مرايا – قبل بضع سنوات لم تكن رؤية أردنيين يمشون مع كلابهم في شوارع عمان مشهدا إعتياديا في بلد يشهد أوضاعا إقتصادية صعبة، لكن المشهد بات اليوم عاديا يرافقه انتشار مراكز رعاية الحيوانات الأليفة وابرزها أول فندق للكلاب.
رغم ارتفاع كلفة المعيشة في بلد يبلغ معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار وتجاوز دينه العام 40 مليار دولار، لا يبخل الأردنيون بانفاق مبالغ كبيرة لرعاية حيواناتهم المدللة.
وانتشرت في السنوات الأخيرة في عمان عشرات مراكز العناية بالحيوانات الأليفة خصوصا الكلاب والقطط، ومحلات تبيع مستلزمات تربيتها بعد تزايد أعداد مربيها.
ويقول مدير “بت زون”، أول فندق ومركز تدريب للكلاب، مروان الحاج علي إن المشروع أقيم عام 2018 بعد “نمو ملحوظ لتربية الحيوانات الأليفة خصوصا الكلاب”.
وأضاف “فكرنا بأن من يسافر يريد ترك كلبه في مكان منظم ومخصص لذلك، فأقمنا هذا الفندق” في منطقة الجيزة (جنوب عمان)، وهو أيضا مركز متخصص بتدريب الكلاب وتعديل سلوكها.
ويقدم الفندق، الذي يحتوي مساحات واسعة للعب والتدريب وحجرات للإقامة، خدمات قص أظافر الكلاب وشعرهم واستحمامهم وتجفيف شعرهم مع من يعتني بهم في غياب أصحابهم.
ويتاح لأصحاب تلك الكلاب متابعتها عبر الانترنت من خلال كاميرات مثبتة في كافة الأقسام.
ولا تتجاوز كلفة مبيت الكلب 3 دنانير (4 دولارات) في اليوم، بينما تضاف كلفة خدمات أخرى بحسب الحاجة.
ويكلف الحمام وقص الشعر للكلب أوالقط في الأردن مابين 14 الى 28 دولارا، وقص الأظافر مع تنظيف الأذنين 14 دولارا.
ويقول الحاج علي مبتسما بينما يجفف عامل خلفه شعر كلب “جيرمن شيبيرد” ضخم اسود “لو قلت لشخص قبل 20 عاما ساترك كلبي في فندق سيضحك عليك، لكن الآن الأمر طبيعي”.
وأكد الرجل الذي يربي كلابا منذ أكثر من 30 عاما أن “هناك إقبالا أكبر على تربية الكلاب في السنوات الأخيرة” رغم تكاليف قد تتعارض مع الأوضاع الإقتصادية.
وتتفق آلاء كلمات (29 عاما) وهي موظفة حكومية مع ما قاله الحاج علي مؤكدة تزايد عدد مربي الكلاب والقطط الذين باتوا يمشون مع كلابهم وقططهم في الشارع بعد أن “كان أمرا محرجا” سابقا.
وتقول أثناء فحص روتيني لكلبتها البيضاء الصغيرة “لوسي” في عيادة متخصصة لطب الحيوان “فت زون” إن “التكلفة المادية غير مهمة، مقارنة بأهمية لوسي”.
والأنواع الأكثر طلبا في الأردن للحراسة “جيرمان شيبرد”، و”روت وايلر”، و”هاسكي”، و”غولدن ريتريفر”، وكلاب “بوميرنيان” و”شيتزو” و”يوركشاير” الصغيرة.
ويراوح ثمن جرائها بعمر أقل من شهرين وبحسب نقاء السلالة ومصدر انتاجها بين نحو 140 دولارل و1700 دولار، وقد يصل سعر الكلب الكبير إلى عشرات الألاف بحسب السلالة والتدريب.
أما القطط فاثمان الأنواع الشائعة مثل “شانشيلا” و”شيرازي” و”الهمالايا” و”انجورا” و”سكوتش فولد” هي بين 70 و300 دولار.
الرعاية الطبية مكلفة
تشكل العناية بالحيوانات الأليفة في الأردن عبئا على كثيرين في بلد تجاوزت فيه نسبة الفقر المعلنة رسميا 15 بالمئة ونسبة البطالة أكثر من 19 بالمئة.
