مرايا – شجرة الزيتون من الأشجار المُعمّرة (Olea Europea)، وقيل إنّ نشأتها ومنبتها – حسب أغلب المصادرِ التاريخية – بلاد الشام (سورية، فلسطين، الأردن ولبنان) وجنوب تركيا وجبال سيناء واليونان وحوض البحر الأبيض المتوسط بشكل عام.
يعود تاريخها في بلاد الشام إلى أكثر من ستة آلاف عام، وقد ورد ذكر مكانة شجرة الزيتون وثمرها وزيتها في الدّيانات اليهودية والمسيحية والإسلام، يقول الله تعالى في محكم كتابِه: ( وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ ) فتخرج بالذي يأكلونه، ويدهون به الخبز وأبدانهم وشعورهم، فهي الشجرةُ الوحيدة التي وصفها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأنها شجرة مباركة لما ترمز إليه من النفع والخير والبركة، وفي ذلك يقول الرسول الكريم : (كلوا الزيت وادًهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة). وقد أشار إلى فائدتها كثير من العلماء والأطباء والفلاسفةفقد وصف الطبيب أبوقراط الزيت بالدواء العظيم كما سماه الشاعر الأغريقي هوميروس بالسائل الذهبي أما الطبيب والفيلسوف. ابن سينا فيذكر ( أن زيت الزيتون يقوي البدن وينشط الحركة ويشفي من الأورام الحارة ومن الشرى )كما ذكر حديثا الدكتور صبري القباني في كتابه الغذاء والدواء (لقد عرف الإنسان شجرة الزيتونِ منذ أقدم العصور فاستغلها خير استغلال إذ اِئتدم بثمرها واستضاء بزيتها واستوقد بجزل حطبها. كما أن هناك دراسات وبحوث حديثة تشير إلى أن سكان جزيرة كريت اليونانية هم أقل الناس في العالم إصابة بأمراض القلب والسرطانات كونهم يستهلكون زيت الزيتون في أطعمتهم أكثر من بقية الشعوب الأخرى ليس هذا فحسب ، فلأغصان الزيتون مكانة عالية لدى كثير من شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط، فهي ترمز إلى السلام وتقدم كهدايا إلى الزعماء والملوك والأبطال، كما أنها اختيرت لتكون رمزًا على أعلام كثير ٍ من الدّول والمؤسسات مثل إيطاليا وقبرص وأرتيريا والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وجامعة بير زيت .
والجدير بالذكر أنّ الإنتاج العالمي لزيت الزيتون يصل إلى ثلاثة ألاف ومائة مليون طن سنويا حيث تحتل إسبانيا المركز الأول عالميا في إنتاج وتصدير زيت الزيتون ويصل إنتاجها الى نصف الإنتاج العالمي ثم تليها إيطاليا واليونان وتركيا وسورية وتونس بحسب تصنيف الهيئة العالمية لزيت الزيتون
التعريف العلمي لزيت الزيتون وأنواعه
لابدَّ من تسليط الضوء على الموضوع “علميًا”، خلقًا لثقافة معرفية واستهلاكية بزيت الزيتون بأنواعه، لاسيما البكر الممتاز المعصور ميكانيكيا على البارد، فثمّة قصور وعدم إلمام بأساسيات هذه المادة الغذائية المهمة و معايير الجودة فيها، فأغلب المستهلكين يبحثون عن السعر أولاً ، بعيدًا عن الفائدة !!،
زيت الزيتون هو العصير المستخرج مباشرة من ثمر الزيتون الناضج، بعد قطفه وغسله وتنقيته من الغبار والأتربة العالقة به.
1- زيت الزيتون البكر الممتاز المعصور ميكانيكياً على البارد:
يستخلص زيت الزيتون من ثمار الزيتون المُنتقاة، التي يتم جمعها في بداية الموسم، ثم إحضارها إلى المعصرة دون تأخير، تفاديًا لخطر أكسدة بعض الثمرات، ثم يتم غسلها بالماء البارد وتجفيفها بالهواء البارد أيضاَ، ومن ثم تأتي مرحلة التقطيع والطحن لثمار الزيتون وبذوره ضمن طاحون خلاط مغلق من معدن “الستيل” في درجة حرارة لا تتجاوزُ إحدى وعشرين درجة (21 درجة مئوية) لنحصل على عجينة متجانسة من الزيتون المعصور (الثمرة مع النواة) بطريقة ميكانيكية، ثم نلجأ إلى طريقة الطرد المركزي لفصل الزيت من العجينة المتجانسة حيث سنحصل على زيت زيتون يتمتع بمواصفات عالية مقارنة بزيوت الزيتون الأخرى من نواحِ عدة، حيث الطعم والمذاق والنكهة والرائحة واللون واللزوجة تسمى صفات حسية طبيعية ( Organoleptica ) كما أنه يحتوي على حمض الأولييك (Acido Oleico) ، ومواد مضادة للأكسدة ومجموعة مكونات الفينوليك ( Componentes Polifenolicos ) وفيتامين E و الإسكوالينوس ( Escualenos ) وكاروتينوس ( Carotenos ) وكلوروفيل حيث أن هذه المكونات تمنح زيت الزيتون البكر الممتاز المواصفات الغذائية والطبية العالية ومقاومة للأكسدة ولدرجات الحرارة والعالية كما أنه يمتاز بدرجة حموضة لا تتجاوز 0.8 في 100 غرام .
