* انحياز للرواية الرسمية وغياب لأسباب الجريمة
* وسائل إعلام تستبق التحقيقات الأمنية باستنتاجاتها وابتعاد عن روايات “الفيسبوك”.
%67 نسبة التغطية الاخبارية و93% الاعتماد على المصادر المعرفة وزهد في مقالات الرأي.
مرايا – – كشف تقرير رصد الإعلام في تغطية حادثة الاعتداء على السواح في مدينة جرش الصادر عن مركز حماية وحرية الصحفيين اليوم عن انحياز التغطيات لصالح الرواية الرسمية الأمنية عن الحادثة، والتركيز على المسؤولين “وزير الصحة، وزير الخارجية، بيانات الدول الشقيقة، تصريحات سفراء دول المجني عليهم. الخ”، ونشر صورهم مضرجين بدمائهم لإحداث أكبر تأثير في الجمهور.
وقال التقرير الأسبوعي الذي يعده فريق الرصد والتوثيق في المركز إن التحيز للرواية الرسمية عن الحادثة والتعليقات عليها استند على رفض العمل باعتباره عملا إرهابيا فرديا، وبما لا يسمح لأحد بالتعاطف مع المعتدي.
وأضاف التقرير الذي رصد تغطيات عينة الرصد لديه المتمثلة بأربع عشر وسيلة إعلامية لحادثة الاعتداء على السواح في جرش أن الانحياز في التغطية أثر على اشتراطات الموضوعية والاكتمال والشمولية والدقة والمتابعة والعمق في إجمالي التغطيات التي تم رصدها والبالغ عددها 288 مادة منها (94) مادة نشرتها الصحف اليومية الورقية تمثل (32.6%) من إجمالي المواد المرصودة، فيما تولت الصحف الإلكترونية نشر 194 مادة تمثل ما نسبته (67.4%).
وقال التقرير إن عينة الرصد اعتمدت على المصادر المعرفة بنسبة عالية بلغت (93.4%) وتمثل (269) مادة مكررة مقابل 19 مادة فقط اعتمدت على مصادر مجهولة وتمثل ما نسبته (6.6%)، فيما لا تزال التغطيات المعتمدة على تعددية المصادر متدنية (20) مادة فقط، بينما لا تزال المواد التي تعتمد على تعددية الآراء منخفضة جدا (8 مواد فقط)، فيما لا تزال المعالجات القانونية والحقوقية في أدنى مستوياتها ولا تثير أدنى اهتمام في التغطيات (3 مواد مكررة فقط).
وبحسب التقرير فإن تغطيات حادثة الاعتداء على السواح في مدينة جرش اعتمدت على التغطيات الاخبارية وبنسبة (67.7%) وتمثل (195) مادة مكررة، وبلغت نسبة اعتمادها على البيانات المكررة (19.1%) وتمثل 55 مادة.
ولاحظ فريق الرصد والتوثيق أن مقالات الرأي التي تناولت معالجة هذه القضية أو التعليق عليها وتحليلها كانت متدنية قياسا بالقضايا الأخرى التي عالجتها تقارير فريق الرصد سابقا حيث بلغت نسبتها في تغطية حادثة جرش (3.8 %) وتمثل “11” مقالا مكررا.
وقال التقرير إن وسائل الإعلام في عينة الرصد لم تقدم معلومات أو متابعات واسعة خاصة بها عن الحادثة، مكتفية بالتغطية الإخبارية المكررة، مما أثر على إجمالي التصريحات الصحفية الخاصة بكل وسيلة إعلامية، فمن بين 14 وسيلة إعلامية تمثل عينة الرصد فإن 4 وسائل إعلامية فقط قالت إنها تقدم تصريحات لمسؤولين ولمصادر خاصة بها عن الحادثة.
وأضاف التقرير أن عدد التصريحات الصحفية بلغ 11 تصريحا صحفيا تمثل ما نسبته (3.8%) فقط، إلا أن فريق الرصد لاحظ أن بعض تلك التصريحات قامت وسائل إعلام بنسبتها لنفسها بالرغم من أنها كانت تصريحات عامة، مما يؤثر على مصداقية تلك الوسائل الإعلامية لدى الجمهور ويقلل من مدى الثقة بها.
