مرايا -قدّم ديوان المحاسبة تقريره السابع والستين للجهات المختصة، محافظا على سياق تقاريره السَّابقة، اذ اكتظت صفحاته بالمخالفات والتجاوزات على المال العام، بيد أنَّه استطاع في الجهة المقابلة كف ومنع يد كثيرين عن الاستمرار في هدر المال العام في دولة يعاني اقتصادها كثيرًا.
التقرير الذي يقع في 572 صفحة، توزع على خمسة فصول، رصد مخالفات وتجاوزات على المال العام، وبينت كيف أن هناك هدرا غير مبرر، وارتفاعا في قيمة بعض الرواتب، وحدد قيمة الوفر المالي الذي تحقق لخزينة الدولة خلال العام 2018، والذي وصل إلى 53849074 دينارا.
مختصون ومتابعون قالوا لوكالة الانباء الأردنية(بترا) إن العقاب الرادع لكل من يقوم بمخالفة وتعد على المال العام كفيلة بعدم وقوع مخالفات أخرى ومرة ثانية، كالتي وردت في تقرير الديوان، وهي مخالفات مزعجة للداخل الأردني والخارج الذي يراقب جدية التعامل مع مثل هذه التقارير والتي تصب في مصلحة الشفافية ومكافحة الفساد.
نائب رئيس غرفة صناعة عمّان موسى السَّاكت أكد أنَّ وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وتقييم أدائه أولا باول يمنع تكرار هذه الملاحظات والجرائم التي ترتكب بحق المال العام، مؤكدّا أن من يأمن العقوبة يسيء التصرف بكل ما هو ملك للعامة، وهذا واضح من مخالفات تتكرر كل عام في تقارير ديوان المحاسبة. السَّاكت أكد أن تقارير ديوان المحاسبة السنوية تسجل له من حيث الجراة والقوة والمتابعة والرقابة الشديدة، وهو جدير بالإهتمام، وتصحيح ما ورد به من مخالفات واستعادة اموال الدولة كلها.
وطلب تحويل الملفات الشائكة للنائب العام حيث إنَّها ترقى لجرائم اقتصادية، وبهذه الطريقة يتم حماية الاقتصاد في المملكة، ووضع خطة محكمة لكل دوائر الدولة وربطها بمنظومة متابعة عبر ديوان المحاسبة حتى تبقى المتابعة مستمرة ووقف التعدي على المال العام. وعن أثر هذا التقرير خارجيًا أكد السَّاكت أنَّ أول أثر سيكون في إعاقة الاستثمار، والاحجام عن زيادته، ويؤثر بشكل رئيسي على تقرير ممارسة الاعمال الذي يصدر نهاية كل عام وفي الدول كافة ومن بينها الأردن، لأن التشاركية تتم بين القطاع العام والخاص.
وزير تطوير القطاع العام السَّابق ماهر المدادحة قال إنَّ بعض الحكومات لا تأخذ بجدية الملاحظات التي ترد في التقرير، وهناك ضعف متابعة أيضًا من اللجان اليابية ومجلس النواب باعتبار ان الديوان يتبع للمجلس، وهو المسؤول أيضًا عن مراقبة ومسائلة الحكومات عن كل ما يرد في التقرير.
يضيف المدادحه أن نشر التقرير بهذه الطريقة غير مقبول، لان هناك كثير من القضايا والملاحظات لا تصل الى الجرم المالي، ومنها ما ينتهي بعدم التجريم لنقص الأدلة، وقد تكون مبنية على تشريعات وقوانين، مقترحًا أن تقوم اللجنة المالية بمجلس النواب بتقديم تقرير نصف سنوي لمتابعة ملاحظات التقرير.
وبين أن من الأفضل نشر التقرير بعد تصويب الملاحظات، أو ما يصدر بها حكما قطعيًا، وتكون ثابتة، مؤكدًا ان مثل هذه التقارير مفيدة وإيجابية أمام العالم الخارجي خاصة وأن العالم الغربي سينظر إلى ما تم إجراؤه على تقرير الديوان، وهذا يثبت جدية الدولة في مكافحة الفساد وترسيخ الشفافية في التعامل مع مال الدولة.
على ضوء ملاحظات تقرير الديوان، أصدرت وزارة العمل ردًا على ما ورد به وحرصها على معالجة ومتابعة جميع الملحوظات الواردة حول بعض القضايا المتعلقة بعملها، باعتباره الجهة المخولة بموجب القانون بمراقبة الأداء المالي والإداري لمؤسسات الدولة.
كما ردت وزارة الداخلية على ما نالها من ملاحظات التقرير مبدية اهتمامها بها وايلاءها العناية اللازمة من خلال العمل على تصويبها ومعالجتها بالسرعة اللازمة، وأنَّ اجراءاتها المتعلقة بتصويب الملاحظات التي وردت في التقرير حول المباني والايجارات التابعة للوزارة لعام 2017، مبينة انه بخصوص وجود مساكن مستأجرة للحكام الاداريين ودفع بدل ايجاراتها السنوية بالرغم من انها غير مسكونة، فقد تم تزويد الديوان بكشف يتضمن اسماء شاغلي هذه المساكن، والاشارة كذلك الى ان اخلاء اي سكن رسمي غير مشغول ان وجد يترتب عليه مبالغ مالية اضافية في حال استئجار سكن جديد كون اغلب هذه المساكن مستأجرة بأجرة قديمة وأقل من تكلفة الاسعار الدارجة في الوقت الحالي.
يشار إلى أنّ ديوان المحاسبة يستند في اعداد تقاريره على البيانات المستقاة من الاستيضاحات والكتب الرقابية ومذكرات المراجعة ولوائح التدقيق المسبق خلال العام 2018، ومتابعاته المستمرة مع الجهات الخاضعة لرقابته والكشوفات الميدانة والفنية والهندسية ومتابعة المشاريع الرأسمالية والحسابات الختامية للدولة والموازنات والحسابات الختامية لمختلف الجهات الخاضعة للرقابة، والنشرات والتقارير والدراسات والإحصائيات الصادرة من مختلف الجهات الحكومية، والتقارير الصادرة عن الديوان بخصوص الرقابة على الأداء والبيئة، والاستشارات القانونية الصادرة عن مختلف الجهات ذات العلاقة.