مرايا – يصادف تاريخ 7 نيسان من كل عام الاحتفال بيوم الصحة العالمي، ويأتي هذا العام ضمن ظروف استثنائية تشهدها كافة دول العالم في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد وتداعياته على كافة القطاعات وخاصة النظم الصحية في جميع الدول دون استثناء، وإعلان حالة طوارئ صحية عامة تستوجب الاستجابة السريعة خاصة في الدول ذات الأنظمة الصحية الهشة.
وأكدت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي في بيان صحفي صادر عن المجلس بهذه المناسبة على أنه في يوم الصحة العالمي هذا، فإننا نكرم مساهمة كل العاملين والعاملات بالقطاع الصحي، ونقر بدورهم الحيوي في الحفاظ على صحة الأردن، ودعم جهود الحكومة لاحتواء فيروس كورونا COVID-19، وذلك كونهم في الخطوط الأمامية للاستجابة ويعرضون صحتهم للخطر لحماية المجتمع الأوسع.
واشارت عماوي إلى أن المجلس يود أن ينتهز هذه المناسبة للاعتراف بجهود الحكومة من حيث استراتيجية الاستعداد والأستجابة المعتمدة لاحتواء انتشار COVID-19 ، مبينة أن هناك حاجة إلى استخدام السيناريوهات المستقبلية للمساعدة في التنبؤ بعدد الحالات التي قد تحتاج إلى علاج عاجل، وضرورة الاستفادة من الدروس المستقاة من المرحلة الأولى للحد من تفشي الوباء لتغيير المسار اذا لزم الأمر.
وتأتي اهمية الاحتفال بهذا اليوم، في ظل خطورة انتشار مرض الكورونا والعبء المترتب على المنظومة الصحية والقدرة على استيعاب اعداد الإصابات المحتمل، للتركيز على اهمية التقدم في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأجهزة الطبية المتصلة والتي تمكن الأطباء من تقييم وتشخيص وعلاج المرضى عن بعد، ومن خلال الطب عن بعد يمكن للمرضى الوصول إلى الرعاية الصحية بشكل أسرع، وهو عامل رئيسي في تحسين مشاركة المريض وتسمح للمرضى بالتشاور مع الأطباء عبر الهاتف أو الفيديو أو الرسالة المباشرة الخاصة، والذي من شأنه أن يسمح للمرضى بالبقاء في المنزل، وتجنب السفر إلى العيادات والمخاطرة بنشر الفيروس.
ولفت المجلس إلى انه وفي ظل اعداد الاصابات المتوقعة مستقبلاً، وفي ضوء السيناريوهات الافتراضية التي اعدها المجلس الاعلى للسكان بهذا الخصوص والتي تساهم كأداة للتخطيط لاتخاذ التدابير والسياسات اللازمة للحد من الانتشار المحتمل للفيروس، فإن المجلس يتوقع حسب السيناريو المتفائل المبني على استمرار الحكومة في تطبيق خطتها في تقصي الحالات المخالطة للمصابين والاستمرار في تنفيذ اجراءات الحد من انتشار الفيروس والعزل الاجتماعي مع تغيير جذري في سلوكيات الافراد، أن تصل الحالات إلى حوالي 558 اصابة في 30 نيسان وتوقف تسجيل اية اصابات جديدة ، في حين متوقع أن يبلغ عدد الاصابات في 8 آيار وفق السيناريو المتوسط حوالي 3367 اصابة في حال تم التخفيف من التشدد في الإجراءات الوقائية وبدون تغيير جذري في سلوكيات الافراد، اما فيما يتعلق بالسيناريو المتشائم فمن المتوقع انه سيبلغ عدد الاصابات حوالي 24645 اصابة في حال عدم الاستمرار في الاجراءات الحكومية لمنع انتشار العدوى وعدم التزام السكان بالإجراءات الحكومية.
