مرايا – لم تتوقف مسيرة التاريخ منذ وصلوا في أواسط القرن الماضي طلبا للجوء فترة توقعوا أن تستمر بضعة أسابيع لكنها دامت العمر كله.
ومن حولهم تقلبت الأحوال في الشرق الأوسط من الصراع إلى الحرب الأهلية إلى السلام لتعود الكرة من جديد.
إلا أن هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم لم يشهدوا تحركا يذكر على مدار عشرات السنين. ولم يتمكن الفلسطينيون من العودة دون قيد إلى أراضيهم الضائعة سوى من خلال ذكرياتهم وآمالهم.
وفي زيارات مصورين تفصل بينها عقود من الزمان بدا أن الوقت مر بسرعة مختلفة في العديد من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المتناثرة في لبنان والأردن وسوريا والضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.
وقد حدثت تغيرات بالفعل لكن غاياتها ظلت محدودة. تحولت الخيام التي أقيمت من الخيش في بيروت عام 1948 إلى بيوت مبنية بمواد بسيطة وأضحت الشواطئ أزقة لا ترى الشمس.
وأصبحت الشابات اللائي كن يحملن جرار الماء فوق رؤوسهن في غزة خلال الخمسينيات هن الجدات لجيل يفتح اليوم الصنابير في البيوت لكنه ما زال يحمل الماء المعبأ إلى البيوت لأنه أنقى وأصلح للشرب.
وكان لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) أثر بالغ الأهمية في حياة اللاجئين من خلال توفير الخدمات والحماية لنحو 5.5 مليون لاجئ فلسطيني.
ويعيش نحو ثلث هذا العدد، أي أكثر من 1.5 مليون نسمة، في 58 مخيما مسجلا.
أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة وكالة الأونروا قبل 70 عاما للتعامل مع مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين أخرجوا من ديارهم أو فروا من ويلات الصراع الذي لازم قيام دولة إسرائيل عام 1948.
وكانت نجاح أبو ريالة من بين من عانوا من هذا النزوح إذ عاشت حياتها كلها في مخيم الشاطئ ثالث أكبر مخيم من بين ثمانية مخيمات للاجئين في قطاع غزة.
تتذكر نجاح التي أصبح عمرها الآن 61 عاما الأوضاع البدائية التي كانت تعيش فيها في فترة شبابها بالمخيم الذي ازداد عدد سكانه من 23 ألفا لأكثر من 85 ألفا.
وتقول وهي تعود بذاكرتها للوراء “الشوارع لم تكن مرصوفة. كانت رملا وترابا”.
غير أن السنين التي جلبت معها المزيد من الخدمات جلبت أيضا المزيد من التوتر والانقسامات واليأس.
قالت نجاح “ربما أدخلوا الكهرباء والمياه إلى البيوت لكن الأوضاع أسوأ كثيرا مما كانت. في ذلك الوقت كنا أكثر ترابطا وأكثر اتحادا”.
وتريد نجاح وغيرها من اللاجئين الحق في العودة إلى أراضي عائلاتهم السابقة في فلسطين ما قبل 1948 والتي تقع الآن داخل إسرائيل.
وترفض إسرائيل حق العودة بتاتا باعتباره يمثل خطرا سكانيا على الأغلبية اليهودية.
وينظر كثيرون من الإسرائيليين بعين الشك لوكالة الأونروا أكبر المنظمات الإنسانية التي تتعامل مع اللاجئين الفلسطينيين.
وقد قال بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل إن طول بقاء الأونروا ساهم في إطالة أمد مشكلة اللاجئين لا في حلها.
وقال عام 2017 إن الوقت حان لحل الوكالة وحث الأمم المتحدة على إعادة النظر في وجودها.
ومن المقرر أن يعاد النظر في أداء الوكالة في الأيام المقبلة إذ سيصوت مجلس الأمن على تجديد تفويضها.
ووسط أزمة مالية وغموض سياسي حذرت القيادات الفلسطينية من وقوع اضطرابات إذا ا
غير أن 170 دولة صوتت في لجنة خلال نوفمبر تشرين الثاني على تجديد تفويض الوكالة قبل الاجتماع العام للجمعية العمومية. واعترضت على الأمر دولتان فقط هما إسرائيل والولايات المتحدة.
ويقول مؤيدو الوكالة إنه رغم أنه ما من شيء مؤكد في أحابيل السياسة في الشرق الأوسط فمن المستبعد أن تنقلب أغلبية ساحقة كهذه في التصويت النهائي إذ لا يوجد بديل سهل.
وقالت إليزابيث كامبل وهي مسؤولة في الأونروا بواشنطن “الطاعنون في الأونروا يريدون حلا لمشكلة اللاجئين دون اتفاق سياسي … وهذا أمر من الصعب جدا تحقيقه”.