه الاقتصادي قد تتطلب وقتاً للخروج منها والعودة الى ما كان عليه الحال قبل عام 2009، حيث يتجه الإنفاق العام نحو الانخفاض ليشكل 1ر17 بالمائة من الناتج بالمتوسط خلال الفترة (2018-2009) بالمقارنة مع 8ر21 بالمائة بالمتوسط خلال الفترة (2000-2008)، متأثراً بسياسات الضبط المالي في إطار الإصلاح الاقتصادي، وانخفاض الإيرادات الحكومية جراء تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي، وقد عوض ذلك الانخفاض، جزئياً، زيادة الاستهلاك الخاص في الاقتصاد، مدفوعاً في جانب منه بزيادة الطلب الكلي الناجم عن توافد اللاجئين إلى الأردن، حيث ارتفعت أهميته في الناتج إلى 84 بالمائة بالمتوسط خلال الفترة (2008-2018)، بالمقارنة مع 81 بالمائة خلال الفترة (2000-2008).
وعبر عن اعتقاده بان احلال الانفاق الخاص بالإنفاق العام ليس بالأمر السلبي وهو تطور في الاتجاه الصحيح، ليأخذ القطاع الخاص دوره المنشود في الاقتصاد، رافق ذلك انخفاض مساهمة الصادرات الوطنية في الناتج المحلي الاجمالي من 25 الى 4ر19 بالمائة بفعل اغلاق المنافذ الحدودية مع أسواق مهمة مثل العراق، وسوريا وعبرها إلى تركيا ودول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب انخفاض صادرات المملكة إلى دول الخليج والتي تراجعت خلال السنوات الثلاث الأخيرة بنسبة 4ر20 بالمائة لتنخفض أهميتها النسبية بنسبة 25 بالمائة.
ولاحظ فريز ان هذا الانخفاض لم يقتصر على دولة معينة وإنما كان عاما على مستوى دول الخليج، وعلى مستوى السلع المصدرة أيضا، مؤكدا ان هذا يدعو للوقوف على أسباب هذا الانخفاض، لا سيما أن أسواق دول الخليج العربي كانت على الدوام أحد الوجهات الأكثر نشاطاً للصادرات الوطنية.
ولفت فريز، الى ان دراسات البنك المركزي اكدت ان التوترات السياسية في المنطقة واغلاق الحدود كلفا الأردن خلال السنوات الثماني السابقة فرصاً تصديرية ضائعة تقدر بنحو 20 بالمائة، من الناتج المحلي الاجمالي، واصفا ذلك بانها خسارة ليست بالقليلة على شتى القطاعات.
وبين محافظ المركزي ان الحاجة تبدو اليوم لإعادة تقييم أداء ونتائج بعض اتفاقيات التجارة التي أبرمها الأردن مع العديد من دول العالم ومراجعة شروطها وقدرتها على تحقيق أهدافها وضمان ان تتوزع مكتسباتها والفرص الناجمة عنها بشكل أكثر عدالة بين أطرافها، بما يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، مشيرا الى ان البنك المركزي قدر حجم الإعفاءات الجمركية التي منحت للمستوردات من تركيا لوحدها، ضمن اتفاقية التجارة الحرة بنحو 322 مليون دينار خلال الفترة 2011- 2017 دون أن يصاحب ذلك نمو نوعي او كمي يذكر في الصادرات الوطنية وفي تدفقات الاستثمار من تركيا.
واوضح، ان الصادرات الوطنية إلى دول الاتحاد الأوروبي ما زالت تراوح مكانها منذ سنوات ولا تتجاوز 3 بالمائة من إجمالي صادرات المملكة رغم وجود اتفاق تبسيط قواعد المنشأ مع الاتحاد الأوروبي وتخفيف شروطها أخيراً.
وقال ان الاقتصاد الأردني ورغم من كل الظروف والصعاب تمكن من تجاوز الأصعب والاستمرار في تحقيق معدلات نمو موجبة، وإن كانت دون المستويات المأمولة، مرجعا ذلك للتصميم على نهج الإصلاح المالي والاقتصادي رغم صعوبته.
وبين ان مسار النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، يتطلّب من الجميع عدم الركون والاسترخاء ومواصلة البناء على ما تم تحقيقه من إنجازات وتنفيذ الإصلاحات المتبقية، دون ابطاء او تردد، موضحا ان الإصلاح المنشود لا يقتصر على الحكومة او القطاع العام بل يتعدى ذلك الى مختلف شركاء الاقتصاد، بما فيهم القطاع الخاص.
واوضح فريز ان قادة الأعمال عنصر أساسي وشريك استراتيجي في العملية التنموية والإصلاحية ولا يمكن أن يجني الوطن الثمار الحقيقية للإصلاح ما لم يمد القطاع الخاص يده بالعون والمساعدة، وتحمل المسؤوليات في التغيير نحو بناء اقتصاد تنافسي قوامه المعرفة والتكنولوجيا وتنوع الخدمات وجودتها،ويحفز الابتكار ويدعم الابداع.
واضاف، ان هناك تطورات إيجابية مهمة ومشجعة في أداء الاقتصاد الوطني بدأت خلال العام الماضي وما زالت مستمرة منها انخفاض عجز الموازنة العامة إلى 4ر2 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي مقارنة بالمستويات المرتفعة التي وصل إليها عام 2012 والبالغة 3ر8 بالمائة.
واشار، الى تراجع عجز الحساب الجاري نهاية العام الماضي لأقل من نصف مستواه في عام 2012 ليصل إلى 7 بالمائة فقط من الناتج المحلي الاجمالي وبانخفاض فاق ثلاث نقاط مئوية عن مستواه في عام 2017، مبينا تحسن النمو في الصادرات الوطنية خلال العام الماضي قياساً بعام 2017، فيما يشهد العام الحالي زخماً ملفتاً في نموها كما تُظهره البيانات المتاحة حيث وصلت الى 6ر13 بالمائة خلال الشهر الاول من العام الحالي مدفوعة بنمو الصادرات للعراق والولايات المتحدة وبعض الدول الآسيوية.
وحسب فريز سجل الدخل السياحي خلال العامين الماضيين نمواً قوياً تراوح حول 14 بالمائة سنويا وواصل هذا النمو الإيجابي خلال الربع الأول من العام الحالي ليزيد 2ر5 بالمائة وعادت حوالات الاردنيين العاملين في الخارج للارتفاع في الشهرين الأولين من العام الحالي لتنمو بنسبة 4 بالمائة بعد تراجعها العام الماضي.
وفيما يتعلق بالمؤشرات النقدية، قال انها كانت إيجابية في مجملها خلال العام الماضي وتبشر بأداء أفضل بالعام الحالي حسب توقعات البنك، الى جانب ان معدل التضخم لم يتجاوز 1 بالمائة خلال الربع الأول من العام الحالي قياسا بأكثر من 3 بالمائة خلال الربع الأول من العام الماضي.
وقال، انه رغم من بوادر التحسن هذه إلا أن الانخفاض في تدفق حجم الاستثمار الأجنبي إلى جانب تباطؤ أداء قطاع الصناعات الاستخراجية الذي يُعد القطاع الاكثر تقلباً في أدائه لارتباطه بالطلب والمنافسة العالمية اسهم بتسجيل الاقتصاد الوطني نمواً نسبته 9ر1 بالمائة خلال العام الماضي.
واضاف، انه معدل النمو الاقتصادي رغم انه لا يزال دون مستواه طويل الاجل، إلا أنه جاء أعلى بنصف نقطة من متوسط معدل النمو لدول الـشرق الأوسط وشمال افريقيا البالغ 4ر1 بالمائة كما أنه ارتفع إلى 2 بالمائة بالمقارنة مع 9ر1 بالمائة خلال عام 2017 في حال استثناء قطاع الصناعات الاستخراجية”.
واشار، الى ان القطاع الخاص يؤدي دورا محوريا في عملية التنمية باعتباره المُشغل الأكبر للأيدي العاملة حيث يوظف نحو 60 بالمائة منها واستحدث خلال السنوات الستة الماضية ما يزيد على 200 ألف فرصة عمل، ويسهم بأكثر من 80 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، موضحا بانه رغم هذا الدور، الا ان قطاع الاعمال بالمملكة ما زال يعاني من محدودية العلاقات والتشابكات مع قطاعات الاعمال والشركاء الدوليين، وان 5 بالمائة فقط من الشركات المحلية يشارك في ملكيتها مستثمرون اجانب بنسبة 10 بالمائة فأكثر، وهي نسبة تقل عن المتوسط لدول المنطقة.
وقال ان حوالي 7 بالمائة من نسبة الشركات التي حازت على شهادات الجودة الدولية تقل أيضاً عن المتوسط لدول المنطقة البالغ 5ر13 بالمائة بالاضافة لقلة عدد الشركات الأردنية القادرة على التصدير، مضيفا انه بالاستناد على بعض الاستطلاعات، فإن حوالي 20 بالمائة فقط من الشركات الاردنية أفادت أن سوقها الأولي هو سوق تصديري، كما أن نسبة تركز شركات التصدير منخفضة إذا ما قورنت بالشركاء التجاريين للمملكة.
