مرايا – يدخل فصل الشتاء غدا الأحد في موسمه الجغرافى والفلكي في دول المنطقة العربية والنصف الشمالي للكرة الأرضية لتكون الليلة المقبلة هى الأطول فى عام 2019 ويستمر حتى 21 مارس القادم، قاطعا مساحة زمنية قدرها 88 يوما،17 ساعة، 39 دقيقة.
ويتزامن دخول الشتاء رسميا فى نصف الكرة الشمالي مع لحظة حدوث ظاهرة الانقلاب الشتوي، وفي تلك اللحظة يشيح قطب الأرض الشمالي بوجهه عن الشمس (وهذا هو السبب في البرودة الشديدة التي يشهدها نصف الكرة الشمالي في الشتاء)، والانقلاب الشتوي المعروف أيضا “بعيد منتصف الشتاء”، أو” انقلاب ديسمبر “، هو ظاهرة فلكية يميز ليلة حدوثها بأنها الأطول فى العام والأشد ظلمة، وبالتالى يكون نهار يومها الأقصر.
وتحدث هذه الظاهرة بسبب ميل محور دوران الأرض حول محورها بزاوية نحو ٥ر٢٣ درجة بالنسبة إلى مستوي مدارها حول الشمس، وتأتى أهمية يوم الانقلاب الشتوي من انعكاس التدرج الضوئى ليلا وقصر النهار، ويمكن لهواة الفلك حساب موعد حلوله بالمعطيات الفلكية فقط، حيث تستحيل رؤية هذه اللحظة من المشاهدة المباشرة من قبل الهواة، لأن الشمس تتحرك ببطء شديد، لدرجة ظهورها ثابتة لتعود في “الاتجاه المعاكس” (وهذا معنى الإنقلاب انحسارا وحصريا) ويحدث فى جزء من الثانية
ومنذ مطلع شهر ديسمبر الحالى وهناك شروق متأخر للشمس وغروب مبكر، نهار قصير وليل طويل هذا ما حدث بالفعل إلى أن حانت لحظة “الإنقلاب الشتوي” في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، واستنادا لهذا فإن الفجر سيتأخر غدا (الأحد )، وتشرق الشمس من أقصى الجنوب الشرقي، وسيلاحظ ظاهريا وكأن الشمس تشرق من نقطة واحدة جنوب السماء لبضعة أيام قبل أن تبدأ مسارها الظاهري باتجاه الشمال من جديد نتيجة حركة الأرض فى مدارها حول الشمس
وعند الإنقلاب الشتوي، تكون أشعة الشمس عمودية تماما على مدار الجدي، وهو خط وهمي يقع أسفل خط الإستواء بـ 23.5 درجة، وتكون الشمس عمودية تماما عليه عند الزوال، فى المناطق الواقعة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ويكون النهار فيها أقصر من 12 ساعة، ويلاحظ في النصف الشمالي من الكرة الأرضية تأخر الفجر وتقدم الغروب إضافة إلى انخفاض القوس الذي تقطع به الشمس السماء مما يعني ظهورها منخفضة في السماء أثناء فترة الظهيرة، وبذلك يكون الظل الشمسي هو الأطول زمنيا على مدار العام
والانقلاب الشتوى هو حدث فلكي سنوي يميزه عمودية الشمس على مدار الجدي، ويعد أحد ظاهرتى ” الانقلاب الشمسى ” الفلكيتين، التى تحدثان على كوكب الأرض مرتين فى العام، حيث يميل أحد قطبى الكوكب نحو الشمس، فيكون القطب الآخر بعيدا عنها مما يجعله في فترة الانقلاب الشتوي في نصف الأرض الشمالي، وتصل الشمس لأدنى ارتفاع لها خلال الظهر فوق الأفق، وتكون أشعة الشمس شديدة الميل على نصف الكرة الشمالي وشبه عمودية على نصف الكرة الجنوبى فيما عدا مدار الجدي، فيما يكون الإنقلاب الثانى صيفى ويعرف ب ” إنقلاب يونيو “
وبما أن الانقلاب الشتوي نفسه يبقى وقتا وجيزا جدا، فإن المصطلح تم تعميمه على اليوم حيث يقع هذا الحدث الذي له عدة أسماء ك”منتصف الشتاء”، “أقصى الشتاء” أو “النهار الأقصر”، وفي بعض الثقافات يرى هذا الحدث على أنه منتصف فصل الشتاء، فيما تراه ثقافات أخرى على أنه بداية لذلك الفصل
وفي علم المناخ، يمتد الشتاء في نصف الأرض الشمالي على مدة طويلة من ديسمبر إلى فبراير، يرمز انقلاب الشتاء موسميا إلى التناقص التدريجي لساعات النهار خلال اليوم وازدياد مدة الليل، ويختلف تاريخ أبكار غروب الشمس وأكثر توقيت شروق الشمس تأخرا بسبب خط العرض، وتغير اليوم الشمسي على مدار السنة بسبب تأثير مدار الأرض البيضاوى
الغروب الأكثر تأخرا لا يتعلق بالوقت الذي يحدث فيه الشروق أو الغروب، وإنما يتعلق “بوقت الزوال الحقيقي” وهو الوقت الذي تكون فيه الشمس في أقصى ارتفاع لها عند قطعها للسماء أثناء النهار، ومع مطلع شهر ديسمبر يتقدم وقت الزوال الحقيقي بعشر دقائق عن وقته في الإنقلاب الشتوي (21 من ديسمبر) وهذا الفارق يجعل من اليوم الذي يكون فيه الغروب والشروق الأكثر إبكارا في نصفي الكرة الأرضية ليس في يوم الإنقلاب الشتوي
ويعتبر الانقلاب موعدا ممتازا في الدورة السنوية لبعض الثقافات، فمنذ عهود سحيقة يحتفل الإنسان بهذه المناسبة ويقيم لها الطقوس والاحتفالات الخاصة، حيث كانت الأحداث الفلكية دليلا تعرف به بعض النشاطات الإنسانية والحيوانية منذ العصر الحجري الحديث واستنبطت العديد من التقاليد والأساطير من ذلك، واختلفت الإحتفالات بهذه اللحظة من ثقافة لأخرى