2- زيت الزيتون البكر:
يستخلص هذا النوع من الزيت بنفس الطريقة السّابقة ولكن حموضته تتراوح بين (0,8 – 2,0 جم) في 100 جرام مع نقص في المواصفات الحسية الطبيعية (Organoleptico) المعتمدة علمياً مثل الأحماض الأحادية غير المشبعة، حمض الأولييك (Acido Oleico) وفيتامين E ومجموعة مكونات الفينوليك ( Componentes Polifenolicos ) ونقص في المواد المضادة للأكسدة، فضلًا عن نقصٍ في معايير الجودة من حيث الطعم والمذاق والنكهة والرائحة واللون، أي أنّه يفتقر إلى المواصفات الغذائية والطبية المتوفرة في زيت الزيتون البكر الممتاز المعصور على البارد. وبالتالي هو أقل نفعًا وفائدة للجسم .
3- زيت الزيتون الوقاد (Lampante):
يُستخلصُ هذا النوعُ من ثمار الزيتون التي شابها شيء من الضرر في زيادة النضج أو خلال القطف أو التخزين مِمّا يعرّض الثمار للأكسدة قبل عملية العصر، وغالبًا ما نجد هذا النوع من الزيت في نهاية الموسم، حيث يكون تركيز حمض الأولييك أكثر من 2 جرام في المئة جرام ، وهذه النسبة تجعله غير صالح للاستهلاك الآدمي حسب معايير الصحة العالمية. كونه يحتاج إلى تكرير وطرق معالجة كيميائية وحرارية لتنقيته وتخليصه من المواد الضارة للصحة، مِمّا يُفقده القسم الأكبر من فوائده الغذائية والطبية.
4- زيت زيتون (مكرر +زيت بكر):
هذا النوع من الزيوت خليط من الزيوت الرديئة (التي خضعت للتكرير بواسطة طرق كيميائية وحرارية وبهذا تكون قد فقدت الكثير من صفاتها وفوائدها) ثم يضاف إليها كميات قليلة من زيت الزيتون البكر ، ويتم التحكم في حموضتها لتكون 1,5 جرام في 100 جرام مع إمكانية تخفيض الحموضة حتى 0,4 جرام في 100 جرام ، تصنف تجاريا باسم زيت زيتون خفيف (Aceite suave) أو زيت زيتون شديد (Aceite intenso).
5- زيت تفل الزيتون (pomace olive oil):
هو الزيت المستخلص من بقايا العجينة المتجانسة، أي بعد أن يتم استخراج زيت الزيتون البكر الممتاز المعصور على البارد أو زيت الزيتون البكر وزيوت زيتون أخرى، وعليه فإنّ العجينة المتجانسة المتبقية مكونة من بقايا بذور وقشور الزيتون، وبواسطة طرق كيميائية ودرجات حرارية عالية نحصل على زيت “تفل الزيتون” المُسمّى زيت orujo أو pomace olive oil وبواسطة عمليات التكرير المتتالية كي نصل لحموضة قصوى 1,5 جرام في 100 جرام ليصبح ملائمًا للاستهلاك الآدمي، والجدير بالذكر أنّ هذا النوع يفتقر إلى معظم المواد الطبيعية والغذائية المتوفرة في زيت الزيتون البكر الممتاز المعصور على البارد مثل الحموض الدهنية الأحادية غير المشبعة مثل حمض الأولييك وأميغا 3 و6 و9 و فيتامين E والمواد المضادة للأكسدة ومركبات الفينول بالإضافة إلى تغير في الطعم والنكهة والرائحة.
فوائد زيت الزيتون البِكر الممتاز ،المعصور ميكانيكاً على البارد
تؤكّد الدراسات الطبية المتعددة في الجامعات الإسبانية والأمريكية والإيطالية ( بأنّ أفضلَ أنواع زيت الزيتون للإنسان هو زيت الزيتون البكر الممتاز المعصور ميكانيكياً على البارد، وذلك لاحتوائه على الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة وعلى المواد المضادة للأكسدة وفيتامين E والكاروتينوس ( carotenos ) ومجموعة مكونات الفينوليك ( componentes polifenolico ) وفيتامين A )
مصدر: بحث من رسالة دكتوراه في جامعة غرناطة كلية الصيدلة للدكتورة Maria Jesus Oliveras.