وأشار المجلس إلى أن القطاع الصحي في الأردن يعد من القطاعات المتقدمة طبياً على مستوى المنطقة، وقد دأبت الحكومات الأردنية على تحسين المستوى الصحي من خلال توفير المرافق الصحية وإعداد الكادر الطبي المؤهل والمدرب القادر على تقديم الرعاية الصحية المناسبة لكافة المواطنين وفي كافة المناطق، حيث تشير الاحصائيات إلى أن عدد المستشفيات في الاردن بلغ حوالي 116 مستشفى تتوزع ما بين القطاعين العام والخاص (66 قطاع خاص و50 قطاع عام)، وبلغ اجمالي عدد الكوادر البشرية العاملة في القطاع الصحي حوالي 36800، وعدد اسرة المستشفيات حوال 14741 سريراً بمعدل 14 سرير لكل عشرة الاف مواطن، كما يبلغ معدل الاطباء لكل عشرة الاف مواطن 23 طبيب.
وبين أن الحكومة الأردنية اتخذت إجراءات استباقية لمنع وصول وباء فيروس كورونا إلى الاردن منذ لحظة الاعلان عن انتشاره خارج الصين وتسجيل حالات وفيات في دول مختلفة من العالم، مشيراً إلى انه وبالرغم من كل الجهود التي بذلتها الحكومة الأردنية إلا أن هذا لم يمنع وصول المرض إلى أراضي المملكة، حيث سجلت أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا في الأردن في 2 آذار 2020 (أي بعد نحو ثلاثة أشهر تقريباً من ظهور المرض أولا في الصين)، وقد بلغ إجمالي عدد حالات الإصابات المؤكدة وفق احدث إحصائيات لغاية السادس من نيسان 349 اصابة وبلغ عدد المتعافين منهم 126، وبلغ اجمالي الوفيات ستة وفيات والذين قيد العلاج 217.
وبين المجلس أن حجم العبء والخطورة على النظام الصحي هي اكبر اذا ما اخذنا بالاعتبار تأثير الفيروس على فئات سكانية محددة يجب تعزيز حمايتها وخاصة فئة كبار السن وفئة الافراد الذين يعانون من الامراض المزمنة، إلى جانب خدمات صحة الام والطفل، مشيراً إلى انه وفيما يتعلق بفئة كبار السن تشير الاحصائيات العالمية أن 31.2 % من اجمالي المصابين بالفيروس في الصين كانون في الفئة العمرية 60 سنة فأكثر، كما بلغت نسبة الوفيات بين المصابين في الفئة العمرية 60 فأكثر في ايطاليا حوالي 81.6%. وفيما يتعلق بالأردن فان لديه ميزة ديموغرافية تتمثل في انخفاض نسبة كبار السن والتي تبلغ حوالي 4.3% بين الاردنيين اي ما يقارب على 310 ألف فرد، مما يعطي الفرصة لتجنب العديد من الاصابات إذا ما تم حماية هذه الفئة.
كما أكد المجلس أن من الامور المقلقة هي ارتفاع نسبة الامراض المزمنة بين البالغين، والذين يكونون اكثر تأثراً بهذا المرض والاكثر عرضة للوفاة في حال الاصابة، حيث تبلغ نسبة الاسر التي بها فرد مصاب بمرض مزمن في الاردن حوالي 34.4%، ومن الفئات الاكثر عرضة ايضاً المصابين بالسرطان وامراض الفشل الكلوي، كما أن خطورة الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19) على مرضى السرطان تكمن في أن العديد من المستشفيات ومقدمي الرعاية الصحية قد يؤخرون العمليات الجراحية الاختيارية والفحوصات والإجراءات الأخرى، والتي تعتبر غير عاجلة أو لا تهدد الحياة على الفور، ومن ضمنها ممكن أن تكون جراحات السرطان، كما يحتاج مصابو مرض السرطان إلى التنقل إلى عيادة الطبيب أو المستشفى لتلقي الرعاية الطبية الخاصة بهم مما يعرضهم اكثر لأخذ العدوى سواء من المرضى او مقدمي الرعاية الصحية.
