مرايا – يقدم خبراء واكاديميون اردنيون تصورا لاخراج العاصمة من ضائقة السير التي تعيشها منذ سنوات، في مسعى لحل الازمة التي تخنق الطرق ومستخدميها يوميا.
ففي كليات الهندسة في الجامعات الحكومية خبراء تخرجوا من جامعات عالمية تُصنّف ضمن أوائل الجامعات عالميًا، ولديهم ما يقولوه على هذا الصعيد، مؤكدين أن احدا لم يستشرهم في الامر الذي يقلق الملايين.
في كلية الهندسة بالجامعة الأردنية التي تأسست عام 1974 يشبّه استاذ هندسة النقل محمد ناصر المتخرج من جامعة أميركية عريقة، تشغيل شبكة الطرق في العاصمة والمملكة بشكل عام بالدورة الدموية في الإنسان، اذ انَّ أيَّ إغلاق أو مشكلة في أيِّ جزء منها يرتد على باقي أجزاء الجسم بالأزمات، وهو ما يجب أن يدرس بعناية فائقة وكبيرة.
ويضيف أنَّ أزمة عمَّان تحتاج الى حل علمي متقن، وان باستطاعة الخبرات في كليات الهندسة لو تم الاستئناس برأيها تقديم حلول لما يجري وبأسرع وقت دون الحاجة لخبراء خارجيين.
ويؤكد ناصر أن الخبرات الأردنية أنشأت نظام مرور متقن في عدد من دول العالم، ويشهد بكفاءتها كثيرون، ولا تعسرهم أزمات العاصمة، مبينًا أن إحدى أكبر المشاكل هي تعدد مرجعيات النقل في الأردن، وطريقة تشغيل وإدارة المرور وهذا علم يحتاج الى تطبيق فوري لتجنب كثير من المشاكل.
ويلفت إلى انَّ أي بناء خدمي يتم الموافقة عليه يجب أن يسبقه إجراء حل وتحديث على شبكة الطرق، أي أن شارع عرضه 17 مترًا سيضيق جدًا إن زدنا عليه الخدمة والقادمين عبره، ودراسة الأثر المروري مهم جدًا، لأن علم المرور علم واضح يتعامل مع مدخلات ومخرجات واضحة وإن كانت المدخلات خاطئة فحتمًا ستكون المخرجات صعبة جدًا.
وأضاف ان المهندس وعالم المرور الأردني يملك الحل ولكنه قد لا يملك القرار، مؤكدًا ان الأردن لا تنقصه خبرات في مجال المرور أو الهندسة.
ناصر يقول إن الأردن ليس لديه عجز هندسي في مجال المرور والمواصلات وكليات الهندسة مليئة بالخبرات وتستطيع أن تتصرف أيضًا مع مشكلة النقل الحالية ووضع حلول غير تقليدية.
ولا يذكر المهندس الدكتور ناصر آخر مرة تم الحديث معه ومع غيره من أساتذة الاختصاص الذين يحملون خبرات ألمانيا وأميركا وبريطانيا الأكاديمية بخصوص أزمة السير التي تشهدها العاصمة.
وأكد انه عاش سنوات في أميركا وعند المقارنة فإن عمّان أصبحت مدينة عملاقة أكبر من شيكاغو، وأنَّه لم يشاهد رجل شرطة ينظم السَّير في المدينة التي درس بها، لأن هذا ليس من واجباته تنظيم السَّير.
ورفض فكرة الطوابق في الشوارع، داعيًا اولًا لتوحيد المرجعيات، وعدم إقامة مجمع تسوق عند شارع عرضه لا يتجاوز 8 أمتار. رئيس قسم الهندسة المدنية في كلية الحجاوي للهندسة بجامعة اليرموك الاستاذ الدكتور مظهر الطَّعامنة والمتخصص بالمواصلات وخريج أميركا أكد ان لدى الأردن كفاءات عالمية وتحتاج للإيمان بها والثقة لتسهم بتقديم الحلول الفورية على أساس علمي ثابت.
وبين أن الكلية تمتلك مختبرًا للطرق، وحل الأزمات يكون بعد دراسة الواقع المروري والتخطيط المسبق والابتعاد عن التوسع العشوائي، وانهاء سوء الإدارة.
وأشار إلى أن الكلية تخرج سنويًا 200 طالب هندسة مدنية، ويتخصص بعضهم بالدرجات العليا بتخصص النقل والمواصلات ويجب استثمار الكفاءات داخل الأردن ومنحها القرار لان كل ما يبنى على علم تكون نتائجه علمية ومنطقية مشبهًا تلك الحالة بالمريض الذي يحتاج الى علاج دقيق لألم محدد.
ويلفت رئيس قسم الهندسة المدنية في كلية الهندسة بجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية أسلم العمري، الى أن الأكاديميين والخبراء في الأردن قادرون على حل مشكلة النقل، ومنها أزمة عمَّان. البروفيسور المتخصص بالنقل وخريج جامعة تصنف من بين أفضل خمس جامعات أميركية الاستاذ الدكتور هاشم المساعيد المحاضر في كلية الهندسة بجامعة العلوم والتكنولوجيا، أكد أن الطرق في عمَّان ليست ذات سعات عالية، وهي مدينة تؤوي نحو اربعة ونصف مليون إنسان تركب غالبيتهم سيارة واحدة وهو ما يتطلب تخطيطا علميا. ويرى أن تنفيذ أي مشروع يجب أن لا يتجاوز عامين، والاتجاه نحو النقل العام لتخفيف عدد السيارات، وهناك مشكلة ان النقل العام غير جاذب للناس وبطيء جدًّا ولا حوافز لركوبه، لافتا الى ان أحد الحلول هو توفير نقل عام تقبل عليه الغالبية. وأكد أنه يجب إنشاء مدينة خارج عمَان لتخفيف الضغط عنها، وبدء الدوام بساعات متفاوتة صباحًا، وتنشيط النقل العام، وهذه كلها حلول تسهم بحل الأزمة.
ويرى المساعيد أن عمَّان لم يخطط لها جيدًا وهي تنمو بسرعة، واليوم يستطيع الأكاديميون تقديم معالجات علمية عبر تطبيق علم المرور؛ لحل الأزمة وتجاوزها حتى يتم انجاز المشاريع التي يتم العمل بها الآن.
تشير الأرقام الرَّسمية ضمن تقرير المرور لعام 2018 الصادر عن مديرية الامن العام، إلى ان عدد المركبات المسجل حتى نهاية العام 2018 بلغ مليونا و637 ألفًا و 981 مركبة، ودخلت إلى 767 ألفًا و 614 مركبة أجنبية إلى المملكة خلال العام ذاته، بينما وصل عدد السكان الى 10 ملايين و309 آلاف نسمة.
اما عدد المركبات فبلغ خلال العام 1971 حسب التقرير 26 ألف مركبة بمعدل مركبة لكل 58 شخصًا، وعام 1986 بلغ عدد المركبات 232 ألفًا و 361 مركبة بمعدل مركبة لكل 12 شخصًا، وفي العام 2018 وصل عدد المركبات إلى مليون و637 ألفًا و981 مركبة بمعدل مركبة لكل 6 أشخاص.