مرايا – يشير مفهوم الدَّين إلى الالتزام الذي يتعين على الشخص أو الدولة دفعه أو إعادة دمجه، ويلجأ الكثيرون للاقتراض عندما يريدون الاستثمار لتحقيق الازدهار في الحياة، على غرار شراء مسكن أو تأسيس مشروع تجاري.
ويرى الكاتب سيزار لاخود -في تقرير نشرته مجلة “موي نيغوثيوس إي إيكونوميا” الإسبانية- كما نقلته الجزيرة- أن الدَّين الخارجي يخضع لمنطق السوق نفسه، حيث تقترض الدول بدافع فكرة مركزية تتمثل في تعزيز تنميتها الاقتصادية في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية على غرار الصحة والتعليم والبنية التحتية.
وعرف الكاتب الدَّين بأنه مجموعة من رؤوس الأموال المستحقة على الشركات والحكومات في بلد معين، يدين بها إلى بلدان أخرى أو إلى البنوك أو المنظمات الدولية.
ويمثل الدين الخارجي مجموع كل ديون بلد ما، التي تكون عموما بالدولار، مع هيئات أجنبية، ويشمل القروض الممنوحة من قبل الوكلاء الماليين الأجانب للدولة (الدَّين العام) والأفراد (الدَّين الخاص).
منطق المديونية
والسبب الرئيسي للمديونية يكمن أساسا في مواجهة عجز مالي مستمر نتيجة التفاوت بين نفقات الدولة ومداخيلها، لذلك تجبر على إصدار سندات دَين تحفزها مداخيل الفوائد الإضافية.
وإذا واجهت الدولة مشكلة في سداد ديونها، تزداد الفائدة لدرجة يمكن أن تؤدي إلى هاوية الإفلاس، وهو ما يفرض تأثيرا خطيرا على السياسات الاقتصادية المستقلة لهذا البلد وعلى التنمية الاقتصادية.
وأضاف الكاتب أنه يمكننا أن نعتبر أن منطق المديونية ليس سيئا، لأنه يسمح للبلدان بالحفاظ على مواردها الخاصة والحصول على أموال من الخارج لتطوير البنية التحتية، أو استغلال السلع والخدمات أو معالجتهما وكذلك إنتاج وتصدير تلك السلع والخدمات أو استيرادهما.
لكن يمكن أن تصبح المديونية مشكلة إذا أسيئ التصرف في هذا الدين، وهو ما يؤدي إلى صعوبة سداده ويجعله عائقا أمام التنمية الاقتصادية.
كما أن إغراء الحكومات بزيادة المديونية أمر ضار، لأن السياسة لها دورات أقصر من الاقتصاد. وبناء على ذلك يجب سداد الديون المكتسبة خلال فترة زمنية محددة على المديين المتوسط والطويل حتى إذا تم تبادل الإيرادات الانتخابية على المدى القصير.
وأوضح الكاتب أن الدين العام الإسباني قد بدأ في إظهار تغييرات كبيرة في هيكله انطلاقا من سنة 1975.
المديونية تصبح مشكلة إذا أسيئ التصرف في الدين مما يؤدي إلى صعوبة سداده (رويترز)
المديونية تصبح مشكلة إذا أسيئ التصرف في الدين مما يؤدي إلى صعوبة سداده (رويترز)
الدَّين الخارجي
يتضح من خلال الإحصائيات الأخيرة، أن أوقات الأزمة الاقتصادية هي الأوقات التي تعود فيها الديون إلى التراكم بينما تكرس أوقات الازدهار الاقتصادي إلى سداد الدين.
كما أثرت بداية الأزمة الاقتصادية والمالية الدولية في سنة 2008 على الزيادة في مستوى المديونية، حيث أصبحت الزيادة في الإنفاق العام لا غنى عنها للتخفيف من تأثير ركود الاقتصاد الداخلي.
وأورد الكاتب أن سياسات التقشف التي يتم تنفيذها اعتبارا من سنة 2011، وخاصة خفض الإنفاق العام والزيادات الضريبية، قد أدت إلى زيادة مديونية القطاع الحكومي، لتصل إلى مستويات قصوى بلغت حدود 100.4% من الناتج المحلي الإجمالي (624 1.041 مليون يورو) في سنة 2014.
وفي السنوات الأخيرة استقر نمو الدَّين العام، على الرغم من أن سداد المديونية المطابق لفترة مستمرة من النمو الاقتصادي لم يبدأ بعد.
ووفقا لاستنتاجات مرصد الدين للهيئة المستقلة للمسؤولية المالية، وحسب رئيسها خوسيه لويس إسكريفا، فإن إسبانيا لن تكون قادرة على الحد من ثقل كل ديونها العامة بما يعادل 60% من الناتج المحلي الإجمالي على الأقل حتى سنة 2035، وهذا كله مع أفق اقتصادي محايد، والاستمرارية في الحد من العجز العام وتوليد الفائض الأساسي.
وأفاد الكاتب بأن 60% هو الحد المذكور في معاهدة أداء الاتحاد الأوروبي، وهو التزام ثابت لا يفي به في الوقت الحالي سوى إستونيا ولوكسمبورغ وبلغاريا وجمهورية التشيك، وكذلك الدانمارك وليتوانيا ورومانيا ولاتفيا والسويد، وأيضا مالطا، وسلوفاكيا، وبولندا، وهولندا، وفنلندا وألمانيا.
اعلان
وأوضح الكاتب أن بعض سياسات تخفيض ديون الدول تكمن بالأساس في سداد الديون وإعادة هيكلتها وإعادة التفاوض بشأن شروط الدفع الجديدة أو أسعار الفائدة مع الموردين، فضلا عن عدم دفع الديون التي ستكون لها عواقب وخيمة على سمعة الدولة، أو تبادلية الديون.
وبالنسبة لإسبانيا، لا يمكن سداد الدَّين في المستقبل إلا عن طريق إعادة هيكلة الدين سواء من حيث أسعار الفائدة أو تخفيضها على المديين المتوسط والطويل.