وأوضح التقرير أن وسائل الإعلام في عينة الرصد نشرت 16 تقريرا مكررا فقط وبنسبة (5.6%) استند معظمها على تقارير نشرتها وكالة الأنباء الأردنية “بترا”، مما أبقى الجهد الشخصي لوسائل الإعلام في إنتاج ونشر تقارير خاصة بها متدنيا جدا.
ويرى فريق الرصد والتوثيق أن وسائل الإعلام في عينة الرصد وقياسا للتقارير العديدة السابقة التي أصدرها الفريق تكشف عن ضعف واضح في إنتاج وبث تقارير خاصة بها؛ لتحقيق التميز والخصوصية، وقد يعود ذلك لعدة أسباب من بينها عدم قدرة العديد من وسائل الإعلام في عينة الرصد على تفريغ فريق لإنتاج تلك التقارير، أو لاستسهال النسخ واللصق وهي الصفة الغالبة على إجمالي التغطيات.
ولاحظ التقرير في “اختبار المصداقية” الذي يُخضع التغطيات له غياب المصادر القريبة من منفذ الحادثة، باستثناء تصريح يتيم مكرر لوالد المعتدي فقد ظلت المصادر المقربة منه غائبة تماما.
وأظهر الاختبار أن وسيلة إعلامية واحدة قامت بالتجول في صفحة المعتدي الخاصة به على الفيسبوك، وقدمت تقريرا تتبعت فيه تطور اتجاهاته الفكرية وصوره الخاصة.
وقال التقرير أنه ووفقا لـ “اختبار المصداقية” إن التحيز في التغطيات ظهر جليا بالاعتماد على الرواية الرسمية الأمنية، والتركيز على المسؤولين “وزير الصحة، وزير الخارجية، بيانات الدول الشقيقة، تصريحات سفراء دول السواح المجني عليهم.. الخ”. ولعل أبرز صور هذا التحيز ظهرت في صور المجني عليهم وهم غارقون بدمائهم، وبما تمثله تلك الصور من تأثيرات على الجمهور وإثارة التعاطف مع الضحايا.
وأكد التقرير على أن الحادثة نفسها لا تسمح لأحد بالتعاطف مع المعتدي، إلا أنه كان على وسائل الإعلام إثارة العديد من التساؤلات حول المعتدي، على نحو لماذا أقدم على هذا العمل؟ وهل ينتمي لجهة سياسية ما؟
وسجل الاختبار أن جميع تغطيات وسائل الإعلام في عينة الرصد أصدرت حكمها على المعتدي باستثناء وسيلة إعلامية واحدة استخدمت وصفا له هو “المشتبه به”.
ولم تخض وسائل الإعلام في فرضيات هل الجريمة التي وقعت مخطط لها، أم أنها عمل جنائي عابر؟، ورغم الاتهامات التي وجهت من بعض وسائل الإعلام لمنفذ الجريمة؛ فإن أكثر وسائل الإعلام لم تقدم أدلة على وصفها، واستبقت التحقيقات الأمنية في التوصل لاستنتاجات لم تعلنها بعد.
ولُخص الاختبار إلى أن شرط الاكتمال والشمولية في التغطية ظل منقوصا، فلم تسأل وسائل الإعلام عن البيئة الاجتماعية التي عاش المعتدي فيها، ولم تسأل أصدقائه عنه، ولم تسأل شهود عيان ــ إن توفروا ــ تواجدوا لحظة الاعتداء؟ وهل تعرض لاستفزاز ما؟
كما وأظهر الاختبار أن المعلومات ظلت غير واضحة وغير دقيقة ومتقلبة في التغطيات الأولية للحادثة حتى صدور المعلومات الرسمية من الجهات الأمنية.
وختم التقرير بأن “اختبار المصداقية” أظهر عدم انجرار وسائل الإعلام في عينة الرصد وراء الإشاعات والمعلومات غير الصحيحة التي تولت منصات التواصل الاجتماعي نشرها “الفيسبوك” حول منفذ الاعتداء، ففي تغطية هذه الحادثة فقد الفيسبوك تأثيره على تغطيات وسائل الإعلام، ولم يتم اعتماده كمصدر جيد وموثوق للمعلومات، مما أنقذ وسائل الإعلام في عينة الرصد من أخطاء الوقوع بنشر أخبار ومعلومات كاذبة ومغلوطة.