التشدد بمنع الزواج المبكر دون معالجة الأسباب قد ينتج «الزواج غير الموثق»
منظمات نسائية وجمعيات تتحمل مسؤولية العمل على تغيير الموروثات الاجتماعية
مرايا – كشف قاضي القضاة عبد الكريم الخصاونة عن انخفاض ظاهر و حاد بعقود الزواج المسجلة في الاردن خلال العام 2018 مقارنة مع عامي 2016و 2017.
وأشار الى أن المؤشر الاحصائي يظهر انخفاضا بمعدل 20عقدا يوميا عن عام 2017 وبواقع 30 عقدا يوميا عن عام 2016 وحذر قاضي القضاة من التداعيات المجتمعية والاقتصادية لذلك داعيا جميع ذوي الاختصاص من أكاديميين وعلماء اجتماع وباحثين و مؤسسات رسمية وأهلية للتنبه الى هذا الواقع الذي تعرضه هذه الارقام وضرورة اجراء البحوث والدراسات اللازمة لتحليل هذه الارقام والوقوف على الاسباب والدوافع وأثر ذلك على الشباب بوجه خاص والمجتمع بشكل عام.
وقال في حوار مع جريدة الرأي الاردنية إن دائرة قاضي القضاة سترسل وبشكل رسمي هذه النتائج إلى الجامعات والمراكز البحثية والمختصين والخبراء لدراستها في محاولة لفهم التغيرات الاجتماعية التي تطرأ على المجتمع الأردني.
وبين الخصاونة أن عام 2018 شهد انخفاضاً مقارنة بالعام الذي سبقه بنسبة تصل إلى 9%، حيث سجلت 65167 واقعة زواج عادي، فيما كانت إجمالي الحالات (العادي والمكرر) للعام نفسه 70734 حالة زواج.
وتفيد إحصاءات دائرة قاضي القضاة أن إجمالي عدد عقود الزواج بلغت 77700 عقد عام 2017 بواقع 213 عقدا يوميا، فيما كانت 81343 عقدا عام 2016 بواقع 223 يوميا، في وصلت الى 194 عقدا عام 2018 وبلغت نسبة عقود الزواج المكرر 7% تقريبا من مجمل عقود الزواج المسجلة لدى المحاكم الشرعية.
وكان إجمالي حالات الزواج العادي والمكرر 81373 في عام 2015 فيما كانت إجمالي الحالات 81209 في عام 2014.
الزواج دون سن 18
وبين الخصاونة أن زواج الإناث تحت سن 18 عاما شهد انخفاضا خلال عام 2018 حيث وصل العدد إلى 8226 حالة زواج بنسبة وصلت 11% من مجمل عقود الزواج ولجميع الجنسيات وبانخفاض عددي بلغ 2208حالة عن عام 2017 وبنسبة انخفاض 21% فيما كانت النسبة عام 2017 نحو 4و13% من مجمل عقود الزواج بعدد إجمالي وصل 10434 حالة زواج وتشير الارقام الى ان أغلب هذه العقود هي للفئة العمرية فوق سن 17 الى ما دون سن 18.
فيما كان إجمالي حالات الزواج الذكور تحت سن 18 عاما 284 حالة في جميع المحافظات ولكل الجنسيات.
وعلل الخصاونة الانخفاض الكبير بعقود زواج تحت سن 18 عاما الخاص بالإناث، إلى التعليمات الجديدة لحالات الاستثناء التي وضعتها دائرة قاضي القضاة وبدأت بتطبيقها فعليا عام 2018، حيث يأذن القاضي بتزويج من أكمل الخامسة عشرة بموجب الفقرة ب من المادة 10، وذلك لضرورات تقتضيها المصلحة فقط، وبعد التحقق من توفر كفاءة الخاطب والمقدرة المالية على دفع النفقة والمهر والتحق من الرضا والاختيار والتحقق من وجود المصلحة ودفع المفسدة، وأن لا يتجاوز فارق العمر 15 سنة وألا يكون الخاطب متزوجا وألا يكون الزواج سببا للانقطاع عن الدراسة وإفهام المخطوبة حقها في الاشتراط، وموافقة الولي وألا يقل المهر عن مهر المثل.
وأكد الخصاونة أنه يتم التحقق من انطباق هذه الشروط من خلال تحققات تجريها المحكمة الابتدائية الشرعية وتدقق من لجنة من القضاة الشرعيين في مستوى أعلى، وبعد دراسة لكل حالة من عدد من المختصين في علم النفس والاجتماع العاملين في مكاتب الإصلاح الأسري للتنسيب بالرأي النهائي من قبل مديرية متخصصة في الدائرة لهذه الغاية.
وأوضح أنه توجد ثلاث لجان بمستوى قضاة استئناف في اقاليم الشمال، والوسط والجنوب، تدقق في طلبات زواج من هم دون 18 عاما، لافتا إلى أن قرارات هذه اللجان سواء الموافقة أو الرفض، ترفع إلى دائرة قاضي القضاة لتدقيق كافة الاجراءات للوصول الى قرار نهائي بإعطاء بالموافقة أو الرفض للتولى المحكمة الابتدائية بعد ذلك اتمام الاجراءات.
وأشار إلى أنه في حالة عدم وجود الرغبة او مصلحة لدى الفتاة بالزواج، فإن القضاة الشرعيين واللجان المعنية يتحملون عبء رفض السير بإجراءات الزواج مستندين إلى صلاحيتهم القانونية بعدم منح إذن الاستثناء بالزواج، حتى لا تتعرض الفتاة إلى أي ردود فعل سلبية او ممارسة اية ضغوط عليها.
