مرايا – ناقش مسؤولون حكوميون سابقون واصحاب اعمال خلال ندوة مشتركة نظمتها مساء امس الثلاثاء، جمعيتا الشؤون الدولية ورجال الاعمال الاردنيين، “حالة الاقتصاد الاردني والى اين يتجه”، والآراء والحلول الممكنة لمعالجة ازماته.
وتطرقت الندوة التي اقيمت بمقر جمعية الشؤون الدولية، الى اربعة محاور شملت بنية الاقتصاد الوطني والموازنة العامة والمديونية والطاقة واثرها على المديونية والاستثمار وتحفيز الاقتصاد.
وشدد المشاركون على ضرورة التركيز على القطاعات الانتاجية وبخاصة السياحة العلاجية والتعليم والسياحة كونها تعطي قيمة مضافة للمجتمع والاقتصاد الوطني، وتخزين الطاقة واستخراج المعادن النفيسة المتوفرة بالمملكة ودعم الرياديين الشباب، ووقف أي اقتراض بالعملات الاجنبية وثبات السياسات وتحديد الاولويات وتعزيز المفهوم السياسي للاقتصاد.
واكدوا ضرورة التركيز على الاصلاح وادارة الاصلاح والمساءلة وسيادة القانون وتعزيز منظومة الشفافية ومحاربة الفساد والبناء على القطاعات الناجحة، واختيار القيادات بعيداً عن “الشخصنة”، ووقف الهدر والاعتداء على شبكات المياه والكهرباء، وتعظيم الاستفادة من مشروعات الطاقة المتجددة، والإسراع في تحديث مصفاة البترول.
وشددوا على ضرورة استغلال الطاقة المتجددة الزائدة وبخاصة الكهربائية في مشروعات المياه والزراعة، وإنارة الشوارع والطرقات الرئيسية، وخفض كلف الطاقة على القطاعات التجارية وبخاصة الفنادق لاستقطاب وتشجيع السياحة، والتوقف عن رفع الضرائب، والتركيز على الاستثمار، واستقطاب الصناديق السيادية لمشروعات البنى التحتية وتطوير قطاع النقل.
واكدوا ضرورة دمج الوزارات والمؤسسات المتشابهة وإعطاء القطاع الخاص دورا اكبر في عملية التنمية واستقرار التشريعات، واعادة النظر بعوائد التنظيم، وخفض كلف التشغيل، والتشاركية بالقرار الى جانب وضع استراتيجية ثابتة للاقتصاد الوطني.
وخلال الجلسة الاولى للندوة تحدث الخبير الاقتصادي زيان زوانه حول بنية الاقتصاد الوطني منذ تأسيس الدولة الاردنية وحتى اليوم والنجاحات التي تحققت لجهة تطوير رأسمال البشري والموارد الطبيعية والبنية المؤسسية ومستوى الادارة ومنظومة الامن والاستقرار التي دعمت ذلك.
واوضح زوانه خلال الجلسة التي حملت عنوان “بنية الاقتصاد الوطني” وادارها الوزير الاسبق الدكتور منذر الشرع، ان الاردن اهتم منذ البدايات ببناء منظومة بشرية متميزة من خلال التركيز على التعليم ونوعية مخرجاته ما انعكس على الكفاءات التي عملت داخل او خارج المملكة واسهمت في تطوير الكثير من الدول العربية.
ولفت الى ان الاردن استطاع استغلال الكثير من موارده الطبيعية وانشاء نظام كهربائي سبق الكثير من الدول العربية الى جانب الزراعة والسياحة، مشيرا الى الدور الذي لعبته المنظومة الامنية والعسكرية في ترسيخ حالة الامن والاستقرار التي انعكست على بناء الاقتصاد الوطني.