وقال المحافظ، انه في ظل المنافسة الدولية وثورة الاتصالات والتحولات التكنولوجية والمالية السريعة فإن المنافسة التي يواجهها الاقتصاد الوطني اصبحت اقوى من أي وقت مضى ولا تقتصر على المنافسة خارج حدود الوطن وإنما أيضاً في الداخل.
واضاف ان القطاع الخاص المحلي يحتاج إلى التكيّف بشكل دائم مع هذه التحولات في البيئة الاقتصادية والمنافسة سريعة التغير ما يتطلب خدمات دعم قابلة للتكيف وتطوير البنية التحتية للخدمات المادية والمالية.
وتابع، ان ما نحتاجه فعلاً هو القدرة على الإنتاج بكفاءة وفعالية لتضييق الاختلالات الخارجية والداخلية وفي ظل القيود المالية والاقتصادية الحالية، فإننا مطالبون، الحكومة والقطاع الخاص على حد سواء بالقيام بالمزيد باستخدام القليل المتاح وهنالك حاجة إلى تحسين الكفاءة وإيجاد وسائل جديدة للمهام التقليدية.
وقال ان الأردن اليوم يواجه منافسة عالية من دول المنطقة باستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية ينجح فيها من يواكب الإصلاح وينفذ سياسات جادة تؤسس لبيئة حاضنة للاستثمار، موضحا انه رغم نجاح المملكة باستقطاب بعضها الا انها ما زالت غير كافية للنهوض بالاقتصاد الوطني ونقل المعرفة والتكنلوجيا المصاحبة لها.
وشدد على ضرورة ان يتم التركيز في المرحلة القادمة على مواصلة إصلاح البيئة الاستثمارية وزيادة سهولة ممارسة الاعمال، موضحا ان ترتيب الاردن في تقرير ممارسة الأعمال لعام 2019 يظهر ان المملكة تحتل المرتبة 104 من أصل 190 دولة رغم تحقيقها قفزة نوعية بواقع 52 مرتبة في مؤشر الحصول على الائتمان خلال العامين الماضيين.
ولفت الدكتور فريز، الى إجراءات عديدة اتخذت لتحسين بيئة الاستثمار وممارسة الأعمال بالأردن، سواءً على المستوى التنظيمي او التشريعي، مثل إقرار قوانين الاعسار وضمان الحقوق بالأموال المنقولة مشيرا الى الجهود المبذولة لبناء شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، لا سيما عبر التوجه لتعديل قانون الشراكة بحيث يشمل جميع القطاعات بلا استثناء وفي ظل وجود 16 مشروعا قيد الإنجاز ضمن إطار قانون الشراكة بقيمة 525 مليون دينار وهناك طموحات لمضاعفتها على المدى المتوسط.
وبهذا الصد لفت الى اهمية توفير البيئة المناسبة لمزيد من الاستثمار في القطاعات التي تمتلك ترابطات أكبر مع باقي قطاعات الاقتصاد الوطني للمساهمة في تحقيق التنمية الشاملة.
واضاف، ان الاردن لديه العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة بقطاعات يمتلك فيها ميزة نسبية ولديها القدرة على خلق فرص العمل كالسياحة والتكنولوجيا وريادة الأعمال والخدمات اللوجستية والبنية التحتية والخدمات المهنية عالية المهارات، داعيا القطاع الخاص للاستثمار فيها والاستفادة من المزايا النسبية التي تتمتع فيها.
وقال ان الشمول الاقتصادي الذي يضمن الوصول العادل إلى الفرص الاقتصادية ضروري لاستدامة اقتصادات السوق، مبينا انه لا يمكن أن يتحقق دون الاستفادة من إمكانات القطاع الخاص وقدراته الرائد في خلق مسارات التشغيل والتدريب لجميع الفئات وخصوصاً الشباب والنساء والفئات الأقل حظاً في المناطق النائية.
واشار الدكتور فريز الى ان الشمول الاقتصادي أصبح الهدف الذي تسعى اليه كل الدول، نظراً لكونه يضمن تكافؤ الفرص بين جميع الطبقات الاجتماعية ومستويات الدخل، للمشاركة في الحياة الاقتصادية، وجني عوائدها دون تحيز.
