تضامن: النساء أكثر المتضررين من نقص الخدمات الاجتماعية
مرايا – أكدت الأمم المتحدة على أن العالم أحرز تقدماً كبيراً في تحسين صحة ملايين الأشخاص، فإنخفضت الوفيات النفاسية ووفيات الأطفال، وإرتفع متوسط العمر المتوقع عند الولادة، وإرتفعت وتيرة مكافحة الأمراض المعدية. وعلى الرغم من ذلك فلا يزال نصف سكان العالم يفتقرون الى الخدمات الصحية الأساسية، ويعاني الكثير منهم من صعوبات مالية حيث يمكن لحالة صحية طارئة أن تدفع الأشخاص الى الإفلاس أو تضعهم في دائرة الفقر.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن تحقيق التغطية الصحية الشاملة وتوفير الموارد المالية المستدامة يتطلبان بذل مزيد من الجهود على المستوى الدولي، الى جانب تزايد عبء الأمراض غير المعدية بما في ذلك الصحة العقلية، وضرورة مواجهة والتعامل مع العوامل البيئية التي تؤدي الى إعتلال الصحة كتلوث الهواء والإفتقار الى مرافق المياه والصرف الصحي.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن الأردن وعلى الرغم من التقدم في العديد من المؤشرات الصحية إلا أنه يعاني من تحديات كبرى في تحقيق الهدف الثالث (الصحة الجيدة والرفاه) حيث حقق الأردن حوالي 72% منه حسب مؤشر أهداف التنمية المستدامة 2019.
ووفقاً لهذا المؤشر فقد تراجع معدل وفيات الأطفال دون الخامسة ليصل الى 17 لكل 1000 ولادة حية، وإنخفض معدل وفيات الأمهات النفاسية الى 58 لكل 100 ألف ولادة حية، وإنخفضت وفيات حديثي الولادة الى 10.1 لكل 1000 ولادة حية، فيما لم تسجل إصابات جديدة بفيروس نقص المناعة المكتسبة، وإنخفض معدل الإصابة بمرض السل الى 6.8 لكل 100 ألف من السكان، وتمت 99.6% من الولادات تحت إشراف متخصصين.
ومع ذلك فما زالت بعض المؤشرات تتراجع، فمعدل الوفيات بسبب حوادث الطرق 23.6 وفاة لكل 100 ألف من السكان، كما تراجع مؤشر الرفاه الشخصي ليحصل الأردن على 4.6 نقطة من أصل 10 نقاط، حيث يعتبر التمتع بصحة جيدة من أهم عوامل الرفاه الشخصي.
هذا وقد إحتل الأردن مركزاً متوسطاً على مستوى العالم على مؤشر أهداف التنمية المستدامة 2019، وهو المؤشر الذي يضم 162 دولة من بينها 19 دولة عربية، وتقدم الأردن 10 مراكز عالمياً ومركزاً واحداً على المستوى العربي (كان في المركز 91 عالمياً و 7 عربياً عام 2018) حيث إحتل الأردن المركز السادس عربياً والمركز 81 عالمياً وبدرجة 68.1 من 100.
في الأردن… واحدة من كل 4 زوجات تتخذ لوحدها القرارات المتعلقة بصحتها
كما أكد مسح السكان والصحة الأسرية (2017-2018) والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة على أهمية القرارات التي تتخذ داخل الأسرة ودور الزوجات في إتخاذها، وحدد المسح ثلاثة قرارات هامة تم سؤال المتزوجات عنها من بينها القرارات المتعلقة بصحتهن.
ويبين المسح بأن 25% من المتزوجات الأردنيات واللاتي أعمارهن ما بين (15-49) عاماً يقررن لوحدهن فيما يتعلق برعايتهن الصحية (كانت النسبة 40% في مسح عام 2012)، و 7% من المتزوجات أفدن بأن الأزواج يتخذون لوحدهم القرارات المتعلقة بصحتهن (كانت النسبة 11% في مسح عام 2012)، وأفادت 67% بأنهن يتخذن بالتشارك مع أزواجهن القرارات المتعلقة بصحتهن (كانت النسبة 49% في مسح عام 2012).
وفي المقابل فقد بين المسح بأن 40% من الأزواج يتخذون لوحدهم القرارات الخاصة برعايتهم الصحية، و 56% منهم يتخذون القرارات بالتشارك مع زوجاتهم، و 3% منهم تتخذ زواجتهم القرار الخاصة بصحتهم.