واوضح زوانه، ان هذه الركائز وما تم تأسيسه من بنى ومؤسسات اقتصادية وتدعيم المؤسسية، مكن الادارة الاردنية من توظيفها بشكل ديناميكي وخلق اقتصادا مختلطا ومتوازنا بين القطاعين العام والخاص ترفده مختلف القطاعات انعكست اثاره على دول عربية اخرى.
وطرح العديد من الاسئلة حول واقع الاقتصاد الوطني من هذه الركائز التي اسهمت في بناء الاقتصاد وبخاصة ما يتعلق برأس المال البشري، وإغراق سوق العمل بالعمالة الوافدة، بالإضافة الى الموقف من الموارد الطبيعية ، الى جانب اسئلة اخرى تتعلق بالإدارة والمؤسسية، مؤكدا ان الاردن رغم كل الإخفاقات الاقتصادية التي ظهرت في السنوات الاخيرة ما زال قادرا على النهوض والوقوف مجددا بدعم قيادته وشعبه ما يتطلب دعم الشباب والرياديين والمبدعين والبناء على القطاعات الناجحة وحسن اختيار القيادات والادارات.
وخلال الجلسة الثانية التي حملت عنوان ” الموازنة العامة والمديونية”، اكد وزير المالية الاسبق الدكتور محمد ابو حمور، ان اسلوب الموازنة العامة تعكس التوجهات الاقتصادية للحكومة وتطلعاتها المستقبلية، وتحدد الدور التنموي لها وأسلوب تمويله.
وبين ان الاردن قام خلال السنوات الماضية بتطوير وتحديث اسلوب إعداد الموازنة وتنفيذها ورفع مستوى شفافيتها الى مراتب متقدمة أهلته ليحتل المرتبة الأولى عربيا بتقرير شفافية الموازنة عام 2010 ، وكان لا بد من الاستمرار بتعميق نهج الاصلاح المالي لضمان كفاءة الإنفاق وتوزيعه بشكل عادل على مختلف مناطق المملكة وبما يعزز النمو الاقتصادي ويساهم في خلق بيئة استثمارية محفزة، وصولا الى تخفيض العجز وزيادة الاعتماد على الذات.
وأكد ابو حمور خلال الجلسة التي ادارها وزير المالية الاسبق الدكتور سليمان الحافظ، ان المنهجية السليمة تتطلب تقدير الايرادات بشكل واقعي وعلى اسس علمية واضافة المساعدات والمنح المتوقعة ومن ثم تقدير العجز المستهدف وفقا للمحددات ذات العلاقة، وبعده يتم توزيع هذه المبالغ على النفقات المتوقعة بشقيها الجاري والرأسمالي.
وبين أن الدين العام ما هو الا نتاج للسياسات المالية، ويمكن اعتباره مرآة لمدى النجاح او الاخفاق في تنفيذ سياسات حصيفة لكبح جماح العجز في الموازنة العامة، موضحا ان الاردن استطاع خلال عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية والمشاريع الاستثمارية مستفيدا من سياسات الاقتراض بنسب فوائد متدنية وقروض ميسرة.
واوضح، أن الظروف اختلفت، وشهدت المملكة خلال السنوات العشر الاخيرة توسعا في الاقتراض لتغطية نفقات جارية، وهذا من اخطر ما قد يتم الاقدام عليه نظرا لما يترتب عليه من مصاعب واثار اقتصادية سلبية، اضافة الى زيادة اعباء خدمة الدين وتراجع التصنيف الائتماني.
واشار ابو حمور الى ان المتتبع لشؤون المالية العامة يلاحظ أن الدين العام تضاعف خلال خمس سنوات، ففي عام 2010 وصل الدين العام إلى 6ر11 مليار دينار ثم قفز عام 2015 إلى حوالي 25 مليار دينار لتصل نسبته إلى 4ر93 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، ولا زالت وتيرة الارتفاع المطرد تتواصل، حيث بلغ في نهاية شهر تشرين الثاني من العام الماضي 4ر30 مليار دينار ووصلت نسبته الى 6ر97 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي.