مرايا – أكدت الأرقام الواردة في تقرير الربع الثالث من عام 2019 حول نسب البطالة خاصة المتعلقة بالإناث والصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، على أن سوق العمل في الأردن لا يزال يمثل بيئة طاردة للنساء، ويدفع بالمزيد منهن للخروج منه فيصبحن غير نشيطات إقتصادياً، ومن ترغب منهن بالعمل تجد نفسها في دائرة البطالة لضعف أو إنعدام فرص العمل اللائق.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن مؤشرات البطالة بين الإناث خلال الربع الثالث من عام 2019 بلغت 27.5% (17.1% للذكور و 19.1% لكلا الجنسين)، فيما كانت نسبة البطالة بين الإناث خلال الربع الثاني من عام 2019 بحدود 27.2% (19.2% لكلا الجنسين و 17.1% للذكور).
ومقابل ذلك فقد إنخفضت نسبة قوة العمل من النساء الأردنيات لتصل الى 13.2% خلال الربع الثالث من عام 2019 مقابل 14.5% خلال الربع الثاني من ذات العام وشكلت تراجعاً بمقدار 1.3%.
وتؤكد “تضامن” بأنه إذا كان هنالك رابطاً بين إنخفاض نسبة البطالة بين الإناث وما بين إنخفاض نسبة قوة العمل بينهن حسب أرقام الربع الثاني من عام 2019، فإن هذا الرابط أخذ مساراً أكثر خطورة بحسب أرقام الربع الثالث من ذات العام تمثل في ارتفاع نسبة البطالة بين الإناث وإنخفاض نسبة قوة العمل بينهن، حيث أن إزدياد عدد النساء غير النشيطات إقتصادياً (النساء اللواتي لا يعملن ولا يبحثن عن عمل وغير قادرات على العمل وغير متاحات للعمل) لم يؤدي بشكل أو بآخر الى إنخفاض نسبة البطالة بين النساء النشيطات إقتصادياً (النساء اللواتي يعملن أو يبحثن عن عمل)، وهي روابط تعكس خللاً جسيماً في السياسات الاقتصادية والتدابير والإجراءات الحكومية، وأدت الى عزوف النساء عن العمل أو البحث عن عمل كما أدت الى إرتفاع نسبة البطالة بين الراغبات في العمل، مما سبب ويسبب في هدر وضياع لطاقات وقدرات النساء الإقتصادية ويؤثر سلباً على مستقبلهن ومستقبل مجتمعاتهن المحلية وعلى مستوى المملكة.
إن المعطيات الحالية تؤكد على التراجع المستمر في مشاركة النساء الاقتصادية ، حيث أن النساء الراغبات في العمل أصبح لديهن قناعة بأن سوق العمل لا يوفر فرص عمل لائقة، وبالتالي فقدن الرغبة وإنتقلن الى قائمة النساء غير النشيطات اقتصادياً، مما يؤثر على تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030. وأصبح لدينا 13 إمرأة نشيطة اقتصادياً فقط ومن بينهن 4 نساء عاطلات عن العمل من بين كل 100 إمرأة فوق 15 عاماً في الأردن.
كما أظهرت النتائج بأن البطالة بين الإناث من حملة شهادة البكالوريس فأعلى بلغت 83% (29.7% للذكور)، وكانت نسبة العاملات الإناث الأعلى في الفئة العمرية 20-39 عاماً حيث بلغت 65.4% (59.8% للذكور).
يشار الى أن معدل البطالة بين النساء في الأردن بلغت أقصاها عام 1993 وبنسبة 36.7%، ووصلت الى أدناها عام 2004 حيث بلغت 16.5%.
وتعتقد “تضامن” بأن تدني أجور الإناث مقارنة مع الذكور (الفجوة في الأجور بين الجنسين عن الأعمال ذات القيمة المتساوية) وصعوبة الموائمة ما بين العمل والحياة الأسرية بسبب عدم فعالية أنظمة وعقود العمل المرنه وعدم توفير حضانات لأطفال العاملات، وضعف خدمات المواصلات العامة وكلفتها، جميعها تستنزف معظم الأجور التي تتقاضاها النساء. وتؤكد “تضامن” على أن التمكين الإقتصادي للنساء لا يقتصر فقط على مشاركتهن الإقتصادية بمختلف النشاطات فحسب ، بل يمتد ليشمل قدرتهن على التصرف بأموالهن بكل حرية وإمكانية تملكهن للعقارات والأراضي ، وتسهيل عملية وصولهن للموارد المختلفة ، وتأمين مستقبلهن ومستقبل عائلتهن وأولادهن في حال أصبحهن يرأسن أسرهن لأي سبب كالطلاق أو الوفاة أو الهجر.
15 ألف أردنية يعملن في الصناعات التحويلية مقابل 33 ألف عاملة وافدة
هذا وأظهرت القراءة التحليلية لواقع قطاع الصناعة في الأردن (2012-2016) والصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة في تموز 2019، بأن العاملات الأردنيات في قطاع الصناعة يحصلن فقط على نصف فرص العمل التي يوفرها هذا القطاع، حيث بلغ عدد العاملات في قطاع الصناعة لعام 2016 بحدود 47597 عاملة من بينهن 23859 عاملة أردنية وبنسبة 50.1%.
وتشير “تضامن” الى أنه ووفقاُ للتقرير الإحصائي السنوي لعام 2018 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة فقد تراجعت نسبة الأردنيات لتصل الى 31% فقط، حيث بلغ عدد العاملات غير الأردنيات في الصناعات التحويلية 32943 عاملة وعدد العاملات الأردنيات 14767 عاملة (المجموع الكلي 47710 عاملة)، وهذا يفيد بإرتفاع نسبة العاملات الأجنبيات عام 2018 لتصل الى 213% (10493 عاملة عام 2012 مقابل 32943 عاملة عام 2018) مقابل إنخفاض نسبة العاملات الأردنيات بحوالي 25.8% (19906 عاملات عام 2012 مقابل 14767 عاملة عام 2018) .
وتؤكد “تضامن” بأن هذه الأرقام لا تعكس العدد الفعلي والحقيقي للعاملات الوافدات في الأردن، حيث أن هنالك أعداد كبيرة لم تقم بالتسجيل لدى وزارة العمل ومديرياتها في مختلف محافظات المملكة.
وتثمن “تضامن” الدور الكبير والهام الذي تقوم به العاملات الوافدات ومن بينها دعم الاقتصاد الوطني في مختلف المجالات التي يعملن بها، إلا أن توفير فرص عمل للنساء الأردنيات في الصناعات التحويلية ضمن شروط العمل اللائق والإلتزام بالحد الأدنى للأجور سيساهم في زيادة المشاركة الإقتصادية لهن وتخفيض مستويات البطالة المرتفعة.
وتتساءل “تضامن” ونحن نتحدث عن فرص عمل بالآلاف، عن أسباب عدم تشغيل الأردنيات في الصناعات التحويلية، وإذا أحجمن عن العمل في حال عرضت هذه الوظائف عليهن فما هي أسباب هذا الإحجام، وما هي الوسائل لتذليل العقبات أمام دخولهن الى هذا القطاع الهام الذي يوفر فرص عمل للنساء بشكل متزايد سنوياً.