وأكد المجلس على ضرورة التركيز على فئة اللاجئين، حيث يعيش في الأردن نحو 1.4 مليون لاجئ سوري -وفق أرقام وزارة الداخلية الأردنية-، مسجل منهم نحو 650 ألفا لدى المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، ويقيم منهم نحو 135 ألفا في مخيمات اللاجئين السوريين بالزعتري والأزرق، ويتوزع الباقي في محافظات المملكة للاجئين، خاصة أن حالة حظر التجول في المخيمات طالت كافة المرافق، بعدما شملت الخطة الوطنية الأردنية لمكافحة انتشار فيروس كورونا مخيمات اللاجئين السوريين، وحالياً تعمل وزارة الصحة الأردنية مع منظمات دولية لتوفير المواد الأولية ومتطلبات الوقاية من انتشار الفيروس داخل المخيمات.
ولفت المجلس إلى انه اذا ما استمرت المنشأت الصحية في عدم توفير وسائل تنظيم الاسرة في ظل ازمة فيروس كورونا، فقد تنتقل فئة السيدات اللواتي يستخدمن وسائل تنظيم الاسرة الحديثة إلى دائرة الحاجة غير الملباة، وبالتالي حدوث احمال غير مرغوب بها، وبالتالي التأثير على معدل الانجاب في ظل فترة امتداد الحجر، خاصة أن حوالي 14.2% من السيدات المتزوجات حالياً لديهن حاجة غير ملباة أي انهن يرغبن في مباعدة الاحمال أو الحد من الولادات، ولكنهن لا يستخدمن وسائل منع الحمل في الوقت الحالي ، وتتباين هذه النسب حسب المحافظات حيث بلغت اعلى نسبة حاجة غير ملباه في محافظة مادبا بنسبة بلغت 17.4% تليها محافظة المفرق 16.5% ومن ثم البلقاء 14.8%، وادنى نسبة حاجة غير ملباة كانت في محافظة عجلون حيث بلغت 9.9%، وفيما يتعلق بخصائص السيدات اللاتي لديهن حاجة غير ملباه فقد بلغت بين غير المتعلمات 20.3% وبين شرائج الرفاه في الخميس الادنى 16.8%.
وأكد المجلس على جهود وزارة الصحة وكافة الجهات المعنية في العمل على استدامة النظام الصحي خلال هذه الازمة، وتقديم خدمات الرعاية الصحية واستدامتها.
وأوصى المجلس على المدى القصير بأهمية ضمان استئناف تقديم برامج الرعاية الصحية من تطعيم وتقديم خدمات تنظيم الاسرة في مراكز الامومة والطفولة التابعة لوزارة الصحة وخدمات رعاية صحة الام والطفل لأهميتها إلى جانب خدمات الامراض المزمنة، وتعزيز الوعي الصحي المجتمعي نحو ممارسات الوقاية والتباعد المجتمعي، واستخدام العيادات الطبية المتنقلة، وتوظيف التكنولوجيا في تتبع المصابين والمخالطين، إلى جانب تعزيز التعاون ما بين المؤسسات الصحية والكليات الصحية ومنظمات المجتمع المدني لتنفيذ مبادرات وخطط بهدف ايصال خدمات الرعاية الصحية إلى طالبيها من افراد المجتمع المحلي وبشكل خاص الذين يعانون من الامراض المزمنة، وتوفير البروتوكولات العلاجية والادلة الارشادية و حماية الكوادر الطبية.
كما اوصى بأهمية توظيف المبادرات الحالية المتعلقة بالرعاية الصحية الالكترونية (الرعاية عن بعد)، واستخدام التطبيقات الهواتف الذكية في ايصال الرسائل التوعوية.