مرايا – صدر حديثاً عن مركز القدس للدراسات السياسية ورقة سياسات جديدة بطبعتين عربية وإنجليزية بعنوان “الموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي-السياق الأردني”. وهذه الورقة هي أول دراسة تحليلية من نوعها في الأردن لموازنة الدولة بشكل عام، ولموازنة عدد من الوزارات بشكل خاص من منظور النوع الاجتماعي.
والموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي هي أداة تخطيط مالي مهمة، تستهدف جمع وتخصيص الموارد العامة بطرق فعّالة، والمساهمة في تعزيز الإنصاف والمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. وقد اشتملت هذه الورقة التي تولى إعدادها الباحثان المتخصصان في الاقتصاد والنوع الاجتماعي د. أمجد العمري، وزين صوفان على ثلاثة فصول رئيسة.
تناول الفصل الأول من الدراسة مؤشرات النوع الاجتماعي في الأردن الخاصة بالتنمية البشرية، والتنمية بحسب الجنس، وعدم المساواة بين الجنسين، وكذلك على صعيد السكان، والمخصصات المرصودة للإناث مقابل إجمالي الإنفاق العام للأعوام 2017-2021.
وبالإضافة إلى مؤشرات الأداء المرتبطة بالنوع الاجتماعي في موازنة 2019، وإلى الوظائف الحكومية من منظور النوع الاجتماعي، تناول هذا الفصل مؤشرات النوع الاجتماعي المرتبطة بقطاعات الصحة والتربية والتعليم والمشاركة الاقتصادية والسياسية.
وفي هذا الإطار، فقد رصدت الدراسة أن المخصصات المرصودة للمرأة كما وردت في قانون الموازنة العامة لعام 2019، نسبة إلى إجمالي الإنفاق، في موازنة أربع وزارات مختارة من بين أكثر الوزارات تشغيلاً للمرأة، قد جاءت على النحو التالي: ففي مقابل 27% مرصودة للمرأة من إجمالي الإنفاق في موازنة 2019، سجلت وزارة التربية والتعليم النسبة الأعلى، وهي 58%، تلتها وزارة الصحة بنسبة 56%، ثم وزارة العمل بنسبة 39%، وأخيراً وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية بنسبة 33%.
الفصل الرئيس الثاني، كرسته الدراسة لموضوع الموازنة العامة والموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي، وقد استعرض أبرز التحديات التي تواجه تطبيق الموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي، لا سيما: غياب البيانات والإحصاءات المصنّفة على أساس النوع الاجتماعي على المستويين الوطني والإدارات المحلية؛ ضعف المعرفة بمفاهيم الموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي لدى الأطراف المعنية بالرغم من الجهود المبذولة في مجال بناء القدرات من قبل مؤسسات المجتمع المدني المحلي والدولي؛ عدم تقييم أثر السياسات العامة على أساس النوع الاجتماعي؛ غياب المتابعة والمراقبة والتقييم لبرامج وخطط الحكومة لمأسسة الموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي؛ غياب تحليلات وتمارين تحديد التكلفة في البرامج والمشاريع الحكومية من منظور النوع الاجتماعي؛ وغياب الأطر القانونية الخاصة بالموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي، وضعف التنسيق بين الجهات الرسمية المعنية والشركاء التقنيين، وضعف الإرادة السياسية لاعتماد الموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي، ومحدودية الموارد المالية.
وبالرغم من التحديات المشار إليها، فقد أشارت ورقة السياسات إلى وجود فرص يمكن الاستفادة منها في دعم الإصلاح المالي من أجل إدماج الموازنات المستجيبة للنوع الاجتماعي، أهمها وضع الموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي على مستوى المحافظات، حيث أوضحت الدراسة أن المحافظات تشهد في ظل المجالس القائمة مستوى متنامياً من بناء القدرات، لافتة إلى أهمية العمل مع مختلف أعضاء المجالس المحلية ومجالس المحافظات لتعميم عملية إدماج التحليل المراعي للنوع الاجتماعي.
كما توقف القسم الخاص بفرص الموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي أمام احتياجات مأسسة هذه العملية، فاستعرض الجهود التي تبذلها دائرة الموازنة العامة منذ العام 2010، لتكريس مبدأ الموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي، وذلك بدعم أساسي من اللجنة الوطنية لشؤون المرأة والشركاء الدوليين. وفي هذا الإطار، تعمل دائرة الموازنة العامة على مقاربة قائمة على الموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي ضمن الموازنة العامة، تشمل تطوير تعليمات تتعلق بالموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي ضمن تعميم الموازنة، ومحاولة قياس نسبة المستفيدين، الذكور والإناث، من الخدمات العامة، وإعداد بيانات مصنّفة على أساس النوع الاجتماعي للموظفين بحسب نوع الوظيفة المشغولة.
في فصلها الرئيس الثالث والأخير، استعرضت الدراسة الاستنتاجات الرئيسة، فأشارت إلى أن معظم الموازنات الوطنية مصممة على أساس المشاريع، لا بناءَ على مؤشرات، في حين أن المنهجيات المعتمدة لاحتساب المخصصات التي يجب رصدها للمرأة في الموازنات الحالية غير مناسبة؛ كما أشارت إلى أن غياب البيانات والمؤشرات المصنفة على أساس النوع الاجتماعي، يشكل عائقاً أساسياً أمام تحديد حجم عدم المساواة بين الجنسين وصياغة سياسة قائمة على الأدلة.
واختتمت ورقة السياسات هذا الفصل بتوصيات موجهة إلى كل من الحكومة، واللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، والمجتمع المدني، والحركة النسائية.