واوضح، ان تحقيق الشمول الاقتصادي يتم من خلال إحداث تغييرات ضرورية من خلال قيام المجتمعات بزيادة الفرص الاقتصادية للأفراد وتوسيع نطاق الوصول إلى الأسواق وفرص التعليم والتوظيف، وريادة الأعمال الى جانب اكتساب الأفراد القدرات اللازمة للإسهام بشكل منتج، والاستفادة من فرص السوق.
وبين محافظ المركزي، ان الشمول الاقتصادي لا يتحقق بالشكل الأمثل ما لم يرافقه شمول مالي، وان الشمول المالي يضمن الحصول على التمويل من قبل جميع فئات المجتمع وقطاع الأعمال وخصوصاً المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، بالاضافة لخلق تاريخ مالي رسمي أو هوية مالية للفئات المستبعدة ماليا وحماية المستهلك المالي، وإتاحة الخدمات المالية المتنقلة.
واضاف، ان المركزي اطلق الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي قبل عامين وأنشأ دوائر متخصصة في البنك تعنى بذلك بهدف زيادة الثقة والتنافسية في النظام المالي والمصرفي وتحسين نوعية وجودة الخدمات المالية المقدمة للعملاء، بما يسهم في تشجيع الافراد وزيادة إقبالهم على استخدام الخدمات المالية.
واكد، ان مهمة تعزيز الشمول المالي لا تقع على عاتق البنك المركزي وحده، داعيا القطاع الخاص ليكون شريكاً فاعلاً لتسهيل عملية الشمول المالي.
ولفت، الى ضرورة مواصلة العمل على تطوير بيئة الاعمال، وبما يمكنها من مواكبة التطورات الرقمية المتسارعة، مبينا ان التطورات الكبيرة في عالم المال والمصارف خصوصا بمجال تطبيقات التكنولوجيا الحديثة والدفع الإلكتروني والتحول الرقمي، فرضت تحديات جديدة للتكيف مع هذه المعطيات بما تقدمه من بعد جديد للأنشطة المالية، وزيادة الفعالية والابتكار في هذا القطاع، وخصوصاً في مجال الشمول المالي، لافتا الى ان المركزي الأردني يسعى لاستغلال ثمار التكنولوجيا في أنظمة الدفع والتقاص والتسويات وأدواتها ووسائلها والاستفادة من أحدث التقنيات المعلوماتية وشبكات الاتصال في مجال الدفع والتحويل الالكتروني للأموال.
وافاد، بان البنك المركزي اصدر تعليمات التكيف مع المخاطر السيبرانية للبنوك والمؤسسات المالية كمفتاح رئيسي وخطوة أولى لضمان أمن المعلومات والأمن السيبراني في القطاع المصرفي والمالي في الأردن، كما باشر بالعمل على تنظيم مختبر الابتكارات المالية بهدف إنشاء بيئة متخصصة للابتكار وتطوير الأعمال وفحصها ضمن بيئة آمنة ومحوكمة، بما يعزز فرص نجاح هذه الأفكار الإبداعية ويفتح المجال امام الحوار والتعاون.
واوضح فريز، ان البنك المركزي يدعم المبادرات والابتكارات التي تستخدم أحدث التكنولوجيا العالمية بما في ذلك تكنولوجيا “البلوك تشين” مع الأولوية للتطبيقات التي تعزز من امكانية الوصول إلى الخدمات المالية الرقمية بيسر وكفاءة وأمان، والاخذ بضوابط تعزيز الأمن السيبراني للخدمات المالية بشكل عام.
واشار، الى العديد من الخطط والاستراتيجيات الوطنية التي نُفّذت بهدف تشجيع ريادة الاعمال وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مثل إطلاق صندوق الريادة بتمويل من البنك الدولي والبنك المركزي الأردني وإنشاء لجنة لريادة الأعمال تضم مجموعة واسعة من ممثلي الشركات الناشئة وحاضنات الأعمال والقطاع الحكومي، داعيا القطاع الخاص للاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة في الأردن والمنطقة، وخصوصاً الفرص التي يتوقع ان توفرها مرحلة إعادة الإعمار في الدول المجاورة، والتي قدرت في العراق لوحده بما يزيد على 60 مليار دولار.
كما دعا محافظ المركزي القطاع الخاص، للانخراط في تشكيل عناقيد إنتاجية، لا سيما للمنشآت الصغيرة والمتوسطة والاستفادة من المزايا التي توفرها هذه العناقيد، خاصة في مجال خفض تكلفة الإنتاج وزيادة تنافسية المنتجات الوطنية إقليميا وعالميا وبما ينعكس في زيادة التصدير، وزيادة المساهمة في سلاسل القيمة او “الإنتاج” العالمية وفتح آفاق جديدة للاستثمار.
