لماذا تترك النساء العمل ويفقدن وظائفهن؟
هل تنجح تعديلات قانون العمل في زيادة المشاركة الاقتصادية للنساء؟
المشاركة الاقتصادية للأردنيات لا زالت متدنية جداً
بيئة العمل في الأردن بيئة غير صديقة للنساء
8665 فرصة عمل صافية للنساء خلال النصف الأول من عام 2019
تضامن: أكثر من نصف النساء اللاتي فقدن وظائفهن كان بسبب ظروف العمل وطبيعته ولم يعد الزواج سبباً رئيسياً لذلك
أظهر مسح فرص العمل المستحدثة للنصف الأول من عام 2019 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، بأن سوق العمل الأردني استحدث 101415 وظيفة خلال 6 أشهر (80198 وظيفة للذكور و 21216 وظيفة للإناث)، وخلال الفترة ذاتها بلغ عدد الوظائف المفقودة 59379 وظيفة (46828 وظيفة للذكور و 12551 وظيفة للإناث).
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن صافي فرص العمل المستحدثة (الوظائف الجديدة مطروح منها الوظائف المفقودة) بلغ 42036 وظيفة (33371 وظيفة للذكور و 8665 وظيفة للإناث). وشكلت الفرص الجديدة للإناث ما نسبته 20.6% من المجموع الكلي، فيما فقدت الإناث ما نسبته 21.1% من الوظائف المفقودة للجنسين.
لماذا تترك النساء العمل ويفقدن وظائفهن؟
وأظهر المسح بأن أسباب عديدة وراء ترك النساء لأعمالهن، ومعظم هذه الأسباب تتعلق بمعايير العمل اللائق وأقلها كان بسبب الزواج والتقاعد، والأسباب الاجتماعية والصحية. وعليه فقد تركت 51.7% من النساء أعمالهن لأسباب تتعلق بظروف العمل وطبيعته (6436 وظيفة مفقودة)، و 12.1% تركن العمل لأسباب شخصية (1522 وظيفة مفقودة)، و 6.6% تركن العمل بسبب التقاعد (836 وظيفة مفقودة)، و 6% تركن العمل بسبب الزواج (765 وظيفة مفقودة)، و 3.2% تركن العمل لأسباب تتعلق بالحوافز (408 وظائف مفقودة)، والنسب المتبقية توزعت ما بين الأسباب الصحية والاقتصادية وأسباب أخرى.
وتؤكد “تضامن” بأن الزواج لم يعد سبباً رئيسياً من أسباب خروج النساء من سوق العمل، وهو ما أظهره المسح، وإنما معايير العمل اللائق وظروف العمل وطبيعته هي أهم أسباب ترك النساء لوظائفهن، الأمر الذي يستدعي إجراء دراسات معمقة مع كافة أصحاب المصلحة لتذليل العقبات أمام النساء وتوفير بيئة عمل آمنة وفق التشريعات الوطنية ومعايير العمل الدولية.
هل تنجح تعديلات قانون العمل في زيادة المشاركة الاقتصادية للنساء؟
وتتساءل “تضامن” حول تأثير تعديلات قانون العمل على زيادة مشاركة النساء الاقتصادية، ومن أبرز هذه التعديلات النص صراحة على تعريف “التمييز في الأجور” و “العمل المرن” و “العمل الجزئي”، وإلزام صاحب العمل بإنشاء حضانة للعاملين لديه ولديهم 15 طفلاً أعمارهم اقل من 5 سنوات، وحظر تأسيس نقابات عمالية على أسس دينية أو عرقية أو مذهبية، وإعفاء أبناء الأردنيات من تصاريح العمل، وتخفيض سن المؤسس لنقابة أصحاب العمل من 21 الى 18 عاماً، وإقرار إجازة أبوة للعامل مدتها 3 أيام، وإلزام صاحب العمل بالحد الأدنى للأجور وفرض غرامات في حال المخالفة، وفرض عقوبة على صاحب العمل الذي يميز في الأجور بين الجنسين عن الأعمال ذات القيمة المتساوية.
