مرايا -تجسيدا لمعاني الحب والمؤاخاة التي نادت فيها الرسالات السماوية؛ أضيئت شجرة عيد الميلاد المجيد في معظم محافظات المملكة، وازدانت الشوراع والمدن بأجواء احتفالية.
أجراس ونجوم مضيئة تزينت بها الشوارع الرئيسة ومداخل المنازل، فرحة بالميلاد، في حين علت تراتيل الكنائس في أرجاء الوطن، وامتلأت المحلات التجارية بهدايا الميلاد وتلونت بالأحمر والأخضر.
وبأجواء مميزة اجتمع مسلمو ومسيحيو الأردن احتفالا بالميلاد في كافة محافظات المملكة، حيث أضيئت شجرة الميلاد في غاليية المدن وتزينت الساحات بأجواء كرنفالية مبهجة، شارك فيها أبناء الوطن الذين جمعهم حب الوطن والمحبة والسلام.
الفرحة والبهجة لم تغيبا استعدادا للعيد، حيث علقت أحبال الزينة في كل مكان، مدخلة البهجة والسرور لقلب ناظريها في الوقت الذي ارتفعت أشجار الميلاد عاليا في الميادين والكنائس، معلنة ابتداء مراسم العيد.
الأجواء الاحتفالية حاضرة بقوة في حي الخضر بمدينة السلط، حيث ازدانت الشوارع بزينة الميلاد وأضيئت المدينة بشجرة الميلاد التي علت لتضيء جبال السلط وجابت أجراس الكنائس أحياء المدينة.
واجتمعت العائلات المسيحية والمسلمة في مدينة السلط لتحتفل بفرحة الميلاد، حيث تشاركت البيوت زينة الميلاد وتجول بابا نويل في احياء المدينة يوزع الحلوى والهدايا على أطفال المدينة.
الأربعينية إيفا الغاوي تصف الفرح الكبير والسرور اللذين عما مدينة السلط، فرحة بقدوم العيد، حيث بدأت وأسرتها من منتصف الشهر الحالي بتزيين مدخل البيت بالأجراس والرموز الدينية وأحبال الزينة التي أضاءت المكان.
وعلى مدخل البيت، نصبت الغاوي وأسرتها شجرت الميلاد، حيث شاركها أطفالها بتعليق الأجراس والنجمة وزينة الميلاد والفرح يغمرهم بهذه المناسبة الدينية الغالية على قلوبهم.
وفي ليلة الميلاد حرص الخمسيني عيسى حتر على مشاركة جيرانه فرحة العيد، فقام بتوزيع كعك العيد بألوانه المميزة الخضراء والحمراء وسكاكر بابانويل على أطفال الحي ليزرع الفرحة في قلوبهم.
ويقول حتر إنه وأبناؤه وأشقاؤه يحرصون على توثيق صلة الرحم وارسال التهاني والمعايدات، وفي المساء الاجتماع على مائدة واحدة، داعين ان يعم الخير والسلام.
من جهة أخرى أصبح دوار الفحيص الذي يتزين بأطول شجرة ميلاد في الأردن، مقصدا للأردنيين للاحتفال في عيد الميلاد المجيد، حيث يلتقط المارة صورا تذكارية مع شجرة الميلاد وبابا نويل.
زينة وشجر وأجراس تقرع في كل مكان وفرحة بصبغة دينية، هكذا تصف تمارا حبايبة فرحة العيد في مدينة الفحيص، حيث تحرص على إحضار أطفالها ليلة كل عيد للمشاركة في الاحتفالات والصلاة في الكنيسة.
في حين يجد سالم حداد فرحة العيد الحقيقية بمشاركة جيرانه وأصحابه المسلمين له في العيد وزيارته وتبادل العزائم، الأمر الذي يشعره وأسرته بالطمأنينة والتلاحم الذي لطالما اعتاد عليه منذ صغره.
يقول “في كل عيد أول المعايدين علينا هم جيراننا المسلمون، حتى أنني أزوهم تماما كما أزور أقاربي في العيد”، لافتا إلى أنه وفي كل ليلة عيد يذهب وأسرته للصلاة في الكنيسة، داعين الله أن يعم الخير والسلام وأن يحفظ الوطن.
وفي أجواء احتفالية استثنائية، تحرص مارغو على ارتداء زي بابا نويل وزيارة بيوت أخوانها وأخواتها ليلة الميلاد، محدثة نكهة مميزة للعيد وفرحة لجميع أفراد عائلتها.
تقول “منذ خمس سنوات وأنا معتادة على أن أجوب بيوت العائلة في ليلة كل عيد، حتى أصبحوا ينتظرون مجيئي”، فالهدايا بحسبها لا تقتصر على الأطفال فحسب، إذ تحتوي “بقجة” بابا نويل على الهدايا الرمزية المرتبطة بالعيد توزعها على كل فرد في العائلة.
من جهته يشير مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن الأب الدكتور رفعت بدر إلى أن الأجواء الاحتفالية التي تعم جميع محافظات المملكة هي تعبير عن الوحدة الوطنية الموجودة منذ تأسيس الإمارة وقيادته الهاشمية الحكيمة التي تنظر للأردنيين كأسرة واحدة وشاملة بما تحويه من كل المكونات.
ويؤكد بدر على أن مشهد الاحتفالات الذي يعم الوطن هو تجسيد حقيقي لكون “الميلاد” عيدا وطنيا بامتياز، خصوصا بعد إعلان هذا اليوم منذ عشرين عاما عطلة رسمية ومنذ ذلك الحين اصبح عيدا وطنيا شاملا يحتفل فيه المسلم مع المسيحي.
ويلفت بدر إلى الجانب الآخر لعيد الميلاد المجيد يتمثل في الرحمة والمودة وتقديم المساعدة للفقراء والمحتاجين والأطفال وذوي الإعاقة والذي يعتبر من جوهر الممارسات التي تقوم بها الفرق الكشفية والشبيبة والجمعيات الخيرية التي تقوم بتوزيع المواد التموينية والمساعدات في فصل الشتاء بالتزامن مع عيد الميلاد.
ويذهب إلى أن جوهر العيد الأساسي هو روحاني مميز بالترانيم والصلوات الخاصة، حيث يتوجه أبناء الطوائف المسيحية بالدعاء والصلاة من أجل السلام في فلسطين والمحيط العربي وإلى إخوانهم المسيحيين في لبنان، سورية، العراق وباقي الدول التي تعاني أحداثا دموية.
بدوره يشيد اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي بمظاهر المؤاخاة والتلاحم في الاحتفال بعيد الميلاد بكافة محافظات المملكة، فالأردنيون جسم واحد ولا فرق بين مسلم ومسيحي، حيث جاء الميلاد المجيد ليؤكد على أهمية التكافل الاجتماعي ومعاني المودة والاحترام، التعاون والطيبة والمحبة التي وضعتها الديانات السماوية.
ويؤكد ان ما يحدث بين أبناء الأردن هو تأكيد على القيم والأخلاق التي أكدت عليها الديانات السماوية والتي يجسدها عيد الميلاد المجيد، لافتا إلى أهمية تبادل التهاني ومعايدة أبناء الطوائف المسيحية، ترسيخا لقيم المحبة والمؤاخاة بين أبناء المجتمع وأصحاب الديانات الأخرى.