وأوضح الخصاونة أن نتائج الدراسات التي أجريت على موضوع الزواج تحت سن 18 عاما، أظهرت أنها قضية مجتمعية وثقافية والتخفيف من هذه الحالات لا يكون بالتشدد بالقانون فقط وتعديل احكامه، وإنما يحتاج إلى معالجة اسبابه المتعددة وعلى رأسها معالجة التسرب والانقطاع عن التعليم وايجاد البدائل للتمكين الاقتصادي للاسر وما يتعلق بالمنظومة الثقافية لدى عدد من البيئات المجتمعية، ولا يتأتى ذلك الا بتوافق وطني ومجنمعي على وضع الخطط والحلول المناسبة وبحيث تتحمل كل جهة معنية مسؤولياتها ووفقا لاختصاصها وبما في ذلك منظمات المجتمع المدني والجمعيات النسائية العاملة في هذا القطاع كلهم عليهم مسؤولية في العمل على ايجاد التغيير الايجابي من خلال الاندماج مع الواقع وعدم الاكتفاء بعرض السلبيات او الاختباء وراء الاطر النظرية.
وبين ان دائرة قاضي القضاة والمحاكم الشرعية هي الجهة التي تستقبل هذه الحالات وتتعامل معها وفق القانون وما يصدر عنها من أرقام هو انعكاس لهذا الواقع المجتمعي الذي يحتاج الى جهد وعمل دؤوب. وحذر من أن التشدد في المنع دون معالجة الأسباب، قد يتسبب لدينا بانتاج ظاهرة «الزواج غير الموثق» التي لا تزال خيارا غير اردني بمعنى ان الاسر الاردنية ووفقا للمنظومة القانونية المعتدلة والواقع الاجتماعي الموروث لا تحب اللجوء اليه لادراكها بمخاطر مثل هذا النوع من الزواج خارج أطر المحاكم الشرعية، منبها أن مخاطره على المرأة والطفل أضعاف مخاطر الزواج المبكر.
كما حذر من لجوء بعض الاسر إلى اجراء عقد الزواج في دول مجاورة أو أجنبية، وهو ما يترتب عليه مشاكل وتعقيدات بتوثيق الزواج ونسب الأطفال.
وبين قضية الزواج المبكر وانخفاض مؤشر الزواج ووجود عشرات الالاف في سن الزواج دون زواج كلها قضايا تحتاج الى النظر العميق والتحليل الدقيق لتستطيع الدولة بناء برامجها وخططها على اسس علمية وواقع حقيقي.
وبينت أرقام الزواج الكلي في المملكة ولمختلف الجنسيات أن محافظة الطفيلة ظلت الأقل بين محافظات المملكة بزواج ما يعرف «بالقاصرات»، حيث بلغت إجمالي الحالات فيها 34 حالة (4%)، تلتها عجلون 127 حالة (8%)، ومن ثم معان 129 حالة زواج (9%). فيما سجلت محافظة مادبا 147 حالة زواج (7%)، ومحافظة الكرك 157 حالة زواج (6%)، ومحافظة العقبة 156 حالة زواج (12%)، ومحافظة جرش 189 حالة زواج (8%)، ومحافظة البلقاء 544 حالة زواج (12%).
وكانت محافظة العاصمة الأعلى بعدد حالات زواج القاصرات حيث بلغت إجمالي الحالات 2279 حالة زواج (7و8%)، تلتها بالأعداد محافظة إربد حيث سجلت فيها 1805 حالة زواج (13%)، ومن ثم محافظة الزرقاء 1692 حالة زواج (16%)، وأخيرا المفرق 967 حالة زواج (19%).
وحسب الأرقام التي أعلنها قاضي القضاة الخصاونة فإن 11% من زيجات الأردنيات هي لأزواج من جنسيات عربية بينما كانت نسبة الازواج من جنسيات غير عربية 8و0% وكانت زيجات الأردنيات (2و88%) هي من الأردنيين.
وكان إجمالي حالات زواج الأردنيات من الجنسية الفلسطينية 1604 من مجمل حالات الزواج من جنسية عربية أي بنسبة وصلت 49% من مجمل الجنسيات العربية وتلاها الجنسية السورية حيث بلغت حالات الزواج 813 حالة بنسبة 25% ومن ثم الجنسية المصرية 281 حالة زواج والسعودية 249 حالة زواج والعراقية 119 حالة.
أما بالنسبة للجنسيات الأجنبية فكان للجنسية الأ ميركية نصيب الأسد بواقع 99 حالة زواج، ومن ثم الباكستانية 33 حالة زواج، ثم سويدي 33 حالة، ثم الألمانية 29 حالة، ثم البريطانية 26 حالة، وإسرائيلية 19 حالة كذلك الكندية 19 حالة، والتركية 7 حالات.
وبلغت زيجات الأردنيين من الجنسية العربية 2875 حالة زواج، أعلاها كانت الجنسية الفلسطينية 1382 حالة زواج، ثم السورية 1049 حالة زواج، فالمصرية 151 حالة زواج، والعراقية 120 حالة زواج.
فيما كان نصيب الجنسيات الأجنبية، كما يلي: فقد تزوج الأردنيون 142 أميركية، 52 أوكرانية، 31 ألمانية، 20 روسية، و20 فلبينية، 18 بريطانية، 8 تركية، 7 إسرائيلية (عرب 48) 18 رومانية.
وحسب ديانة الزوجة، فقد تزوج الأردنيون ممن ينتمون الى الديانة الاسلامية 22 مسيحية أردنية، و 9 مسيحيات من جنسيات عربية، و184 من الدانة المسيحية من جنسيات أجنبية، ولم تسجل أي حالة زواج من الديانة اليهودية.
وكل ذلك وفقا لارقام عام 2018 الصادرة عن دائرة قاضي القضاة.