مرايا – استضافت مديرية ثقافة الكرك، مساء امس الجمعة، الباحث عوني شعث، ضمن فعاليات “يوميات مثقف في زمن الكورونا” بورقة ثقافية بعنوان يوميات كورونية استعرض خلالها تجربته كمثقف أثناء الحظر.
وقال شعث بورقته الثقافية عن بعد ” مع ولادة جائحة كورونا ادركت اني لم اكُن معقماً او ملقحاً ضد كل وسائل الحداثة والتحنيط والتهميش والتأطير الذي أطَّر حياتي عبر ستة عقود مضت من الرتابة واللامفهوم ولربما لحاضرٍ يمضي حيث سكتة حضارية اصابت قلب العالم ولن تكون الاخيرة، أدخلتنا حد الذهول ونحن قيد الحجر، حيث شوارع المدينة خالية من البشر ومن النفايات على الطرقات، ولأول مرة منذ مئات العصور، جاءت الطبيعة لتحاكي الاًشجار مع الطيور أن هُبْوا بعيداً عن الأشرار لتجربوا معاً فرح الحقول”.
واضاف “اول شهرٍ في الحظر، اركنتُ فيه مركبتي دون وقود، ولمَّا تَدَرَجْتُ حول بيتي، نسيت كيف امشي، مقتنياتي ما عادت تعنيني، حتى محفظتي لم تعد محط اهتمام أحد منسي كغيري، ما دمت خالٍ من عطسةٍ او صداعٍ او ارتفاعٍ في درجة الحرارة أو الغثيان، لأول مرة أصحو وأغفو مع حظر مطلق، أصبحت فيه مكبلاً، خائفاً مترقباً من مخاطر هذا الوحش اللامرئي، الذي إن دخل الحدود أغلقوها، وإن ظهر في داخل المدن قطعت أوصالها، وإن انتقل بين المقربين باعدتهم السلطات، كل منا ينظر للآخر وكأنه مصدر لخطر موت زؤام”.
وتابع انه في الشهر الاخر من العزلة، “اشتقت لأسمع اوتار صوتي عند الكلام بعد ان عشقت الصمت وقت الكلام، وتوقفت عن الكلام وقت السكوت، اشتقت لاحاديث الساسة والمسيسين”، مؤكدا اكتشافه عظمة الله في قلبه الذي ما كان ليسترخي إلا على صوت عبدالباسط والحصري والبنى، يرتلون على مسامعه آياتٍ من القران الكريم. واشار الى انه لم يكن لديه سبيل إلا الهرب إلى بطون بعض الكتب، فسارع لقراءة حكمة الموت في “حديث المقبرة” لابي القاسم الشابي و”جدارية” محمود درويش، ومرثية مالك بن الريب، واشعار ابو العتاهية، وفلسفة “اليوم الاخير” لميخاييل نعيمه وغيرها من الكتب التي ترى في الموت قصة جميلة من قصص الحياة.