ويؤكد سامي جورج، مدير أحد أقسام فندق من فئة خمسة نجوم في عمان، والذي يربي كلبا رماديا صغيرا من فصيلة “فرينش تيرير” إن تربية الكلب “تشكل عبئا ماديا بدون أدنى شك”.
ويقول “كل شيء مكلف في الأردن وهذا ينطبق على طعام الكلاب والقطط ومستلزمات تربيتها وطبعا العناية الطبية”.
وتحتاج الكلاب والقطط لعناية طبية روتينية أساسية مثل اللقاحات ضد الأمراض والفيروسات، وحبوب الديدان الداخلية، ومضاد حشرات خارجية تقارب كلفها نحو 140 دولارا سنويا.
تضاف إلى ذلك عمليات إخصاء الذكور واستئصال رحم الإناث وكلفتها بين 70 و140 دولارا، وكلف الغذاء التي قد تصل إلى 70 دولارا شهريا.
ويقول الطبيب البيطري علاء شحادة مدير “فت زون” إن المربي يعتبر حيوانه المنزلي فردا من العائلة وبالتالي “له حق الرعاية الصحية والطعام والمسكن”.
ويراقب شحادة المؤشرات أثناء فحص زملائه كلبة من نوع “بيت بول” تدعى “نافي” فقدت قدرتها على تحريك اطرافها الخلفية نتيجة آلام قرص في العمود الفقري.
ويؤكد أن “الموضوع الطبي بالذات مكلف بسبب كلفة الأجهزة المستخدمة فهي باهظة الثمن لانه قطاع لا يزال جديدا”.
ويوضح شحادة أنه رغم ذلك هناك إقبال على تربية الكلاب والقطط، ويضرب مثلا “جائتني سيدة واضح انها غير مقتدرة رغم ذلك اختارت ان تحمل حيوانها الأليف من السلط (شمال) الى هنا لصورة أشعة”.
ويضم مركز “فت زون” وحدة عناية مكثفة وأجهزة لتصوير الأشعة وتشخيص الرئتين، وحاضنات ومختبرات لفحص الدم.
جزء من العائلة
تقول ريما أبو زهرة وهي موظفة متقاعدة “اعتبر ان لدي بنتا أو ولدا إضافيا، مهما بلغت الكلفة ستشعر بانك مسؤول عن الحيوان الاليف وأن أي شيء تبذله قليل”.
وتضيف “يعيشون معي في المنزل والعناية بهم مسؤوليتي، كأني اطعم افراد أسرتي فلا أنظر للكلفة”.
تربي أبو زهرة ثلاثة كلاب في منزلها لإثنين منها قصتان مؤثرتان، فتقول وهي تحتضن “روني”، من فصيلة “فرينش تيرير” ابيض عمره 3 سنوات “اشتريته إثر رؤية صاحبه يجره بسلسلة حديد تحت المطر، أشفقت عليه من سوء المعاملة، بدا هزيلا ويحتاج الى عناية”.
اما “بيانكا” من نوع “هاسكي” فقد تركها صاحبها امام منزله عند رحيله بدون ماء أو طعام فأخذتها وعالجتها.
وعدل الأردن عام 2016 تعليمات اقتناء الحيوانات الأليفة لتشجيع مربيها على الحصول على رخص اقتناء.
وتقول مديرة دائرة الرقابة الصحية والمهنية في أمانة عمان، المسؤولة عن إصدار الرخص، ميرفت مهيرات إن تعديل التعليمات جاء لسببين “أولا ليعرف موظفو البلديات الكلب الضال من الكلب الأليف الذي يعتني به صاحبه”.
و ثانيا “بسبب تزايد عدد مربي الحيوانات الأليفة وخصوصا الكلاب في السنوات الأخيرة، فهناك حاجة للتأكد من حصولها على الرعاية الصحية اللازمة خصوصا اللقاحات والعلاجات”.
لكن لا تزال رخصة الإقتناء أمرا إختياريا.
وأسس أردنيون متحمسون مجموعات على موقع “فيسبوك” لتقديم النصائح للتعامل مع الحيوانات وتشجيع تبني الكلاب والقطط الضالة.
وقد أثار مقطع فيديو انتشر مطلع هذا الشهر يظهر موظفا في بلدية جرش (شمال) يقتل كلابا بإطلاق النار عليها غضبا واسعا. إلا أن البلدية أكدت أن تلك كلاب ضالة تسببت بضرر للسكان.