مرايا – أكد رئيس منتدى الشرق الأوسط للمياه، وزير المياه الأسبق الدكتور حازم الناصر، أن ثمة رابط كبير بين الاحتجاجات التي تعم لبنان والعراق اليوم وبين فقر المياه في منطقتنا، مؤكداً أن الربيع العربي له 3 أسباب؛ الحريات العامة، الفساد والخدمات، وعلى رأس الخدمات موضوع المياه.

ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن الناصر قوله إن “المنطقة العربية طبعاً هي من أفقر مناطق العالم من حيث نصيب الفرد من المياه، إذ نحن لدينا اليوم 17 دولة عربية من أصل 22 دولة عربية تقع تحت خط الفقر المائي”، ويشرح خط الفقر المائي “هو أن يكون للفرد أقل من 1000 متر مكعب في العام”.

ويربط الناصر بين موضوع الفقر والبطالة والفقر المائي، ويشرح إن “السبب يعود أيضاً إلى أن النشاطات الاقتصادية في الدول الفقيرة مائياً والتي تسمى بالدول (المجهدة مائياً) إن جاز التعبير، الدول المجهدة مائياً عادة ما تكون نشاطاتها الاقتصادية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالفقر المائي”.

ويستند إلى دراسات البنك الدولي التي تشير إلى أن “المناطق الفقيرة مائياً مثل المنطقة العربية، 75 بالمئة من النشاطات الاقتصادية المرتبطة بالناتج المحلي الإجمالي ترتبط بفقر المياه، بمعنى أنها هشة، كلما زاد الفقر كلما تعرضت هذه النشاطات الاقتصادية إلى الفناء والدمار وعدم القدرة على تلبية احتياجات المواطنين بينما في العالم غير الفقير مائياً فإن النشاطات الاقتصادية المرتبطة بالمياه فقط بالمئة”.

وبناء على ما سبق فإن الفقر والبطالة يقودان إلى عدم الاستقرار السياسي، على حد تعبير الناصر الذي يشير إلى أن “هذا ما نشهده في المنطقة العربية”. مبيناً أن “الفقر المائي يعني عدم القدرة على إنتاج الغذاء وله جانبين؛ أن هذه الدول ستضطر إلى استيراد هذه الأغذية من الخارج، وكلما زاد الاستيراد كلما زادت الكلف، مما يدفع الحكومة لرفع الأسعار عبر الضرائب أو رفع الأسعار مباشرة أو أن تقوم بالدعم الحكومي، والدعم الحكومي يعني ديون”.

ويشير الناصر إلى أن “الثورة المصرية بالإضافة إلى قضايا الديمقراطية والحريات العامة كان هنالك موضوع الخبز، لأن مصر غير قادرة على إنتاج الحبوب، بالتالي الاستيراد من الخارج يعني عملة صعبة يعني رفع أسعار، يعني تضخم”.

وأكد الناصر أن الربيع العربي كان له 3 أسباب؛ الحريات العامة، الفساد والخدمات، وعلى رأس الخدمات موضوع المياه.

وكمثال غير بعيد بالزمن يستعيد الناصر ما يجري في العراق ولبنان إذ يشير إلى أن “البصرة وجنوب العراق التي بدأت منها شرارة المشاكل التي نراها اليوم سببها المياه والكهرباء، وإذا توجهنا إلى لبنان ووضعنا لثانية واحدة موضوع الفساد جانباً، نجد أن غالبية من تُجرى معهم المقابلات في لبنان يشتكون من غياب المياه والكهرباء، بلغة أخرى لو لم يبقى في لبنان ولا شخص فاسد، اللبنانيون سيخرجون بسبب نقص المياه”.

ويؤكد الناصر أن ثمة رابط بين الفساد والترهل الإداري ونقص المياه إذ أن “جزءاً من الدول العربية مشكلتها ترهل الحكومات بصراحة والفساد وعدم القدرة على مواكبة تطورات المياه؛ فعندما يكون في هذه الدول ترهل وفساد لا يكون لدى هذه الدول قدرة على التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد”، مؤكدا أن “المياه تحتاج إلى تخطيط استراتيجي طويل الأمد”.

ويضيف بأنه “عندما تكون الحكومات مترهلة وتعاني من الفساد وتكون الحاكمية الرشيدة في أضعف أحوالها وعدم سيادة القانون وعدم مشاركة المجتمعات المحلية في المشاركة باتخاذ القرار، ونضوب مصادر المياه الرئيسية مثل المياه الجوفية هذا يقود إلى اضطرابات سياسية ونزول الناس إلى الشارع وإلى آخره”.

ويؤكد الناصر أن “الدول العربية لا تحافظ على المصادر الداخلية الموجودة لديها، لو أن الدول العربية تحافظ على مصادر [المياه] الداخلية لديها يصبح الموضوع الخارجي مهم، ولكن ليس بذات أهمية ضياع [مصدر المياه] الداخلي والخارجي”. ويوضح “سبب معاناة الدول العربية هو أنها غير قادرة على السيطرة على مواردها المائية الداخلية بسبب أشخاص يعتقدون أن لديهم سطوة وأنهم فوق القانون فيقومون بحفر الآبار المخالفة ويسرقون مياه وإلى آخره”.

والمقصود بالتأثير الخارجي على مصادر المياه، هو عندما تقيم دول في أعلى الحوض المائي مشاريع مثل السدود تؤثر على المياه في الدول الواقعة أسفل الحوض.

ويضيف الناصر “على فكرة عندما يصبح هنالك قلة مياه وأمراض بسبب قلة المياه، مثلما حدث في العراق والبصرة بالمناسبة، فإنهم يلجأون لمن يحل لهم مشكلتهم الخدماتية، ففي جنوب العراق الناس لم تعد تهتم بالموضوع الطائفي فذهبوا وحرقوا المقرات الحزبية، لأن العراقي في الصيف ودرجة الحرارة 50 مئوية، لا يهتم بالطائفية والأحزاب أصبح يريد من يسقيه الماء ويجد له وظيفة والخبز”.

يذكر أن مصر من بين الدول العربية التي دخلت مرحلة الفقر المائي، وتتخوف من حدوث مشكلات كبيرة مستقبلا بسبب قيام إثيوبيا ببناء سد النهضة على النيل الأزرق بهدف توليد الكهرباء. وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها البالغة 55.5 مليار متر مكعب، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق. وكانت مصر قد أعلنت في وقت سابق وصول المفاوضات حول سد النهضة إلى طريق مسدود، قبل أن تتدخل واشنطن وتدعو وفود من الدول الثلاثة لمناقشة الأزمة في واشنطن في التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.