وتؤكد “تضامن” على أهمية أن تكون القرارات المتعلقة بصحة الزوجات أو الأزواج قرارات مشتركة، إلا أنها في ذات الوقت تجد بأن تحكم الأزواج أو الزوجات بالقرارات الصحية للطرف الآخر أمر غير مقبول على كل المستويات.
على الدولة تحمل مسؤولياتها بتأمين الخدمات الاجتماعية وعلى رأسها خدمات رعاية الأطفال والمسنين وذوي الإعاقة
إن التمكين الاقتصادي للنساء والرفاه الشخصي يستلزمان الحد من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، وإعادة توزيع هذه الأعمال عن طريق الدولة بتأمين الخدمات الاجتماعية، وعلى رأسها خدمات رعاية الأطفال والمسنين وذوي الإعاقة، وكلها أعمال غير مدفوعة الأجر ولا تتوزع فيها المسؤوليات بالتساوي بين الرجال والنساء اللاتي يتحملن الجزء الأكبر منها. وعلى الرغم من أهميته في مجال التنمية البشرية إلا أنه يشكل عائقاً جدياً أمام قيامهن بالأعمال مدفوعة الأجر، ويأخذ حيزاً كبيراً من الأوقات اليومية الحرة المخصصة لراحتهن ورفاههن مما يدخلهن في الفقر وفقر الوقت.
يجب إزالة المعيقات التي تحول دون تمتع النساء في الأردن بالخدمات الصحية الجيدة
وتشير “تضامن” الى أن تمكين النساء وقدرتهن على تحديد الفرص والخيارات المتاحة أمامهن داخل الأسرة ستنعكس إيجاباً على تعزيز المساواة بين الجنسين وعدم التمييز، وستحد من العنف الممارس ضدهن بأشكاله وأنواعه وأساليبه، وسيجعل أصواتهن مسموعة ومدعومة بالثقة بالنفس وبتحمل المسؤولية وبأن لهن أدوار هامة داخل أسرهن، كما وسيعزز من آفاق التنمية المحلية للوصول الى تنمية مستدامة ومجتمعات خالية من العنف والتمييز.
وفي هذا الإطار تؤكد منظمة الصحة العالمية بأن إنتشار الأمراض يبلغ أعلى مستوياته في الدول النامية وذات الدخل المنخفض، وإزدياد إحتمالات تعرض النساء والفتيات للأمراض بسبب الإختلافات البيولوجية وبسبب عوامل إجتماعية وثقافية متعددة، فالحمل والولادة والأمومة والإعباء والضغوط النفسية الناتجة عن العمل داخل المنزل وخارجه، وعدم القدرة على الوصول الى الخدمات الصحية، والفقر كون (70%) من الفقراء هم من النساء، والتمييز والحرمان والعنف بأنواعه وأشكاله وأساليبه، جميعها أمثلة صارخة على عدم كفاية إلتزام النساء والفتيات بإجراءات الوقاية ليتفادين الإصابة بالأمراض.
من بين العوامل الإجتماعية والثقافية التي تحول دون تمتع النساء والفتيات بالخدمات الصحية الجيدة عدم تساوي علاقات القوة بين الرجل والمرأة، والقواعد الاجتماعية التي تحدّ من فرص التعليم والإستفادة من عمل مدفوع الأجر، والتركيز بشكل حصري على الأدوار الإنجابية التي تؤديها النساء، والتعرّض المحتمل أو الفعلي للعنف الجسدي أو الجنسي أو الانفعالي.
وتواجه النساء في جميع أنحاء العالم ومن جميع الفئات العمرية، خطر التعرّض للعمى وضعف البصر بنسبة تفوق تعرّض الرجال لتلك المخاطر. وعلى الرغم من ذلك فإنّهن لا يستفدن من خدمات الرعاية الصحية على قدم المساواة لعلاج أمراض العين التي تصيبهن وذلك بسبب عوامل تعود في كثير من الأحيان إلى عدم قدرتهن على التردّد بمفردهن على المرافق الصحية، والإختلافات الثقافية القائمة بين المجتمعات فيما يخص أهمية خدمات الجراحة والعلاج الخاصة بالنساء والفتيات.