مرايا – تشكل مأسسة إدارة الأزمات خارطة طريق لتعزيز الجهود الوطنية والأطر التنظيمية والتنسيقية بينها للنجاة من جائحة كورونا والوصول إلى بر الأمان بأقل الخسائر المادية، وفي ظل أية أزمات لاحقة ومفترضة، بحسب خبراء.
وكان رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أكد سابقا، أهمية مأسسة إدارة الأزمات ووضع الخطط المسبقة والقابلة للتنفيذ على أرض الواقع للتعامل مع أية كوارث طبيعية أو أوبئة أو مخاطر تهدد المملكة، مع تأكيد العمل بروح الفريق الواحد بين مختلف أجهزة الدولة استجابة للتوجيهات الملكية السامية. الخبير الأمني العميد الركن المتقاعد والمتخصص في علم الاجتماع الدكتور مطلق عواد الزيود، قال: إن المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، نجح في تسجيل انجاز وطني غير مسبوق بإدارته لأزمة كورونا، مشيدا بالكفاءات الوطنية التي جعلت من الأردن أنموذجا يحتذى به في إدارة الأزمات.
وأضاف: منذ تأسيس ذلك المركز عام 2005، ما زال يؤدي دورا مهما في توحيد وتنسيق الجهود الوطنية بين الجهات ذات العلاقة في الدولة الأردنية، من خلال توفير الأدوات اللازمة والبنية التحتية الشاملة لإنجاح إدارة أية أزمة، وهذا ما لمسه الجميع من خلال التعامل مع جائحة كورونا خلال الأشهر الماضية، ما كان له أكبر أثر في الحد من انتشار هذا الفيروس الذي أرق العالم. وبين أن مأسسة إدارة الأزمات في هذه المرحلة وفقا للمنهج العلمي، يعزز جهود النجاة من هذا الوباء، موضحا أن الأزمة تمر بمراحل مختلفة، وهي الولادة والنمو والنضوج ثم تبدأ في الانحسار والتقلص ثم تختفي بعون الله. وبين مستشار ومدرب تطوير الاعمال ونظم ادارة الجودة وبناء الخطط الاستراتيجية والهياكل التنظيمة الدكتور معاذ يوسف الذنيبات، أن عملية مأسسة إدارة الأزمات تعد من الضرورات الأساسية التي لا بد من الالتفات لها على مستوى الدولة، في ظل الظروف التي يعيشها العالم جراء أزمة كورونا.
وأوضح أهمية ايجاد الاطار المؤسسي والتشريعي لتنظيم عملية التعامل مع ظروف الازمات، بما في ذلك الإجراءات الوقائية التي تعتمد التخطيط المسبق للتعامل مع المخاطر الناجمة عن ظروف الأزمة.
وأشار إلى أنه إذا اعتمدنا على المخرجات المتعلقة بحالات الإصابة بالفيروس، كمؤشر للحكم على كفاءة إدارة الأزمة، فإن إدارتها قد نجحت وبكفاءة عالية في الحد من انتشاره، والبقاء في المستويات الأقل خطورة في زمن قياسي، بالرغم من محدودية الموارد.
وأوضح الدكتور الذنبيات أن عوامل نجاح إدارة الأزمة تعود إلى توفر الكفاءات العلمية والخبرات العملية والبنية التحتية والأطر التنظيمية والتشريعية اللازمة، إضافة إلى الدور المهم الذي يقوم به المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات في توفير بنية تحتية معلوماتية من خلال قواعد البيانات الحكومية المتاحة، والتنسيق بين الجهات المعنية في ذلك السياق.
وأضاف أن تلك العوامل تعد نقطة انطلاق مناسبة لتطوير مركز متخصص بإدارة المخاطر في ظروف الأزمات، والتي تشكل نواة لوضع الأردن في مصاف الدول العالمية المتقدمة في إدارة الأزمات، مبينا أهمية التطوير والتنسيق المستمر مع جميع الجهات المعنية الاكاديمية والمعلوماتية، لما يتوفر فيها من بيوت خبرة ومعرفة متراكمة في مجال إدارة المخاطر والتنظيم الاداري، والتي تستند إلى أطر علمية وأدلة ارشادية توضح خريطة طريق للتعامل معها. وأشار أستاذ إدارة الموارد البشرية في كلية الأعمال بجامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حمدان العواملة، إلى أهمية مأسسة إدارة الأزمات، لاستشعار خطورة أي أزمة وربما قبل وقوعها.
وأوضح أنه وفقا للمأسسة، تستطيع الجهة المعنية بإدارة الأزمات، العمل على التنسيق الفاعل مع الجهات المختلفة للتعامل مع مؤشرات أي أزمة، بانتهاج سياسة وقائية منها أو وضع الخطط المسبقة اللازمة لمواجهتها في حال وقوعها، للتخفيف من آثارها وصولا إلى اعتبارها كسابقة يبنى عليها لأزمات لاحقة مفترضة.
وأشار الدكتور العواملة إلى أن المأسسة هي إنجاز إداري مهم، خاصة إذا ارتكزت على معلومات حقيقية وواقعية وشفافة تعين على فهم مؤشرات الأزمة، مبينا أهمية تنوع الاختصاصات والعلاقات التشاركية بين الجهات المعنية لمواجهة الأزمة بفاعلية أكبر.
وفي سياق ذي صلة، أشاد بالنجاح الحقيقي للجهاز الحكومي في إدارته للأزمة منذ البدايات الأولى، مبينا أهمية الإعداد والتخطيط والتنسيق المسبق لأية أزمة، وتوفير المتطلبات للازمة لإدارتها، ذلك أن أية ثغرة فيها، تؤدي إلى فشل إدارة الأزمة، في الوقت الذي يجب دراسة التجربة الحالية والعمل على تطويرها، وتعميق مأسستها من قبل متخصصين لتصبح جزءا من الإدارة الوطنية.
ودعا أستاذ إدارة الأزمات في السياحة والضيافة في كلية البتراء للسياحة والآثار بجامعة الحسين بن طلال الدكتور سامي الحسنات، لمأسسة إدارة الأزمات باستخدام المنهج العلمي المستند إلى قاعدة بيانات وطنية شاملة ومتكاملة.
وبين أهمية وضع الخطط البديلة من قبل أهل الخبرة والاختصاص، والتنسيق بين الجهات المعنية بتشاركية وفقا للنظام العنقودي في إدارة الأزمات، والذي يهدف إلى تقوية الاستعداد والاستجابة للأزمة وفقا لمهام كل جهة، لتصب في نهاية المطاف بإصدار قرارات صائبة ومدروسة لمواجهة الأزمة، مشيرا إلى ضرورة اقتران الخطط بالتوعية المجتمعية، والاستفادة من المبادرات الشبابية للبناء عليها ومأسستها في حالات الطوارئ.
وقال الخبير في إدارة الأزمات وإدارة المخاطر الدكتور رعد الزبن: لدينا القدرة على التكيف الاستراتيجي وبناء فرص التنبؤ بالإنذار المبكر للأزمات، وإعداد الخطط والسيناريوهات الخاصة بالأزمة في مراحلها المختلفة، لتعزيز توحيد الجهود لأجهزة الدولة كافة.
وأشار إلى أهمية تعزيز إدارة الأزمات، والتخطيط الاستراتيجي الخلاق لها وفقا للتكنولوجيا الحديثة، والاستفادة من التطور الحاصل بمختلف المجالات، وكذلك من قاعدة البيانات الوطنية الشاملة، والتنسيق المشترك بين القطاعين العام والخاص.