المشاركة الاقتصادية للأردنيات لا زالت متدنية جداً
إحتل الأردن المركز 145 من بين 153 دولة في مجال المشاركة الاقتصادية للنساء عام 2019 (كان 144 عام 2018) وفقاً لمؤشر الفجوة بين الجنسين. كما أكدت المؤشرات الوطنية على ذلك، فمعدل البطالة بين النساء للربع الأول من عام 2020 بلغ 24.4% ولم تتجاوز قوة العمل من النساء 14% في حين بلغت نسبة النساء غير النشيطات إقتصادياً 86%.
وتشير “تضامن” الى أن النساء في الأردن يعانين من تحديات ومعيقات متعددة ومتشابكة تحول دون مشاركتهن الاقتصادية الفاعلة وتنعكس سلباً على الاقتصاد الوطني وعلى إمكانية تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وإن شاركن فإنهن ينسحبن من سوق العمل مبكراً مما يحد من وصولهن الى مواقع صنع القرار.
بيئة العمل في الأردن بيئة غير صديقة للنساء
وتعتبر بيئة العمل في الأردن بيئة غير صديقة للنساء، فلا زالت فجوة الأجور بين الجنسين كبيرة عن الأعمال ذات القيمة المتساوية سواء في القطاع العام أو الخاص، وتعاني النساء من ضعف في منظومة المواصلات العامة، ومن عدم توفر حضانات في أماكن العمل، ويعانين من التمييز وعدم المساواة في الترقيات والتدريب، ولا زال يمارس العنف ضدهن خاصة التحرشات الجنسية. كما أن الثقافة المجتمعية السائدة والصورة النمطية تدفع بالكثير من النساء الى تفضيل العمل في القطاع العام وفي مهن بعينها كالتعليم والصحة. إضافة الى أن ضعف الفرص المستحدثة من قطاع العمل المنظم وزيادة أعداد العاملات غير الأردنيات أديا الى توجه النساء الى العمل غير المنظم الذي تكون فيه شروط العمل اللائق في أدنى مستوياته.
هذا وتعتبر الأسباب الجذرية والهيكلية للتمييز ضد النساء وعدم المساواة بين الجنسين من أهم معوقات التمكين الاقتصادي لهن، فيحق للزوج منع زوجته من العمل ما لم تشترط ذلك في عقد الزواج ، وتحرم العديد من النساء من الميراث، ولا يتم تقاسم الأموال المشتركة بين الزوجين في حال الطلاق أو الإنفصال، ويقمن لوحدهن بالأعمال المنزلية والأعمال غير مدفوعة الأجر، مما أدى الى ترسيخ ظاهرة “تأنيث الفقر” وظاهرة “تأنيث فقر الوقت”، وتدنت ملكيتهن للأموال غير المنقولة حيث تمتلك 17% من النساء أراضي و 24% منهن يمتلكن شقق، وأدى الى ضعف وصولهن الى الموارد بما فيها القروض الزراعية، والى ضعف حمايتهن الاجتماعية حيث لم يتجاوز عدد المشتركات في الضمان الاجتماعي 28% من مجموع المشتركين. إضافة الى أنه وفي حالات عديدة لا تملك النساء حرية التصرف بأموالهن أو رواتبهن، فيما لم يتم العمل على تمكينهن بإعتبار أنهن حلقة الوصل ما بين مكافحة الجوع والفقر وبين إنتاج الغذاء.
يذكر بأن هذه الورقة تأتي في إطار مشروع “سنابل 1” لتعزيز المشاركة الاقتصادية للنساء والذي تنفذه “تضامن” بدعم من الصندوق الافريقي لتنمية المرأة (AWDF)، بهدف المساهمة في تعزيز ضمانات الحماية والتمكين الإقتصادي للنساء في الأردن، والعمل على دعم زيادة المشاركة الاقتصادية للنساء الأردنيات، ورفع الوعي لديهن حول الضمانات القانونية المتعلقة بحماية حقوقهن العمالية والريادية، وتأمين كافة أشكال الحماية الاجتماعية لهن.
منير إدعيبس – المدير التنفيذي
جمعية معهد تضامن النساء الأردني