واكد خلال استعراضه لمشهد الاقتصادي الدولي، ان السنوات الماضية افرزت تحديات كبيرة للاقتصاد العالمي ما زال يعاني منها حتى الآن، فبعد الازمة المالية العالمية لم يلبث أن أفاق على أزمة الديون السيادية الأوروبية رافقها تذبذبات كبيرة وغير مسبوقة في أسعار السلع الأساسية وأهمها النفط الخام الى جانب زيادة أسعار الفائدة الأميركية منذ نهاية عام 2015، وما تركته من ضغوط على الاقتصادات الناشئة بما فيها منطقتنا.
وبين ان الاقتصاد العالمي وبعد بدء التعافي والنمو القوي الذي سجله عام 2017 وبدايات العام الماضي، عاد ليشهد تراجعاً في زخم نموه منذ النصف الثاني من عام 2018، حيث انخفض نموه المتوقع لعام 2019 إلى 3ر3 بالمائة و6ر3 بالمائة العام المقبل وهي المرة الثانية خلال ثلاثة أشهر التي يخفض فيها الصندوق من توقعاته للنمو العالمي.
وقال، انه رغم استبعاد دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة جديدة من الكساد في المستقبل القريب، إلا انه بالتأكيد يمر حالياً في ظرف حساس ودقيق، وما زال الانتعاش معرضاً لعدة مخاطر بما فيها انعكاسات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وارتفاع المديونية وازدياد التجاذبات التجارية الدولية وزيادة بوادر القلق في الأسواق العالمية.
واضاف، ان منطقتنا ليست بمعزل عما يحدث في العالم حيث انخفض معدل نموها من 8ر1 بالمائة عام 2017 الى 4ر1 العام الماضي 2018 فيما يتوقع أن يواصل انخفاضه الى 3ر1 خلال العام الحالي متأثراً بتباطؤ الطلب العالمي والنمو في القطاعات المرتبطة بالنفط في بعض دول الخليج العربي والعقوبات الأميركية على إيران والتوترات في عدد من الاقتصادات الاقليمية، منها العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان.
من جانبه، اكد رئيس جمعية رجال الاعمال الاردنيين حمدي الطباع، ان وجود نظام مالي متطور وكفؤ يعتبر من العوامل المهمة في تطوير وتحفيز النمو الاقتصادي، وهو ما تتمتع به المملكة من جهاز مصرفي سليم ومتين قادر على تحمل الصدمات والمخاطر نتيجة تمتع البنوك بمستويات مرتفعة من كفاية رأس المال التي تعتبر الأعلى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
واشار الطباع، الى ان السياسات النقدية الانكماشية التي اتبعها البنك المركزي خلال العام الماضي، أثرت سلباً على تكلفة الإقراض وتمويل المشاريع والنفقات التشغيلية للقطاعات الاقتصادية من خلال رفع أسعار الفائدة على الإقراض لأكثر من مرة.
واضاف، ان الاقتصاد الأردني عانى العديد من التحديات الجيوسياسية التي انعكست آثارها سلبا على الأداء الاقتصادي، بالإضافة إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات التقشفية والتصحيحية التي كانت لها آثار انكماشية على مستوى النشاط الاقتصادي خاصة في ظل السياسات المالية والنقدية الانكماشية التي أثرت سلبا على الطلب العام الاستهلاكي والاستثماري.
واكد الطباع، ضرورة اتساق السياسات الاقتصادية المختلفة وعدم تعارضها مع بعضها البعض والتأكيد على صانع السياسات على أهمية استقرار التشريعات المؤثرة في نجاح بيئة الأعمال وتعزيز البيئة الاستثمارية الأردنية والحرص على عدم تعارض التشريعات وتقييدها للاستثمار.
وتناول الحضور العديد من القضايا التي تهم الاقتصاد الوطني بالفترة الحالية ومنها تراجع النشاط التجاري والاستهلاك واعادة النظر بأسعار الفائدة وشح السيولة بالسوق المالي وتحفيز المواطنين على الاستثمار بالبورصة والاستعداد لمواجهة اية ازمة مالية عالمية يتوقع حدوثها خلال العام المقبل.
واشار الحضور، الى قضية الشيكات المرتجعة والحديث عن الغاء العقوبة الجزائية بخصوصها وتنشيط السياحة العلاجية وايجاد البديل لبنك الانماء الصناعي ووضع الية لتصنيف شركات الصرافة وتشجيع تدفق الاستثمار الاجنبي.