فالدهون الأحادية غير المشبعة سهلة الهضم، وتشبه إلى حدٍّ بعيد الدهون الموجودة في حليب الأم، مِمّا يجعله مفيدًا ونافعا للأطفال والكبار، فضلًا عن ذلك،( فإنّ الدهون الأحادية غير المشبعة والمواد المضادة للأكسدة و فيتامين E و الإسكوالينوس ( Escualenos) وحمض الأولييك (Acido Oleico) لها تأثير مباشر على الجينات المرتبطة ببعض أنواع السّرطانات مثل سرطان القولون والثدي والجلد، وأمراض الشرايين والقلب والضغط والشيخوخة وذلك عن طريق منع وإعاقة تشكيل الإسترس المؤكسد ( Estres Oxidativo)
المصدر : من رسالة دكتوراه في جامعة غرناطة كلية الصيدلة قسم التغذية للدكتورة Dra. Amalia Maria De la Torre Robles
فالأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة والمتوفرة في زيت الزيتون البكر الممتاز المعصور على البارد، مثل حمض الأولييك والذي تصل كميته في زيت الزيتون البكر الممتاز إلى 75% من إجمالي كمية زيت الزيتون فتعمل على خفض الكوليسترول المضر في الدم (LDL) وبالتالي تقي من أمراض الشرايين والقلب والضغط والشيخوخة، وتنشط جهاز المناعة في الجسم، كما يحتوي على مواد مضادة للالتهابات مثل مادة oleo canthal التي تعمل على حماية الأنسجة والعظام .
كيف نحفظ زيت الزيتون ليكون مفيداً “غذائياً” و “طبياً” ؟
للمحافظة على مكونات زيت الزيتون البكر الممتاز المعصور ميكانيكياً على البارد كالأحماض الدهنية غير المشبعة والفيتامينات E,A , K والخصائص الغذائية والدوائية يجب مراعاة التالي:
1- أن يبقى في مكان جاف بعيد عن الرطوبة والضوء والهواء لمنع الأكسدة.
2- أن يتم حفظه في آنية معدنية أو فخارية أو زجاجية قاتمة أو بلاستيكية غير شفافة ومحكمة الإغلاق بعيداً عن الضوء.
3- أن يكون بعيداً عن درجات الحرارة العالية.
الطرق الأمثل لاستخدام زيت الزيتون البكر الممتاز المعصور ميكانيكياً على البارد في الطهي والقلي
إن ثقافة استهلاك زيت الزيتون البكر الممتاز مرتبط ارتباطاً مباشراً بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط والتي تعتمد منذ القدم على تناول زيت الزيتون في الأطباق الأساسية على مائدتها في المأكولات الباردة والساخنة حيث إن زيت الزيتون هو القاسم المشترك في تحضير أغلب أطباق تلك الموائد.
فزيت الزيتون البكر الممتاز المعصور ميكانيكياً على البارد من الممكن أنْ يتحمّل درجات حرارة عالية تصل إلى 180 درجة مئوية دون أن تتغير مكوناته الأساسية، ويبقى محافِظًا على صفاته الطبية وقيمته الغذائية على خلاف باقي الأنواع من زيت الزيتون أو أنواع الزيوت الأخرى؛ فأغلب أنواعِ الزيوت تفقد خواصها النافعة جرّاء التسخين أوتعرضها لدرجات حرارة عالية، باستثناء زيت الزيتون البكر الممتاز المعصور ميكانيكياً على البارد يبقى محافظًا على مواصفاته وفوائده حتى 180 درجة مئوية، وذلك بفضل المواد المضادة للأكسدة التي يحتويها حيث تعمل على منع عملية الأكسدة وإيقاف تحرير الشوارد السّامة مثل (الدهيد السام – Aldehido toxico) وغيرها مما يجعله الأنسب صحيا للطهي والقلي.
نصائح للقلي والطهي بزيت الزيتون البكر الممتاز
عدم تسخينه لأكثر من 160 درجة مئوية .
عدم خلط زيت الزيتون البكر الممتاز المعصور على البارد مع زيوت أخرى .
عدم إحداث تغييرات مفاجئة في درجة الحرارة، كوضع الطعام البارد او المجمد المراد قليه دفعة واحدة وإنما وضعه بشكل تدريجي.
عدم استخدام الزيت للقلي لمرات عدة، ولكن يمكننا استعماله مرة ثانية وثالثة إذا لم يصل لدرجة الحرق اي تجاوز درجة حرارة 180 درجة مئوية، أي: ظهور الدخان منه، ولا بدَّ من تصفيته من الشوائب العالقة به بعد كل مرة يُستعمل فيها للقلي.
مراعاة أن يكون الطعام المراد قليه جافاً من الماء قدر الأمكان.